الإثنين, 27-أغسطس-2007
‮ ‬كتب‮/ ‬محمد‮ ‬الجرادي -
< مقابل احزاب سياسية في الساحة.. يتفرد المؤتمر الشعبي العام في رؤيته تجاه المسألة الثقافية.. ليس على المستوى النظري الذي قدمه من خلال وثيقته التاريخية والوطنية ودليله النظري »الميثاق الوطني« في هذا الإتجاه.. وانما على المستوى العملي عبر مؤسسات وهيئات وأطر مؤسسية‮ ‬معنية‮ ‬بالثقافة‮ ‬أو‮ ‬ذات‮ ‬علاقة‮ ‬بها‮.. ‬او‮ ‬على‮ ‬مستوى‮ ‬نشاطه‮ ‬التنظيمي‮ ‬وممارسته‮ ‬السياسية‮.‬

❊ لم يتشدق المؤتمر الشعبي العام يوماً ما بالثقافة أو المسألة الثقافية كما فعلت ولاتزال معظم الكيانات السياسية التي تتواجد في الساحة.. وعلى الأخص الكيانات ذات الامتداد »اليساري او القومي« فالمؤتمر أراد ولايزال ان تكون المسألة الثقافية منظورة في الواقع على نحو‮ ‬ايجابي‮ ‬اكثر‮ ‬من‮ ‬كونها‮ ‬مسألة‮ ‬إدعاء‮ ‬أو‮ ‬انحراف‮ ‬عن‮ ‬مضامينها‮ ‬الحقيقية‮!!‬
❊ ويستطيع المؤتمر الشعبي العام كأحد الاحزاب السياسية بل اكبرها في البلاد.. ان يراهن على هذه الاضاءات المشرقة في تاريخه السياسي والوطني.. بعكس غيره من الاحزاب التي مهما حاولت ان تدعي شيئاً في سياق التعامل مع المسألة الثقافية.. فإنها تجد نفسها في نهاية المطاف‮ ‬تدين‮ ‬ذاتها،‮ ‬وتدين‮ ‬برامجها‮ ‬وأهدافها‮ ‬وتفكيرها‮ ‬الثقافي‮ ‬والسياسي‮.‬
❊ ولعل القراءة المنصفة والواعية للممارسة الثقافية للمؤتمر الشعبي العام في اطار العمل السياسي تحديداً -وهو صلب موضوعنا هذا- تقودنا الى كثير من اضاءات واشراقات مثّلت مكسباً لايستهان به للحياة السياسية منذ ماقبل التعددية وانبثاق فجر العلنية الحزبية.
وهذا مايؤكد فعلياً ان المؤتمر كان خلاصة لتفكير ثقافي في الاساس قائم على احترام ثقافة الحوار، والاختلاف والتعدد والوسطية وهذه كلها وغيرها أشكال ثقافية كان المؤتمر ولايزال سبّاقاً في تقديمها للحياة السياسية في محاولة لتأصيلها وتجذيرها في السلوك السياسي والوعي‮ ‬الديمقراطي‮ ‬والتعددي‮.‬
ثقافة‮ ‬الحوار
‮❊ ‬ربما‮ ‬يمكن‮ ‬اعتبار‮ ‬ثقافة‮ ‬الحوار‮ ‬لادارة‮ ‬الحياة‮ ‬السياسية‮ ‬والعامة‮ ‬من‮ ‬أهم‮ ‬وابرز‮ ‬اضاءات‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬واسهاماته‮ ‬في‮ ‬سياق‮ ‬المسألة‮ ‬الثقافية‮ ‬عموماً‮.‬
ويكفي ان نعلم ان تأسيس المؤتمر الشعبي العام في مطلع الثمانينات جاء وفق هذا التفكير الخلاّق الذي قاد بالفعل الى تنظيم سياسي وطني مبكر احتضن كافة القوى الوطنية والسياسية والاجتماعية ومهد لولادة الدليل النظري »الميثاق الوطني« الذي لولا ثقافة الحوار التي تم اعمالها‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬فخامة‮ ‬الأخ‮ ‬علي‮ ‬عبدالله‮ ‬صالح‮ ‬رئيس‮ ‬الجمهورية‮ ‬رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬ماكان‮ ‬له‮ ‬ان‮ ‬يخرج‮ ‬على‮ ‬هذا‮ ‬النحو‮ ‬من‮ ‬الشمول‮ ‬والوثوق‮ ‬في‮ ‬الرؤية‮ ‬باتجاه‮ ‬تحقيق‮ ‬الاستقرار‮ ‬السياسي‮ ‬والتنموي‮ ‬للبلاد‮.‬
هذا علاوة على ان المؤتمر الشعبي العام اختار هذه المنهجية الفكرية والثقافية.. وظل يراهن عليها في تسيير دفة الاستقرار والتنمية وحملها معه حتى اللحظات الأولى للتعددية السياسية كمحصلة للوحدة المباركة والى اليوم.. اذ ان المؤتمر ينطلق اساساً من كون ثقافة الحوار هي‮ ‬التي‮ ‬في‮ ‬مقدورها‮ ‬ان‮ ‬تحقق‮ ‬التوافق‮ ‬والاتفاق‮.. ‬وماعدا‮ ‬الحوار‮ ‬فانه‮ ‬لايحقق‮ ‬إلاَّ‮ ‬مزيداً‮ ‬من‮ ‬التوتر‮ ‬والتنافر،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يكون‮ ‬الاضطراب‮ ‬بديلاً‮ ‬عن‮ ‬الاستقرار‮.‬
تأمل
❊ وللتأمل فقط.. لم يحدث منذ انبثاق التعددية الحزبية والسياسية ان كانت الاحزاب الاخرى هي المبادرة في طرح الحوار واعتماد ثقافة الحوار مثلما هو المؤتمر الشعبي العام، مع انه الحلقة الأقوى التي يفترض ان تكون مطالبة من قبل الآخر بالحوار!!
وثقافة الحوار بالنسبة للمؤتمر مع الاحزاب السياسية الاخرى لاتتجاوز كونها تأتي في اطار اعتماد المصلحة الوطنية لا المصلحة الحزبية او الشخصية.. فيما ثقافة الحوار بالنسبة لأحزاب سياسية »معارضة« هي فقط في معناها الحوار الذي يقود الى المصلحة الحزبية والشخصية.. والمقايضة‮ ‬الرخيصة‮!!‬
وليس‮ ‬تجنياً‮ ‬هذا‮ ‬القول‮.. ‬وإلا‮ ‬كان‮ ‬على‮ ‬هذه‮ ‬الاحزاب‮ ‬ان‮ ‬تثبت‮ ‬لنا‮ ‬يوماً‮ ‬ما‮ ‬معنى‮ ‬آخر‮ ‬لثقافة‮ ‬الحوار‮ ‬وكيف‮ ‬تفهمه‮ ‬في‮ ‬معنى‮ ‬آخر‮ ‬غير‮ ‬المعنى‮ ‬الذي‮ ‬تكشف‮ ‬هي‮ ‬عنه‮ ‬وتُكرسه‮ ‬في‮ ‬طريقها‮ ‬دون‮ ‬هوادة‮ ‬أو‮ ‬مراجعة‮!‬
وسطية‮ ‬الاعتدال
❊ في اتجاه آخر يقدم المؤتمر الشعبي العام انموذجاً ناصعاً ومشرقاً لثقافة الوسطية والاعتدال الفكري والسياسي.. على عكس نظرائه من الأحزاب السياسية التي نعرفها اليوم.. والتي لم تنفك تمارس ثقافة الإقصاء والتطرف والغلو، وكأنها وحدها هي من تمتلك الحقيقة.. ماعداها فهو‮ ‬على‮ ‬ضلال‮ ‬او‮ ‬باطل‮.‬
ويحسب للمؤتمر الشعبي العام انه منذ تأسيسه وحتى اليوم حافظ على هذه القيم الثقافية والفكرية ولم يكتف بمحاولات تجذيرها وتأصيلها في وعيه السياسي والفكري تنظيمياً وإنما استطاع ان ينتقل بهذه القيم الى فضاء الممارسة السياسية ككل.. متجاوزاً بذلك تحديات كانت ماثلة في‮ ‬إطار‮ ‬مهامه‮ ‬كحزب‮ ‬حاكم‮ ‬تجاه‮ ‬مطالب‮ ‬النهوض‮ ‬باحتياجات‮ ‬الوطن‮ ‬وتحقيق‮ ‬شواهد‮ ‬تنميته‮ ‬واستقراره‮ ‬على‮ ‬كافة‮ ‬الصُعد‮ ‬السياسية‮ ‬والاقتصادية‮ ‬والاجتماعية‮ ‬والثقافية‮.‬
تسامح
❊ والى جانب هذه القيم الثقافية التي يقدمها المؤتمر في مسيرته السياسية تبرز قيمة التسامح في أعلى درجات التمثل الواعي والمدرك لحقيقة جدوى هذه القيمة في انجاز المشروع الوطني والتاريخي للوطن وابنائه.
حتى في اكثر المواقف المعادية والمناهضة لهذا المشروع يتصدر التسامح قائمة الاجراءات أو بالأصح السياسات التي يرسمها المؤتمر ويتخذها بشأنها، وهو مايجعل من اعتبار المؤتمر الشعبي العام حزباً طلائعياً جديراً بالمهام الوطنية والتاريخية طيلة كل هذه السنوات بل العقود‮ ‬الماضية‮ ‬ومايجعله‮ ‬ايضاً‮ ‬جديراً‮ ‬بالمهام‮ ‬الوطنية‮ ‬والتاريخية‮ ‬في‮ ‬قادم‮ ‬الأيام‮ ‬من‮ ‬عمر‮ ‬الوطن‮ ‬الحبيب‮.‬





تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 13-نوفمبر-2024 الساعة: 10:33 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-4510.htm