محمد انعم - تحرُّك روسي لإنهاء العدوان.. والسعودية توقع هادي في الفخ..كيف ستحارب موسكو الإرهاب في اليمن؟
فتحت المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره المصري السيسي الاثنين الماضي، الابواب امام كل الاحتمالات والخيارات لحل الازمة اليمنية، وخلطت الاوراق امام الجميع في المنطقة والعالم ، لاسيما على القوى الاقليمية التي ظلت تتلاعب بخيوط الازمة اليمنية وتعرقل الجهود الدولية التي تُبذل لحلها.
لقد جاء الموقف الروسي الجديد الأسبوع الماضي عقب يوم من اعلان اتفاق وزيري خارجية روسيا سيرجي لافروف وامريكا جون كيري بشان الازمة اليمنية.. يبدو أن هناك رؤية واضحة للتعامل مع الازمة اليمنية والذي أعلنا فيه انهما اتفقا بشأن الأزمة اليمنية وأعربا عن قلقهما ازاء الوضع الانساني المتدهور في اليمن وذلك في اتصال هاتفي بينهما وفقاً لما ذكرته وزارة الخارجية الروسية.. لذا فقد جاء خبر اعلان الكرملين تأكيد بوتين والسيسي (في اتصال هاتفي بينهما على ضرورة مواصلة مكافحة الإرهابيين الدوليين ليس في سوريا فحسب بل وفي ليبيا واليمن أيضاً) يرجح فرضية وجود خيارات مطروحة وغير معلنة، ولا نعتقد أن اعلاناً كهذا يمكن أن يأتي من فراغ بل يشير الى ان هناك انتقالاً لتطبيق ما تم الاتفاق عليه في الميدان.
هذا التطور في الموقف الروسي حيال الازمة اليمنية التي تواجه عراقيل كثيرة من قبل السعودية والتي تحول دون استئناف الحوار بين الاطراف السياسية برعاية الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي للازمة ووقف العدوان الذي يشنه تحالف دولي بقيادة السعودية على الشعب اليمني منذ قرابة عام والذي لا يختلف بوحشيته وهمجيته عما يقوم به التحالف الغربي الذي تقوده امريكا ضد الشعب السوري ..
وما يمكن ملاحظته هنا أنه عقب هذا الموقف الروسي الجديد سارعت السعودية الى الكشف عن حوارات تجريها مع انصار الله وتم الاتفاق بسرعة فائقة على وقف اطلاق النار في المناطق الحدودية وكذلك أُجريت عملية تبادل للأسرى، ويحدث كل هذا فيما هادي وحكومته غير مطلعين اطلاقاً على مثل هذا الحوار بدليل انهم خلال مشاورتهم مع المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ في الرياض الاسبوع الماضي كانوا اكثر تشدداً في طرحهم ويضعون شروطاً تعجيزية جديدة من أجل استئناف الحوار بل إنهم ذهبوا للحديث عما يسمونه بالحسم العسكري و«تحرير» صنعاء.. يبدو أن الرياض استخدمت (الاخوان المسلمين) والناصريين والاشتراكيين وقوداً في عدوانها على الشعب اليمني للقضاء عليهم كمكونات سياسية ووقعوا فعلاً في الفخ واثبتوا أنهم مجرد ادوات غبية ومتحجرة وأنه لا يهمهم إلا الاموال والكبسة ولا علاقة لهم بتلك الشعارات البراقة التي يرددونها.. وعندما استشعرت السعودية خطر هذا التحرك الروسي، خاصة وهي تدرك ان عملاءها في سوريا والذين تورطوا في تدمير بلادهم وقتل شعبهم وتشريده بتلك الحرب العبثية التي أشعلوها وجلبهم لتحالف غربي بقيادة امريكا وتحويلهم مع داعش المدن والقرى السورية الى خرائب ، لا يختلفون عن عملائها في اليمن والذين جلبوا ايضاً تحالفاً مماثلاً تقوده السعودية وتسببوا في تدمير المدن والقرى اليمنية مع الدواعش والقاعدة وحولوها الى اطلال..
وتدرك الرياض أن تدخُّل روسيا لإنقاذ سوريا من الإرهاب وضع حداً لغطرسة آل سعود وفضح تباكيهم على الامن القومي العربي وكشف اكذوبة الحرب على الارهاب والتي اوصلت الامور الى طريق مسدود وهي نفس الطريق التي قد تدفع بروسيا الى أن تلعب دوراً جديداً في اليمن ربما يكون مماثلاً لدورها في سوريا.. لاسيما بعد ان اصبحت اليمن ومنذ التدخل العسكري السعودي ملاذاً آمناً لتمدد نشاط التنظيمات الارهابية وفي المقدمة القاعدة وداعش والتي صارت تسيطر على العديد من المحافظات ومن ذلك محافظتا عدن وحضرموت في ظل تواطؤ من قوات تحالف العدوان ..
ولايفوتنا هنا الإشارة الى بعض التحذيرات التي سبق ان اطلقتها روسيا والتي تمثل رسائل واضحة موجهة الى الرياض ومنها خطر نقل الجماعات الارهابية من سوريا الى اليمن بعد ان ألحقت بها القوات الجوية الروسية ضربات موجعة وهزائم نكراء، كما جددت تحذيرها من سيطرة الارهابيين على موانئ تصدير النفط في اليمن وقيامهم بتهريب المشتقات النفطية بنفس الطريقة التي تستخدمها داعش في بلاد الشام والعراق وبتنسيق مع تركيا ..
الشيء الأهم الذي يمكن ملاحظته بهذا الشأن أن هناك تجاهلاً روسياً واضحاً للسعودية ولدول الخليج والإخوان المسلمين وإصراراً على رفض اشراكهم في تحديد مستقبل سواءً سوريا أو اليمن والذي اقتصر بدرجة اساسية على ذلك الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين روسيا وأمريكا.. وبناء على ذلك نستنتج أن تواصل الرئيسين الروسي والمصري مؤخراً بشأن مكافحة الارهاب في اليمن وليبيا يعني بشكل واضح الاصرار على تهميش اي دور سعودي لرسم مستقبل المنطقة واليمن على وجه التحديد هذا ان لم يكن هذا التجاهل الروسي الأمريكي المصري هو تأكيد على أن الدول العظمى اصبحت لديها قناعة تامة بأن السعودية تمثل بؤرة حقيقية لنمو الارهاب وتصديره الى العالم ..
|