محمد علي عناش -
دخل تحالف العدوان السعودي على اليمن مرحلة حرجة جداً من تورطه في هذا العدوان والغرق في المستنقع اليمني، الذي لم تحسب له السعودية أي حسابات منطقية تنطلق من حقائق الواقع والجغرافيا ومواثيق الأمم المتحدة وحقائق الحكمة والنخوة والبسالة اليمانية وعدالة القضية التي يدافع عنها الإنسان اليمني الحر والشريف.. السعودية راهنت على المال والنفط وسلاح الجو وحشد المرتزقة وشراء المواقف الدولية وإغراء قطيع انتهازي من رجال الإعلام والسياسة ولفيف من تجار الدين والمخدرات ورموز التطرف وجماعات الإرهاب، كما راهنت على الدين الوهابي لإضفاء طابع القداسة على هذا العدوان وتحليل جرائمه وبشاعات ما يرتكبه يومياً من جرائم وإثارة النزعات الطائفية والمذهبية.
اعتقدت السعودية أنها بهذه الرهانات الخاسرة والمنحطة سوف تحسم المعركة مع من تصفهم بالانقلابيين خلال شهر بالكثير وفي جميع المحافظات وفي مقدمتها العاصمة صنعاء، رهاناتها بعد 500يوم من العدوان والبغي كانت خاسرة ومخزية جداً خاصة وقد دخلت المعركة في ماوراء الحدود مرحلة كسر العظم وتهاوي المدن السعودية وسقوطها بيد الجيش اليمني واللجان الشعبية، وباتت السعودية تستصرخ الأمم المتحدة وقف الانتهاكات في جنوب المملكة، لأن هذه الرهانات لم تستند لحسابات منطقية والأهم فقدانها للقضية والأهداف النبيلة، وإنما أهداف تآمرية ومخزون كبير من الحقد والغرور، ولذا كانت النتائج بعد ستة عشر شهراً من العدوان مخيبة ومقلقة للغاية، كون السعودية لم تتمكن من تحقيق أهدافها المعلنة ولو حتى مانسبته 5% من هذه الأهداف، فكل ما أنجزته وحققته طوال هذه الفترة ارتكاب جرائم بشعة بحق المدنيين الأبرياء وتدمير هائل وممنهج للبنى التحتية في اليمن، وهي تعتبر من جرائم الحرب والانتهاكات لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي لن تسقط بالتقادم وفقاً للقانون الدولي وقوانين الحرب الدولية.
السعودية مرعوبة ومصدومة وهي تراجع كشف حسابات 500 يوم من عدوانها وحربها العبثية على اليمن، وبالتأكيد قد شعرت بأن الوصول إلى صنعاء لم يكن أشبه برحلة صيد وسياحة كما تصورت وإنما شاق ومكلف ويكسر العظم، ناهيك عن كونه مستحيلاً، فالتكاليف باهظة وتفوق كل التصورات ولاتجرؤ على أن تصرح بها، الأمر الذي يجعلك أمام أسرة مهووسة وسفيهة ولا تمتلك مشروعاً أخلاقياً للحياة يواكب هذه الثروة النفطية الكبيرة التي يستنزفها سفه وجنون وفساد أسرة متورطة في كل ما يحدث في المنطقة العربية من حروب ونزاعات وتمدد للجماعات الإرهابية داعش والقاعدة.
كما أن المعادلة العسكرية ونتائجها في ميدان المعركة باتت مقلقة ومرعبة هي الأخرى، من هذا الصمود والانتصارات المذهلة التي تتحقق في جميع الجبهات، ومن هذا البلد الفقير الذي رغم ما يمر به من ظروف صعبة جراء العدوان والحصار الا أنه مايزال قادراً على إنتاج وتطوير أجيال جديدة من الصواريخ الباليستية التي تدك معسكرات العدو السعودي ومعسكرات مرتزقته، وتهاوي وسقوط مناطق ومدن جديدة في العمق السعودي بيد الجيش اليمني واللجان الشعبية الذين يسطرون ملاحم أسطورية تاريخية في معركة الشرف والفداء والدفاع عن السيادة.. السعودية باتت تشعر بحجم ورطتها وخطأ حساباتها وضحالة رهاناتها، وبالتالي لجأت الى رهان أخير هو مفاوضات الكويت وماصاحبه من محاولات لشق الصف وتفكيك الجبهة الداخلية، علها من هناك تحقق جزءاً من أهدافها وتتخلص من ورطتها وتحفظ ماء وجهها.
ولقد رأينا ذلك بوضوح من خلال ما ساد في هذه المفاوضات طوال ثلاثة أشهر من أساليب ملتوية وتعنت وتعطيل للحلول الوطنية ومحاولات فرض أجندة قوى العدوان بدعم وإشراف ممثل الأمم المتحدة أسماعيل ولد الشيخ الذي ظل طوال الفترة يؤدي وظيفة الشاهد الزور والمتهرب من الاستحقاقات وفق ما تمليه الالتزامات السابقة وماتفرضه معطيات الواقع من حتمية بناء دولة الشراكة.
إلا أن قوى العدوان أرادت من تعطيل المفاوضات والانحراف بمسارها الوطني السليم، أن تضع الوفد اليمني القادم من صنعاء أمام خيارين، إما الخضوع والاستسلام لمطالب وشروط قوى العدوان ومرتزقتهم، أو الاتجاه نحو خيار الحسم العسكري بغطاء دولي يتكئ على تقرير شاهد الزور وسمسار الأمم المتحدة ولد الشيخ، وهذا معناه منح تحالف العدوان ضوءاً أخضر لارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر وتدمير ماتبقى من البنية التحتية.
وهوما يفسر هذا التصعيد السعودي الهيستيري في الغارات وارتكاب المجازر دون أن تحرك الأمم المتحدة أي ساكن، فالأمم المتحدة لاترى أن هناك جرائم تُرتكب في اليمن تستوجب معاقبة مرتكبيها لأن الأمم المتحدة غدت غرفة العمليات التي تخطط منه قوى العدوان تنفيذ وارتكاب هذه الجرائم.
ما يحدث على اليمن من تكالب وعدوان، هو أكبر من السعودية، فاليمن عملياً تواجه قوى البغي العالمي، وخيار الحسم العسكري كشف القناع المزيف لدعاة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، الذين تحولوا الى تجار وسماسرة يتاجرون بالقوانين والمواثيق والسلاح ويقايضون دماء الشعوب بالنفط والشيكات المفتوحة الصادرة من عرب الصحراء.
خيار الحسم خيار ورهان خاسر وفاشل وجُوبه بالحكمة اليمانية المتجذرة في أعماق التاريخ والتي تتمثل راهناً في الاتفاق الأخير بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأنصار الله وحلفائهم وتشكيل المجلس السياسي الموحد.
العودة الى الدستور هو عودة الحكمة والإرادة والنخوة اليمنية واستعداد قوي لخوض المعركة اليمنية في مواجهة البغي الدولي.. ولذا سننتصر لأن رهاننا على عدالة القضية وحقائق الميدان.. وسوف تُسحقون لأن رهانكم على إفك المخلافي وتهريج الأضرعي وبلاهة جميل عز الدين .