محمد علي عناش - أحداث 2011م المشئومة دمرت كل شيء جميل في اليمن، اختطفت الأمن والاستقرار وعكرت الأجواء بالوساخات وملأته بالإحباط واليأس، حتى ذكرى مناسباتنا الوطنية أفقدتها ألقها ورونقها حتى صارت أياماً عادية تمر في صمت وشحوب بلا ضجيج من البهجة والفرح، ليس فقط بفعل العدوان وإنما أيضاً بفعل مسخ لكينونتها العظيمة في الضمير والوعي الجمعي طوال ست سنوات. حريٌّ بنا أن نسأل ما الذي حدث؟ وان نجيب بمسؤولية وحس وطني مترفع عن الانتماءات الضيقة والحسابات الأخرى التي لاتمكنا من الخروج من الدوامة وتجاوز هذا المنعطف والمأزق التاريخي كما لاتمكنا من الانتصار على العدوان دون الانسجام الحقيقي في الرؤى والمواقف..
الذي حدث صعب أن نقرأه في موضوع واحد، وإنما يمكن ان نختصره ونختزله في سطر مليئ بالحسرة المكثفة.. الذي حدث هو لحظة بائسة وعقيمة وشاذة في الوعي الوطني، تزحزحت خارج سياق العقل والمنطق رافعةً شعار "ارحل" لكنها لم تتوقف عن التدحرج الكارثي نحو المجهول وصنع التحولات المدمرة وصولاً الى طلب العدوان ورفع شعار "شكراً سلمان". من ارحل الى شكراً سلمان انكسار وأحزان وجرف لكل جميل حتى بهجتنا بمناسباتنا الوطنية. تحل علينا اليوم الإثنين الذكرى الـ54 لثورة 26 سبتمبر المجيدة واليمن تعيش في ظل عدوان بربري من قبل جارة السوء السعودية وتحالفها العالمي الغاشم، وفي ظل فوضى مترامية الأطراف من الصعب لملمتها بسهولة بحس وطني عقيم وضيق، وخيانات وتخندقات في صف العدوان السعودي الذي يستهدف بشكل ممنهج منجزات الثورة السبتمبرية وتحولاتها العظيمة التي حدثت خلال نصف قرن.. ونحن عندما نحتفل بذكرى ثورة سبتمبر، نحتفل بيوم خالد في تاريخ اليمن أزاح عن كاهل اليمنيين حكماً كهنوتياً جائراً ومستبداً جعلهم يعيشون في عزلة وانغلاق عن العالم ردحاً من الزمن.
ثورة 26سبتمبر هي الثورة الحقيقية التي يجب ان ننتمي لها وأن ننسب لها كل شيء جميل وحدث عظيم نصنعه، هي الفرق الواضح الذي نلمسه بين الأمس واليوم، ليس اليوم الذي نعيشه في ظل العدوان وإنما اليوم الذي كنا نعيشه قبل اللحظة العقيمة والارتدادية التي حدثت في2011م.. هي الحدث العظيم الذي ينتمي اليه اربعة اجيال من الشعب اليمني من عاشوا ولمسوا إنجازاتها وتحولاتها ونعموا بخيراتها، ومنهم من عايشوا التحديات التي واجهتها الثورة والانكسارات والانحرافات في مسيرتها، وبالتالي فإن موقفنا ضد العدوان السعودي هو انتصار لثورة سبتمبر وأهدافها الخالدة، ضد عدو وقف ضد ثورة سبتمبر منذ أيامها الأولى وكان اللاعب والداعم الرئيسي للتحديات التي واجهتها والتي هدفت الى إجهاض الثورة من قبل القوى الملكية التي تكتلت وبدعم سعودي وخاضت حرباً ضروساً ضد الثورة والجمهورية طوال سبع سنوات، وسيبقى صمود الثوار والأحرار السبتمبريين طوال سبعين يوماً من حصار صنعاء شاهداً على ملحمة أسطورية للثوار والشعب اليمني في الدفاع عن الثورة والجمهورية.
موقف نابع من انتمائنا لأهداف الثورة السبتمبرية والانتصار لها ولخطها الوطني والقومي، لانه نفس العدو الذي دعم ومول حركة نوفمبر الانقلابية عام67م التي كانت حركة رجعية انكسارية للثورة الوليدة وانحرافاً عن اهدافها ومبادئها من قبل قوى قبلية ودينية وعسكرية انتهازية ورجعية مرتبطة بالنظام السعودي، تكتلت وتكالبت على تقاسم السلطة ونهب الثروة وإثارة الصراع الشطري وعرقلة أي خطوات جادة في اتجاه الوحدة حسب الإملاءات السعودية، هي نفس القوى التي تقف اليوم في خندق العدوان وتسكن فنادق الرياض وتقتح الجبهات وتمولها بمال وسلاح سعودي وإماراتي في مأرب وتعز والجوف وحجة ونهم وفي كل الجبهات، هي نفس القوى التي تآمرت على ثورة سبتمبر حين قامت بإسقاط وإلغاء أهدافها من ترويسة صحيفة «الثورة» في سبتمبر2011م ووضعت مكانها اهدافاً اخرى.
من هنا يجب ان نحتفل بذكرى ثورة سبتمبر المجيدة ونشعل جذوتها في ضمير ووعي ابناء الشعب اليمني لإنها الثورة الأم التي ننتمي لها، وعلى الشعب الوقوف ضد القوى التي انحرفت عن مسار ثورة سبتمبر طوال سنوات وبدأتها بشعار «ارحل» ثم واصلت مسيرة التآمر على منجزاتها التاريخية وتحت شعار «شكراً سلمان»..ثورة 26سبتمبر مستمرة ضد العدوان ومستمرة في ثوريتها حتى بناء الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة.
|