الميثاق نت -

الإثنين, 02-مايو-2016
حاوره في الكويت/ توفيق عثمان الشرعبي -
الكاتب والمحامي الكويتي محمد السبتي لـ«الميثاق»:التدخل الخارجي في اليمن سيفشل والحرب كانت مغامرة غير مدروسة

التقت صحيفة «الميثاق» بالمحامي الكويتي في المحكمة الدستورية والتمييز والكاتب الصحفي والمؤلف الاستاذ محمد صالح السبتي والذي وجدناه متابعاً دقيقاً وحصيفاً لما يدور في اليمن.. وله رؤية مسئولة وضَّحها في هذا الحوار الذي كشف حقيقة الموقف الكويتي إزاء ما تتعرض له اليمن من عدوان غاشم وحصار قاتل للشعب اليمني..
المحامي السبتي تحدث عن مستقبل العلاقات الإنسانية اليمنية السعودية وعن الدور المطلوب من الخليجيين تجاه اليمن..
قضايا أخرى أكثر أهمية تحدث عنها السبتي في سياق الحوار التالي:
♢ نبدأ معك أستاذ محمد من الدور الذي تقوم به دولة الكويت الشقيقة تجاه حل الأزمة اليمنية من خلال رعايتها للمفاوضات.. هل لنا أن نسمي هذا الدور بالحيادي؟
- أنا أعترض على تسمية الدور الكويتي بالدور الحيادي.. الكويت ليست حيادية بل هي تستطيع حفظ التوازنات، هي تعلم أن مثل هذه الخلافات يجب أن تُحل سواءً أكانت بين أبناء الشعب اليمني أو مكوناته، لا إقصاء لأي مكون، ثم يجب أن تنتهج الدول المفاوضات بالجلوس على طاولة
الحوار لحل أي خلافات بعيداً عن استخدام السلاح والطيران للتدخل في شئون أية دولة، ولهذا دائماً ما أعترض على كلمة حيادية.. الكويت تجيد حفظ التوازنات في المنطقة، لا تعادي أحداً، تتخذ مواقف دون عداء، ودون اقصاء لأي مكون، من هذا المنطلق كان هذا الدور الكويتي نحو الشعب اليمني إحساساً بالمسئولية تجاه هذا الشعب.. إحساساً بهول الفاجعة التي أصابت الشعب اليمني سواءً القتلى أو الجرحى أو النازحين.
من أجل كل هذا أو لأنها تحفظ التوازنات كانت الكويت مقبولة لدى الجميع، وهم يعلمون أن الكويت كان لها دور لأجيال اليمن منذ قيام الثورة اليمنية عام 1962م، ومنذ محاولة انشاء الحكومة الأولى بين الجمهوريين والملكيين، كما كان لصاحب السمو أمير البلاد دور في وقف الحرب اليمنية- اليمنية قبل الوحدة أي أواخر السبعينيات ووُقّعت معاهدة السلام في 1979م في دولة الكويت بين شطري اليمن آنذاك.
وبالتالي فإن الكويت تقوم بدورها الذي انتهجته منذ قيام الدولة ولهذا قبلت الأطراف اليمنية ورحبت باستضافة الكويت للمفاوضات بينهم.
♢ الاطراف اليمنية رحبت برعاية الكويت للمفاوضات.. هل تتوقع فاعلية كبيرة لدور الكويت لحل الأزمة؟
- بكل تأكيد أنه سيكون للدور الكويتي فاعليته لعدة أسباب.. يجب أن نعلم أن من يقوم أو يتبنى هذه المفاوضات هو سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الذي قضى من عمره ما يزيد عن أربعين عاماً دبلوماسياً ووزيراً للخارجية واستطاع خلال هذه الفترة حل كثير من الخلافات بين كثير من الدول على المستوى العربي أو المستوى الاسلامي، هذا عنصر مهم والعنصر الآخر ما ذكرناه سابقاً أن الكويت مازالت تحفظ مثل هذه التوازنات سواءً أكانت إقليمية أو محلية داخل اليمن.. في النهاية اعتقد أن حديث العقل هو الذي يجب أن يسود سواءً أكان داخل المكونات اليمنية أو داخل الاطراف الاقليمية التي تؤثر على الحالة اليمنية الداخلية.. يجب أن نفهم أن السلاح مدمر.. أن الحرب مدمرة.. إن القتل مهما كان هناك طرف منتصر مؤداه الى الدمار النفسي والاجتماعي.
ما نراه اليوم تدمير لأغلب البنية التحتية في اليمن والتي كانت ضعيفة في الأصل.. من سيدفع ثمن هذه الحرب..؟ الشعب اليمني بكل تأكيد.. لن يكون الثمن إقليمياً..
لذلك أتوقع وفق هذه المعطيات أنه سوف يكون هناك فاعلية للدور الكويتي، وكذلك للعقل اليمني الذي تفتح اليوم على أنه يجب أن يلتجئ الى طاولة المفاوضات، تكامل هذه الأدوار ما بين المكونات اليمنية والضغط الكويتي أو الأممي، قد تختلط أمانينا بالمعاناة لكن الواضح أن هناك حلاً سوف يلتئم من خلال الجميع.
♢ اشتراك الكويت ضمن دول تحالف العدوان على اليمن.. هل بُني على مواقف سياسية أم فرضته اتفاقيات مجلس التعاون الخليجي؟
- بالتأكيد أنه لا يوجد موقف سياسي كويتي تجاه الاقتتال داخل اليمن.. الجميع يعلم أن الكويت ملتزمة باتفاقيات في مجلس التعاون الخليجي، هذه الاتفاقيات تتضمن بما فيها الدفاع المشترك، وحتى نعطي الصورة للطرف الآخر، اليوم كان هناك تخوف سعودي من إخلال على حدوده اليمنية السعودية، ارتأت دول الخليج القيام بهذا التجمع بهذا التحالف- كما يقول الطرف الآخر- حماية للحدود السعودية ولا أنكر أن هناك نواباً في البرلمان الكويتي اعترضوا على مثل هذه المشاركة وهناك اعتراض سياسي أيضاً على هذه المشاركة وإن كانت المشاركات في حدودها الدنيا.. كما أننا لا ننكر أن من دعم مثل هذه المشاركات -أتكلم عن الناحية السياسية- هو الالتزام من قبل الكويت بالاتفاقيات التي وحدت هذه الدول.
♢ الكويت ترعى مفاوضات يمنية-يمنية ونحن نعلم أن الأزمة وراءها لاعبون خارجيون.. كيف تقرأ أنت ككويتي التدخلات الخارجية في الشأن اليمني الداخلي؟
- دعنا نضع حقيقة، اليوم لا دولة على الكرة الأرضية كلها نستطيع أن نقول إن شأنها داخلي، لابد أن يكون هناك تدخلات خارجية حتى داخل هذه الدول الكبرى،دعني أضرب مثالاً ألا يؤثر هذاالاعلام الذي انفتح فضاؤه على كل المجتمعات على الموقف السياسي داخل الأحزاب وداخل المكونات وداخل الافراد.. الجواب: نعم يؤثر اليوم هذا الاعلام بلاشك أنه من السهل أن يدعم من الخارج، لا نستطيع أن نقول اليوم إن هناك دولة ممكن أن تحث جميع مكوناتها السياسية على عدم التدخل وفق هذا الفضاء الذي انفتح على الجميع بما فيها اليوم اليمن التي بلاشك أن فيها تدخلات خارجية.. دعنا نقول إن هناك حرباً باردة ما بين السعودية وإيران سواءً في اليمن أو سوريا أو العراق.. التدخلات الخارجية سواءً أكانت على المستوى العسكري أو على المستوى الإعلامي، فالتدخلات على المستوى الإعلامي تقود الى تدخلات عسكرية، لا أحد ينكر أن هناك تدخلات خارجية إقليمية وأن هناك مخططات عربية أثرت على الحالة اليمنية ولا يستطيع أحد أن يلقي باللوم على أي مكون من المكونات اليمنية لفتح المجال لمثل هذه التدخلات، في النهاية هذا إعلام مفتوح للجميع وأثر على الحالة العسكرية، وإن كنا نتمنى أن كل مواطن يمتنع حتى عن سماع وجهات النظر الخارجية إلاّ أن هذا هو الواقع.
♢ أنت محامٍ كويتي أمام المحكمة الدستورية الكويتية، من الناحية القانونية هل ما حدث لليمن يسقط بالتقادم أو بالتوقيع على الاتفاقيات؟
- إن كنا نتكلم عن مسألة قانونية بحتة كما يعلم الجميع أن الاتفاقيات تجبُّ ما قبلها، لكننا بعيداً عن القانون فالمسألة أخطر من حبر على ورق.. المسألة أخطر من كراسٍ تلف حول طاولة المفاوضات ويوقع عليها سياسيون.. المسألة اجتماعية بلا أي شك، هذه الدماء التي سالت لن تُنسى لا بطبيعة الشعب اليمني.. ولن تنسى عند أي بشر، نحن نتمنى أن ننسى لكن هذه الأمنية ضرب من الخيال، عندما يفقد شخص أو يتم العدوان عليه أو عندما تقع حرب فيقتل إنسان إنساناً آخر، أو عندما يفقد إنسان بلده وأمنه واستقراره.. المسألة ليست أتوماتيكياً تقول له إنسَ فيتم النسيان.. بلاشك أن مثل هذه الحرب لها تداعيات كثيرة جداً لعل أقلها ما ذكرته حضرتك عدم نسيان الدم الذي سال، أخطر منه هنا الانقسام الذي تؤدي إليه الحروب ما بين مناطق اليمن، ما بين مكوناته، بين مذاهبه الدينية، هذه الانعكاسات بلاشك أنها خطيرة وستبقى آثارها الى مدة من الزمن.
♢ هل بدأ الخليجيون يستشعرون خطورة استغلال الإرهابيين للأزمة اليمنية؟
- إن جئت على «داعش» أو تنظيم «القاعدة» أو حتى تنظيم «الاخوان المسلمين» إن كان يرغب في الحكم في أي من الدول بلا أي شك أنه مستفيد مما يحدث في كل دول المنطقة وليس في اليمن فقط.. ودعني أسأل سؤالاً: من الذي استفاد مما وقع في سوريا إلاّ داعش، من الذي استفاد مما وقع في العراق سوى «داعش» والجماعات الإرهابية المنضوية تحت هذا النطاق سواءً أكانت القاعدة أو غيرها.
اليوم -للأسف- هناك تشويه لكل الثورات إن صح تسميتها ثورات، ومثلما قلت إن المستفيد الأول مما يحدث هي التنظيمات الإرهابية، وبكل تأكيد أن انهيار مؤسسات الدولة سواءً اليمن أو غيرها يؤدي تلقائياً الى نمو ونشاط الجماعات والتنظيمات الإرهابية.. بدليل ما حصل في افغانستان عندما سقط النظام ودخلت البلاد في حرب وأيضاً البوسنة والهرسك وسوريا والعراق.. فعندما يسقط النظام المجتمعي وتتشتت القوة تتحول البلدان الى حاضنة للإرهاب.
وبالتأكيد أن خطورة الإرهاب لن تقتصر على اليمن فقط وإنما تهدد المنطقة والعالم.
♢ هل كانت «عاصفة الحزم» مغامرة سعودية غير مدروسة؟
- الحرب كلها مغامرة.. ولعل اسمها «عاصفة الحزم» يجيب على سؤالك فالعاصفة سريعة والحزم مؤداه حزمٌ في الأمر سريعاً، وهذه «العاصفة» تجاوزت السنة وبالتالي أي حرب مهما كانت مبرراتها قد يكون ما أسموه تدخل إيراني.. و.. و.. والحقيقة أياً كانت هذه المبررات فالحرب بلاشك أنها مغامرة غير مدروسة.. ودعني أسأل سؤالاً تاريخياً.. هل هناك تدخل خارجي نجح في أية دولة على نطاق الكرة الأرضية؟
هل هناك دولة تدخلت خارجياً في شئون دولة أخرى عسكرياً ثم نجحت؟ الجواب طبعاً وقطعاً: لا..
الدول الكبرى فشلت عندما تدخلت في شئون غيرها عسكرياً مهما كانت مبرراتها.
♢ ما توقعاتك لمستقبل العلاقات الإنسانية اليمنية ودول تحالف العدوان؟
- أقولها بدايةً بصفتي إنساناً.. بلاشك أن هناك مكوناً كبيراً داخل اليمن يعتبر أن ما نسميه نحن «عاصفة» يعتبرها عدواناً غاشماً فماذا سنقول له بعد سنة أو سنتين وهو من قُتلت جماعته وأهله ودُمرت بيوته.. ومهما بررنا تظل هذه أرضه ووطنه وشعبه وبنيته التحتية، والقتلى والجرحى هم أهله.
وبالتالي وعلى ضوء هذه المعطيات سيحز في خاطر كثير من المكونات اليمنية مثل هذه الأعمال وبالتأكيد سيكون لها انعكاساتها على مستقبل العلاقات الإنسانية الاجتماعية، ولا ينكر أحد ولا يجب أن ينكر أحد أن مثل هذه الحروب ستخلف انعكاسات كرهاً وحقداً.. والإقرار بأن الحرب مغامرة يجب ألا يغيب هذا الإقرار عن بالنا.
♢ بعد الموقف الكويتي الراعي للمفاوضات اليمنية.. هل نحن إزاء انقسام خليجي -خليجي على خلفية ذلك؟
- دعني أقول ولا ضير في ذلك إن الموقف السياسي الخليجي غير متطابق هو متلائم مع بعضه.. هو يحاول أن يوجه رأيه الى الأعم الأغلب.. لا تطابق في الرؤى السياسية بين دول الخليج وهكذا هي طبيعة الأمور ولا عيب في ذلك.. هناك خلاف سياسي واضح جداً بين سياسة قطر وسياسة السعودية مثلاً وبالتالي الكويت.. هذا أمر واضح ولا نستطيع أن ننكره.. لا أنحو أبداً الى وجود انشقاق في السياسة الخليجية، وإنْ كان هناك تباين فلا أظن أنه سيؤدي الى انشقاق.. فلسلطنة عمان رؤية نظر محترمة ومقدرة وكثير من الخليجيين يعتقدون ما تعتقده عمان تجاه الأزمة اليمنية والسورية.. وكذلك الموقف السياسي الكويتي يخالف ويتباين مع الموقف السعودي تجاه سوريا مثلاً وكذلك الموقف الإماراتي يخالف الموقف السعودي إزاء أزمة سوريا.
♢ هل استضافة الكويت للمفاوضات اليمنية كان بمعزل عن اشقائها في دول مجلس التعاون الخليجي؟
- لا يمكن لأحد أن يظن أن استضافة الكويت لمثل هذه المفاوضات تأتي دون موافقة الخليج بما فيها السعودية ولابد أن يكون للسعودية مباركة تجاه هذا الدور الكويتي.
♢ بمعنى أن سياسة دول الخليج تقوم على تبادل الأدوار؟
- نعم.. ودولة الكويت تجيد القيام بمثل هذه المبادرات لأنها تحفظ التوازنات.
♢ برأيك هل كان بإمكان دول تحالف العدوان بقيادة السعودية تفادي العدوان على اليمن بأساليب أخرى؟
بلا أدنى شك أن الحرب كان يمكن تجنبها بالحوار.. دعنا نأخذ وجهة النظر الخليجية، فالخليجيون يعتقدون أن هناك استيلاء على السلطة بالكامل من قبل أنصار الله أو مثلاً القوى المنضوية تحت حزب المؤتمر الشعبي العام، في النهاية هذه مسألة يمنية، لو شُكل وفد يمني خليجي لإجراء مفاوضات مثلاً لا يمكن أن نقول اليوم إن قوة أنصار الله تفوق قوة غيرهم ولا تلك الأسلحة التي يمتلكها الجيش التابع للمؤتمر الشعبي يفوق سلاح غيره.
♢ المؤتمر الشعبي العام حزب سياسي لا يمتلك جيشاً كما تقول أنت.. الجيش الذي يواجه العدوان تابع للدولة وليس للمؤتمر..
- أنا أتحدث حسب ما يدَّعي الطرف الآخر وأنقل الصورة كما يوردها.
ولاستكمال إجابة السؤال السابق لو كان هناك مفاوضات جادة، هؤلاء أبناء شعب واحد، هؤلاء مكونات سياسية اشتغلت مع بعضها سياسياً فترة طويلة ولا يمكن لأحد أن ينكر أن طاولة المفاوضات لم تؤدِ الى نتيجة.
♢ ربما أنك اطلعت أو تابعت المشهد الشعبي والحضور الجماهيري الذي شهده ميدان السبعين بذكرى مرور عام على العدوان والذي نظمه المؤتمر الشعبي العام وحضره الزعيم علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية السابق- رئيس المؤتمر الشعبي العام، تعليقك على ذلك الحشد وأيضاً الحضور البارز للزعيم صالح في المشهد السياسي بشكل عام؟
- لا ينبغي لأي شخص يريد أن يكون وسيطاً من أجل حفظ شعب وبلاد وبنيته التحتية أن يستخدم أسلوب الاقصاء.. قد يخطئ الاشخاص، علي عبدالله صالح رئيس جمهورية على مدى عقود من الزمن، وهو رجل يمني أدار البلاد لسنوات طويلة برضا المكونات السياسية والارادة الشعبية، وليس لأحد أن يقصيه، وإنْ نسبنا اليه خطأً معيناً.. وهذا يجري على أي مكون آخر سواءً أكانت الحكومة الحالية أو أنصار الله لأن مسألة الاقصاء تظل غير مقبولة لا اجتماعياً ولا سياسياً..
وعلي عبدالله صالح ظل مؤثراً في الحالة السياسية لسنوات ولايزال وسيظل مؤثراً في الحالة اليمنية ولا أدل على ذلك إن كان هناك جيش تابع له أو أن هناك قوة له، هو الآن يصمد على الأرض أكثر من سنة وتتحالف عليه كثير من الدول ولم يستطع أحد أن يهزمه على الأرض عسكرياً، فإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن هؤلاء اليمنيين الذين يؤمنون بنظرية الرئيس علي عبدالله صالح سياسياً عدد غير قليل.. فهل يُراد لنا أن نقصي كل هؤلاء من المشهد السياسي اليمني، إن كان هذا هو الحل فهذا حلٌ ديكتاتوري لا سياسي، هذه شريعة الغاب، وبالتالي لا ينبغي أن يُقصى أحد من المشهد مهما نُسب إليه من أخطاء فالواجب أن يحاسب عليها لا أن يقصى من المشهد لأن الاقصاء إجراء غير مقبول في الحالة السياسية.
♢ هناك تخوفات من أن تفضي المفاوضات اليمنية الى خلق مكونات أو نظام تابع أو منفذ لأجندة خارجية.. ما تعليقك؟
- دعنا نضع عدة نقاط، في البداية ينبغي أن نفهم أنه ليس لأحد أن يتدخل في شئون غيره إلاّ بالصالح للبلد والشعب، فليس لي ولا من حقي أن أخلق مكوناً يتبعني سياسياً، هذه بلد لها شعبها ولها نظامها ولها مكوناتها ولهذا يجب أن يُحترم الشأن الداخلي لليمن، وكذلك يجب أن تنضوي اليمن وفقاً للاتفاقيات مع دول الخليج لما يعود عليها بالخير للشعب اليمني لا من أجل مكون سياسي ولا من أجل نظام سياسي، كما يجب أن نفهم أنه اذا وقع لأحد اشقائنا خلاف فالحوار هو سبيلنا الى الحل لا التدخل العسكري ولا الحرب.
♢ ما المطلوب برأيك من اليمنيين كضرورة ملحة للتقارب والخروج ببلدهم من المأساة التي يعيشها الشعب اليمني؟
- لست أنحو الى لوم أحد في اليمن، أنا أعلم أن الحروب دائماً ما تقسم الشعوب اجتماعياً وسياسياً، وما يعانيه اليمنيون لا يجعل أحداً يلومهم وليس من المناسب لومهم، إلاّ أن حديث العقل يقول إن الأرض والوطن يجمع كل أفراده ويتسع لهم جميعاً ،وأكثر ما تعانيه شعوبنا العربية واليمن أحدها هو الاقصاء.. والمطلوب أورده بشيء من الفلسفة.. اليوم كلمة الاحترام لا يوجد في المعاجم أصل لهذه الكلمة، إنما هي تنسب الى الحرمة، تقول البيت الحرام لأن له حرمة، وتقول البلد الحرام لأن له حرمة، وتقول بيتي حرام عليك ولذا لا تدخله إلاّ بإذن لأن له حرمة، وتقول هذه المرأة محرمة عليك لأن لها حرمة، فالاحترام منسوب أصله الى الحرمة وأقصد من هذا أن لفكري ولفكرك حرمة لا يجب ولا يجوز لي أو لك انتهاك حرمة فكر الآخر، واذا فهمنا هذا المعنى الفلسفي فيتوجب علينا جميعاً أن نعي أن أفكارنا المختلفة يجب أن تُحترم.. أي نختلف لكن لا يجب أن يؤدي اختلافنا الى انتهاك الحرمة، وهذا هو المطلوب من الشعب اليمني.. الاختلاف سنة الحياة، والاتفاق في الرؤى ضرب من ضروب الخيال.
المطلوب من الشعب اليمني أن يحترم رؤى بعضه دون انتهاك لهذه الحرمة ثم نختلف ما نشاء، هذه الفلسفة لو اقتنع بها الشعب اليمني لآمن بالاختلاف، واعتقد أنه سيؤمن بها لما من شأنه أن يعود على بلدهم بما هو صالح له.
♢ قراءتك لمستقبل العلاقات الإماراتية- السعودية على ضوء ما يحدث بينهما بخصوص توسع داعش والقاعدة في اليمن؟
- واضح تماماً أن هناك تبايناً حاداً في بعض المناحي بين السياسة الاماراتية والسياسة السعودية، وقد استبان هذا التباين على أرض اليمن، وكمراقب لا أظن أن مثل هذا التباين سوف تزيد حدته، لا أنكر وجود اختلاف في الرؤى السياسية أو حتى على مستوى الواقع، وما ذكرته من مثال بالقاعدة فهو مثال واضح لخلق مثل هذا التباين ولكنه لا يمثل انشقاقاً لأننا نعلم أن العباءة السياسية السعودية يلتف تحتها الخليجيون عموماً ومهما تباينت آراؤهم، فالسبب كبر المساحة الاقليمية للسعودية وما تتمتع به من ثقل، وهذا لا يعني أن للإمارات خطاً آخر فما يحدث على أرض اليمن هو حدود هذا التباين بين الامارات والسعودية.
♢ هل نتوقع أن ينسحب تدويل الأزمة اليمنية الى الدول العظمى كما حدث في سوريا؟
- الآن بظني أن الأزمة اليمنية تم حسمها -وهذه ليست أمنية- تم حسمها لعدة أسباب وقد استبشرت بهذا قبل أن تبدأ المفاوضات اليمنية في الكويت، ثم لما جلست مع كثير، من الإعلاميين من الطرفين أجد تفاؤلاً كبيراً عندهما، ولاشك أن التدخل الكويتي - الأممي سوف يكون له آثار إيجابية..
اليوم يعلم الجميع أن لأمريكا ولروسيا أدواراً مهمة سواءً سلبية أو إيجابية نتفق معها أو نختلف لكنهم مؤثرون في هذا الوطن.. في ظني أن المسألة اليمنية لن تدوّل كما حدث في سوريا.
♢ أكثر من عشرة أيام على انطلاق المفاوضات اليمنية برعاية كويتية لكن لا بوادر انفراجة تلوح في الأفق.. لماذا هذا التأخر في حسم هذه المفاوضات؟
- يجب أن نعلم أن هناك من يستفيد من الحروب ولذا يعمل على إطالة أمدها وهم ما يسمى بتجار الحروب، دعني أضرب مثلاً وهو رأي سياسي منتشر جداً أن الأطراف السائدة على القرار اليمني -كما تدَّعي هي بسيادتها على القرار طبعاً- هي من تحاول تأخير مثل هذه الاتفاقيات لأمر بسيط جداً وهو أنهم يعيشون دور الرئاسة والوزارات والذهاب والإياب والطائرات الخاصة والسكن في القصور والفنادق فهؤلاء لا يضمنون العودة لمثل هذه المناصب..
ولنأخذ المفهوم العكسي، هناك شخصيات كثيرة انسحبت مؤخراً من المشهد أي قبل العزم على البدء بهذه المفاوضات ثم تغير بعض خطابها السياسي نحو الوسطية، وكل هذا أمل منها أن تحصل على مناصب قادمة.. لا ينكر أحد وجود تجار حروب في المواقف السياسية تستفيد من بقاء الأزمة اليمنية، بل وحتى على مستوى المال الاقتصادي هناك من يورد لهذه الحرب مستلزماتها من الألف الى الياء، هؤلاء بلاشك لا يرتضون بالسلام، هذه نقطة مهمة يجب أن نعيها لعل من يقوم على سدة الحكم اليوم يتأثر بالاتفاقيات سلباً، فينحو نحو بقاء هذه الحرب.
♢ ما الذي كسبته أو خسرته السعودية وحلفاؤها من عدوانهم على اليمن؟
- الحروب بكل تأكيد تُخسر من يقوم بها كثيراً، دعنا نكون وسطيين في الطرح، أنا أشرت مسبقاً الى أن هناك نزاعاً إيرانياً سعودياً داخل المنطقة على أراضي الغير كما هو حاصل في سوريا والعراق واليمن أيضاً، وبلا أي شك أن السعودية اليوم تكسب على ما تعطيه من منذورات بأن هناك تمدداً للسياسة الايرانية في لبنان في سوريا، في العراق، وتظن أن الأمر ماهيته كذلك في اليمن.
اليوم حافظت على حدودها كما تقول..
وإن سألتني كإنسان اسمه محمد السبتي عن خسائر السعودية من حربها على اليمن فأقول لك أكثر ما خسرته وتخسره السعودية اليوم هي المسألة الاجتماعية الانسانية تجاه الشعب اليمني هذا الشعب الذي يرفض الاعتداء على بلده وعلى أرضه ومكوناته السياسية وبنيته التحتية، كيف سنعالج هذا الأمر على مدار عشرين أو ثلاثين سنة، وكيف سنقنع هؤلاء الأشخاص الذين يرفضون هذه الحرب داخل اليمن بمبررات هذه الحرب، وكيف سنقول لمن قتل ابنه أو زوجته أو أبوه أو هدم بيته أو منزله أو مدرسته أو مسجده أو جامعته أن مبرراتنا صادقة.. دعك من الماديات.. دعك من كل ما يحدث.. هذه المسألة الاجتماعية لشعب طالما قلنا ودندنا على مدى سنوات أنه شعب شقيق، كيف سنقنعه بمبرراتنا حتى وإن صفق لنا آخرون.. لكن بظني أن هذا أكبر خسارة يخسرها أي بلد يخوض حرباً مثل هذه.
♢ كلمة أخيرة في نهاية هذا الحوار تحب قولها؟
- هذه الكلمة ليست لي فقط بل هي لسان حال أغلب الكويتيين إن لم يكن كلهم، بلاشك أن ما يحدث في اليمن يُدمي قلوبنا جميعاً، ولا يتمنى أي كويتي لليمن إلاّ كل خير واستقرار وأمن واتفاق بين كل مكوناته، ويعلم الجميع أن الشعب الكويتي لا يؤمن بنظرية الاقصاء وإن كنا سمعنا بعض الاصوات الشاذة.. لكن ما نتمناه لهذا البلد وشعبه وهم اشقاء لنا بل نعتبرهم أكثر من اشقاء.. نتمنى لهم كل استقرار وأن تلتف أصواتهم وعقولهم وآراؤهم ووجودهم نحو هدف واحد هو الأمن والاستقرار.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:06 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-45912.htm