الميثاق نت -

الثلاثاء, 22-مارس-2016
عبدالرحمن مراد -
كنت قبل زمن كتبت مقالاً عن تكتيك أبين وذكاء الهضبة في هذه الصحيفة وقلت يومها أن ذكاء الهضبة ينتصر بالضرورة على تكتيك أبين، لأن الذين يقومون بالعمليات الذهنية التكتيكية في الغالب لا يستندون الى المعرفة ولا الى حقائق التاريخ ولا الى حركة الواقع وتموجاته، بل قد تبدع اللحظة جلسة منادمة وقتية يزول تأثيرها بزوال سكرة الكأس، التي تبتكر اللحظة، ولذلك نجد الحزب الاشتراكي ومن أبدع تشكيل وعيهم في المراحل التاريخية، ما أن يصل بهم الحال الى ذروة الكمال حتى ينحدروا الى وادٍ سحيق، فمثلاً في كل صراعاته التي سبقت الوحدة كان يصل الى ذروة الاستقرار ثم لا يلبث إلاَّ قليلاً حتى ينتج صراعاً جديداً، فالتوافق مع الجبهة القومية ومع جبهة التحرير أفضت الى صراع والى احتواء، والاحتواء أفضى الى صراع في التكوين العام كانت ذروة تجلياته ما حدث في 13 يناير 1986م، وتكتيك الهروب الى الوحدة اليمنية أفضى الى حرب 1994م، وتكتيك مقاطعة الانتخابات في 1997م أفضى الى اضعاف الحزب والى شلله التام وفقدانه للفاعلية وتنظيرات ياسين سعيد نعمان في 2011م قادت المشترك الى التشرد والرحيل والى الفوضى والضياع فهو صاحب مقولة سقوط الايديولوجيا وسقوط الأيديولوجيا هي المقدمة التي جعلت شركاء 2011م يخرجون في مظاهرات «الرحيل»، شركاء في الرحيل وفي الخضوع والقبول بما كان مرفوضاً، فالناصري تحول من محارب للرجعية العربية الى حذاء لها، والاشتراكي من رافض للرأسمالية والاستعمار ومناضل ضده الى يدٍ له وسيف يتمنطقه، ولسان يبدع لحظته، بل وسفير في بلاد المستعمر يستجديه الموقف والسلاح القاتل ليقتل ويدمر في بلاده، ويبدو أن الايديولوجيا سقطت فسقطت تبعاً لها منظومة القيم والعادات والمفاهيم والمبادئ التي أبدعها الإنسان وتواضع على حساسيتها وقيمتها ودلالاتها التاريخية والمعرفية والفلسفية عبر كل الحقب والسنين في تاريخ سكان كوكب الأرض.
ويبدو أن حالة التكتيك قد عادت الى سماء المشهد السياسي بعد أن غابت في زمن العدوان ظناً أن السعودية والتحالف قادرون على حسم المعركة وركوناً من قيادات الارتزاق الى القوة العسكرية التي حشدتها المملكة وتضافرت مع قوى العالم واقترب العام الأول من الانتهاء وهي تراوح مكانها تمعن في القتل والتدمير ولكنها لا تحقق نصراً أو تقدماً ميدانياً، ويبدو أن تلك القوى قد عادت الى مربعها القديم مربع التكتيك فكان اشتغالها على موضوع المفاوضات مع السعودية من طرف انصار الله في غياب عن المؤتمر حدثاً تكتيكياً هدفوا من خلاله الى تفكيك الجبهة الوطنية وتصادمها واضعافها أملاً في تحقيق نصر عسكري ميداني واشتغلت المواقع الاخوانية والتابعة لجلال هادي على هذا الموضوع اشتغالاً كبيراً ومفضوحاً، فكان ذكاء الهضبة مدركاً للمكيدة وقاطعاً خيط رجائهم إذ خرج أحدهم من مكتب رئيس المؤتمر الشعبي العام مصرحاً أن أي تفاهمات تفضي الى وقف العدوان على اليمن، فالمؤتمر سيكون مرحباً بها، وقد انتصر الذكاء على التكتيك فكانت الصدمة التي تلقاها أصحاب التكتيك قاهرة، فعادوا وبنفس الوتيرة الى الاشتغال على فصل انصار الله عن الحاضنة الشعبية من خلال القول بوجود هدنة ومفاوضات على الحدود وبوصول قافلة اغاثة لابناء صعدة من مركز سلمان والقول بشروع انصار الله على نزع الألغام ولم تستمر فرحتهم بهذا الاشتغال كثيراً حتى جاءت حادثة سوق خميس مستبأ لتفضح حملتهم المسعورة.. وصدر بيان عن انصار الله عن تلك الجريمة البشعة التي ارتكبها طيران العدوان في سوق خميس مستبأ وهو يدين ويحمل الاشارات الواضحة والرموز الدالة على الاستمرار في مواجهة العدوان في كل الجبهات حتى تحقيق النصر، وبذلك يكون الذكاء الذي يمتاز به سكان الهضبة التي تمتد من يريم الى الحدود الشمالية لليمن هو المنتصر الحقيقي في ادارة معركته المصيرية معركة الوجود والكرامة ولن يحقق الذين باعوا وطنهم سوى الخزي والعار، ولعل أظرف شيء في الموضوع أن الكثير من المواقع في الآونة الأخيرة تناولت خطاباً أو تصريحاً لصالح الصماد وتأوّلته -حسب مواقعهم- أنه يهاجم فيه زعيم المؤتمر ورئيسه، وحسب كثير من الوسائط والقنوات الالكترونية فقد سارع صالح الصماد على تسمية مولوده الجديد باسم «عفاش» كردة فعل على الاصطياد في الماء العكر.
لقد فشل تكتيك المرتزقة طوال خمس سنوات على تحقيق غاياته وأهدافه وانتصر ذكاء الهضبة، ذلك أن حَميَر مجبولة على مفردات النصر والعزة والكرامة ولم تقبل الهزائم في تاريخها..
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:05 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-45482.htm