عباس غالب -
ستبقى الانتخابات الرئاسية والمحلية التي جرت في العشرين من سبتمبر العام الماضي ماثلة في الأذهان لوقت طويل في حياة اليمنيين، بالنظر إلى أنها جرت في ظل أجواء تنافسية حقيقية بين المرشحين في هذه الانتخابات، وخاصة بين مرشحي المؤتمر الشعبي العام، ومرشحي أحزاب المعارضة «المشترك» فضلاً عن كون هذه الانتخابات حظيت باهتمام ومتابعة إقليمية ودولية شهدت لها ـ هذه الدوائر ـ بأنها جرت في أجواء من التنافس والنزاهة والشفافية..
ومن يتذكر تلك الأجواء وممارسة المرشحين وخاصة المتسابقين للفوز بكرسي الرئاسة وهم يعبرون عن برامجهم الانتخابية ويتسابقون إلى كسب ثقة الناخبين، يشعر بالفخر والاعتزاز لحقيقة الانتقالة الحضارية التي قطعها النظام السياسي في الوفاء بالتزام المضمون الصادق والحقيقي لمبدأ التداول السلمي للسلطة.
ولعل الكثيرين من المؤتمريين والمستقلين الذين يحبون الرئيس/علي عبدالله صالح ويثقون بقدرته وحنكته وحكمته قد خامرهم القلق من قوة وتأثير مرشح «المشترك» وبالتالي النتائج التي قد تؤول إليها تلك الانتخابات.
وهذا الأمر لا يقتصر على اليمنيين، بل شمل آخرين في الخارج، فلقد قال لي رئيس الوزراء الأثيوبي/ميليس زيناوي عندما أجريت معه حديثاً صحفياً عقب الانتخابات الرئاسية اليمنية: "لقد كنا نتابع بقلق سير الانتخابات اليمنية، وتابعنا الحرية الكاملة للمرشحين وما طرحوه، حيث أعجبت بهذه التجربة وأعتبرها أنموذجاً وقدوة".
وأضاف: "لقد فرحنا بفوز الرئيس/علي عبدالله صالح؛ لأنه الأقدر من وجهة نظرنا على قيادة اليمن إلى آفاق المستقبل، فلقد خاض الانتخابات بشفافية وشجاعة".
إنني أتذكر ـ أيضاَ ـ التقارير المحايدة من كثير من المنظمات غير الحكومية والدولية المعنية بالانتخابات وهي تشير عقب تلك الانتخابات إلى الحرية والشفافية والحيدة التي جرت فيها الانتخابات اليمنية، حيث اعتبرت أن اليمن قدم أنموذجاً يحتذى به في المنطقة التي لا تعترف كثير من الأنظمة فيها بحق الآخرين في الترشح للمنافسة الحقيقية والجادة على منصب رئيس الجمهورية.
شيء آخر لايزال في الذاكرة ونحن نعيش استذكار مرور عام على إجرائها وهو أن الرئيس/علي عبدالله صالح لم يكتف بقواعده الجماهيرية الواسعة والكبيرة أو بقدرة أداء حزبه الكبير في تأمين الظروف لنجاحه في هذه الانتخابات؛ بل نزل إلى الميدان أسوة بغيره من المرشحين؛ وخاطب الجماهير، وتحمل مشاق السفر ليجدد للناس مسؤولياته الكبيرة القادمة في تأمين سلامة المسار لاستكمال البناء، وهو ما تمثل جلياً في برنامجه الانتخابي الذي يعمل بوتيرة عالية على تنفيذ مضامينه.
وكم كنت أتمنى من زملائي الصحافيين الذين رافقوا فخامته خلال جولته الانتخابية أن نقرأ شيئاً أو بعضاً من خصوصية الأداء الذي تميز به الرئيس/علي عبدالله صالح وحكايات عن هذا الأداء، خاصة وقد سمعت من بعضهم قصصاً يحق أن تروى؛ ومنها تلك التي وقف فيها موكب الرئيس في محافظة الضالع خلال مهرجانات الدعاية الانتخابية أمام تظاهرة حاشدة ترفع صور مرشح المعارضة (بن شملان) وتردد أهازيج وعبارات الانتقاد للرئيس/علي عبدالله صالح، فما كان من فخامته إلا أن نزل إلى الناس وحيّاهم ودعاهم إلى ممارسة حقوقهم كاملة في التعبير عن آرائهم دون خوف.. ودعا لهم بالتوفيق والنجاح.
لقد قال لي الزميل/عبدالكريم صبرة، أحد الصحافيين المرافقين لرئيس الجمهورية خلال تلك الحملة إنه تأخر بعد مغادرة موكب الرئيس ليرصد انطباعات المواطنين المحتشدين في تلك التظاهرة، حيث أصابته الدهشة وهو يراهم يرمون بصور المرشح (بن شملان) ويهتفون بحياة الرئيس/علي عبدالله صالح.
وعندما سألهم عما تغير في الأمر؛ قالوا بصراحة: "لم نكن ندرك أن علي عبدالله صالح بكل هذا التواضع، فلو كان رئيس غيره لما أعارنا أي اهتمام".
وأضافوا: "لنا أسبوع نحمل صور بن شملان وهو لم يكلف نفسه الوصول إلينا"!.
هذه واحدة من الصور الكثيرة التي جعلت الرئيس/علي عبدالله صالح يحظى دوماً بثقة الناس، حتى أولئك الذين يختلفون معه.