الميثاق نت -

الإثنين, 17-أكتوبر-2016
محمد علي عناش -

بالتأكيد أن هذه الهمجية التي تشنها وترتكبها السعودية على اليمن، تقف خلفها همجية دولية واسعة النطاق، ويتسع نطاقها بقدر غزارة ماتدره البقرة الحلوب من نفط ومال، ولايهم في المقابل ماتدره أيضاً من تخلف وتطرف وإرهاب وسموم قاتلة لثقافة التعايش والسلام والحوار في العالم.. هل هو قدر علينا نحن اليمنيين أن ندفع هذا الثمن الباهظ فقط لأننا نسكن الى جوار هذه البقرة الحلوب حتى يتكالب علينا بغاة العالم من تجارالحروب والسلاح والمنافقين من تجار المواقف الساقطة أخلاقياً وانسانياً، لحماية مصالحهم مع هذه البقرة الحلوب وأيضاً لحماية هذه السعودية لأنها وراء ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط من كوارث ومآسٍ.
ليس قدراً علينا أن ندفع كل هذه الكلفة الباهظة فقط لأننا بجوار جار سوء وهمجي، وإنما لأن هناك سقوطاً وانحطاطاً كبيراً في سياسة الأمم وثقافتها، هناك مشاريع دولية قذرة تنفذ وتمرر على حساب هذا الكم الكبير والهائل من الدمار والخراب وهذا النزيف الغزير من الدماء العربية.. كنا ننشد الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ونناضل من أجل إصلاحات سياسية ومعيشية، كنا نقيم انتخابات كل أربع سنوات ونخطو ولو بشكل بطيئ باتجاه بناء المجتمع الديمقراطي، غير أن الهمجية الثورية ثم الهمجية السعودية أعادتنا الى زمن السبايا وأسواق النخاسة، وأحالت مدننا العربية العريقة الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ كصنعاء ودمشق والموصل وحلب إلى أطلال من الخرائب وأكوام الدمار البشع والممنهج، صارت تسكنها الأشباح، تنوح وتحكي في صمت ما فعل بها الهمج الجدد القادمون من صحراء الجزيرة العربية ومن خلفهم همج الكابوي ورعاة البقر.
كما أن الهمجية أعادتنا الى زمن المحتل والمستعمر للبلدان، وما يحدث في شمال سوريا والعراق من قبل القوات التركية ومايحدث في محافظاتنا الجنوبية يؤكد هذا الانحدار والسقوط الأخلاقي للعصر ولسياسة واهداف الدول الكبرى.. هو احتلال وإن تلبَّس بأثواب اخرى وتذرع بمبررات سخيفة ولا أخلاقية ، هو احتلال بكل المقاييس والكابتن هنس لم يغادر ارض الجنوب فمايزال هناك يمارس الاعتقالات والاهانات والاستبداد ومسخ الهوية، بل وتجاوز ذلك الى شراء الجزراليمنية وتملكها من قبل مرتزقته التاريخيين، كما أن تكالب البوارج والسفن الأمريكية الى السواحل اليمنية واختلاق المبررات الكيدية والسخيفة كحكاية ومبررات السفينة الاماراتية ثم الأمريكية يؤكد حجم النوايا المبيتة لاحتلال سواحلنا والسيطرة على مضائقنا.. المستعمر الجديد ينطلق من همجية راسخة ومتجذرة في ثقافته وسياسته واهدافه، وتجلى في ممارساته ومراوغاته على أعلى المستويات..
ومن المؤسف ونحن نعيش الذكرى الـ53 لثورة 14 أكتوبر المجيدة، وفي ظل الوضع الحالي في المحافظات الجنوبية التي صار القرار والسلطة فيها للمحتل الإماراتي ومن خلفه أمريكا وبريطانيا، أن نرى من يحتفل بهذه الذكرى المجيدة برفع صور المحتل والشكر والثناء لتحالف العدوان السعودي.. إنها امتداد للهمجية الثورية التي تخلقت في 2011م وسرت في وعي وروح قطاعات واسعة من أبناء الشعب حولتهم الى مرتزقة وغوغائين وبلا هوية لتكون النتيجة بهذا الشكل المسخ والمشوه.. ليس هناك أدنى تفسير منطقي لما حدث ويحدث والتحولات الكارثية والمأساوية خلال خمس سنوات، سوى أنها الهمجية المحلية المسنودة بالهمجية الدولية فالذي حدث ويحدث كبير ومفزع وخارج كل حسابات العقل والمنطق والسوية البشرية.. سيغادر أوباما البيت الأبيض قريباً بسجل قاتم وحافل بالهمجية، وستطارده اللعنات، لعنات مئات الآلاف من ضحايا السياسة الأمريكية الهمجية في الشرق الأوسط، ولعنات عشرات الملايين من المشردين والمعاقين، ستطارده لعنات حضارة بابل وآشور وصنعاء ودمشق التي دمرتها الهمجية المحلية (الإرهابيون وعرب الصحراء) في عهد أوباما وبتواطؤ ونفاق سياسي أمريكي لا حدود له يمتد بجذوره الى همجية رعاة البقر.. سيغادر أوباما مطارداً بلعنات مدينة الرقة التي تحولت في عهده من مدينة تعج بالمسارح ومعارض الفن والأدب، الى إمارة اسلامية تتشح بالسواد وتقام بها أسواق للرق والسبي والنخاسة، ستطارده لعنات الطفولة في اليمن التي تم إزهاقها بسلاح أمريكي ومع سبق الإصرار والترصد، لن تشفع له ما تحقق في عهده من نمو اقتصادي لأمريكا، لأن ذلك لم يتحقق إلا من خلال الهمجية في بيع السلاح للقتلة وأيضاً النفاق والتواطؤ السياسي الذي داس على كل القوانين والمواثيق الدولية، مثلما ستطارد اللعنات اليمنية المبعوث الأممي الى اليمن الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ، الذي سيظل اسمه مقترناً بأحقر حرب وعدوان في التاريخ شنته السعودية وتحالفها الغاشم على اليمن واليمنيين، لا باعتباره كان رجل سلام ورجل قانون وانسانية وشاهداً على جرائم بشعة يندى لها جبين التاريخ، وإنما باعتباره شاهد زور متبلد الاحساس مارس السمسرة الدولية مدفوعة الأجر لتوفير غطاء دولي للعدوان ولهذه الجرائم التي ارتكبت أمام سمعه وبصره.
وبالتالي فإن الحكاية ليست حكاية شرعية، فمبررالشرعية لهذه الجرائم يصبح مبرر سخيف جداً وخاصة عندما تتذرع به مملكة أسرية كهنوتية كمملكة آل سعود، رمزها وفخرها وعمقها التاريخي ومصدر شرعيتها سروال المؤسس.. إنها الهمجية المعاصرة وراء هذا الكم الهائل من الغارات طوال سنة ونصف والتي بلغت أكثر من مائتين الف غارة، وراء هذه الجرائم التي يندى لها الجبين في الأسواق والطرقات ومخيمات الأفراح وصالات العزاء والمصانع والمدارس، وراء هذا التدمير الممنهج للبنى التحتية والحصار الجائر.. هذه الهمجية التي تتحرك وتستمر بالتواز وأسناد الهمجية الدولية عنوانها الصمت الجبان وبيع الاسلحة للقتلة والنفاق في الموافق وفي الغزو والإحتلال .. كنا قبل العدوان نستهجن شعار الحوثيين الموت لأمريكا الموت لإسرائل الخ.. ولم نكن نحبذه أو نحترمه لمعايير ثقافية وأنسانية، ولكن أزاء هذه الهمجية المسنودة بهمجية راع البقر الأمريكي صار الشعار حكيماً ومعبراً عن همجية تسري في ثقافة وسياسة العالم.

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 05:32 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-47622.htm