محمد العسيري -
سُمّي أتباع محمد بن عبدالوهاب بالسلفيين، ودعوته في الأصل هي نشأة طائفية أو فكرة متشددة لتفسير الاسلام مما ادى الى عدم التهاون مع مخالفيهم في الدين أو في المذهب وقد ضخموا المسائل الفرعية المختلف فيها الى درجة التكفير والتفسيق وقد واجهت دعوته معارضة في نجد والحجاز، واستخدمت الدعوة الوهابية كل الوسائل الدموية ضد معارضيها حتى ينتشر هذا المذهب الوهابي، وكان لقاء محمد عبدالوهاب بـ سعود محمد آل مقرن بعد هروب محمد عبدالوهاب من منطقة العينية..
وجوهر الدعوة الوهابية هو طموح آل سعود في اراضي جزيرة العرب، واليوم هاهو التطرف الوهابي يحاول بكل الوسائل المالية والتدميرية السيطرة على العراق وسوريا واليمن ولبنان وليبيا، وما تشهده هذه البلدان من مذابح للابرياء وتفجير ونسف للبنية التحتية وتأجيج للحرب الطائفية ماهو الانتيجة لهذا الفكر المتشدد والمتطرف.. وتجدر الاشارة الى ان رفض هذه الدعوة قد بدأ من أمير منطقة العينية الأمير (ابن معمر) وكذلك رفضها حاكم الاحساء بسبب التشدد والغلو والتطرف في دعوته بين الناس ولهذا هرب الى الدرعية وقد التقى مع (موضي بنت محمد بن عبدالوهاب بن سويلم العريني) - زوجة محمد بن سعود أمير الدرعية- التي كانت ذات تأثير على زوجها وأوصت بضرورة ان تكرم وفادة محمد عبدالوهاب لأن دعوته تساعد على توسع آل سعود في الحكم وتمكنهم من التمدد في كافة أرجاء الجزيرة العربية وللأسف فقد اتفقت رؤية الرجلين في ان نجد واقطارها من أولها الى آخرها اصبحت على الشرك والجهل والفرقة واتفقا على ان يكون أمير الدرعية امام المسلمين وذريته من بعده.. ومن اللحظة الاولى للدعوة الوهابية استندت على سفك الدماء والغزو والغنائم واستباحت اموال المسلمين واعتبرتهم مشركين وانه لابد من السيطرة والسطو على املاكهم تنفيذاً للشرطين المتفق عليهما بين صاحب الدعوة محمد عبدالوهاب وراعي الدعوة محمد سعود أمير الدرعية.
اليوم وماتتعرض له الآثار والاضرحة والمزارات وقبور الاولياء في كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن من تدمير ممنهج انما هي نبتة شيطانية للفكر الوهابي، ولابد من تسليط الضوء قديماً وحديثاً على ما قام به أتباع الوهابية قديماً حيث هدموا كثيراً من الاضرحة والقبور لمشائخ في حضرموت صنفوا انهم مخالفون لسيرة السلف الصالح كما يزعمون، وأما في عدن فقد اعتدي فيها على قبور الصوفية، ولم تسلم تعز فتم الاعتداء على قبر عبدالهادي السودي ودمرت قبة المتوكل في حي الاشرفية والجميع يعرفها منذ سنوات وهنالك محاولات للوصول الى ضريح الشيخ أحمد بن علوان في منطقة يفرس في مديرية جبل حبشي وهو رائد الصوفية في اليمن وله بصمات في الشعر والنثر على مستوى الوطن العربي، كما ان هذا الفكر الوهابي التخريبي قد طال قبل سنوات أعظم تمثالين في افغانستان وقد نُسفا من قبل الافغان العرب المدعومين سعودياً وبحجة محاربة الشيوعية والكفر.
لقد طمست حضارة افغانستان وتم الاعتداء عليها أمام مرأى ومسمع من المنظمات الدولية ولم تعمل اليونيسكو شيئاً أمام هذا التدمير ومن بعدها سوريا والعراق واليمن وليبيا.. ونطرح سؤالاً مهماً كم تحتاج الانسانية لاعادة إعمار حضارة مملكة تدمر والتي ذاع صيتها، فالملكة زنوبيا حكمت خمس سنوات ودخلت في حرب مع روما وانتصرت عليها، ولقد قدر الرومان تلك الملكة عندما أسرت فتم تقييدها بسلاسل من ذهب لانها بنت حضارة، أما احفاد محمد بن عبدالوهاب فدمروا مدينة تدمر.. وشتان بين الفريقين: لم يدمر الرومان تدمر برغم انتصارهم على الملكة زنوبيا، أما جحافل الوهابيين فقد نسفوا مدينة تدمر عن بكرة أبيها..
واليوم نحن نشفق على آل سعود وشعب نجد والحجاز من هذا الفكر الدموي لاسيما وهم يعيشون تحت وصايته ووصاية الجماعة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وقد ظهرت بعض الأصوات الخافتة المعترضة على الأساليب التي تتبعها الهيئة الدينية وكانت أقوى تلك الاصوات المسلسل الدرامي السعودي (طاش ماطاش) والذي عرض بعض الممارسات اللاإنسانية من رجال الهيئة الدينية ضد المواطن السعودي والمقيم في نفس الوقت، وللأسف فقد تم منع ذلك المسلسل بل ان أشهر ممثلين في ذلك العمل الدرامي تم تكفيرهما وهما ناصر القصبي وعبدالله السدحان ولولا ضغط من الرأي العام العالمي لتمت تصفية المبدعين السعوديين.. واليوم المرأة السعودية تئن من الظلم الواقع عليها من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي تحرم عليها قيادة السيارة وتمنعها من السفر بمفردها حتى داخل السعودية أو خارجها دون محرم، بينما الأميرات من اسرة آل سعود يتمتعن بكافة الحقوق الشخصية وغيرها.
تمارس الوهابية كافة الأساليب القمعية وتصادر حقوق البشر، وهذا الابتلاء ستظل الشعوب العربية والاسلامية تعاني منه بشكل خاص والبشرية بشكل عام لان أتباع هذا الفكر المتطرف يريدون له ان ينتشر، وللأسف فإن المنظمات الدولية تنافق النظام السعودي وتهتم فقط بحقوق شعوبها، والمال السعودي هو هدف تلك المنظمات اللاإنسانية.
لقد أصبحت ثروة آل سعود معول هدم لحقوق المواطنة السعودية والعربية فالغرب وامريكا لايهمهم الا النفط ولتذهب مبادئ حقوق الانسان الى الجحيم مادامت خيرات النفط في حساباتهم.. ولابد من تسليط الضوء على أهم الشخصيات التي عارضت قديماً وحديثاً دعوة محمد عبدالوهاب وهم اقرب الناس اليه ففي سنة 1143هـ دعا الى اتباع دعوته الجديدة ولكن وقف بوجهه والده ومشائخه فأبطلوا أقواله فلم تلق رواجاً حتى توفي والده سنة 1153هـ، فجدد دعوته بين البسطاء والعوام فتبعه حثالة من الناس فثار عليه أهل بلده وهموا بقتله ففر الى العينية.. ومن أقرب الناس اليه الذين رفضوا دعوته أخوه الشيخ سليمان بن عبدالوهاب وهو أعرف الناس به وقد ألف كتاباً في إبطال دعوة أخيه وإثبات زيفها ومما جاء فيها (اليوم ابتلي الناس بمن ينتسب الى الكتاب والسنة ويستنبط من علومهما ولايبالي من خالفه، ومن خالفه فهو عنده كافر، هذا ولم يكن فيه خصلة واحدة من خصال أهل الاجتهاد).
أما موقف الشيخ الجليل احمد الكبيسي وهو مقيم منذ سنوات في مدينة دبي فقد اتهم عبر مقابلة في محطة CNN مؤسس المدرسة السلفية محمد عبدالوهاب بأنه صناعة يهودية.. والكبيسي استاذ جامعي وقد تم تداول تسجيله على نطاق واسع في شبكة التواصل الاجتماعي رداً على سؤال حول تفجير المراقد الدينية في مدينة الموصل الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش (فليسمعني ابو بكر البغدادي، هذا عميل يهودي وليس اكثر، والله داعش وماعش وحتى محمد عبدالوهاب ابو الوهابية صناعة يهودية 100% ودعهم يقتلوني اذا أرادوا)، وأضاف:(انا مسؤول عن هذا الكلام أمام رب العالمين والله ان تلك حركة يهودية مرتبة لتمزيق الأمة وقد مزقتها).
وقد ضغطت السعودية على الامارات فتم استدعاء الشيخ الكبيسي الى المحكمة وبعد تهديد ووعيد بالطرد اعتذر مرغماً.