محمد عبده سفيان -
أمر مؤسف ان يصبح اليمني منفياً في وطنه جراء الصراعات السياسية والحروب الدامية والنعرات المذهبية والمناطقية.. أمر مؤسف ان يصبح الانسان مشرداً في وطنه وأن يُجبر قسرياً على ترك مسقط رأسه أو مسكنه أو مكان عمله وكسب لقمة عيشه أو منزله ومحله ظلماً وعدواناً.لقد عانى اليمنيون في عهد النظام الإمامي الذي كان جاثماً على الأجزاء الشمالية والغربية من الوطن، والاستعمار البريطاني والسلاطين في الاجزاء الجنوبية والشرقية من الوطن، وتعرضوا للنفي القسري والهجرة الى خارج الوطن، وكان أبناء الاجزاء الشمالية والغربية من اليمن يتعرضون للاضطهاد والطرد من عدن من قبل سلطات الاستعمار البريطاني ويعاملون معاملة الأجانب، بينما البريطانيون والهنود كانوا يعاملون معاملة المواطن ابن البلد.
وعندما قامت ثورة 26 سبتمبر عام 1962م التي أطاحت بالنظام الملكي الإمامي في شمال الوطن هب عدد كبير من أبناء الجنوب للدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري بقيادة الشهيد البطل غالب بن راجح لبوزة وتم تعيين المناضل قحطان الشعبي في حكومة الثورة وزيراً لشؤون الجنوب، وعندما انطلقت ثورة 14 اكتوبر عام 1963م في الجنوب ضد الاحتلال البريطاني وقف أبناء الشمال مع اخوانهم ثوار الجنوب وتم دعمهم بالمال والسلاح والرجال وتم فتح معسكرات التدريب لثوار اكتوبر ومناضلي حرب التحرير في تعز وإب وكان كوكبة كبيرة من ابناء الشمال يتقدمون الصفوف الأولى في النضال ضد الاستعمار البريطاني وفي مقدمتهم الشهيد عبدالفتاح اسماعيل الجوفي الأمين العام للتنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية ومؤسس الحزب الاشتراكي اليمني والشهيد عبدالعزيز عبدالولي والشهيد مهيوب الشرعبي (عبود) والمناضل محمد سعيد عبدالله حاجب (محسن) والمناضل راشد محمد ثابت والمناضل عبدالله الخامري وغيرهم كثر.
وعندما تعرضت العاصمة صنعاء للحصار من قبل الملكيين عام 1967م كان الشهيدان علي عنتر وصالح مصلح قاسم يتقدمان كوكبة من مقاتلي الجبهة القومية ومناضلي حرب التحرير والذين هبوا لفك الحصار على العاصمة صنعاء وشاركوا في معركة نقيل يسلح التي تكللت بفتح الطريق الى العاصمة وكسر الحصار وهزيمة الملكيين.وعندما تفجرت الحرب الأهلية بين الجبهة القومية وجبهة التحرير نزح الآلاف من أبناء الجنوب الى الشمال، وعندما تم الانقلاب على الرئيس قحطان الشعبي في 22 مايو 1969م وكذلك عندما تم الانقلاب على الرئيس سالم ربيع علي في 22 يونيو 1978م ثم الانقلاب على الرئيس علي ناصر محمد في 13 يناير 1986م نزح الآلاف الى الشمال بينهم قادة ومسؤولون كبار في الدولة والحزب الاشتراكي وفي طليعتهم الرئيس علي ناصر محمد وعدد كبير من الوزراء وقيادات الحزب الاشتراكي وقادة عسكريون وأمنيون بينهم عبدربه منصور هادي الذي تبوأ منصب وزير الدفاع عام 1994م ثم نائباً لرئيس الجمهورية حتى عام 2012م حيث انتخب رئيساً مؤقتاً للجمهورية بموجب المبادرة الخليجية التي توافق عليها جميع الأطراف السياسية لاخراج الوطن والشعب من دوامة أزمة 2011م الى بر الأمان وبدلاً من قيامه بإنقاذ الوطن وقيادة الشعب الى بر الأمان أدخل الوطن والشعب في نفق مظلم وزج به نحو هاوية سحيقة فتسبب في إشعال الحرب الداخلية واستدعى العدوان الخارجي لتدمير الوطن وقتل الشعب اليمني تحت مسمى (الشرعية) واهماً بأنه سيعود من الرياض الى صنعاء على طائرة سعودية ليحكم الشعب اليمني.
لقد عاش أبناء الجنوب في الشمال قبل إعادة وحدة الوطن في 22 مايو 1990م معززين مكرمين ولم يشعروا للحظة واحدة انهم غرباء فكانوا يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات التي يتمتع بها أبناء الشمال، وعندما تمت اعادة تحقيق الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية في مايو 1990م اندمج أبناء الشعب اليمني معاً وعاشوا في أمن وأمان وسلام ووئام حتى اندلعت فتنة ومؤامرة 2011م التي فتحت الأبواب على مصارعها للفوضى والنعرات الطائفية والمذهبية والمناطقية والدعوات الانفصالية، ومن ثمارها القذرة مايحدث اليوم من تهجير قسري لأبناء المناطق الشمالية من المناطق الجنوبية وخصوصاً من عدن وحضرموت وأبين ولحج والتي أصبحت محتلة من قبل القوات الغازية السعودية والاماراتية والسودانية والأمريكية والتنظيمات الارهابية العالمية.
أبناء اليمن يهجرون من منازلهم ومحلاتهم ويطردون من الجامعات والمدارس والمؤسسات والشركات التي يعملون فيها في عدن ولحج وأبين وحضرموت لانهم فقط ينتمون الى المحافظات الشمالية، بينما الغزاة يتم استقبالهم والترحيب بهم من قبل العملاء والمرتزقة والخونة الذين يقبضون ثمن خيانتهم وعمالتهم أموالاً مدنسة من السعودية وامارات الخليج الطامعة في السيطرة على المحافظات الجنوبية وتحويلها الى مقاطعات خاصة بهم، وهذا أمر مؤكد ..وما تأجير جزيرة سقطرى للإمارات إلا خير دليل.