السبت, 20-أغسطس-2016
الميثاق نت -      أ٠د/عبدالعزيز صالح بن حبتور -
تقييم تجربة حزبية سياسية في بلد كاليمن مسألة ليست سهلة على الإطلاق، وذلك لطبيعة التعقيد الموضوعي للتجربة الحزبية والتنظيمية وحتى الانسانية في بلد الإيمان والحكمه، بلدٍ كان مجزأ، وتعاني تجربتها التنموية من تعقيدات موضوعية، وتزداد فيها نسب العاطلين عن العمل، ومستوى دخل الفرد فيه متدنياً، ومحاط بقوى طامعة في تسييره وقيادته، وتزداد فيه ظاهرة الأمية بشكل لافت، ومن بين هذا الركام الهائل من التعقيدات الموضوعية تنبت تجربة وطنية سياسية حزبية فريده ، ويتم الإعلان للعالم عن ميلاد المؤتمر الشعبي العام من قبل المؤسس وصانع أفكارِه الزعيم / علي عبدالله صالح حفظه الله.
مُنذ ان إجتمع المؤسس كقائد يحمل مشروع وطني عروبي أراد ان يوثق اللحظة اليمانية في عمل تنظيمي حزبي قابل للإستمرار والتطوير مع رهط من رفاقه الأوائل ، الذي لازال البعض منهم يعيش على قيد الحياة متعهم الله بالصحة والعافية وأطال الله في أعمارهم ، والبعض منهم غادر هذه الحياة الفانية بعد ان خلدوا ذواتهم في توريث أرواحهم وبصمات افكارهم في وثائق وأدبيات ومرجعيات أعظم تجربة حزبية ناضجة في اليمن على مدارالتاريخ اليمني الحديث ، كمشروع سياسي عروبي ببصمة يمنية خالدة في التجربية اليمنية.
صحيح ان عمر التجربة السياسية والحزبية فيما كان يُعرف في الشطر الشمالي من اليمن أقصر بكثير من الأعوام من التجربة ذاتها في الشطر الجنوبي من اليمن وبالذات في مدينة عدن ، وذلك بسبب الحرية الليبرالية التي رعاها الإستعمار البريطاني إبان فترة حكمه للجنوب ، لكن أثبتت التجربة بما لا يدع للشك بان نجاح التجارب مرهون برأس القيادة وليست بعدد السنين او حتى الرموز التي تتوارث التجربة جيلٍ بعد جيل ، والمتبصر في قرائة تجربة الأحزاب اليمنية ذات المنشاء الوطني او القومي او الليبرالي او اليساري او الديني ، فمعظمها تجارب متعثرة ومضطربة والعديد منها تجارب فاشلة٠
دعونا نقف بمسؤلية امام عددٍ من محطات تجربة هذا الحزب العملاق:
أولاً:
بالعودة الى جذور الفكرة والمرئيات التي قام عليها هذا التنظيم العملاق يجد في ثنايا فكرة الإنشاء ان روحاً وطنيةً امتزجت بالإعتراف بالواقع وكل تحدياته ، وان الشخصيات الوطنية التي وضعت بصماتها الأولى تستحق الإحترام والتقدير والثناء ، وانهم وان رحلوا عن دنيانا الفانية لكنهم تَرَكُوا إرثاً عظيماً لهذا الحزب الكبير الذي ظل يعارك التحديات الى ان خلق تجربة يمنية وطنية ذات طابع عروبي إستلهم تاريخ الأمة وثبت على الواقع مستشرفاً آفاق المستقبل.
ثانياً:
تجربة المؤتمرالنضالية قامت وفقاً لمبداء القبول بالآخر في السلوك والممارسة وحتى في الفكر، بمعنى وفر غطاءً للجميع في زمن منع التعددية الحزبية ، ويوم إعلان الوحدة اليمنية تم مغادرة القوى الحزبية من كل الاتجاهات ، كلٍ الى منبته الفكري ،ولكن دون تصفيات لا سياسية ولا جسدية ، اليست هذه تجربة مدعاة للتأمل من ذوي الراسخين في حبكات دسائس التاريخ الحزبي في إليمن ٠
ثالثاً:
كانت تجربة المؤتمر محط إعجاب من قبل المواطن اليمني ، إذ جربه الشعب في ثلاث مراحل متباينة تماماً:
(أ) جربه كتنظيم سياسي قائد للوطن في أثناء قيادته للدولة طيلة 33عام ، نتج عنها تأسيس دولة حقيقية في الممارسة السياسية ، ونموذج واقعي في التنمية الاقتصادية ، والسياسية والثقافية٠
( ب ) جربه حزباً مناضلاً لم يتشبث قط بالسلطة ، بل سلمها لكي يجنب الوطن اي حربٍ داخلية، وذهب بكبريا الى مقاعد المعارضة الوطنية بهدف حماية منجزات الشعب اليمني، سلم السلطة طواعيةٍ في ما عُرف بإكذوبة الربيع العربي مطلع العام 2011م ، قدم نموذج محترم في موضوعة التبادل السلمي للسلطة.
( ج ) جربه حزباً صلباً في أثناء مقاومة العدوان على اليمن ، لم يغادر أو يتوارى او يتآمر على وطنه اليمن العظيم ووقفت قيادته وأعضائه وانصاره وحلفائه حاجزاً منيعاً في وجه العدوان الوحشي٠
هذه إختبارات الحياة ، وتقييم المتوازنيين الذين يعرفون أسرار التجارب الانسانية بالحياة وتعقيداتها٠
رابعاً:
خاض المؤتمر معترك الحياة بكفائه أعضائه ونخبه القيادية المخلصة، ومن إنجازاته العديدة تحقيق الوحدة اليمنية والثبات في الدفاع عنها ، كان ومازال وسيظل يواصل هذا المشوار الإستراتيجي للشعب اليمني ٠
خامساً:
هناك تيارات سياسية وطنية عديدة في اليمن حاولت تقليد التجربة الكفاحية للمؤتمر الشعبي ولكنها عجزت في ان تصل الى ما وصل اليه من نجاحات وإنجازات، وببساطة لم تتوفق، ولهذا شنت حرباً كلامية دعائية ضد المؤتمر وتجربته ومنجزاته، وهذا لعمري سلاح العاجزين الفاشلين الذين لم يمتلكوا من أدوات النضال سوى الإتكاء على ثقافة الدعاية والتحريض الممزوج بالغيرة والدونية تجاه الإنجازات الكبيرة التي حققها الموتمر طيلة تجربة الكفاحية الطويلة والممتدة مُنذ أغسطس عام 1982م وحتى أغسطس 2016م ، ان تجربة المؤتمر هي تجربة الأحزاب الكبيرة ومن أراد ان يتعلم منها فهي متاحة ، اما الدعاية والتحريض فهي منطق العاجزين فحسب.
سادساً:
إستلهم الرواد الأوائل فكر البناء التنظيمي لحزب المؤتمر من تجارب البلدان الليبرالية اي بلدان إقتصاد السوق ذات الطابع الإجتماعي ، وغير الإيدلوجي ، ولهذا نجد ان الدخول لانؤتمر سهل والخروج منه ايضاً سهل ى وليست هناك إشتراطات تنظيمية ( بوليسية ) تتحكم في هذا المعيار ، ولهذ فأعضائه تجاوز المليونين عضو في زمن حكمه او جلوسه على مقاعد المعارضة او في صموده في وجه العدوان ، وهذ احد أسرار صمود المؤتمر في معترك الحياة السياسية اليمنية ٠
سابعاً:
قاد الزعيم / علي عبدالله صالح رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام دفة قيادته في كل لُجج البحر السياسي اليمني الهائج ، وفي كل أزمنته المتقلبة ، وقد إستطاع بمهارة السياسي المحترف من أن يقود هذا الحزب الوطني العملاق كي يكون رقماً أساسياً في كل معادلات الوطن ، وهذه ميزة القائد كما سجلتها كتب المؤرخين الأوائل في العالم ، ولا غرابة مطلقاً في تأكيد صحة المقولة الشائعة بان المؤتمر الشعبي العام هو صمام أمان التجربة اليمنية ماضيها وحاضرها وباذن الله مستقبلها ، فكل المؤشرات من لدن ذو بصيرة وبعد نظر سيجد ان في القول فعل ، وان في القصة معنى وان كره الكارهون ٠
الخلاصة:
حينما تتشكل أية تجربة إنسانية في رقعة بالعالم تستمد فكرتها من نسيج فكر وعقل وطني متسامح ومنفتح على الآخر ، وأيٍ كان هذا الآخر ، ستستمر التجربة في تقدم ونما بفعل ديناميكية عوامل نجاحها من داخلها ، وهي تجربة يستفيد من خبراتها وخيراتها الوطن كله ، لأن إستلهام القيم والإفكار الناشئة من المنبت الوطني ومن تجارب الرعيل الاول من أجدادنا الأوائل تحديداً ، ومن حضاراتنا المتعاقبة الناجحة ماقبل الإسلام وبعده ، كل ذلك التراث يعد مصدر لإيقاد جذوة الفكرة وديمومتها السرمدية ، وهذه خلاصة تجربة المؤتمر الشعبي العام في ذكرى تأسيسه ، والله اعلم منا جميعاً.
﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾
محافظ مدينة عدن – رئيس جامعة عدن – رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام بالجامعه
[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:37 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-46960.htm