الأربعاء, 24-أغسطس-2016
الميثاق نت -   أحمد الزبيري -
< مناسية تأسيس المؤتمر الشعبي العام والتي نقف على أعتاب اكتمال العام الـ34 من عمر هذا التنظيم الوطني الرائد، لا يجب تناولها -والوطن والشعب اليمني يتصدى ويواجه عدواناً وغزواً واحتلالاً وحصاراً شاملاً لا مثيل لهمجيته وبشاعته- بالصورة التي كانت تجري في السنوات والفترات السابقة من خلال التركيز على إنجازات ونجاحات المؤتمر بقيادة الزعيم علي عبدالله صالح ومواجهة التحديات والأخطار التي استهدفت اليمن ووحدته وأمنه واستقراره وتطوره.. فهذا لا يحتاج الى تأكيد أو شهادة من أحد لأن شواهد ذلك تجسدها الجماهير اليمنية من أقصى الوطن الى أقصاه وتعبر عنها الفعاليات والمسيرات الشعبية المؤيدة والمباركة لنهج المؤتمر ومواقفه وقراراته الموحدة للصف الوطني، وللمزيد من تلاحمه وتماسكه في وجه الحرب العدوانية القذرة والشاملة والمستمرة منذ عام ونصف.
المؤتمر الشعبي العام يحتاج اليوم وهو يحتفل بمناسبة تأسيسه الى العمل الجدي والصادق من أجل الانتقال الى مستوى جديد ومرحلة جديدة، واتخاذ مناسبة تأسيسه نقطة انطلاق تقييمية نقدية واعية وجادة ومسؤولة لتجربته الرائدة الوطنية العظيمة.
وهذا يقتضي قراءة عميقة لتاريخ اليمن المعاصر وخاصة الفترة التي سبقت التحضير والإعداد لقيام المؤتمر الشعبي العام على أسس فكرية سياسية ديمقراطية تعكس الروح الحضارية التاريخية الأصيلة للشعب اليمني وتعبر عن آماله وتطلعاته في الأمن والاستقرار والتنمية والبناء والنهوض الحضاري الشامل..
وفي السيادة والاستقلال والوحدة والديمقراطية البعيدة عن أية تبعية أو امتدادات وتأثيرات إقليمية ودولية مضرة تبدد جهود وطاقات اليمنيين وتخرجهم عن مسارات الاستحقاقات الحقيقية لبلد وشعب عانى طويلاً من الانقسامات والاختلافات والصراعات والحروب، في وقت ينبغي فيه استعادة الشعب اليمني الانتصار لوعيه الوطني الحضاري وعلى نحوٍ يمكنه من تجاوز غفوته التاريخية وما أنتجته من أوضاع وظروف جعلته يتأخر كثيراً عن ركب التطور الانساني، ولتحقيق هذه الغاية كان لابد من توحيد القوى الاجتماعية والسياسية الحية على رؤية تقوم على قواسم مشتركة توحد أبناء اليمن على اختلاف تياراتهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم السياسية وقناعاتهم الفكرية تنبثق من تلاقيهم وتوافقهم واتفاقهم في حوار وطني وصيغة نظرية تجسدت في الميثاق الوطني على أساسها ولد المؤتمر الشعبي العام في 24 أُغسطس 1982م ليكون المظلة السياسية والإطار التنظيمي الجامع لكافة الاتجاهات اليمينية واليسارية الدينية والقومية والأممية والليبرالية.
وبطبيعة الحال والظروف التي كانت سائدة في تلك الفترة كان الوطن اليمني موحداً شعباً ومشطراً الى نظامين في الشمال والجنوب.. في صنعاء وعدن، ولمواجهة هذا الوضع تأسس المؤتمر الشعبي العام كتنظيم وطني وحدوي التكوين والبناء والتوجه والهدف وبصورة منهجية جعلت البعد الوحدوي غاية الأمن والاستقرار والتنمية حتى أصبحت الوحدة القضية اليمنية الأولى التي قدم اليمانيون وحركتهم الوطنية أعظم التضحيات وقوافل الشهداء على دروبها الوعرة لترتفع رايتها خفاقة في سماء عدن في صبيحة يوم الـ22 من مايو الأغر عام 1990م.
لقد حقق المؤتمر الشعبي ومعه كل المناضلين الشرفاء حلم الشعب اليمني والذي معه تحقق منجز الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية بما تعنيه من حرية رأي وتعبير وتداول سلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، وهنا بدأه التحدي الأول المتمثل في خروج المنضوين تحت مظلته من التوجهات السياسية الذين فضَّلوا العودة الى انتماءاتهم الحزبية الضيقة على الانتماء الوطني الجامع، وبقدر ما شكل ذلك تحدياً للمؤتمر الشعبي العام بالقدر نفسه شكل عملية تنقية وتطهير ديمقراطي لصفوفه من الفاسدين والانتهازيين وممن انضووا تحت مظلته لأسباب مصلحية وعلى رأسهم جماعة الاخوان المسلمون الذين رفضوا الوحدة بشدة تنفيذاً لأجندة خارجية لا تريد لليمن أن يتوحد ويستقر ويتفرغ لبناء دولته ونهوض وطنه.
كما وقفوا لذات السبب ضد دستور الجمهورية اليمنية ولم يبالوا بإرادة الشعب في الاستفتاء الذي شمل اليمن كلها، وكانت الحجة تكفيرية ليس ذلك فحسب، بل اعتبرت هذه الجماعة الوهابية الارهابية أن الحزب الاشتراكي كافر، اعتبرت المحافظات الجنوبية دار كفر وراحت تنفخ في كير نار الفتنة وتحويل الخلافات بين القوى السياسية الوحدوية الى صراعات وحرب ملتقية في النتيجة مع التيار الانفصالي المتطرف في الحزب الاشتراكي اليمني، وبعد حرب 1994م سعت من موقع الشراكة في الحكومة الى ضرب الوحدة الوطنية وممارسة سياسة التمكين، ولكن المؤتمر الشعبي تصدى لها وأفشل مراميها الخبيثة، وانسجاماً مع القاعدة الأثيرة لدى هذه الجماعة تحالفت مع من اعتبرتهم كفاراً وشياطين لتتمكن من النيل من المؤتمر والوطن ووحدته مستخدمة أساليبها الماكرة والخبيثة في الوصول الى أهدافها غير المشروعة، وتستمر الأمور على هذا النحو وتنتقل من التنسيق الى تحالف اللقاء المشترك الذي جمع المتناقضات مبقين لهم طوال هذه الفترة طابوراً خامساً داخل المؤتمر، متنقلين من عدائهم للوحدة ودستور دولتها الديمقراطية وصولاً الى العداء للوطن في 2011م مع هبوب رياح سموم ربيع الفوضى الخلاقة العربية ليظهر الطابور الخامس الاخواني داخل المؤتمر والدولة بوجهه القبيح، ويكون التطهير الموضوعي الثاني الذي تصور البعض أن خروج أولئك الفاسدين والمندسين سيضع نهاية للمؤتمر فلم يزده الا قوة ونقاءً، فكان هو التنظيم الوطني الذي لم تزده الشدائد والمحن إلاَّ ترسخاً وتجذراً في نفوس الشعب اليمني.
وأخيراً تشن السعودية الحرب العدوانية الاجرامية الغاشمة والغادرة الشاملة على الشعب اليمني في 26 مارس 2015م ليتساقط ما تبقى من المندسين والانتهازيين كأوراق الخريف، ولتبقى شجرة المؤتمر الوارفة استمرارية لتجدد الاخضرار السياسي الوطني الوحدوي الديمقراطي والذي عبر ويعبر عنه وقوفه جنباً الى جنب مع أنصار الله الى جانب شعبه في الدفاع عن سيادته ووحدته وحريته واستقلاله من اليوم الأول لهذا العدوان.. داعياً الى وقف العدوان ورفع الحصار وتغليب لغة الحوار لإيجاد الحلول السلمية سواء بالتفاوض مع المعتدي السعودي أو مع عملائه ومرتزقته أو «المنتفعين» كما أسماهم الزعيم علي عبدالله صالح -بلغته المتسامحة الباحثة عن مصالحة من أجل الوطن والشعب.
وعندما فشلت كل الجهود ورغم التنازلات التي قُدمت في مشاورات الكويت كان لابد من مواجهة التحديات بتوحيد الجبهة الداخلية في وجه العدوان ليأتي في هذا السياق الاتفاق الوطني بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأنصار الله وحلفائهم لسد الفراغ الدستوري بتشكيل المجلس السياسي والذي خرج الشعب اليمني من كل المحافظات مؤيداً ومباركاً له منذ إعلانه.

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 04:26 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-47018.htm