الميثاق نت -

الجمعة, 23-سبتمبر-2016
بقلم/ حمد بن سالم العلوي -
لقد بدأت فكرة التَّعاون الخليجي في عُمان، وذلك باجتماع دُعي إليه ثمانية وزراء خارجية عام 1976م، وعُقد في فندق "الخليج" آنذاك في مُرتفعات القُرم على بحر عُمان، وكان بينهم وزيرا خارجية العراق وإيران، وعلى ما أظن أنَّ جلالة السلطان قابوس المعظم - حفظه الله ورعاه - هو من افتتح ذلك الاجتماع نظراً إلى أهميته، ولن أسهب في ذكر الأحداث، ثم عادوا للاجتماع بستة وزراء في مارس من عام 1981م، في ضيافة الغبرة بمسقط استعداداً لعقد اجتماع القمة الأول، وذلك بعد شهرين في أبوظبي أي في شهر مايو من نفس العام، فتمخض عن تلك القمة "مجلس التَّعاون لدول الخليج العربية" ومنذ ذلك التَّاريخ ونحن كعُمانيين نتعامل مع هذا المجلس، على أنّه مجلس للتَّعاون ولا حتى اتحاد، لذلك ظللنا نسعى جاهدين لتحقيق تلك الأهداف التي ارتضيناها، وآمنا بها وألزمنا أنفسنا بقيمها، حتى أننا سعينا جاهدين ومبادرين لتطبيق ما كان بمقدورنا تحقيقه، فبدأنا بتشجيع الدول الأعضاء، الواحدة تلو الأخرى على اعتماد نظام التنقل بالبطاقة الشخصية للمُواطنين، وقد واجهنا مشقة وصعوبات كبيرة حتى تعمم هذا النظام، وبعد ذلك انتقلنا إلى أمور أكثر أهمية بهدف ترسيخ قيم التَّعاون، ولكن ليس من بينها خطط شن الحروب.
تُرى ماذا يُريد الإخوة في هذا المجلس، عندما نجد الأقوال لا تتوافق مع الأفعال، ففي الوقت الذي تسعى عُمان للتماهي مع الإخوة الأعضاء في سياق مُتقارب، نرى أفعالهم تشد إلى التقوقع والانعزال، وتشييد الأسوار العالية والشائكة، وتعقيد الإجراءات على المنافذ الحدودية، وكأنَّ هذا التَّعاون مدعاة لفقدان الثقة بين الأعضاء فيما بينهم، فيا سبحان الله كانت التسهيلات وسهولة الانتقال بين الدول المُتجاورة، ببساطة تامة تكاد لا تعرف متى عبرت الحدود، إلا عندما ترى اختلاف أرقام السيارات، وتغير ألوان الأعلام على المؤسسات الرسمية، فيا تُرى كيف كان سيكون الوضع، لو حُوّل المجلس من التَّعاون إلى الاتحاد، هل كان سيحق لأحد غيركم أن يتكلم؟!!!.
لقد ظلَّ التوجه في هذا المجلس يسير على وتيرة هادئة، والمواطن لا يعرف ما الذي يدور في الكواليس بين الزعماء، حتى اكتشفنا أنّ بعض مواطني هذا المجلس قد تناسوا الأهداف التي نشأ من أجلها، فعندما دعموا الرئيس العراقي الراحل، في حربه مع إيران، وقف العمانيون على الحياد، واعتبروا تلك الحرب مُضرة بالأمة الإسلامية، وخدمة فيها للأعداء، حتى هجم العراق على الكويت، وهنا لم تقف عُمان على الحياد، وكان جيشها أوَّل الداخلين إلى الكويت، وهذه مواقف تُفسر نفسها بنفسها..
أليس عمان وجلالة السلطان المعظم هو من وقف الى جانب قطر وامتنع عن سحب السفراء بعد ان طلبت منه السعودية والبحرين والإمارات ان يعمل ذلك فرفض من اجل العلاقة الحميمة التي تجمع شعوب المنطقة ولماذا تسحب السفير بدون اي سبب سوى ان قناة الجزيرة أذاعت برنامج الاتجاه المعاكس ينتقد بعض انجازات المجلس التي لم تلبّ طموح ابناء المجلس، او من عالم ديني يوسف القرضاوي يتكلم عما يدور في دولة عربية وماتقوم فيه دبي من فساد اخلاقي وضغط الثلاث دول على دولة بحجم قطر ان تسحب الجنسية منه وتمنع الجزيرة من اي تهجم على اي دولة وبالفعل لبت لهم الطلب.. أليست الجزيرة كانت ممنوعة من دخول السعودية بأنها مدعومة من اسرائيل، والسلطنة لم تنجر معهم ورغم ذلك حاولت ونجحت في تقريب وجهات النظر بعد ان شاهدت توتر العلاقات بينهم مما كان يهدد المجلس بعد ان طلبت السعودية بإخراج قطر من المجلس لانها دولة خارجة عن المنظومة لعدة اسباب في نظرهم بأن لديها علاقة قوية واتفاق دفاع مشترك مع اسرائيل وايران.. الى متى يظل البعض يشكك في مواقفنا وهي معروفة وواضحة للجميع..
ولو نرجع للتاريخ قليلاً عام 90م قبل غزو العراق للكويت فهناك ادلة قوية ان السعودية كانت متعاونة مع صدام في غزو الكويت بسبب بسيط جداً هل يعقل ان السعودية تعادي الكويت وتحشد قواتها نحو الكويت وتطالب بتسليم الشهيد فهد الاحمد من اجل تعويذة في بطولة رياضية يحق لهم اي شعار يختارونه وهم الدولة المضيفه وهو شعار قديم يدل على حرب قامت بين الدولتين قبل سنين طويلة وسحبت منتخبها من البطولة وعملت عمان مع بعض الدول على اصلاح الامور وحل المشكلة بطريقة اخوية والفضل يعود بعد الله الى جلالة السلطان.. وحرصاً على المجلس رجعت العلاقات الى طبيعتها .
ألم تطلب الامارات من السعودية ان تدعم موقفها في قضية الجزر الثلاث في عهد محمد خاتمي عندما قام بزيارة الى السعودية معتبرينه رجلاً معتدلاً وان علاقتهم قوية في عهد المرحوم سلطان بن عبدالعزيز عندما كان وزيراً للدفاع بعد تصريح عبدالله بن زايد ان السعودية هي من خرجت عن قرار المجلس في مقاطعة ايران فرد عليه انه طفل معتوه لايفهم في السياسة وعليه ان يذهب الى الروضة وان يعرف كيف يخاطب اسياده، لايهمنا الجزر بقدر مايهمنا علاقة قوية مع جارة ودولة اسلامية مثل حجم ايران تربطنا معهم روابط كثيرة..
وهناك امور خطيرة وكثيرة لا نريد الدخول فيها واحتراماً منا سوف نظل نتحمل من اجل العلاقات الاخوية والصبر له حدود ..
واليوم يخرج علينا بعض المُتقولين زاعمين أنّ عُمان تشق الصف الخليجي، لأننا لم نُشارك في الحرب على اليمن، هذه الحرب التي تزعمتها الشقيقة الكبرى كما اصطلح على تسميتها بذلك، والشقيقة الكبرى إذا قررت أن تدخل حرباً مع من تشاء، لن تجد عُمان تابعاً لها، وإلا أين الحرية السيادية للدول، ومجلسنا مجلس للتَّعاون، وليس مجلساً للحرب، وهنا الفارق الكبير بين المعنى والتسمية، والعمانيون ليسوا "ربيّع" من خطف، كما لن تجدهم "تفق برزة" إذا دعا الواجب، والجيش العُماني لديه واجب مُقدس في الذود عن حياض الوطن، ولكنه لا يشارك في سفك الدماء لمواقف شخصية.
ماذا حصلوا من نتائج الحرب غير القتل والدمار للشعب اليمني وقتل اطفاله واصبح التحالف هو المتهم بارتكاب المجازر من جميع المنظمات في هيئة الامم المتحدة.. هل هذا هو الدعم ورفع المعاناة عن الشعب اليمني.. اليوم الخسائر كبيرة من الجانبين وخاصة من قوات التحالف والحدود اصبحت من مهاجم الى مدافع اليوم السعودية والتحالف هو من يطالب بالتفاوض والحوار مثل ماطالبت عمان قبل وقوع الكارثة..
لذلك يجب على بعض مواطني مجلس التعاون أن يفهموا معنى السيادة والاستقلال، ومعنى التَّعاون الشريف بين دول المجلس، ونقول لذلك المواطن السعودي الذي ظهر في مقطع مُصور، ويعتمرُ بشتاً ويضع خلفه صورة لملك السعودية، وقد تجرأ بمُخاطبة صاحب الجلالة السلطان قابوس المُعظم - حفظه الله ورعاه - وكأنّه ند له، بأسلوب خالٍ من الأدب والمسؤولية، ونحن نعرف أنّهم لا يتمتعون بنفس الحُرية التي تمتع بها المواطن العُماني في قول الكلمة المسؤولة، فأخذ يوجه اتهامات مرسلة باطلة، تُرى من أذن له بمثل هذا الكلام وهو في الأصل لا يقوى على وضع كلمة إعجاب على منشور عابر، وهو ليس لديه دليل على ما قال، ثم تأتي كذلك جريدة "الحياة" السعودية، فتقتص صورة من جريدة سودانية، سبق ونشرت صورة لأسلحة مُهربة من ليبيا إلى السودان عام 2014م، فتلصقها في خبر على أنَّها أسلحة من عُمان إلى الحوثيين في اليمن، وكذلك تطلع علينا قناة فضائية مأجورة تسمى "بلقيس" مجهولة المصدر والمرجع فتبث سمومها، تُرى ما هذا الهراء والخبط العشواء، هل أكملتم على العالم كله بالأذى، ولم يتبقَّ لكم إلا عُمان، لكي تتهموها بمثل هذه الأباطيل؟! تُرى من سيصدّقكم أن عُمان تحولت من نهج الخير إلى عكسه، فتقوم بتهريب السلاح، وتأجيج سفك دماء المسلمين؟!.
إن عُمان لها تاريخ ناصع البياض، وعُمان لا تسعى لزعامة مزيفة، ألم تروا أنها لا تزاحمكم على رئاسة هذا المجلس؟ لأنّها تعيش الرئاسة والسيادة مع التاريخ، فلا يمنحها هذا المجلس جديداً، وإنما عُمان أرادت من هذا المجلس الخير والهناء لكل شعوب المنطقة، وربما لولا عُمان موجودة في هذا المجلس، لتفكك ،واندثر وأصبح في خبر كان، وعُدتم إلى محاربة بعضكم بعضاً، فإن كنتم لا تعرفون عُمان إلى اليوم، فأولى لكم أن تتركوا سياسة التخبط والعشوائية، فلا تُضحِّكوا الأمم عليكم.
فنحن في عُمان ظللنا منذ عام 1970م، نشق طريق الحياد في سياستنا عن كل العرب، وهذا أمر مُعلن ونُكرر قوله على الدوام، وقد ظللتم في مرجوحة السياسة، تقفزون من النقيض إلى النقيض، فإذا طبعت بكم سياسة التهور والغرور، فلا تلقوا باللوم على عُمان، فعُمان التي ظلت كالإطفائي تخمد نيران الشر والفتن بين العرب وغيرهم، فهذا قدرها أنها دولة عربية عريقة وتحمل عبء التاريخ على عاتقها، وتتقاسم معكم هذه الجغرافيا بحكم الجيرة، ولكن ليس بوسعها أن تقبل تُهم الشيّطنة والتّخوين، وعليكم التحري جيداً، قبل أن ترموا بريئاً ببهتان عظيم، والعُمانيون لا يقبلون أن تلوث سمعتهم بدم الأبرياء، وليست هذه عقيدة مستحدثة بالأمس، ولكن هذا ديدنهم عبر التاريخ، ونهج اختطه جلالة السلطان المعظم كعقيدة للسياسة العُمانية الحكيمة، وإلى الأبد بإذن الله الواحد الأحد، واليمن المُدجج بالملايين من قطع السلاح من قبل الحرب، لن يحتاج لأسلحة من عُمان، وقد شاهدناهم كيف يغنمون أحدث الأسلحة من الجيوش الهاربة، وأرقام السيارات تفك وتربط بمسمار، هذا إن كانت حجتكم رقم سيارة.

نقلاً عن جريدة »الرؤىة«
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 09:54 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-47293.htm