- عدوان سعودي بربري وهمجي يستهدف الوطن بكامله دون استثناء بمكوناته ،الأرض ،الإنسان ، التاريخ .
هذه المرة كان الهدف صنعاء القديمة التي مازالت جراحاتها تنزف بسبب الدمار الذي ألحقه العدوان بعدد من منازلها القديمة الشامخة منذ آلاف السنين ودفن ساكنيها تحت ركام ياجورها وأخشابها.
الحقد السعودي يعمق جراحات قلب كل يمني بقصفه مدينة سام عاصمة اليمن وتوجيه صواريخه اللعينة لاستهداف حاضرة اليمنيين.. للمرة الثالثة أفرغت طائرات العدوان حقدها على المدينة وأهلها مستهدفاً حي المدرسة وجهاز الامن القومي وما خلفه من منازل في حارة صلاح الدين وحارة البكيلية من أقدم الاحياء في تاريخ المدينة.
صحيفة «الميثاق» زارت المناطق المستهدفة في مدينة صنعاء القديمة في محاولة لنل صورة عما تعرضت له هذه المدينة وحجم الأضرار والخراب والذي أصاب منازل ومباني ساكنيها.. فإلى الحصيلة..
استطلاع/ محمد أحمد الكامل
فور وصولنا الى جوار جهاز الأمن القومي حاولنا تجاوز الحاجز الأمني المفروض في محيطه والوصول الى المنازل التي تم استهدافها خلف الجهاز وتحديداً حارتي صلاح الدين البكيلية الا انه تم منعنا رغم محاولتنا، واعتذر الجندي بشدة وقال: بإمكانكم الذهاب الى نهاية الشارع فهناك يقع منزل الحاج محمد المسوري الذي تم استهدافه أيضاً وبعض ابناء حارة المدرسة ممن تضررت بيوتهم بشكل كبير.
ليلة الهجرة المرعبة
انتقلنا الى حارة المدرسة.. بيوتاً خاوية تشكو نزوح جماعي لسكانها بعد ليلة مرعبة عاشها الحي وسكانه، وأخرى تراها أشبه بأطلال بدون ابواب او نوافذ وجدران متعددة الثقوب نتيجة الشظايا المتطايرة في نفس الليلة التي استهدفت فيها طائرات العدوان السعودي صنعاء القديمة للمرة الثالثة صباح فجر الثلاثاء الموافق 20/9/2016م .
جوار منزل الحاج محمد المسوري يجلس مجموعة من الشباب من ابناء الحي وعند سؤالنا عن وجود احد أقربائه منهم تحدث احدهم قائلاً: لا يوجد احد من بيت المسوري او غيره ونحن هنا نحرس الحارة، وقال علي عبدالله عطية: نحن شباب حارة المدرسة نقوم بحماية المنازل المتضررة بعد ما حصل من نزوح وإخلاء للمنطقة، موضحاً انه في تمام الساعة الثانية وعشرين دقيقة ونحن نيام في امان الله سمعنا صوت انفجار واتجهنا الى مكان الصوت لنجد ان بيت الحاج محمد المسوري تم قصفه وبعد حالة من الصياح والرعب دخلنا البيت أطفال ونساء اللي يبكي واللي مدوخ واللي لسه مش مستوعب ما حصل اخذنا الجرحى والشهيد الحاج محمد المسوري رحمة الله تغشاه الذي كان نائماً في فراشه:
لم يكتف العدوان وطائراته بذلك حيث جددت من غاراتها ولكن هذه المرة على البيوت المحيطة بجهاز الأمن القومي وما طال البيوت الاخرى من أضرار متفاوتة الى جانب تساقط شظايا فوق الناس.. وقال علي: بعد إخراج الأهالي وسكان الحارة قمنا بعمل حزام امني حول الحارة وحمايتها كتصرف طبيعي في هكذا حالة.. وأطلق نهدة حزينة وقال: ان ماحدث اعتداء لن ننساه ابداً فقد تمزقت قلوبنا ونحن نشاهد النساء والاطفال والشيوخ وهم يغادرون بيوتهم في الساعة الثالثة فجرا بحثاً عن ملاذ آمن، هذه من الاشياء التي ستعلق بجدار ذكرتنا على الاطلاق.
أما إبراهيم يحيى العروسي من أبناء حي المدرسة أوضح قائلاً: ان الغارات الهيستيرية التي طالت صنعاء القديمة تجاوز عددها التسع غارات حيث استهدفت حي المدرسة وحارة البكيلية وحارة صلاح الدين والمقشامة خلف الامن القومي.. مؤكداً أنه ورغم هذه المجازر وجرائم الابادة بحق الشعب اليمني ومن ذلك استهداف صنعاء التاريخ والحضارة لن ننكسر وسننتصر وما يقومون به العدوان السعودي هو دليل ضعف وفشل ذريع وحقد موغل، لكن صنعاء دائماً ما كانت عصية وستظل عصية.
رئيس الهيئة العامة للآثار الأستاذ مهند السياني قال لـ«الميثاق»: في الواقع لم أجد مبرراً مقنعاً لاستهداف اليمن اجمالاً فما بالك باستهداف الآثار والتراث ومدينة صنعاء القديمة.. ان استهداف مدينة صنعاء التاريخية ليس استهدافاً لليمن فحسب بل للإنسانية كون هذه المدينة إحدى المدن المسجلة في قائمة التراث العالمي.. موضحاً ان آخر إحصائية تم الحصول عليها هي 76 معلماً وموقعاً اثار تم حصرها في بعض المحافظات.. مؤكداً أنه لم يترك العدوان صوت المنظمات ولا للمناشدات ولا للاتفاقيات التي تنص على عدم الاعتداء على المعالم والمواقع والمدن التراثية ولهذا اليونيسكو وغيرها تصدر بيانات وتبذل جهداً ولكن لا حياة لمن تنادي.
أما نائب رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية المهندس نبيل منصر، ان إفلاس العدوان وتخبطه وحقده على الشعب اليمني، وعدم قدرته على تحقيق أي من أهدافه دفعه الى استهداف التاريخ اليمني من خلال استهداف المواقع التراثية والتاريخية حيث استهدف سد مأرب التاريخي وعرش بلقيس وقلعة القاهرة في تعز ومتحف ذمار الإقليمي ومدينة كوكبان.. الخ من المواقع التاريخية ومدينة صنعاء القديمة.
جرح القلب
وقال المهندس نبيل منصر ان مدينة صنعاء القديمة كان لها النصيب الأكبر من هذه الاعتداءات الهمجية حيث قام طيران العدوان السعودي بقصف بشكل مباشر حي القاسمي في يونيو 2015م وحي الفليحي في سبتمبر من نفس العام بالإضافة الى قصفها للمرة الثالثة الاسبوع الماضي..
مشيراً إلى أن الأضرار الناتجة عن قصف مدينة صنعاء القديمة وتحديداً القاسمي أدت الى تدمير 6 مبانٍ تاريخية تدميراً كاملاً، ومبنيين تدمير شبه كامل، و11 مبنى تعرضت لأضرار متفاوتة، أما في حي الفليحي فقد دُمّر مبنى كلياً و9 مبانٍ تدمير جزئي و90 مبنى تعرضت لأضرار متفاوتة: اما الضربة الأخيرة التى استهدفت حي المدرسة فمن خلال المعلومات الأولية فقد أسفر العدوان عن تدمير مبنيين تدميراً شبه كلي، وتضرر أكثر من 50 مبنى بأضرار متفاوتة.
وتابع قائلاً: وهناك أضرار كثيرة ناتجة عن الاهتزازات الشديدة الناتجة عن الانفجارات الكبيرة غير بعيدة عن المدينة كتلك استهدف نقم وعطان، حيث تشققت الكثير من المباني التاريخية بسبب ضعف هياكلها ومواد البناء التقليدية البسيطة.
بالرغم من التحذيرات والإدانات الدائمة من منظمة اليونيسكو كون مدينة صنعاء القديمة مسجلة منذ العام 1986م في قائمة التراث العالمي ومحمية بموجب اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لسنة 1972م لكن لم تحد نفعاً أمام إرهاب هذا العدوان..
وناشد عبر صحيفة «الميثاق» المنظمات الدولية ذات العلاقة بالتعاون مع اليمن لمقاضاة العدوان على ارتكابه هذه الجرائم والعمل على إيقاف هذه الاعتداءات. اتفاقية لاهاي عام 1954م والبروتوكولين الإضافيين بتجريم استهداف التراث أثناء النزاعات المسلحة.
مطالباً منظمة اليونيسكو أن تقوم بواجبها وتتحمل مسؤوليتها تجاه هذه الجرائم التي تقترفها دول العدوان وتتخذ جميع الإجراءات القانونية ضدهم، كون هذه الخروقات تمثل جرائم دولية بحق الإنسانية جمعاء.
صنعاء رغم جروحها لكنها تقف شامخة.. حتى منازلها ماتزال واقفة تتحدى العدوان وصواريخه وطائراته..
صنعاء قلب اليمن لن تسقط وستظل عصية على الأعداء الى أن تقوم الساعة.
|