الإثنين, 25-أبريل-2016
الميثاق نت -   د. عبدالغني علي السبئي -
< تتحمل السعودية العبء الأكبر من تكاليف عدوانها على اليمن، يأتي هذا في ظل انخفاض أسعار النفط وزيادة نفقات التسلح، خلافاً عن تبعات استمرار هذه الحرب على دول الخليج التي تعتمد اقتصادياتها بشكل أساس على مبيعات مصادر الطاقة.
لا يستطيع أحد حتى الساعة تقديم أرقام دقيقة عن تكلفة الحرب التي تقودها السعودية على اليمن ويعود السبب في ذلك الى رفض القائمين عليها تقديم أية معلومات يمكن الاعتماد عليها بهذا الخصوص، غير أن التقديرات الأولية المبنية على تكاليف حروب أخرى مشابهة ترجح أن التكلفة وصلت بحلول أواسط ابريل الجاري الى نحو 196 مليار دولار تتضمن تكاليف تشغيل 175 طائرة مقاتلة وتزويدها بالذخائر وتكلفة وضع 150 ألف جندي سعودي في حالة استنفار تحسباً لاحتمالات توسيع نطاق الحرب.
يدخل ضمن نفقات الحرب أيضاً المساعدات والتعويضات التي تقدمها السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لمصر وبلدان أخرى لقاء مشاركتها في العدوان والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، وبالنسبة لليمن الذي لا يمكن تقدير خسائره البشرية في الأرواح والجرحى بثمن، فقد أصابت الحرب أيضاً بُنَاه التحتية المدنية بأضرار جسيمة، والتي تقدر بناء على التقديرات الأولية بـ263 مليار دولار إضافة الى أن اليمن خسر حوالى 10 مليارات دولار جراء أضرار لحقت بقطاع النفط.
كيف يمكن للسعودية متابعة جهودها التنموية رغم تراجع أسعار النفط وزيادة نفقات التسلح؟
تتحمل السعودية بشكل أساس تكاليف العدوان كونها تقود التحالف، إذ تشارك لوحدها بمائة طائرة مقاتلة، كما أن حدودها الطويلة مع اليمن شهدت مواجهات عسكرية تصيب قرى ومدناً ومواقع سعودية بأضرار لا تتوافر معلومات حول حجمها.
أما بالنسبة للطائرات فإن تكاليف استخدام مثل هذا العدد منها تُقدّر بما لا يقل عن 175 مليون دولار شهرياً.. في سياق متصل تفيد بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي التي تلعب دور البنك المركزي أن الحكومة السعودية سحبت ما يزيدعن 125 مليار دولار من أرصدتها الاحتياطية خلال العدوان على اليمن.. ويرى مراقبون أن هذه الأموال صُرفت لمواجهة عجز الموازنة بسبب انخفاض أسعار النفط، كما استخدمت لزيادة الإنفاق العسكري والتمويل للحرب اضافة الى تقديم المساعدات للدول للمشاركة في العدوان من خارج مجلس التعاون وهي مصر والمغرب والأردن والسودان.. وتتلقى مصر القسم الأكبر من المساعدات الخليجية التي يتم تقديمها من أجل الحرب أو لأغراض أخرى، فخلال مؤتمر شرم الشيخ أواسط مارس 2015م تعهدت السعودية والكويت والإمارات بتقديم 12.5 مليار دولار للقاهرة على شكل مساعدات واستثمارات وودائع في البنك المركزي المصري إضافة الى التزام المملكة مطلع العام الحالي بتزويد مصر بحاجتها من المشتقات النفطية والتي تقدر تكلفتها بـ5 مليارات دولار، وخلال الزيارة الأخيرة للملك السعودي لمصر تعهدت المملكة بمساعدة مصر بمبلغ 50 مليار دولار لسد فجوة العجز القياسي في الميزانية العامة لمصر، أما المساعدات المقدمة الى الأردن والمغرب والسودان فتقدر بحوالى 15.16 مليار دولار.
تغيير الأولويات
شارفت الحرب على نهاية شهرها الأول بعد العام منذ انطلاقتها في 26 مارس العام الماضي دون ظهور بوادر حسم أو مكاسب عسكرية، ومع كل يوم تستمر فيه العمليات تزداد تكاليفها على دول التحالف بقيادة السعودية وعلى اليمن الذي يعد من أفقر بلدان العالم، وإذا كانت التبعات الاقتصادية كارثية على اليمن، فإن السعودية ودول مجلس التعاون غير قادرة على تحمل نفقات الحرب بسبب النزيف المستمر لاحتياطياتها المالية من جهة والانخفاض الذي شهدته أسعار النفط مؤخراً.
غير أن القضية لا تتعلق بالقدرة على تحمل النفقات فحسب، بل في تبعات الحرب الأخرى التي طال أمدها..
ومع استمرار الحرب ازداد الخوف والقلق في منطقة الخليج وتراجع الاستثمار فيها، ولم يقتصر هذا الأثر على مشاريع القطاع الخاص بل تجاوزها الى مشاريع البناء والتشييد في القطاع العام والتي تأخر إنجازها وأُجّل تنفيذها بسبب إعادة النظر في أولويات الإنفاق الحكومي لصالح الإنفاق العسكري.
على سبيل المثال تزيد السعودية حجم إنفاقها العسكري بشكل مضطرد حتى وصل خلال العام الماضي الى أكثر من 81 مليار دولار ليشكل ثالث أكبر ميزانية عسكرية في العالم بعد ميزانيتي الولايات المتحدة والصين، وتوجه قطر والإمارات لوحدهما الى شراء طائرات مقاتلة فرنسية بقيمة تزيد على 15 مليار دولار خلال عام 2015م.
مع استمرار الحرب على اليمن وزيادة نفقات التسلح وبقاء أسعار النفط منخفضة تتزايد التأثيرات السلبية على اقتصاديات واحتياطات الصناديق السيادية في دول الخليج التي تقود الحرب وتتحمل تكاليفها المتزايدة، ودفع ارتفاع التكاليف بدول الخليج الى سحب مزيد من أموال هذه الصناديق لتمويل الحرب وتغطية التسلح والتي كانت قبل تورطها بقيادة السعودية في الحرب على اليمن تشهد طفرة في عموم بلدان الشرق الأوسط.
يزيد الأمر سوءاً بتزايد التراجع بمعدلات النمو في السعودية صاحبة أكبر اقتصاد عربي. وفي هذا السياق ومن خلال مسح أجرته وكالة رويتر للأنباء ترجع نمو الاقتصاد السعودي الى 2.6 خلال العام الماضي 2015م، والتوقعات تشير الى تزايد التراجع بمعدل النمو العام الحالي 2016م وارتفاع نسبة العجز في الميزانية السعودية الى نحو 20% عن العام الماضي 2015م وإعلان الميزانية السعودية للعام الحالي 2016م بعجز قياسي 30%، ومما يزيد من التبعات السلبية على الاقتصاديات المذكورة ابتعاد الاستثمارات الأجنبية عن المشاريع طويلة الأمد وتراجع السياحة وارتفاع تكاليف النقل والتأمين والخدمات الأخرى، ومن شأن هذه التبعات فرملة أو تعطيل الكثير من الجهود التي بدأت في هذه الدول على صعيد تنويع مصادر الدخل التي تعتمد بشكل رئيس على صادرات النفط والغاز.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:25 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-45846.htm