الأحد, 27-أغسطس-2006
منير احمد قائد -
مع انتهاء الفترة الزمنية المحددة لاستقبال طلبات الترشح للانتخابات المحلية والانتقال الى فترة الدعاية الانتخابية لمرشحي الانتخابات الرئاسية تكون الاجراءات وسير التحضيرات قد دخلت منعطفاً حاسماً تشتد معه سخونة الحراك السياسي والانتخابي والتفاعل المجتمعي لمعانقة‮ ‬العرس‮ ‬الديمقراطي‮ ‬الكبير‮ ‬المتمثل‮ ‬بالانتخابات‮ ‬الرئاسية‮ ‬والمحلية‮ ‬المقرر‮ ‬اجراء‮ ‬الاقتراع‮ ‬لها‮ ‬يوم‮ ‬الـ‮٠٢ ‬من‮ ‬سبتمبر‮ ‬القادم‮.‬
وهو ما يفرض على الجميع قوى واحزاباً سياسية ومنظمات مجتمع مدني وفعاليات اجتماعية وناخبين أن تكون جاهزيتها وتأهبها لخوض معترك التنافس بقدر كبير وعالٍ من الوعي والنضج والمسئولية، وأن يدرك كل طرف وفرد أهمية دوره وتفاعله مع الاستحقاق الديمقراطي، والحرص كل الحرص على الوصول اليه في ظل اجواء آمنة وهدوء وممارسة حضارية لا يشوبها أي سلوك انفعالي أو تشنجي أو تعبئة خاطئة تحريضية أو غيرها ونبذ المكايدات والتراشقات المضرة لسير العملية الانتخابية ورفض المماحكات والمغالطات والمبالغات.
فهذا الاستحقاق بطابعه الوطني يفسح المجال لكل مكونات المجتمع وتعبيراتها المختلفة أن تسهم بفاعلية لإنجاحه والانتصار للوطن بلغة الديمقراطية واخلاقياتها وبروح تمثل قيمها والالتزام بضوابطها ومحاربة أي سلوك يسيئ لها وخاصة الاصطفافات الجهوية ذات النعرات التمزيقية مهما كان نوعها وشكلها، بمعنى أن حرية العمل السياسي قد حملت معها ضمانات التحالفات الحزبية والسياسية كما يظهر ذلك جلياً في خارطة التحالفات للانتخابات الرئاسية والمحلية بغض النظر عن تعثراتها وعدم التجسيد الكلي لها ميدانياً في نطاق تحالف احزاب قائم، ولكن يبقى توظيف الدعاية وممارسة العمل السياسي والاستقطاب الجماهيري للناخبين على خلفيات اثارة النعرات المنبوذة واستغلال الديمقراطية كغطاء لخلق خارطة ذات طابع يتناقض مع مفهوم الثقافة والوحدة والثوابت الوطنية هو من الجرائم الجسيمة التي لن يسكت الشعب عليها.
فقد حملت مضامين تصريحات ومواقف سياسية في الآونة الأخيرة مؤشراً على أنها مقياس لمخرجات الدعاية حينما تصل ذروتها، وفيها انحراف عن السياق السياسي الوطني العام للممارسة الديمقراطية واصدار أحكام جاهزة مسبقة ونوع من انواع الهروب من الاستحقاق الانتخابي وشكل من أشكال‮ ‬الاضطراب‮ ‬والتوتر‮ ‬والقلق‮ ‬من‮ ‬مؤشرات‮ ‬الميدان‮ ‬الانتخابي‮ ‬الذي‮ ‬بدأت‮ ‬تتجلى‮ ‬تفاعلاته‮ ‬وارهاصاته‮ ‬والتنافس‮ ‬الاستقطابي‮ ‬فيه‮ ‬استعداداً‮ ‬ليوم‮ ‬الاقتراع‮.‬
فالانتخابات ليست غاية بحد ذاتها وانما وسيلة وآلية للتغيير وتفويض من الارادة الجمعية.. والاحزاب رغم اهمية مشاركتها في العملية الانتخابية فإنها معنية أن تقف امام حجمها بدقة وتضع لنفسها أولوية في حركتها ونشاطها ويكون طموحها متوافق مع امكاناتها، وأن تضع برامج لها تنسجم مع ما تمتلكه من امكانات وقدرات وتعمل على تطويرها بصورة مستمرة، وتجاه الانتخابات القادمة نتمنى على الاحزاب والتنظيمات السياسية ان تمارس دورها بمسئولية وتتعاطى مع واقعها واوضاعها بموضوعية تتناغم مع طبيعة وظيفتها في المجتمع وليس استحضار العصبية او الاستقواء‮ ‬بها‮ ‬أياً‮ ‬كان‮ ‬شكلها،‮ ‬لأن‮ ‬الحزب‮ ‬وجد‮ ‬بديلاً‮ ‬للعصبية‮ ‬المدمرة‮ ‬والمضرة‮ ‬بالوطن‮ ‬ووحدة‮ ‬الانتماء‮ ‬له،‮ ‬وألا‮ ‬تجعل‮ ‬من‮ ‬مشكلاتها‮ ‬الداخلية‮ ‬وخلافاتها‮ ‬المتراكمة‮ ‬عامل‮ ‬تشويه‮ ‬او‮ ‬خدش‮ ‬للاستحقاق‮ ‬الديمقراطي‮.‬
وكذلك الحال بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني المتعددة أوجه نشاطها وتصنيفاتها فهي رغم ما تعانيه من اختلالات واشكالات يقع عليها مسئولية كبيرة في انجاح الانتخابات القادمة من خلال حشد اعضائها وتنويرهم بحقوقهم وممارسة دور الرقابة.. وعليها الى جانب الاحزاب والمنظمات‮ ‬الدولية،‮ ‬كون‮ ‬منظمات‮ ‬المجتمع‮ ‬المدني‮ ‬قطاعاً‮ ‬حيوياً‮ ‬ومهماً‮ - ‬تعزيز‮ ‬مبدأ‮ ‬الشراكة‮ ‬بينها‮ ‬وبين‮ ‬الحكومة‮ ‬في‮ ‬مجال‮ ‬التنمية‮ ‬بكل‮ ‬اشكالها‮ ‬ومنها‮ ‬التنمية‮ ‬الديمقراطية‮ ‬بما‮ ‬ينسجم‮ ‬مع‮ ‬خصوصية‮ ‬نشاطها‮ ‬وعملها‮.‬
وبالنسبة للناخبين فهم أصحاب الكلمة الفصل يوم الاقتراع وينبغي ألا يتأثر بالافرازات الشكلية لمسار الاجراءات والتحضيرات والدعاية الانتخابية وألا يكترث بالمشكلات والخلافات الحزبية التي تعاني منها بعض الاحزاب او الطارئة منها في أخرى، بمعنى أن طبيعة الاستحقاق الديمقراطي انتقل بما تم من استعدادات واجراءات عملية من نطاق تأثير الاطراف السياسية على مجرياته الى النطاق العام وطنياً وبالتالي أصبح التعاطي معه من هذا المنظور تأخذ فيه المسئولية الوطنية الأولوية على ما عداها من علاقة او انتماء حزبي وغيره، فهناك ترابط وثيق بين‮ ‬الاستحقاق‮ ‬كحدث‮ ‬وطابعه‮ ‬الوطني‮ ‬المتجاوز‮ ‬للتداعيات‮ ‬والتجاذبات‮ ‬الجانبية‮.‬
فكما للشراكة الوطنية مقوماتها وشروطها ومبادئها وقيمها وحقوقها وواجباتها، فإن للشراكة الديمقراطية استحقاقاتها وضوابطها واخلاقياتها.. ووفقاً لها فمن غير المنطقي والمقبول الاساءة لها عبر التقلبات والتبدلات للمواقف التي لا تعبر عن الالتزام باستحقاق هذه الشراكة، فهي بضماناتها وشفافيتها ووضوح أهدافها وغاياتها تحصّن الجميع من الانزلاق نحو قلب الحقائق وتضليل الرأي العام وتزييف الوعي، وتولّد الاطمئنان لدى كل اطراف المنظومة السياسية والحزبية بسلامة مسار الشراكة وصوابية الآليات والادوات المحكومة بضوابط الدستور والقوانين ذات الصلة، الأمر الذي يستدعي من كل هذه الاطراف التعامل مع الاستحقاق الانتخابي بمصداقية وأمانة ومسئولية والاعتراف بشجاعة وجرأة بما سيسفر من نتائج بغض النظر من سيحصد الفوز.. بينما الاهم هو ترسيخ التقاليد الديمقراطية وتجذير ثقافتها في المجتمع.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 07:03 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-467.htm