كتب/محمد شرف الدين - أعلن المجلس السياسي الأعلى- الأربعاء- بشكل واضح وصريح رفضه إجراء أي حوار إلاّ بعد وقف العدوان السعودي على بلادنا ورفع الحصار الجائر على شعبنا: هذا الموقف الوطني الشجاع برغم أنه جاء على لسان مصدر مسئول في المجلس السياسي إلاّ أنه يبقى موقفاً وطنياً غير قابل للمساومة بعد اليوم على الاطلاق.. نعتقد أن الرسالة وصلت واضحة للجميع: أنه لا حوار مع عملاء السعودية بعد تجربة مأساوية لحوار خادع استمر أكثر من عام ونصف ذهب ضحية هذا الحوار الخديعة عشرات الآلاف من ابناء الوطن ومقدرات الشعب اليمني التي ظل يشيدها طوال أكثر من نصف قرن من الزمن، لذا فقد جاء موقف المجلس السياسي واضحاً بتأكيده »أن أي حوار في ظل العدوان والحصار سيكون تغطية لجرائم العدوان«.
ولم يعد خافياً على أحد أن الضجيج الذي يثيره المبعوث الدولي ولد الشيخ حول استئناف الحوار يتضح أنه مجرد فرقعات إعلامية بعد أن أصبح يتاجر بكل بجاحة بالأزمة اليمنية لتحقيق وتنفيذ أجندة سعودية بعيداً عن جوهر القضايا المسببة للأزمة اليمنية، والأسوأ من ذلك أن المبعوث الدولي صار يتصرف وكأنه موظف في البلاط السعودي وليس ممثلاً لمنظمة الأمم المتحدة وأمينها العام.
ومن خلال تصريحات المبعوث الدولي يلاحظ أنه يعترف بشكل واضح بفشل تجربة الحوارات السابقة، بل إنه لم يتردد عن المجاهرة بإعلان الانقلاب على كل ما تم الاتفاق عليه في سلطنة عمان وجنيف وفي مشاورات الكويت ليذهب لتبنّي مشروع مقترحات طرحها وزير خارجية أمريكا وأعلن عنها في لقاء جدة الذي عقد مع وزراء خارجية مجلس التعاون.
وبعيداً عن التحركات المكوكية للمبعوث الدولي والتصريحات التضليلية واللقاءات الشكلية إلاّ أن ذلك كله ليس أكثر من أداء دور لمسرحية هزيلة لصرف أنظار العالم عن مآسي الشعب اليمني الذي يتعرض يومياً لحرب إبادة، ما دفع بعض الصحف العالمية لوسمها بـ»الحرب المسيَّسة«.
ويزداد المشهد قتامة عندما يمعن المبعوث الدولي في تنفيذه لتوجيهات سعودية، وبذلك تسعى السعودية إلى تحقيق أهداف عدة لعل أبعدها أنها تأتي في إطار محاولة إضعاف دور المجلس السياسي خارجياً وإعلان حرب ضده بشكل قذر الأمر الذي يوجب على المجلس السياسي أن يواجه ألاعيب المبعوث الدولي، وألا يدع مجالاً أمام السعودية أو غيرها بإعادة اللعب بورقة الحوار ثانية، وهذا يتطلب بكل تأكيد اتخاذ قرارات تعزز من موقفه، لاسيما بعد أن اتضحت العديد من الحقائق مؤخراً حيث نجد أنه منذ تشكيل المجلس السياسي عاد ولد الشيخ بالحوار الى ما قبل نقطة البداية، وليس الى اتفاق ظهران الجنوب.
وبهذا الخصوص كشفت مصادر دبلوماسية لـ»الميثاق« أن ولد الشيخ يقوم بدور العَرَّاب للتحركات المكوكية الخارجية للفار هادي وهو من يهيئ له كل اللقاءات مع المسئولين الدوليين في نيويورك ومع البنك الدولي وغيرها من المنظمات الدولية، بما في ذلك مع المسئولين الذين ظلوا يرفضون حتى التخاطب مع الفار هادي باعتباره متورطاً في جرائم قتل ضد ابناء الشعب اليمني.
وأكدت المصادر الدبلوماسية أن هذا الدور الذي قام به المبعوث الدولي في نيويورك جاء بمثابة إعلان حرب واضحة ضد المجلس السياسي وإرادة الشعب اليمني، حيث تعمد ولد الشيخ تقديمه للعالم كممثل وحيد للشعب اليمني، في محاولة استباقية لإجهاض أية تحركات دولية أو اقليمية للاعتراف بالمجلس السياسي كممثل وحيد للشعب اليمني ومعبر عن إرادته.
وأوضحت المصادر الدبلوماسية أن ولد الشيخ عمل على استغلال قمة اللاجئين لتزيين قبح أعمال هادي والتستر على بشاعة جرائمه، في الوقت الذي تجاهل فيه الاشارة من قريب أو من بعيد الى أن هناك قرابة أربعة ملايين نازح بسبب العدوان السعودي والدور القذر الذي يؤديه الخائن هادي والذي تسبب أيضاً في سقوط أكثر من 40 ألف شهيد وجريح من المدنيين.
وأوضحت المصادر أن هدف هادي والمبعوث الدولي من وراء تلك المسرحية في نيويورك ليس مساعدة الشعب اليمني، وإنما محاولة تزييف الحقائق، وأن إنصاف مظلمة الشعب اليمني يتطلب فرض هادي رئيساً عليه.
غير أن اللافت في هذا المسار الشائك أن وزراء الرباعية »أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات زائداً ايرلندا أبرز الدول الداعمة للعدوان على اليمن« عقدوا لقاءين بشأن اليمن في نيويورك، دعوا في بيان لهم الخميس، إلى إعادة "فورية" للعمل باتفاق العاشر من أبريل (اتفاق ظهران الجنوب) لوقف إطلاق النار في اليمن واستئناف المحادثات السياسية.
وطالبت أمريكا بوقف ما أسمته بهجمات القوات اليمنية كـ"ضمانة" لتأخذ السعودية خطوات باتجاه اتفاق شامل
من جانبه حث الأمين العام للأمم المتحدة جميع الأطراف على "الالتزام بشروط واتفاق 10 أبريل لوقف الأعمال العدائية".
ُيُذكر أن الاتفاق المشار إليه جرى بين ممثلي جماعة أنصار الله والجانب السعودي، وبموجبه تم الذهاب إلى محادثات الكويت التي استمرت مائة يوم وانتهت بالفشل.
وحث البيان- وفقاً لوكالة الاناضول- "جميع الأطراف على مواصلة العمل عبر لجنة التنسيق وتخفيف التصعيد لتسهيل فرض وقف الأعمال العدائية، ووقف جميع الهجمات العابرة للحدود على أراضي السعودية، بما في ذلك استخدام الصواريخ الباليستية".
الجدير بالذكر أن ولد الشيخ يروج خلال الأيام الماضية لأفكار تتعارض مع مضامين البيان الصادر عن رئاسة مجلس الأمن الدولي في التاسع من سبتمبر حول تداعيات العدوان على اليمن والتي رحب بها المجلس السياسي وأكد في بيان صادر عنه بتاريخ 15 سبتمبر- موافقته على التفاعل البنَّاء والايجابي مع الأمم المتحدة والذي جاء نصه كالتالي: وقَف المجلس السياسي الأعلى بالجمهورية اليمنية أمام البيان الصحفي الصادر عن رئاسة مجلس الأمن بتاريخ 9سبتمبر 2016م حول تطورات العدوان على اليمن، وبعد الدراسة والنقاش فإن المجلس السياسي الأعلى يعبر عن ترحيبه واستعداده وموافقته على التفاعل البنَّاء والايجابي مع الأمم المتحدة حول ما تضمنه البيان.
وفي المقابل أكد المجلس السياسي الأعلى أنه مادام هناك استمرارية للعدوان والحصار وتعنت من الأطراف الأخرى فإن خطوات المجلس السياسي الأعلى تأتي في إطار ترتيب الوضع الداخلي للبلد لمواجهة العدوان والحصار مع بقاء باب الحوار مفتوحاً حال وُجدت أي نوايا جادة من الأطراف الأخرى.
كما يؤكد المجلس السياسي الأعلى أنه وبعد وقف إطلاق النار الشامل والدائم والكامل بما في ذلك وقف الطلعات الجوية ورفع الحصار المفروض على بلادنا فإنه على استعداد لمناقشة تفاصيل مبادرة كيري في الوقت والمكان الذي يتم الاتفاق عليهما.
ومن اجل ذلك شدد المجلس السياسي الأعلى على ضرورة قيام الأمم المتحدة بتأمين عودة الوفد الوطني من مسقط إلى صنعاء للتشاور حول التعامل مع بيان مجلس الأمن وتفاصيل مبادرة كيري.
كما شدد المجلس السياسي الأعلى أن تعمل الأمم المتحدة على إلغاء الحظر الجوي على رحلات الطيران المدني لتخفيف معاناة آلاف المواطنين اليمنيين العالقين في مطارات العالم وكذلك الجرحى والمرضى الذين تستدعي حالاتهم السفر للخارج لتلقّي العلاج.
|