استطلاع/ عبدالعزيز الويز - ثمة أمل يبرق في الضحى لا تملك إلاّ أن تمنحه خير ما عندك من تطلعات سماوية اللون، وتعقد عليه أحسن الظنون، وتتمسك به في اشتهاء الآتي الجميل.. ذلك هو ملخص رسالة الأخ رئيس الجمهورية التي وجهها للحكومة يوم الثلاثاء الماضي، والتي جاءت يانعة تبشر بالموسم الطيب وبحصاد يخفف عن الناس ضيق معيشتهم جراء الارتفاعات السعرية.
فصرف راتب شهر كانت البشارة الأولى لهذه الرسالة الرئاسية التي حملت في مضمونها تباشير أغدق وأرغد تعمقت وعالجت أجل هموم وتحديات المرحلة وفي مقدمتها هم الرصيف الشعبي.
رسالة الأخ الرئيس برنامج اصلاح وطني اقتصادي وتنموي واداري وأمني والتزام آخر للحكومة لا تملك أمامه غير خيار البدء والاسراع في تنفيذه بحراك نشط ومسئولة وآلية زمنية محددة بدقة في ظل وتيرة خطوات تنفيذ البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس القضية المحورية لعمل الحكومة التي التزمت سابقاً بتجسيده على الواقع.
ومما لاشك فيه أن هناك قراءات زاخرة وقفت أمام هذه الرسالة بوعي ورؤى ناضجة خلصت تحسب إمكانية نجاح الحكومة في تنفيذ التوجيهات والآلية الزمنية التي تستهلكها لذلك.
نخبة من أعلام الاقتصاد والادارة والفكر التنموي، تحدثوا لـ»الميثاق« عن قراءاتهم لرسالة الرئيس في الاستطلاع التالي.
في البداية اسمعنا الدكتور سيف العسلي قراءاته لمحتوى رسالة رئيس الجمهورية الموجه للحكومة بأنها خطة عمل للحكومة خلال ما تبقى من هذا العام والعام القادم تميزت بأنها حددت أشياء يجب القيام بها وهي أشياء عملية وقابلة للتنفيذ وكذلك باحتوائها على معالجات قصيرة الأجل وطويلة الأجل فالمعالجات قصيرة الأجل امتصاص الغلاء العالمي وطويلة الأجل تتمثل بفتح قطاع البنوك للاستثمار واعادة النظر في السياسة النقدية وأذون الخزانة وتطوير آلية الاستثمار.
وتوقع العسلي أنه اذا ما تم ذلك فمن المتوقع زيادة الاستثمارات المحلية والخارجية وزيادة معدل النمو الاقتصادي وتحسين الدخل.
ووصف العسلي الرسالة أنها تعليمات محددة ومترابطة ومتناسقة في مجملها تؤدي الى حدوث آثار ايجابية إن شاء الله.
^ من جانبه أطعلنا الدكتور محمد الميتمي في قراءاته أن الرسالة بما تضمنته من ٥١ نقطة تمثل اتجاهات واضحة ورئيسية للأجندة الوطنية للاصلاحات.
والرئيس أوضح فيها بشكل استراتيجي القضايا الملحة التي تواجه المجتمع اليمني والتي يجب على الحكومة أن تتصدى لها، وتضع برنامجاً تفصيلياً لهذه التوجيهات الخمسة عشرة.
وقال الميتمي إن الرؤية الاستراتيجية للقيادة العليا هي موجودة في برنامج الرئيس ويتعين على أية حكومة من حكومات المؤتمر الشعبي العام أن تترجم هذه التوجيهات الى برنامج عمل فعال ومنجز، وأن النقاط الخمسة عشر هي محاور طرحت أمام الحكومة اليمنية لتثبت فعاليتها وجديتها أو تتحمل التقصير.
ويعلق الميتمي في قراءاته الآمال أمام القلق المتنامي للقيادة السياسية والذي بدوره يسرع من ايجاد خطوات ملموسة للجمهور الانتخابي للرئيس.. خاصة وأنه لم يعد يفصل غير عام على الانتخابات النيابية.. واعتبر الميتيمي الرسالة تفرض على الحكومة أن تتحرك بأقصى سرعة وكفاءة عالية للوصول الى المحطة النهائية المستهدفة لترجمة البرنامج الانتخابي الى نتائج مثمرة وملموسة.
ويلمس الميتمي أن القيادة السياسية بقلق شديد وحرص شديد ومواقف متابعة وتقييم متواصل للمستوى العملي للأداء الحكومي.
^ من جانبه تحدث إلينا الدكتور ناصر العولقي قائلاً: أعتقد أن هذه المهام الـ٥١ تنطلق في الواقع من البرنامج الانتخابي للأخ رئيس الجمهورية، وحقيقة اختيار هذه المهام بالذات هو لأنها ترتبط مباشرة بخيار الناس ومستوى معيشتهم واذا طبقت هذه المهام فإن التنمية سوف تخطو خطوات جميلة في المستقبل ولابد من وضع برنامج زمني لها.
وتطرق العولقي الى أن هناك مشكلة تواجهها الحكومة على مستوى الوزارات والمؤسسات من حيث هناك نوع من التسيب الاداري على كافة
المستويات، وأن هناك وزارات لديها أعداد كبيرة من الموظفين ولكن العامل فيها قليل لا يصل الى العشرة فالغالب إما متصل بالوزير لأسباب مختلفة أو ممن يشتري المناصب وآخرين لا يعملون ولا يشعرون أن هناك اهتماماً بهم وبالتالي العمل الذي يقدمونه سلبي وهذه مشكلة تعاني منها الكثير من الأجهزة الحكومية.
وقال العولقي: إنه
لابد من اتخاذ آليات في هذه الوزارات والمؤسسات تسمح بأن يشارك الجميع في اتخاذ القرار وقيام الكل بعمله وحسب تخصصه وإنهاء حالات التداخل في الاختصاصات كما قال الأخ الرئيس.
وفيما يخص قضايا السياسات النقدية والمصرفية أكد العولقي أن القوانين موجودة ولدينا نظام مصرفي جيد ولكن البيئة الاستثمارية تعاني من مشاكل اهمها التداخلات والفساد في كل المستويات وما لم تكن هناك جدية في محاربة الفساد وتدخل الأشخاص في الاستثمار فلن تخلق بيئة استثمارية.. إذ لابد من بيئة استثمارية تسمح لرأس المال المحلي والعربي والأجنبي بالاستثمار بحرية وبدون تدخل، أما اذا استمرت الأمور بأن يكون هناك فجوة كبيرة بين القوانين وتطبيقها فلا يمكن خلق استثمار ناجح.
وأردف العولقي أن قضايا الارهاب تعطي مناخاً سيئاً عن الاستثمار، وكذلك التجمعات القبلية تعمل على العودة بنا الى الوراء ولها آثار سلبية على الاستثمار.. وتابع حديثة: بأن هناك خطوات نمت في السنوات الأخيرة أدت الى تحسين القضاء وجاءت بقضاة معروف عنهم النزاهة وإن كان مازال هناك مشاكل مثل سرعة البت في القضايا والمحاكم التجارية وغيرها.
ويرى العولقي أنه لا فرق بين السلطة المحلية والحكم المحلي من وجهة نظره وأن رسالة الأخ الرئيس قد ركزت على مراجعة قانون السلطة المحلية ويرى أنه لن يتم ذلك إلاّ بإيجاد قانون للحكم المحلي يسمح بسلطة محلية واسعة الصلاحيات ادارياً ومالياً بحيث تستطيع المحليات في جميع أنحاء الجمهورية أن تكون مسئولة عن مشاريعها وخدماتها بدون تدخل المركزية في صنعاء وكذلك يسمح أيضاً بانتخاب مديري المديريات والمحافظين وأن هذه ستكون نقلة نوعية لليمن على مستوى الوطن العربي.
وبالنسبة لتحفيز النمو الاقتصادي والحد من البطالة يرى العولقي أن ذلك يرتبط بشيء اساسي أولاً حجم الاستثمارات من قبل الحكومة والقطاع العام وثانياً الاستثمارات من قبل القطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي والذي بدوره يستوعب آلاف الخريجين في سوق العمل ويخفف من اعباء الحكومة والتزاماتها أمام هذه الجموع من خريجين الجامعات.
فدور الحكومة هو في خلق البيئة المناسبة للاستثمار وتشجيع القطاع الخاص بتوفير الأمن والاستقرار والحد من الفساد على كل المستويات ووجود القضاء العادل والنزيه والتعليم الفني والمهني.
وشدد العولقي على ضرورة التوسع في الانتاج المحلي من الحبوب كالذرة والشعير والقمح والعدس، وغيرها، حيث أن امكانية اليمن في انتاج ذلك كبيرة جداً.. وتشجيع المستهلكين الى استخدام واستهلاك المنتجات المحلية.وفي قراءاته لرسالة الأخ الرئيس أكد العولقي على أهمية اشراف الرئيس مباشرة من خلال الحكومة وغيرها من الأجهزة على تنفيذ برنامجه والمعالجات التي تضمنتها رسالته بحيث يستطيع من خلال هذا الاشراف تحقيق هذا البرنامج وكذلك لابد من وجود آلية تساعد على تنفيذ هذا البرنامج من خلال المتابعة والاتصال المباشر بالحكومة والأجهزة الأخرى.
^ وفي سياق القراءة لرسالة رئيس الجمهورية تحدثت الينا الدكتورة ابتسام هويدي بقولها: إن المهام التي ركز عليها الرئيس تمثل اجمالاً في تخفيف عبء ارتفاع الاسعار خاصة السلع الغذائية وكذلك في إحداث دفعة في عجلة التنمية الاقتصادية من خلال نمو اقتصادي قادر على احداث تحسن ملموس في معيشة المواطنين وخلق فرص عمل منتجة للقطاعات الواعدة بالنمو لقطاع الزراعة والثروة السمكية والصناعات التحويلية والاستخراجية وبالتالي الحد من الفقر.
كل هذه النقاط التي ركز عليها الرئىس هي بحد ذاتها الأهداف التي تسعى الخطط الاقتصادية المتتالية إلى تحقيقها ولكن الملفت للنظر هو التركيز على جانب تحقيق الأمن الغذائي من خلال التركيز على الاهتمام بإحداث تنمية زراعية وبالتالي تحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي في سلعتي القمح والدقيق بما يمكن الاقتصاد اليمني من عدم الاعتماد بشكل كامل على تقلبات أسعار هاتين السلعتين في الأسواق العالمية.
^ وعن التوقعات حول مدى إمكانية نجاح الحكومة في إنجاز مضمون الرسالة والآلية الزمنية المحددة لذلك أجاب الدكتور العسلي: لقد عمل الأخ الرئىس على انجاح الحكومة وهذه محاولة كريمة منه في تحقيق ذلك والكرة الآن في ملعبها فإذا ما نفذت التعليمات بجدية فإن أمامها فرصة كبيرة للنجاح وإذا لم فلا تلوم إلاَّ نفسها، وتوقع العسلي الفترة الزمنية لنجاح الحكومة هو ما تبقى من هذا العام والعام القادم.. وتمنى للحكومة النجاح.
^ أما بالنسبة للدكتور محمد الميتمي فقال: إن الحكومة الآن في محك اختبار فالحكومة الحالية التي مُنحت ثقة القيادة السياسية على مشروطية تنفيذ البرنامج الانتخابي إذا عجزت فلا تستحق الثقة.
وأكد الميتمي انه من خلال معرفتي الشخصية بأعضاء الحكومة ونواب الأعضاء أنهم على مستوى من الأهلية ان يصلوا إلى النتائج المثمرة وفي الأخير المحك العملي للحكومة هي هذه المحاور.. ونوه الميتمي إلى أن هناك فجوة إدارية ليست الحكومة الحالية مسؤولة عنها وعن التراكم من الاختلالات فهو محصول زمني يصعب على الحكومة تجاوزه في ليلة وضحاها، وأن أية خطوات فعالة سوف تؤتي ثمارها في مستوى محدود على الأقل.
وتطلع الميتمي إلى رؤية نتائج وثمار لعمل حكومي يتفق مع التوجه الرئاسي.. ووضع برنامج زمني لإنجاز الحكومة هو السبع السنوات القادمة.
من جانبه وصف الدكتور العولقي الحكومة الحالية انها من أفضل الحكومات التي تم تكليفها على مدى السنوات الماضية ففيها من الشباب المتحمسين والنزيهة العدد الكبير وكذلك من أهل الخبرة ولكن الذي ينقصها في تصوري هو العمل الجماعي والمسئولية الجماعية وما لم يستطيعوا السيطرة على وزاراتهم من خلال اشراك الجميع في المهمات المختلفة فلا أرى سبيلاً لنجاحهم بشكل تام أو حتى بنسبة كبيرة، ونصيحتي لهم أن يعيدوا النظر في هياكل وزاراتهم واختيار الرجل المناسب في المكان المناسب وأن يشرفوا على تنفيذ برامج وزاراتهم دون التركيز على اهتمامات السيطرة على هذه الوزارات.
وتوقع العولقي خمس سنوات وبالتركيز على المهام الرئيسية لتنفيذها خلال السنتين القادمتين.
^ أما الدكتورة ابتسام هويدي فقالت ليس هناك أمام الحكومة إلاَّ العمل كفريق واحد ضمن خطط وبرامج محددة وذات برنامج زمني لإدارة الموارد المتاحة واستغلال أكفأ الطرق والأساليب والقضاء على أي عبث بالمال العام ومحاسبة الوزارات التي تخل بمهامها ضمن الخطط المحددة لهذه الوزارات.. وفي رأي هويدي أن الحكومة لن تنجح في أداء مسؤوليتها مالم تستكمل برنامج الإصلاحات المالية والاقتصادية والإدارية بروح المسئولية والإرادة والإصرار من أجل جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية والنهوض بالاقتصاد الوطني وجعل اليمن رقم ضمن الجوار الإقليمي.
وتابعت هويدي حديثها، أن هناك معوقات تقف أمام الحكومة في أداء مهامها وخاصة في إحداث معدل نمو اقتصادي قادر على تحسين المستوى المعيشي للسكان خاصة في ظل شحة الموارد المتاحة ولكن إذا تم استغلال مثل هذه الموارد المتاحة أفضل استغلال وتوظيفها في القطاعات القادرة على إحداث نمو وخلق فرص عمل مثل القطاع الزراعي فإن ذلك سوف يؤدي بلا شك إلى النهوض بهذه القطاعات التي سوف تكون الحافز لاحداث النمو في القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وفي المدى المتوسط والقريب يمكن أن يكون هناك تقدم ملحوظ إذا تم التركيز على القطاع الزراعي والسمكي بالذات على اعتبار امتلاك اليمن ميزات نسبية في ذلك ولابد من استغلال كل دولار يدخل البلاد.
|