مطهر الاشموري - كنت في سوريا في آخر انتخابات إن جاز التعبير للرئيس السابق حافظ الأسد الذي ظل في الحكم حتى وفاته وهذه الانتخابات لا يحتاج فيها لتزوير كما مصر لأنه لا يوجد فيها منافس ولو شكلياً كما مصر.
لاحظوا في الملكيات فالتنافس أو الصراع على الحكم بات في نطاق الأسرة المالكة وأفرادها وبدلاً من الرجوع للشعب ولو شكلياً أو تكتيكياً فالمرجعية تصبح أمريكا التي عليها أن تحسم الصراع بتعيين ملك للسعودية من أفراد الأسرة والشعب عليه أن يبايع من اختارته أو عينته أمريكا ملكاً.
التجربة الديموقراطية في اليمن ربما كانت الوحيدة عربيا التي كانت وصلت إلى تجاوز "التزوير" كما مصر مثلاً وفتح مجال للتنافس ومرشحين منافسين كما فيصل بن شملان وكانت شرعت لسقف دورتين رئاسيتين متتاليتين وإن لم يوصل إلى تطبيق ذلك.
القول إن علي عبدالله صالح حكم لثلاثة عقود أو أكثر الا أن الحملة التي رافقت المحطة الأمريكية 2011م ثورات الربيع العربي لا تلغي الحقائق التاريخية ولا تؤثر على سقف استحقاقاتها ومن منظور وواقعية مايعتمل في المنطقة كصراعات دولية وإقليمية وأوضاع وتموضعات أنظمة الحكم ربطاً بما عُرفت بالديمقراطيات الناشئة في المنطقة.
لو أسقطنا ببساطة فهم أو مفهوم ديمقراطيات ناشئة على مستوى المنطقة فأفضلها ذات سقف في التفعيل والمصداقية كانت في اليمن فوق فترة حكم "الزعيم" وفوق تفعيل محطة 2011م الأمريكية "ربيع عربي" كتحديث أو استنساخ حداثة لما عُرفت بالثورة العربية الكبرى والفرق فقط هو في بريطانيا الاستعمار وفي أمريكا الاستعمال الأبشع من الاستعمار .
وصول رئيس إلى السلطة أو الكرسي عبر البرلمان هو أفضل بكثير من الوصول عبر "الدبابة" فأي رئيس كان أول ما يعمله في الغالب "حل البرلمان"
الزعيم علي عبدالله صالح لم يأت إلى السلطة ليحل البرلمان بل جاء عبر البرلمان للسلطة وحصل على المشروعية.
لا ينتقص من هذا الحق واستحقاقاته كحقيقة من اختلف معه أو تصارع بعد وصوله السلطة.
إذا الشعب المصري خرج بعد هزيمة 1967م ليجبر الزعيم جمال عبدالناصر العدول عن الاستقالة فخروج الشعب اليمني في 17 يوليو في ثمانينيات القرن الماضي لإجبار علي عبدالله صالح على البقاء في الحكم لم يكن لمنحه حق الحاكم طول حياته وإنما الخطوة بداية للديمقراطية تلزمه بالسير مستقبلاً إلى انتخابات برلمانية رئاسية بشكل واقعي ومتدرج وتجسد في هذا رأي ورؤية وقرار الشعب وليس الحاكم ولذلك فعلينا استيعاب مسماه "يوم الديمقراطية" بسياقه الواقعي والتاريخي وليس بالصراعات التي تتغير أو الصراعية التي تتلون.
عندما نرتقي إلى حيادية القراءة التاريخية للحقائق واستحقاقاتها فإن علينا أن لا ننكر سقف الشعبية التي خرجت ضد علي عبدالله صالح عام 2011م أياً كان ماوراءها أو دوافعها، وعلى الطرف الآخر بالمقابل أن لا ينكر وهو لا يستطيع إنكار الشعبية التي خرجت مع علي عبدالله صالح في ظل أقوى حرب إعلامية كونية لإحباط هذه الشعبية أو حتى بعد خروجه في 26 مارس 2016م.
إنني كمواطن يمني مع ترشيح أو عدم ترشح علي عبدالله صالح من اجله كولاء أو عداء، وخياري ينبع من منظوري للمصلحة العامة والأعم والتي قد تختلف مع صالح أو تتقاطع مع رؤيته فإذا كنت مع انتخابه في محطة من أجل اليمن وليس من اجله وإن رأيت في أخرى أفضلية أن لايرشح أو لا أنتخبه فمن أجل اليمن ولست مع الثقافة الحدية كولاء أو عداء وهكذا ظللت أنحاز ما استطعت للمصلحة العامة أو العليا من منظوري كما أمارس الانحياز إلى الحقائق التاريخية بواقعيتها ووقائعها وسقف استحقاقاتها فوق الثقافة الحدية كولاء أو موالاة وعداء أو عداوة، ولأن التاريخ ذاته هو محايد أو في حيادية فإنه لابد أن يفرض هذه القراءة الواقعية فوق الأهواء والإغواء في إطار الصراعية والصراعات.
|