الميثاق نت -

الثلاثاء, 27-سبتمبر-2016
عباس غالب -
يحتفل اليمنيون اليوم بالعيد الرابع والخمسين لثورة 26 سبتمبر المجيدة.. وهي مناسبة وطنية جليلة تحتم علينا جميعاً وبخاصة قادة العمل السياسي المنقسمين على أنفسهم بين الداخل والخارج أن يستحضروا في أذهانهم وقلوبهم على حد سواء المضامين العظيمة والدلالات والمعاناة القاسية التي طبعت مراحل ما بعد تفجيرها في عام 1962م.. وانطلقت باليمن من عهود الضلالة والانغلاق إلى آفاق الانفتاح والتحديث.
وللتدليل على ذلك فإن من عاش مطلع الستينيات من الآباء والأجداد يتذكرون أن تلك الأيام والسنين من القرن المنصرم كانت في ظروف بالغة التعقيد والحساسية بالنظر إلى المخاضات الموضوعية التي ترسخت فيها مداميك الثورة والتي مثلت بالنسبة للإقليم خروجاً عن المألوف والسائد الذي ظل يتربص بالثورة منذ ذلك الحين وحتى اليوم ويضع العراقيل أمام انطلاقاتها وإلحاقها بالعصر.. وأعني بذلك النظام السعودي الذي اعتبر تلك الثورة بمثابة الخروج من بيت الطاعة ولذلك ظل يحشد فلول الملكيين ويمد المرتزقة بالمال والسلاح طيلة سبعة أعوام متواصلة حتى فرج الله على قوى الثورة بفضل صمودها البطولي الذي تُوّج بانتصار ملحمة السبعين يوماً 1967م.
لقد كشفت الحقائق بعد المصالحة أنها لم تكن غير ورقة مساومة للانقضاض على الثورة في أية فرصة تلوح في قادم الأيام.
ولا شك أن ما نشهده اليوم وبعد أكثر من عام ونصف العام من العدوان والحصار على الشعب اليمني من قبل النظام السعودي وحلفائه ومرتزقته، يعيد إلى أذهاننا تلك الظروف العصيبة التي واكبت الثورة اليمنية منذ انطلاقتها، خاصة وقد حاول النظام السعودي -من خلال هذا التدخل الذي لا يزال قائماً -تركيع الشعب وإعـادة المشهد إلى ما قبل ثورة 26سبتمبر.
وبعـد.. فإن هذه الفترة من العدوان والحصار وما نجم عنهما من المعاناة.. ها هي صورة مخططات هذه العدوان تتضح بجلاء فيما يمكن أن ترسمه لمستقبل اليمن من خلال جملة من المؤشرات، حيث يتضح الأول جلياً في توسيع رقعة العدوان ومحاولة إلحاق اكبر الضرر بالمدنيين عقاباً لهم على الصمود والاستبسال بالتوازي مع تشديد قبضة الحصار التجاري.
أما الشق الآخر من صورة هذا المخطط فتمثل ببدء العمل في الإيحاء للعملاء والمرتزقة بإطلاق الرصاص على الوحدة اليمنية من خلال سلسلة الإجراءات ذات الصلة بالوضع المالي والنقدي حيث بدأ هذا المؤشر بإقدام سلطة الخارج على اتخاذ قرار نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن.. وهو ما سيرتب من أعباء إضافية وخطيرة على الشعب اليمني بالنظر إلى التعاملات البنكية والمالية والنقدية التي يضطلع بها بنك البنوك، الأمر الذي يضاعف من معاناة اليمنيين, فضلا عن خطورة هذا الملف بالنسبة لإعادة التموضع التشطيري.
الآن وبعد هذا العدوان والحصار وتردي الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية التي ألحقت العدوان بمختلف القطاعات والفئات والبنى الأساسية التي دُمرت تحت سمع وبصر العالم الذي يلوذ في صمت مريب, بل ويتقاضى رشاوى على ذلك! .بعد كل هذا.. من المفترض أن يمتلك أصحاب القرار السياسي في المجلس السياسي الأعلى رؤية واقعية موضوعية لإيجاد المعالجات الكفيلة بوضع حد لهذه المعاناة.. وحسناً أن بدأت خطوات المجلس السياسي تتضح في هذا الاتجاه الذي تجلّى في إعلان قرار العفو العام و وضع الآليات الكفيلة بتطبيقه بعيداً عن المزايدات وبحكمة تستحق التثمين.. وهي خطوة تنظر إليها كافة الأطراف السياسية والمجتمعية بعين التفاؤل ومن ثم مباركتها باعتبارها خطوة أولى على طريق رحلة الألف ميل في اتجاه تحقيق المصالحة الداخلية وإيجاد المعالجات الموضوعية لإيقاف تدهور الوضع العسكري والاحتراب الداخلي وبصورة تعزز وحدة الاصطفاف لمجابهة عـدوان الخارج.
***
وفـي هـذا الصدد أعجبني طرح اللواء حسن أحمد هيج محافظ الحديدة عشيـة الاحتفالات بيوم 21 سبتمبر عندما أشار إلى ضرورة العمل على حقن دماء اليمنيين والاتجاه إلى سلام الشجعان الذي لا يقدر على فعله غير القادة العظماء.. وهي رؤية وطنية شجاعة تنم عن حكمة وحرص على تجنيب بلادنا الانزلاق أكثر إلى مربعات هذا الاحتراب الذي يقود حتماً إلى تحقيق تطلعات أصحاب المؤامرة الخارجية الهادفة ضرب السلم الاجتماعي بين اليمنيين أولاً ومن ثم إجهاض تطلعاتهم في ترسيخ مقومات الوحدة والاستقرار والتنمية، خاصة أولئك الذين أفنوا جهودهم طيلة العقود المنصرمة لدق إسفين الفرقة بين اليمنيين وإسقاط حلمهم في الانتصار لتأصيل هذه المتغيرات واللحاق بالعصر.
وأنا في هذا الحيز لا أشيد أو أثمن موقف الاخ المحافظ هيج فحسب وإنما أشير إلى أن الوقت قد حان للتأمل في مضامين هذه الكلمة الضافية وكل قول صادق وحريص على المصلحة العامة من أجل تجنب الوقوع في براثن مخططات العدوان التي تهدف أكثر مما تهدف إلى طمس معالم النظام الجمهوري الذي ناضل من إجله اليمنيون طويلاً.

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 04:55 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-47341.htm