استطلاع/محمد احمد الكامل - أرقام مهولة خلفتها هذه الحرب من النازحين والمتضررين خلال عام واحد فقط منذ بدايتها في 26 مارس من العام الماضي والبالغ عددهم حسب آخر احصائية «2.500,000» نازح من مختلف محافظات الجمهورية يعيشون وضعاً مأساوياً وكارثة انسانية بكل ما للكلمة من معنى الى جانب ما يقاسيه المواطن اليمني بشكل عام خلال فترة الحرب الظالمة بقيادة السعودية والتي تجاوزت كل اخلاقيات الحرب والقيم الانسانية وقوانين حقوق الانسان ومبادئ وتشريعات الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي.
حول موضوع النازحين وحالة المواطن ومعاناته خلال عام كامل تحت وطأة عدوان بربري ووحشي، قامت صحيفة «الميثاق» بإجراء هذا الاستطلاع مع عدد من المواطنين والنازحين الذين فروا من مناطق القصف والحرب.. فإلى الحصيلة.
في البداية نود ان ننوه الى انه برغم ما لمسناه من معاناة وعوز وصلت لها حالة المواطن اليمني وتحديداً النازحين منهم وما يتعرضون له من مشاكل وصعوبات خلال عام من العدوان السعودي على اليمن الا ان أكثر من وجدناهم رفض الحديث معنا لاسباب شخصية واسباب اخرى.. ومن وافق منهم على الحديث الينا اشترط عدم التصوير..
* كانت بداية جولتنا الميدانية بالتحدث مع الحاج ناجي عبدالله احد ساكني منطقة نقم والتي تعرضت للقصف اكثر من مرة وهو أب لاسرة من ستة افراد مجسداً صبر وصمود وجلد هذا الشعب بتاريخه العريق وإيمان وأنفة وعزة وكرامة المواطن اليمني العادي قائلا : الحمدلله على كل حال.. الوضع زي ما انت شايف البلاد كلها تأثرت ولكن لاخوف ولاحزن الا على مقدرات البلاد التي دمرت في ليلة وضحاها.. اما نحن فلا خوف علينا الحال مستورة وايماننا بالله لاحدود له صامدين صابرين حتى ننتصر.. مؤكداً انه لم يغادر بيته ابداً حتى عندما ضرب جبل نقم بـ القنبلة الشهيرة والانفجار العظيم رغم حالة الهلع والنزوح الكبير جدا التي شهدته المنطقة والحارات المجاورة لجبل نقم في ذلك اليوم. مضيفاً: ليش اخرج واهرب " قل لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا " خلاص احنا مؤمنون بالقدر ولو مقدر لنا نموت هانا والله لو ننزح او نهرب اين ما هربنا القدر ما منه مهرب.. وعن المساعدات التي وزعت للحارات والمناطق المتضررة اوضح قائلا: ولا وصلنا اي شيء من هذه المساعدات كل مرة يجي واحد يقول انه تبع مدري ايش وبيسجل حق المساعدات رجعت كل الحارة مسجلين مساعدات وعيدي وعيوزع مدري ايش وبعدين يرحله ولا عاد تشوف له صورة.. حتى حق الرعاية نفس الشيء ولا وصلنا حاجة وحنا مش بحاجة احد انا عايش بفضل رب العالمين.. مختتما حديثه بقوله : يوزعوا على من يشتوا ويمنعوا على من يشتوا.. انت داري ان بعض المسجلين في الرعاية من المستحقين زد دفعوا زلط عشان يشلوا المساعدات حقهم مع انها مجانية.. خلها لك على الله بس.
اتجهنا الى منطقة أخرى والتقينا بالمواطن محمد فرحان وهو أحد النازحين من تعز فقال: لولا بعض أهل الخير لمت جوعاً أنا وأسرتي أما المساعدات فللأسف فإنها توزع بانتقائية.
* نازح آخر من محافظة الحديدة يدعى على الحنمي يقول انه جاء الى صنعاء قبل اكثر من شهرين مع اسرته المكونة من ثمانية افراد ويسكنون في احد البيوت المؤجرة في حي الفلاح وله من الابناء 3 أطفال وبنتان وشاب وزوجة.. وعن توفير لقمة العيش يقول انه يشتغل مبلط يوم شغل وعشرة لا. مشيرا الى ان ابنه الاكبر يساعده بعض الشي والذي يعمل في بيع الفراولة في الجولات.. وتابع قائلا : الحالة صعبة جداً فاذا ما توافر لهم لقمة العيش تظهر مشاكل اخرى مثل انعدام الغاز والماء وعجزه عن سداد الايجار خلال الشهرين الماضيين. مضيفاً: أحصل على بعض المساعدات من الجيران كطباخة الارز مثلا او ما يجودون به من طعام الا ان حياءه وكرامته تجعله يضطر الى اكل الزبادي والخبز فقط اغلب الاوقات وبوجبه واحدة في اليوم هو واسرته وبأنه لم تصله مساعدات من اية جهة إلا مرة واحدة وكانت عبارة عن قطمة رز وقطمة سكر وكيس من القمح بعد اسبوعين من نزوحه منذ اكثر من ثلاثة اشهر.
* وفي نهاية جولتنا الميدانية واثناء عودتنا مع صاحب موتور وبعد دردشة معه حول الموضوع اكتشفنا انه نازح ايضا من محافظة تعز وعند سؤاله عن اسمه وحكاية نزوحه ورغم صعوبة سماعة جيدا بسبب اختلاط صوته مع صوت الموتور بعد اعتذاره عن التوقف بحجة انه مستعجل ويريد يطلب الله تحدث قائلاً: اسمي محمد الصلوي في البداية صمدنا ورفضنا مغادرة المدينة ولم ننزح منها رغم الحصار والقصف الهيستيري ولكن وتقريبا قبل شهر من الآن تضرر بيتنا بشكل مباشر حيث وصلت الى البيت وقد حل الدمار بجزء منه.. والحمدلله لم يصب احد من افراد اسرتي الخمسة مع والدتي الا اخي الصغير بإصابات طفيفة حينها قررنا النزوح الى العاصمة والسكن عند اناس اقرباء لنا. مشيرا الى انه المسئول الاول عن اسرته والعائل الوحيد لها خاصة بعد وفاة والده منذ اكثر من خمسة اعوام.. مضيفاً: الحمدلله احنا احسن من غيرنا بما اني استطيع أن اصرف على عائلتي بموتور اشتريته بعد مابعت ذهب امي والآن الوضع ماشي الحال الى ان يفرجها الله وتعود البلاد الى ما كانت عليه من أمن وأمان.
|