الميثاق نت -

الثلاثاء, 02-فبراير-2016
عبدالرحمن مراد -
< مثلما كان دورها ريادياً في تأريخها الغابر، ومثلما كان انتصارها للمشروع الاسلامي الذي تكالبت عليه قريش واليهود وتحالفوا ضده في صدر الاسلام، ها هو التأريخ يعيد الكرة الى الملعب، ويجعلها تتحرك وفق إرادة خفية لا نعلم كثيراً من أسرارها، إلا أن الرموز والإشارات التي يبعثها الواقع تقول إن اليمن تنتصر للمشروع الذي بزغ في جزيرة العرب وحاول الأعراب واليهود في زمن بزوغه وأده، ففشلوا وها هم يعيدون الكرة، لكن هذه المرة بصبغة دينية إسلامية تعمل ما وسعها الجهد على تشويه المنطلق العقائدي والبعد الأخلاقي والحضاري والإنساني، والاغتراب المعرفي، وهي أدوات لجأ إليها يهود هذا العصر لبيان فساد المعتقد ووحشية المسلم وهي تطعن في الإسلام من داخله من عمقه الثقافي ومن عمقه الأخلاقي وعمقه الحضاري لهدف الفصل الحضاري أي وضع الحد الفاصل بين القيمة الحضارية والقيمة المعرفية التي وصل اليها الإنسان، وبين المشروع الرباني الروحاني الذي ندَّعي انتماءنا اليه ونقول إنه يحمل حلولاً جذرية للمشكلات التي تواجه البشر دون أن نعمل على بيان قيمته الحضارية والثقافية ودون أن تتحول الفكرة الدينية والعقدية الى مشروع إنساني شامل يجد فيه بؤساء هذا الكون قيمتهم ويشعرون في تفاصيله بوجودهم.
لقد حاول اليهود من خلال تحالفهم مع آل سعود أن يؤدوا ذات الدور التأريخي الذي حدث في صدر الإسلام وتحدث عنه القرآن الكريم في جل آياته وتواترت الروايات التأريخية عنه في كتب الأخبار والسير والهدف مايزال هو نفسه منذ ذلك التأريخ وهو الطعن في القيمة المعرفية والحضارية والإنسانية والثقافية للإسلام، وقد نجح اليهود الى حد ما في تشويه الصورة المثلى للإسلام حتى في نفوس أبنائه الذين هرعوا الى إثارة السؤال الأخلاقي والحضاري للإسلام ونشط في الحركة المعرفية والثقافية بعد أن قامت تلك الحركات الارهابية الاستخبارية بالمهام المناطة بها وخاصة حركة داعش والقاعدة والنصرة وغير تلك من المسميات التي تعمل بدعم من الجهاز الاستخباري العالمي بهدف التبرير لفرض الهيمنة على مقدرات الأمة الاسلامية واستمرار تدفق الأموال والتلاعب بالمصالح التي تضمن للغرب المستعمر دوامها.
الموضوع لم يعد تحت الطاولة فرئيس الوزراء الاسرائيلي يخرج على الملأ من المسلمين قائلاً: إن تحالف إسرائيل مع السعودية تحالف استراتيجي، وبمثل ذلك صرّح وزير الخارجية الأمريكي كيري، ويبدو أن الغرب الذي كان يرى في البعد الأخلاقي والبعد الانساني والبعد الحضاري أدوات جوهرية في التبرير لفرض أجندته على الأنظمة العربية قد تحول الى الجماعات الإرهابية التي نشأت في البيئة الوهابية العقائدية والثقافية، فهو يعمل في حالين متضادين، الحال الأول دعم تلك الجماعات للتمكين لها في المناطق التي تشكل النطاق الجغرافي للثروة ومصادر الطاقة وتقوم تلك الجماعات ببيع الغاز والمشتقات النفطية بثمن بخس للشركات العالمية وعبر وسطاء اتضح أن الأتراك جزء مفصلي من اللعبة الحقيرة.. والحال الثاني إعلان الحرب على تلك الجماعات عبر التحالفات الدولية التي لا تصل الى تحقيق أي تقدم على الأرض، والهدف من الفوضى الخلاقة التي انتهجها المجتمع الدولي هو فرض الهيمنة على مصادر الطاقة وتبرير التواجد العسكري حتى يتمكن من السيطرة على مقاليد المستقبل دون أن يحدث انحراف في المستقبل.
ومن هنا يمكن أن يقال إن الصمود اليمني أمام ضراوة العدوان ووحشيته قد رفع الغطاء عن المنظمات الدولية للحقوق والحريات، وعن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الذي أفصح عن نفسه في حالة من الضعف والحياد ولم يكن إلا مجرد أداة تحركها المصالح والشركات العالمية العابرة للقارات، واتضح أن الأبعاد الإنسانية والأخلاقية والثقافية أدوات فاقدة للمضمون والمعنى، وفي السياق تبيَّن للرأي العام العالمي والإنساني أن الحركات الإرهابية التي تعيث في الأرض فساداً ليست صناعة إسلامية بامتياز بل صناعة دولية استخبارية بامتياز ومقاصدها واضحة، وقد تحدثت التفاعلات اليومية في اليمن أن تلك الحركات الارهابية أوهى من خيط العنكبوت، وفي المقابل فوجودها مرتبط بالجهاز الاستخباري الامريكي والاسرائيلي وبالدعم غير المحدود من دول النفط التي تذهب الى القضاء على المشروع الاسلامي تحت لافتة الحد من المد الشيعي.
ما حدث في اليمن على مدى عشرة أشهر من الزمان رفع الغطاء عن أدوات الغرب في فرض الهيمنة والسيطرة على مصادر الطاقة، كما أن صمود أهل اليمن سيرسم مستقبل المنطقة، وتلك مهمة تأريخية ظلت اليمن تقوم بها منذ صدر الإسلام.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:37 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-45036.htm