الإثنين, 14-مارس-2016
الميثاق نت -  عبدالرحمن مراد -
< من يتابع إعلام مرتزقة الرياض خلال هذه الأيام يجده مثيراً للسخرية، ومتناقضاً، ويجد خطاباً لا قيمة له ولا يستند الى منطق، ولا إلى عقل ولا الى عُرف وكأن القوم تاهوا في الفيافي والقفار، فهم بلا مرجعيات قيمية وبلا مرجعيات معرفية وبلا مرجعيات فلسفية وأخلاقية.. المفهوم مايزال ملتبساً لديهم منذ قالوا بسقوط الأيديولوجيا وآمنوا بالفكرة وتاهوا في فيافيها، لم يبرحوا النقطة التي انطلقوا منها.
فهم يرون في أنفسهم الخيرية كلها، بل كاد بعضهم أن يقول نحن أبناء الله وأحباؤه، ويبشرون صنعاء بقرب الفرج والتحرير وكأن المرء في هذا البلد أعمى فهو في نظرهم لا يرى ولا يدرك ماذا يعني قولهم بتحرير صنعاء، وكأن الناس في صنعاء قد خرجوا الى مشارفها يستقبلون جيش التحرير المتعدد الجنسيات وهم ينشدون «طلع البدر علينا»، وربما كان الخطاب هنا ساذجاً الى درجة القيء ولم يتعظ أربابه، فالنموذج الذي كان في الفترة من فبراير 2012م - الى 21 سبتمبر 2014م لم يكن نموذجاً محترماً يمكن البناء عليه والتعويل على تطلعاته، بل كان نموذجاً مدمراً وقاتلاً، لقد دمّر كل شيء في حياة المجتمع وتاجر بمقدرات الإنسان وانتهك الأعراض بل واستباح الدماء وقتل في المستشفيات وفي الطرقات وذبح الجنود وهدم وفجر المباني والمساجد ولم يبقِ ولم يذر وكان هو الرصاصة الأولى في يد العدوان التي حاربت المؤسسة العسكرية الوطنية والمؤسسة الأمنية.
إذ شهدت تلك المرحلة نهب المعسكرات واحتلالها وتفجير الحافلات التي تقل الجنود، وسقوط الطائرات العسكرية على المدن والأحياء العسكرية، وشهدت أسر الجنود وذبحهم في كل الجغرافيا الوطنية، وشهدت نضوب الميزان النقدي وجفاف ميزان المدفوعات، ونشطت في المقابل الجمعيات التي للفصائل والأحزاب إذ تحولت الى مؤسسات توهب الموازنات الضخمة وفي حين تمّ تعطيل المؤسسات الرسمية وتم تعطيل دورها ووظائفها، وشهد هيكل الدولة ترهلاً غير مسبوق في قيادات الصف الأول والثاني والكثير من قرارات التعيين التي صدرت كانت مخالفة لقانون الخدمة المدنية، بل تم تعيين قيادات في الصف الثاني وهم لم يلتحقوا بالخدمة المدنية وليس لبعضهم من مؤهلات علمية وشواهد مثل ذلك لا تعد ولا تحصى ولا يمكن نكرانها، وتعاملوا مع الناس من منظور ضيق، وبإقصاء غير أخلاقي وغير مبرر، وأمام مثل هذا النموذج تحرك الشعب في 21 سبتمبر 2014م، فلم يسعه إلا السقوط لأنه حمل عوامل السقوط في داخله، ثم يأتي نموذج عدن بعد التحرير الذي يسمونه والاحتلال الذي نسميه نحن لتعيد الى الأذهان نموذج الفترة التي حكمت قبل 21سبتمبر 2014م.
فحركة الاغتيالات للرموز الاجتماعية والسياسية والعسكرية والأمنية تتحرك بوتيرة عالية في شوارع وأحياء عدن، وحركة الانقسامات والتشظي بنفس الوتيرة التي كانت عليها إبان فترة حكمهم في صنعاء، وحالات التذمر والتضاد والقلق تزداد مع كل إشراقة شمس يوم جديد، وفي حين يتداعى أبناء صنعاء إليها من كل أصقاع الدنيا رغم القصف وحركة الطيران الكثيفة والحرب والدمار يغادر أبناء الجنوب الى أفريقيا والى منفذ الوديعة بحثاً عن الأمن والاستقرار والكثير منهم في إب وفي صنعاء، وأمام مثل هذه الصورة القاتمة والقاتلة والمدمرة يتحدث إعلامهم عن قرب الفرج.. ولا أدري أي فرج يتحدثون عنه، وأي تحرير يتحدثون عنه.. هذا الغموض في المفهوم والالتباس في المصطلحات كان من إنتاجهم فوقعوا في حبائله، وكان إعلامهم هو التعبير عن تلك الحالة ذات التناقض مع كل الأعراف والتقاليد والنظريات المعرفية والفلسفية، وذات التناقض مع حركة التأريخ الإنساني ومع مفاهيمه ومع مصطلحاته.
لقد عمل العدوان السعودي على اليمن على فرز المشهد السياسي الوطني، فتمايز الناس، كما أعلن عن فكرة جديدة وأشاعها في الوعي الجمعي الأخلاقي والوطني، ونحن ندرك أن قبائل اليمن قد تداعت الى الوثيقة القبلية التي تنص على التضامن الاجتماعي وعدم التسامح مع الذنوب التي تهدد المشاعر الوطنية العميقة كذنب تأييد العدوان على اليمن ومباركته.. وفي ظني أن تلك الفكرة ستطوي صفحة المرتزقة الذين باركوا العدوان وستعمل على تحديد هوية المستقبل الوطنية.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 06:54 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-45403.htm