- رفض دولي لنقل البنك المركزي
أعاد قرار الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي بنقل المقرّ الرئيسي للبنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن وتغيير مجلس إدارته، إلى الأذهان العقوبات الاقتصادية الظالمة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مجلس الأمن على العراق وليبيا والتي أدّت إلى قتل ملايين الأطفال في البلدين الشقيقين وتجويع شعبيهما.
وأكد مراقبون لـ "الميثاق" أن القرار الأخير للفار هادي يهدف إلى إحكام الحصار الاقتصادي وتعويض الإخفاق العسكري في الميدان والهزائم المتتالية في كل جبهات القتال منذ بدء العدوان في الـ 26 من مارس 2015، والإمعان في نفس الوقت في خنق الشعب اليمني اقتصادياً وتجويعه في ظل حصار برّي وبحري وجوي ومنع دخول سفن المساعدات الإنسانية والشحنات التجارية عبر ميناء الحديدة الذي أصبح المنفذ البحري الوحيد لليمنيين.
وأوضح المراقبون أن قرار هادي يأتي عقب قرار مماثل بإغلاق مطار صنعاء الدولي منذ الـ 9 من أغسطس الماضي، وهو ما أدّى إلى حرمان آلاف المرضى والطلاب ورجال الأعمال من السفر إلى الخارج ومنع آلاف العالقين من العودة إلى وطنهم.
ولفتوا إلى أن ذلك القرار غير الدستوري وغير القانوني يأتي في إطار التصعيد، عبر السعي لإفشال أي فرصة لاستئناف مشاورات السلام المعلّقة منذ الـ 6 من أغسطس، ووضع العقبات أمام التوصّل إلى أي حل سياسي شامل وكامل، وبالتالي إطالة أمد الحرب وزيادة معاناة اليمنيين.
وأشار المراقبون إلى أن قرار هادي يتزامن مع تداعيات مالية واقتصادية كبيرة بسبب استمرار العدوان، وأبرزها تراجع الإيرادات العامة للدولة والنقص الحاد في السيولة النقدية وتراجع العملة المحلية "الريال" في سوق الصرف، وتآكل الاحتياطيات من النقد الأجنبي، بخلاف ارتفاع معدّلات الفقر والبطالة وانهيار الخدمات الأساسية.
وقالوا: إن 21.2 مليون شخص في اليمن في حاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية، منهم 14.4 مليون شخص غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية، ويفتقر 19.4 مليون إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، بالإضافة إلى أن أكثر من 3 ملايين شخص قد فرّوا من منازلهم إلى مناطق أخرى داخل اليمن أو إلى بلدان مجاورة.
وأكد المراقبون أن قرار هادي بنقل البنك المركزي من شأنه أن يحرم أكثر من 1.2 مليون موظّف في الجهاز الإداري للدولة من مرتّباتهم ومستحقّاتهم المالية، وخاصةً في المحافظات التي لا تخضع لسلطة هادي، في حين أن البنك المركزي بقيادة المحافظ محمد عوض بن همام يتمتّع بالحيادية والشفافية، وكان مسؤولاً عن كل موظّفي الدولة في شمال وجنوب الوطن.
وأوضحوا أن هادي اتّخذ القرار على الرغم من رفض صندوق النقد والبنك الدوليين والدول والمنظّمات المانحة ورعاة العملية السياسية، متجاهلاً التحذيرات الدولية من خطورة وتبعات مثل هذا القرار على الاقتصاد الوطني والعملة المحلية والاحتياجات الأساسية لملايين اليمنيين.
وأكدوا أن ذلك القرار جاء على الرغم من إصدار أعضاء مجلس الأمن بيان صحفي في الـ 9 من سبتمبر، شدّدوا فيه على أن أي ترتيبات سياسية جديدة يجب أن تكون ناتجة عن اتفاق مبني على المفاوضات الجارية برعاية الأمم المتحدة، وليس كنتيجة لإجراءات أحادية الجانب من قبل أي طرف.
وقال مصدر مسئول في جمعية البنوك اليمنية إن اجتماعاً عقد بالبنك المركزي اليمني برئاسة محمد عوض بن همام والدكتور محمد أحمد السيّاني، ومدراء عموم البنوك العاملة في اليمن لتداول التطورات الأخيرة المتعلّقة بوضع البنك المركزي اليمني.
وأوضح المصدر أن الاجتماع أكد على استمرار تعزيز الثقة بالجهاز المصرفي وضرورة بذل المزيد من الجهود والتعاون وبث الطمأنينة في نفوس عملاء البنوك وجمهور المتعاملين من أجل استمرار العمل المصرفي واستقراره بما يخدم الاقتصاد والمصلحة العامة للبلاد بشكل عام.
وأكد المصدر أن كافة أعمال البنك المركزي والبنوك التجارية ستستمر بشكل طبيعي وكما هو معتاد وليس هناك ما يدعو للقلق.
خطوة متهوّرة
ووصف المجلس السياسي الأعلى في بيان قرار هادي بأنه خطوة متهوّرة وغير مسبوقة تعبّر عن حالة اليأس والتخبّط التي وصل إليها النظام السعودي وأعوانه ومرتزقته في الرياض.
وقال: إنه في سياق التصعيد المستمر وغير المبرّر لهذا العدوان الهمجي والغاشم الذي يشنّه تحالف دول العدوان بقيادة النظام السعودي ضد بلادنا منذ أكثر من عام وسبعة أشهر ارتكب خلالها أبشع الجرائم والمجازر البشرية في حق أبناء الشعب اليمني وبصورة يندى لها جبين الإنسانية بالإضافة إلى قيامه بتدمير البنية التحتية الاقتصادية والتنموية وكافة مقدّرات الشعب ومقومات حياته المعيشية، أصدر هادي المنتهية ولايته قراراً بتغيير مجلس إدارة البنك المركزي اليمني ونقله إلى مدينة عدن في تصرّف أرعن يعكس حمق الرجل وإفلاسه ومدى ارتهانه لأعداء الوطن وباعتباره مجرّد أداة بيد تحالف دول العدوان وعلى رأسها الكيان السعودي لتنفيذ المخطّطات والسيناريوهات والاستراتيجيات المرسومة من قبل النظام السعودي لتدمير اليمن.
وفيما دان المجلس السياسي هذا التصرّف اللامسئول الصادر من جهة لا تملك أي شرعية وكل ما يصدر عنها غير شرعي، فإنه أكد على أن قانون البنك المركزي وغيره من القوانين والأنظمة المصرفية المعمول بها والمتعارف عليها لا تجيز ولا تسمح بنقله.
كما يأتي هذا التصرّف في سياق ضرب الوحدة الوطنية وتفتيت الدولة اليمنية فضلاً عن تناقضه كليةً مع القرارات الدولية التي تؤكد على وحدة اليمن أرضاً وإنساناً.
وأكد أيضاً على أن الإقدام على هذه الخطوة قد جاء ردّاً على التوجّهات الجادة والفعّالة للمجلس السياسي الأعلى والمتمثّلة في إقرار حزمة من القرارات والمعالجات الاقتصادية التي تستهدف تحسين المستوى المعيشي للمواطنين والتخفيف من معاناتهم.
وأوضح البيان: "لقد حرصنا ومعنا المجتمع الدولي على تحييد ومهنية هذه المؤسسة الوطنية وإبقائها بعيداً عن أي صراع سياسي يؤثّر على أدائها ومهنيتها وبما يكفل خدمة المواطنين على الوجه الأمثل والمطلوب، ووصولاً إلى تعزيز عوامل الاستقرار الاقتصادي والمصرفي والمعيشي بوجه عام رغم الحصار الاقتصادي الجائر على بلادنا".
وأضاف: "إننا في المجلس السياسي الأعلى إذ نرى أن هذا التصرّف من الناحية القانونية في حكم العدم ونعتبره استمراراً للعدوان على اليمن، لنؤكد على استمرار أداء ووظائف البنك المركزي اليمني في صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية وفقاً للدستور والقانون النافذ وعدم السماح بجرّه إلى أتون الصراعات والخلافات السياسية وأن يمارس مهامه بكل حيادية وشفافية".
ودعا المجلس السياسي المجتمع الدولي وفي مقدّمته المؤسسات المالية والنقدية الدولية ذات العلاقة إلى التمسك بموقفها المبدئي الرافض لمحاولات نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء واستمرار دعم قيادته برئاسة محمد بن همام وأن تتحمّل مسئولياتها القانونية والإنسانية والأخلاقية حمايةً لحق الشعب اليمني في الحياة الحرّة الكريمة.
وأكد أنه لن يألو جهداً في اتّخاذ كل الإجراءات والخطوات الاستراتيجية لمواجهة وإفشال كل المخطّطات الرامية إلى الإضرار بالشعب اليمني أياً كان مصدرها، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن الشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه المجتمعية والسياسية وبقيادة المجلس السياسي الأعلى قادر بثباته وصموده على تحقيق انتصارات اقتصادية تضاهي تلك الانتصارات والإنجازات الميدانية التي أذهلت العدو قبل الصديق.
قرار ارتجالي
بدوره أكد نائب رئيس المجلس السياسي الأعلى الدكتور قاسم لبوزة أن القرار الأخير للفار هادي بنقل البنك المركزي إلى مدينة عدن لا يمثّل مصدراً لأي قلق كونه ارتجالياً ومخالفاً لقانون البنك المركزي رقم 14 لسنة 2000م.
واعتبر الدكتور قاسم لبوزة خلال لقائه رئيس مجلس التنسيق الأعلى للأحزاب والقوى السياسية ومنظّمات المجتمع المدني آمال الثور وأعضاء المجلس، اعتبر قرار هادي المنتهية ولايته، يهدف للإثارة وإقلاق العامة.
واستبعد الدكتور لبوزة أن يتأثّر العمل المصرفي بهذا القرار، مؤكداً استقرار عمل البنك المركزي وبقية البنوك في عموم المحافظات.
ولفت الدكتور لبوزة إلى الأهمية المعوّلة على اللجنة العليا للإشراف وتحفيز العمل الرقابي الصادر بتشكيلها قراراً رئاسياً مؤخّراً للتنسيق مع البنك المركزي والجهات المعنية لإقرار آليات معالجة الأوضاع الراهنة والحد من تداعيات العدوان بخاصةً في الجوانب الاقتصادية.
|