الإثنين, 30-مايو-2016
الميثاق نت -   عبدالرحمن مراد -
يتداول الناشطون في شبكات التواصل الاجتماعي بكل تعددها حواراً قيل انه أجرته صحيفة أمريكية مع رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد اليدومي، وفيه يقول اليدومي انه حان الوقت للاعتراف بالجنوب وقضيته السياسية التي لا يمكن القفز عليها وإنكارها أو معالجتها ببعض الإصلاحات كونها قضية سياسية مصيرية، وقال في ذلك الحوار: يجب أن نعترف بأن دولة 22 مايو فشلت، والبحث عن دولة اتحادية بديلة عن جمهورية 22 مايو دون حل لقضية الجنوب هو هروب لفشل آخر لن نخرج منه إلاّ بنفس النتائح الكارثية..
ومثل هذا الموقف الجديد للإخوان هو على اتساق وتوافق مع مواقفهم القديمة تحت مبررات ايديولوجية كما كان يتحدث زمن تلك المواقف وكما كانت تتحدث الضرورات السياسية والاجتماعية والثقافية، فالإخوان كانوا ضد الوحدة اليمنية التي تم الاعلان عنها في 22 مايو 1990م وحين أصبح الأمر واقعاً قبلوا بها على مضض من أمرهم، ثم كانت حرب صيف 1994م التي كان للإخوان فيها الدور الأبرز من خلال تلك الفجوة التي تركها النظام الاشتراكي في الوجدان الجمعي الجنوبي فتحرك الإخوان في تلك الفجوة واستغلوا العاطفة الدينية والعصبية الدينية فكانت الفتاوى وحركة الفيد والغنائم والانفال التي بدورها أحدثت تمايزاً اجتماعياً وتركت جرحاً غائراً في وجدان أبناء الجنوب، فالإخوان الذين وضعوا أياديهم مكان أيادي رموز الحزب الاشتراكي وتحول الجنوب الأرض والمقدرات إلى غنائم أثري بموجبها الكثير في تلك الفترة..
هذه الفجوة التي أحدثها وعي الغنيمة كانت هي المقدمات الحقيقية للنتائج التي وصل إليها الوطن وهي المقدمات الحقيقية للقضية الجنوبية فالأثر النفسي والاجتماعي ولغة التعالي والتمايز التي مارسها الإخوان في الجنوب بعد حرب صيف 1994م لم تكن تعبيراً حقيقياً عن المشروع الوحدوي أو عن دولة الوحدة لكنه كان التعبير الأمثل عن حركة الإخوان، ولذلك فالذي يحدث اليوم لا يمكنه ان ينفي عن الإخوان المسئولية الأخلاقية والتاريخية، وفي السياق لا يمكنه أن ينفي عنهم المسئولية المباشرة السياسية والقانونية وهو معذور من أوجه وملام من اخرى، ولذلك نرى أن تتحول ذكرى الوحدة اليمنية إلى قراءات تحليلية وتفكيكية وفق نظرية الجدلية أو منهجية الجدلية التاريخية بدلاً من المظاهر الاحتفائية والبهارج والأغاني حتى نخرج برؤية تاريخية واضحة تعي السبب والمسبب وتعرف حقيقة الاشكالية وسبل المعالجات والضرورات النفسية والاجتماعية والثقافية والسياسية..
ويبدو أن حركة المجتمع وآثار العدوان السعودي على اليمن وتداعي الأمم قد آثار سؤالاً وطنياً وسؤالاً مصيرياً، وحين شعر اليدومي بجوهر السؤال حاول الهروب إلى الانفصال، في حين نلاحظ الحراك الجنوبي يعيد صياغة منظومة مطالبه بما يعزز من قيمة الدولة اليمنية ومن حيويتها وفاعليتها ويحاول- حسب الكثير من الكتابات التي تظهر على التوالي في شبكات التواصل الاجتماعي- قراءة الحاضر والماضي، وأصبح العقل حاضراً في الكثير من الكتابات على حساب الحالات الانفعالية التي كنا نلاحظها في السنين الخوالي، والكثير من الرموز الإعلامية والثقافية بدأت تتحدث أحوالها عن تبدل لصالح خيار الوحدة اليمنية، ولذلك حين يحدث التحول في خيارات الرمزيات الجنوبية يأتي الإخوان بخيارات مضادة، فحين كان المزاج الجنوبي أكثر ميلاً إلى الانفصال في 2013م احتفل الإخوان الذين كانوا يحكمون عدن يومذاك بعيد الوحدة بطريقة مستفزة، عن طريق دخول القوافل من الابل إلى عدن، وحين تبدل المزاج لصالح الاستقرار الاجتماعي والوطني، ذهب الإخوان إلى النقائض وذلك هو ديدنهم، لايمكنهم الفكاك منه، فهم لا يعيشون إلاّ في البيئات المضطربة والقلقة وفي مناخات الفوضى.. ولعل أغرب ملمح في حوار اليدومي مع الصحيفة الأمريكية- إن صح هذا الحوار- هو قوله: «لا يمكننا أن نحارب صالح والحوثي ونلتقي معهما على خيار فرض الوحدة...» وهنا تحضر الذاتية المفرطة الدالة على الإخوان وعلى منهجهم وهو الافراط في العداوات والفجور في الخصومات، وغياب المشروع، والاضطراب والقلق في الرؤية..
ما يمكن أن نقوله هو ان الربيع العربي صهر في بوتقة الأحداث كل القوى الوطنية، فتمايز الناس بين خبيث نتن وطيب قابل للنمو والانتشار، وتلك هي فطرة الله في الفرز والتدافع.. وفي الأحداث عبرة لمن اعتبر.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 06:47 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-46192.htm