حاورها في الكويت توفيق عثمان الشرعبي - الدكتورة هيلة المكيمي استاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت لـ«الميثاق»:اليمن جوهرة التاج العربي ولاتستحق مايجري لها
التقت «الميثاق» الدكتورة هيلة المكيمي -استاذة العلوم السياسية بجامعة الكويت- والتي تشغر منصب الوكيل المساعد بوزارة الاعلام الكويتية، وأجرت معها حواراً مهماً في ظل استضافة الكويت للمشاورات اليمنية.
الدكتورة هيلة المكيمي التي حصلت على رسالتي الماجستير والدكتوراة من امريكا في العلوم السياسية لها اهتمامات خاصة وأبحاث مهمة عن اليمن وقد زارت اليمن ثلاث مرات وكان لها لقاءات كثيرة مع مختلف شرائح المجتمع وشخصياته السياسية والمدنية.
قالت في حوارها مع «الميثاق» ان الفرصة مواتية لإحلال السلام في اليمن.. وذكرت المتحاورين بحجم المسئولية الملقاة على عاتقهم تجاه شعبهم ووطنهم...
مؤكدة ان الكويت قيادة وشعباً ينتظرون بشغف انفراجة للأزمة اليمنية.. حوار «الميثاق» مع الدكتورة هيلة المكيمي فيه مايستحق القراءة.. فالى تفاصيل الحوار:
♢ نبدأ معك دكتورة هيلة المكيمي من قراءتك للمشاورات اليمنية التي تستضيفها دولة الكويت؟
- طبعاً الكويت سعيدة باستضافة اليمنيين في هذه المفاوضات.. هناك علاقات تاريخية قديمة تجمع مابين الكويت واليمن، الكويت ترى في اليمن بوابة للثقافة العربية، كذلك هناك تاريخ على مستوى التنمية، هناك كثير من المشاريع التي اقامتها الكويت وكان لديها قناعة ان الاستثمار البشري يكون من خلال هذه البوابة، هناك ثقة وايمان بالعنصر البشري اليمني وأنه قادر على المستحيل وقادر بالفعل على تجاوز كل أزماته.. هذا ما أجمل به تاريخ العلاقة اليمنية-الكويتية وبالتالي هذا من الاسباب التي توضح لماذا استضافت الكويت المشاورات اليمنية.
وأيضاً تبقى الكويت من خلال قيادة صاحب السمو صباح الأحمد الجابر الصباح- أمير البلاد- سواء من خلال توجهاته في تبني أول مشروع اقتصادي المسمي «المؤتمر الاقتصادي العربي» وأول مرة يعقد مؤتمر اقتصادي على مستوى جامعة الدول العربية، وكان مخصصاً لدعم المشاريع والمتوسطة فدائماً هناك توجه لدى القيادة السياسية لرأب الصدع وإحلال السلام خصوصاً في دول المنطقة وهو الدور الذي تقوم الكويت من خلال احتضان المفاوضات اليمنية، والكويت تعتبر وسيطاً نظيفاً ليس له مصلحة من الأطراف، ونعلم انه سبق هذه المفاوضات مفاوضات في «جنيف» وفي «بييل» وهذه تعتبر الجولة الثالثة وباعتقادي ان هذه الجولة يجب ان تنجح لانه حقيقة لاتوجد ظروف سياسية ومواقف اقليمية ودولية أفضل مماهي عليه الآن..
هناك نهاية لفترة رئاسية امريكية وبالتالي ليس بالضرورة ان يكون الأمريكان لاعبين سياسيين مؤثرين أو متدخلين بشكل سلبي في الاحداث اليمنية، ايضاً السعودية بدأت تنظر للتنمية الداخلية وأطلقت مشروع 20-30 وهناك تحديات كبيرة أمامها في المجال التنموي، كما ان هناك اتفاقاً نووياً ايرانياً يفرض على ايران ان تكون بلداً محباً للسلام.. بلداً بناءً ولديه دور بناءً كون الاتفاق النووي يفرض عليه ذلك لانه اتفاق تحت التجربة، كما ان دور الكويت حاضر.. اضافة الى ذلك ان هناك أفولاً لنجم التطرف.. وبالتالي لدى اليمنيين بيئة محيطة مشجعة جداً للتفاهم واقتناص الفرصة لاخراج بلدهم من الأزمة.. لابد من استغلال هذه الظروف التي قد تتغير خلال فترة وجيزة واستغلالها للتقدم في انجاز حلول جذرية للأزمة اليمنية..
نحن نعلم ان الصراع معقد والمشهد أكثر قتامة ولكن من أجل إيقاف نزيف الجرح اليمني يتوجب على الأطراف اليمنية التي تتحدث باسم الشعب اليمني أن تتجاوز خلافاتها وتجنح للسلم.
♢ هل تعتقدين ان هناك مستائين في مجلس التعاون الخليجي من الدور الذي تقوم به الكويت.. أي من عودة الدور الكويتي في المشهد العربي عبر مشاورات السلام اليمنية سيما ان هناك من يتحدث عن استياء السعودية؟
- غير صحيح هذا الكلام إطلاقاً.. نعتقد أن هناك دعماً، والسعودية حددت موقفاً يقضي بدعم اللجان المشكلة من الوفدين المتفاوضين (لجنة سياسية- لجنة أمنية وعسكرية- لجنة المعتقلين) لانجاح عملها.
والكويت تظل ضمن البيت الخليجي داعماً ومؤثراً ولاعباً سياسياً مهماً وهناك دائماً تنسيق عالي المستوى مابين دول الخليج.
♢ الى جانب استضافة الكويت للمشاورات هل تعتقدين انها ستقوم ايضاً بدور ضاغط على الاطراف لانجاح الحوار؟
- لايوجد هناك أي ضغط من قبل الحكومة الكويتية، انت تعلم انه من أجل ان تنجح المفاوضات يجب ان تكون هناك بيئة حاضنة والكويت هي اليوم توفر كل الدعم للعملية بتفاصيلها برعاية الأمم المتحدة من حيث احتضانها ومن حيث التواصل مع جميع الأطراف، ومن حيث العمل على تقريب وجهات النظر.. لكنها - أي الكويت- تنأى بنفسها ان تكون بلداً ضاغطاً.
♢ أقصد ضاغطاً ايجابياً على الأطراف اليمنية؟
- هي لاتستطيع ان تضغط على أحد.. هي دولة مستضيفة تعمل على لم الشمل والمساهمة في تقريب الرؤى وتذليل الصعوبات وقد أشار وزير الخارجية الكويتي وكان واضحاً في ذلك إلى أن الكويت تعمل على حث الجميع للوصول الى اتفاق يخرج اليمن من الأزمة.. الجميع منزعج ممايحدث في اليمن والكل يريد لليمن ان يرجع كما كان بلداً محباً للسلام ومستقراً.. وقد سبق لي ان زرت اليمن ثلاث مرات.
♢ متى بالتحديد؟
- عندما كانت بلداً مستقراً وجميلاً أي عام 2006م ومابعدها حينها فوجئت بالحراك السياسي وبالمجتمع المدني وعمق هذا المجتمع وقد حضرت الكثير من الأنشطة والكثير من الفعاليات.
حقيقة الكل يريد ان يرجع اليمن لهذا الدور الاقليمي المهم، ناهيك عن أهمية اليمن الاستراتيجية فهو يطل علي جميع المسطحات المائية سواءً بحاراً أو خلجاناً وبالتالي هناك اهمية حقيقية لليمن، علاوة على ان كل العرب ينظرون لهذا البلد انه الأصل ويحتضن تراثاً عالمياً مهماً.
وبالتالي الكل يشعر بألم لما يحدث في اليمن رغم توافر ظروف محيطة مهيئة للسلام ولايوجد ظروف تفرض على اليمن ان تكون دولة ملتهبة.. السلام قريب جداً من اليمنيين لو اغتنموا الفرصة وسعوا بجد وصدق لانقاذ بلدهم وإحلال السلام فيها.
♢ أنتِ كمتابعة للمشهد اليمني هل ترين أن هناك مايهدد المفاوضات اليمنية التي تستضيفها الكويت؟
- المفاوضات اليمنية كأي مفاوضات اخرى ممكن ان يتهددها الفشل في حال تعنت طرف وتمترسه وراء موقف معين دون ان يقدم أي تنازلات، أو الوصول الى عقلية المنتصر في حال تقديم تنازلات من الطرف الآخر.
انا اعتقد أن في الحرب الاهلية لايوجد منتصر ومهزوم الكل خسران وهذا ما أكده التاريخ واثبتته الوقائع.. ومهما اعتقد هذا الطرف أو ذاك انه حقق نصراً ما يظل واهماً فأي انتصار يكون على حساب مجتمعك أو مكون آخر ضمن مجتمعك.. هذا اعتقاد غير صحيح.
♢ هل أدركت تعنتاً في مواقف الاطراف اليمنية في المفاوضات؟
- نعم هناك تعنت واضح من كلا الطرفين.. لكن الانفراجة واضحة.. اعتقد ان المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد نجح في تقريب وجهات النظر بين الوفدين وفق رؤية تتضمن مايطالب به الطرفان وهذا باعتقادي انجاز مهم لحلحلة الوضع نحو الأمام.. كما ان لقاء سمو امير البلاد بالوفدين وايضاً وصول أمين عام مجلس التعاون الى الكويت كل هذا عمل على التقدم ايجاباً بالمفاوضات.
♢ ما المطلوب برأيك لاستمرار هذا التقدم في المفاوضات؟
- المطلوب دور اعلامي بنَّاء يلعبه الاعلاميون، دور مساند لايلقي باللوم على هذا الطرف أو يقلل من دور ذلك الطرف.. عندما يقف الاعلام الى جانب طرف يكون مساهماً في تأزيم الوضع ودوره ينعكس سلباً على سير المفاوضات.
♢ كيف وجدت الحضور النسوي اليمني في الدفع بالمفاوضات نحو السلام؟
- أطلعت على الحضور النسوي الذي تواجد في الكويت وقد عبروا عن مطالب الاسرة اليمنية.. مطالب الطفل اليمني.. نقلوا الرسالة المأساوية التي تحدث في اليمن وكانت رسالتهم واضحة لكل الأطراف.. بأننا نريد السلام.. نريد لأطفالنا السلام.. نريد لطلابنا الذهاب الى مدارسهم بسلام.
♢ تقييمك لمساهمة الاعلام الكويتي في مساندة الدور الحكومي الكويتي المستضيف للمفاوضات اليمنية؟
- الاعلام الكويتي مساند جداً وليس فقط الاعلام وانما الشعب الكويتي وهو سعيد بوجود اليمنيين في بلادهم ويأمل بوصولهم إلى انفراجة لأزمتهم.. كل الكويتيين يترقبون انفراجة للأزمة اليمنية.
♢ برأيك لماذا تطول مدة هذه المفاوضات؟
- عندما نتحدث في التحليل السياسي فهذا شيء طبيعي وهذه هي طبيعة المفاوضات، يجب ان تأخذ وقتها.. المفاوضات هي عبارة عن عملية نضج سياسي وقناعة بما لدى الطرف الآخر.
♢ نعود الى الاعلام.. نحن كوفد اعلامي لاحظنا كثيراً من الوسائل الاعلامية الكويتية تتخندق مع طرف ضد آخر.. ماتعليقك؟
- كذلك في الصحافة اليمنية هناك تخندق مع طرف ضد طرف آخر، ولهذا نحن دعونا الى ان يلعب الاعلام دوراً ايجابياً يقرب بين وجهات النظر واعتقد ان الدور الرسمي والشعبي الكويتي يبقى هو الأهم في هذا الجانب.
♢ أشرت سابقاً الى أنك قمت بزيارة اليمن ثلاث مرات كيف وجدت اليمن وشعبها؟
- وجدته بلداً جميلاً.. بلداً محباً ومضيافاً، كانت لديّ علاقات كثيرة واحتضنني المجتمع اليمني حقيقة، وقد كانت زيارتي بداية بدعوة من منتدى نسائي ثم تحول الى منتدى شعبي اجتماعي والتقيت بكل الطيف اليمني وعملت الكثير من اللقاءات، خصوصاً انني استاذ علوم سياسية فقد حرصت على أن أقابل مجموعة كبيرة من الشخصيات من مختلف التيارات السياسية الموجودة في اليمن فكان حديث السياسة، وعلاقة الاحزاب بالقبيلة، وهذه العلاقة صراحةً عبرت عن عمق في التحليل السياسي لدى اليمنيين وكان هذا ايضاً سبباً لتعلقي باليمن.
♢ هذا البلد الجميل هل يستحق من أبنائه واشقائه كل مايحصل له في الوقت الراهن؟
- أبداً أبداً لايستحق، ورسالتنا حافظوا على اليمن فهو درة التاج العربي ونحن نألم لمايحدث لليمن السعيد ولشعبه الطيب.. نريد ان يرجع اليمن سريعاً الى الأسرة العربية بلداً آمناً ومستقراً..
ونحن متفائلون بأن يعود اليمن سعيداً، ومتفائلون بنجاح المفاوضات التي تستضيفها الكويت، وحقيقة في الأول والأخير تبقى العملية والرهان بيد اليمنيين أنفسهم، ومهما كان الحديث على ان هناك أطرافاً خارجية وانا كتبت مقالات تحت عنوان (اليمن واتفاقية الكويت) أشرت فيه إلى ان الطبخة يمنية وهناك أيادٍ كثيرة تحاول أن تدخل في هذه الطبخة لكن تبقى هي يمنية ومسئولية اليمنيين ولا يمكن ان تنجح الا بإخلاص اليمنيين.. كما ان اليمنيين قادرون على تحويل الأيادي الاخرى الى عامل خير ومساعد لبناء اليمن في المرحلة القادمة.
♢ في حال نجحت المفاوضات اليمنية في الكويت، ما المطلوب من الاشقاء والاصدقاء وفي مقدمة ذلك الكويت تجاه اليمن في المرحلة المقبلة؟
- الكويت لاتحتاج أية توجيهات فهي بلد صاحب مبادرات وصاحب أيادي بيضاء وأيادي خيرة، وتاريخه في اليمن وشواهد ذلك لاتزال قائمة وستظل الشواهد قائمة.. الكويت تنتظر من اليمنيين عودتهم الى الحياة الطبيعية واعادة الأوضاع الى وضعها الطبيعي.
♢ كلمة أخيرة أو نقطة معينة تحبين أن تضيفيها في ختام هذا اللقاء الرائع معكم؟
- أولاً أحب أن أشير الى اننا رتبنا مع يمنيين زيارة الى مجلة العربي وناقشنا تاريخ اليمن والكويت في الثقافة وكان حديثاً ذا شجون وتفاجأنا بأن هناك بصمات يمنية في الثقافة الكويتية.. على سبيل المثال وجدنا مقالاً للاستاذ النعمان في العدد الأول لمجلة العربي.. هذه بصمة كبيرة لم يكن يعرفها حتى القائمين على جمع تراث النعمان.. شيء عظيم ان يكون قلم شخصية بحجم النعمان المثقف في عدد أول لمشروع مجلة.. اعتقد انها من أهم البصمات التي جسدت العلاقة اليمنية -الكويتية منذ وقت مبكر.
ثانياً أحب أن أقول للمتحاورين اليمنيين في الكويت تذكروا الأسرة اليمنية، وتذكروا أن هناك 25 مليون يمني يصوبون انظارهم وقلوبهم تجاهكم وينتظرون قراراتكم.. المسئولية الملقاة على عاتقكم كبيرة وتحتاج الى جديتكم واخلاصكم لوطنكم وشعبكم.
|