الميثاق نت -

الإثنين, 24-أكتوبر-2016
استطلاع/ محمد الكامل -

ليس هناك كلمة تستطيع أن تصف بها معاناة الجرحى والمصابين ومواكب القتل اليومي بسبب العدوان البربري والحصار الشامل، لتدرك حينها ان للموت معاني كثيرة حين تسمع آهات الجرحى وترى الأجساد ممددة موشومة بالجراح وبعضها مفقودة الاطراف في حزن ومعاناة بلغت الحلقوم والألم الذي يملأ الأفق دون ان يلتفت لهم احد أو يحس بهم ضمير.
في محاولة منها لنقل صورة حية عن معاناة الجرحى والمصابين قامت صحيفة «الميثاق» بزيارات ميدانية متنقلة من مستشفى الى آخر ومن قسم رقود الى غيره للالتقاء مع بعض الجرحى والمصابين وتسليط الضوء على معاناتهم وحالاتهم الصحية في ظل وضع صحي مأساوي وكارثة إنسانية نتيجة العدوان والحصار الشامل.. فإلى الحصيلة:
جرحى ومصابو جرائم العدو السعودي يملأون المستشفيات فقد تعددت المجازر والمذابح والمقتول او الجريح واحد هو اليمني بعد ان تجمع ذابحوه كلهم ظمأً الى الدم اليمني.. أين المفر؟.. فأينما التفت في ارض اليمن فثم الموت والألم.
كانت البداية من إحدى مستشفيات العاصمة صنعاء حيث يرقد الزميل سامي عبدالله- جريح في مذبحة القاعة الكبرى- والذي تحدث الينا قائلاً: حضرنا مجلساً اجتماعياً وعزاء في المناضل الكبير علي بن علي الرويشان وكان الناس كلهم في حالة سكون يذكرون الله، لم نكن نتوقع ان يأتي طيران العدوان السعودي الأمريكي ويتجرأ على قصف قاعة عزاء يجتمع فيها أكثر من 2500 شخص من الغرامة والقبائل والشخصيات الاجتماعية والإعلاميين والكوادر الجامعية وغيرها من النخب ومن كافة فئات المجتمع اليمني..
وتابع بقوله: كان طيران العدوان السعودي يحوم فوق سماء العاصمة، نسمع أصوات الطائرات مخترقة صمت القاعة وسكون المعزين وكان ذلك تحديداً في تمام الساعة الثانية والنصف بعد ربع ساعة من دخولي القاعة.. مضيفاً: وفي تمام الساعة الثالثة والنصف كانت الضربة الأولى التي اخترقت سطح هنجر القاعة الكبرى وسقط الصاروخ في وسط القاعة ونزل إلى البدروم ثم انفجر وتطايرت الشظايا مع سقوط جدران الجهات الأربع للقاعة.. وقد وصلت إحدى الشظايا إليّ وبترت رجلي اليسرى مباشرة من تحت الركبة، في تلك اللحظة قمت بالزحف في محاولة للوصول الى المخرج والقفز من الطاقة في الدور الأول للقاعة بالإضافة الى إصابات ورضوض أخرى.. يواصل سامي تذكر ما حدث من مأساة ويسردها: بعدها بحوالى سبع دقائق جاء الصاروخ الثاني ليقضى على المسعفين الذين دخلوا لإنقاذ الناس.. تأثر الناس أكثر في الضربة الثانية وبعدها بفترة جاءت الضربة الثالثة وبعد فترة جاءت الضربة الرابعة انهت من تبقى في الداخل.. ما حصل كارثة وما شاهدت ذلك اليوم لن انساه ابداً.. وبعد صمت عميق وسامي ينظر إلى قدمه المبتورة قال: سأعلم طفلي شيئاً واحد المقاومة هي الحياة والثأر هو الحياة، لعل الجراح يرممها الثأر، والثأر نار بغير انتهاء.
انتقلنا الى مستشفى أخرى لنقف عند مأساة تتوقف أمامها الحياة.. تسعة أشخاص من أسرة واحدة بين أب وإخوة وأولاد عمومه كل واحد منهم مأساته كافية لتمزيق القلوب وتفتيت الأكباد..
محرم عبدالله العرشي أصيب في مجزرة القاعة الكبرى بشظية في فمه مهشمة فكه الاسفل بالكامل افقدته القدرة على الكلام نهائياً.. بحثنا عن أقرباء له لنتحدث معهم ولم نجد احداً سوى جاره الذي حكى لنا مأساة محرم وأسرته قائلاً: الذي حصل للأخ محرم أنه راح عزاء مع أبيه واثنين من اخوته وخمسه آخرين اثنين أعمامه وثلاثة ابناء عمه وعندما كانوا في القاعة يؤدون واجب العزاء جاء الطيران السعودي وقصف قاعة العزاء استشهد ثلاثة من أسرته هم والده واخوه وواحد من أبناء عمه بينما البقية جرحى في مستشفيات أخرى وهناك جريح آخر في نفس المستشفى يرقد في الغرفة المجاورة، وأوضح جار المصاب محرم ويدعى صالح قائلاً: الإصابة عند الاخ محرم في الفك السفلي كاملاً حتى الاسنان- واشار الى مكان الإصابة في الدقن والرقبة- بشظية هشمته كاملاً، والآن لا يستطيع الكلام مع احد..
مختتماً كلامه بقوله: الحال صعب والأدوية ما فيش والموجودة غالية واهل المصابين ما يقدروش يشتروها.
اتجهنا برفقة نفس الجار الى الغرفة المجاورة التي يرقد فيها مصطفي محمد العرشي- ابن عم محرم- والذي أصيب بإصابة خطيرة في الظهر والرقبة ونفس الحال لا يستطيع الكلام هو ايضاً هكذا قال الجار فاكتفينا بالنظر إليه وإلى مأساته التي تكفي لإغضاب الله في علاه مما تفعله السعودية بالأبرياء في اليمن.. أخذنا صورة له بعد توضيح الجار صالح إصابة محمد.
في صباح اليوم التالي اتجهنا الى مستشفى أخرى يرقد فيها عم محرم ويدعى زيد العرشي كما اخبرنا جار هذه الاسرة المنكوبة (صالح) كحال معظم الاسر اليمنية بسبب هذا العدوان ووحشية في قتل اليمنيين.
بعد وصولنا الى المستشفى التي يرقد فيها زيد العرشي ودخول غرفته وجدناه نائماً كما في الصورة فلم نستطع الحديث معه وبعد السؤال عن حالته وإصابته اخبرنا الدكتور علي الشرفي ان زيداً يعاني من كسر مضاعف في قدمه اليمني ونزيف دموي داخلي نتيجة رضوض وضربات قوية في الدماغ وأجزاء اخرى في جسمه بالإضافة الى أنه مصاب بمرض السكر سابقاً، هكذا قال الدكتور علي.. مشيراً في ختام حديثه لنا ان حالة زيد خطيرة ويجب سفره الى الخارج .
الإعاقة سبيلك والموت طريقك في بلد يرتكب فيه طيران العدوان السعودي صنوف الجرائم والمجازر الواحدة تلو الأخرى في عالم ساد فيه الذل والخنوع امام هذا العدوان البربري وحصاره الظالم براً وبحراً وجواً وإصراره على الاستمرار في جرائمه بحق الشعب اليمني ورفضه فتح الأجواء وخصوصاً مطار صنعاء في وجه المصابين والجرحى ومن يحتاجون السفر الى الخارج للعلاج او حتى السماح بدخول الأدوية والمستلزمات الطبية مصدراً الحكم بالإعدام على اليمنيين بجرائمه ومجازره المختلفة وحصاره الشامل مراوغاً متأسفاً ومتبرئاً تارة أخرى أمام الأعلام وصمت الأمم المتحدة نفسها التي نجحت السعودية في إطعامها حتى تكون شريكة في قتل وسفك دماء اليمنيين بالتجاهل والتستر وما زالت على مدى اكثر من 19 شهراً..
وهو ما أكده وكيل قطاع الطب العلاجي بوزارة الصحة الدكتور/ناصر العرجلي في حديثه لـ"الميثاق"، حيث قال: ان إجمالي عدد الضحايا من المدنيين منذ بداية هذا العدوان وحتى تاريخ 14/10/2016م وصل الى 28090 بين شهيد وجريح حيث بلغ عدد الشهداء إجمالاً 8194 منهم 1698 من الأطفال و1240 من النساء و5256 من الذكور.. مضيفاً: بينما بلغ عدد الجرحى إجمالاً 18246 منهم 2582 من الأطفال و1966 نساء الى جانب 13698 من الذكور.. مبيناً ان هناك من الضحايا 1650 تسبب لهم العدوان بإعاقة دائمة..
وقال الدكتور العرجلي: في البداية تم الاتفاق على نقل دفعة اولى تشمل 112جريحاً من ذوي الإصابات البليغة والحالات الحرجة بالغة الخطورة والتي تستدعي خدمات علاجية خاصة لا تتوافر حالياً في اليمن نظراً للحصار الخانق الذي يفرضه العدوان.. وهذا ما تم الاتفاق عليه سابقاً.. مضيفاً: الا ان ما تم نقلهم فعلياً هم 70 جريحاً فقط منهم 50 من مجزرة القاعة الكبرى بينما 20 جريحاً من مجازر أخرى ارتكبها ذات العدوان بسبب عدم كفاية الآسرة وصغر حجم الطائرة او أسباب أخرى..
موضحاً ان الوزارة تعمل على مدار الساعة لتأمين ونقل بقية الجرحى البالغ عددهم حوالي 205 جرحى..
وقال: لقد تم الترتيب والاتفاق بعد الاجتماع مع السفير الإيراني وكذلك ممثل الصحة العالمية في الأيام الماضية ووعودهم بإقامة رحلات أخرى لنقل بقية الجرحى الى سلطنة عمان مع شرط منا في حالة عدم توافر العلاج في عمان احالة الجرحى الى بعض الدول العربية التي لم تشارك السعودية عدوانها على اليمن الا انه الى الآن لم يكن هناك أي جديد بهذا الشأن.
وجدد الدكتور العرجلي دعوته المجتمع الدولي الى تحمل مسئولياته الأخلاقية والإنسانية ازاء انتهاكات ومجازر النظام السعودي وتحالفه العدواني بحق أبناء الشعب اليمني وبالتالي ممارسة الضغوط اللازمة لوقف العدوان ورفع الحصار الجائر وإنهاء الحظر المفروض على الطيران المدني والسماح بإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية دون اية قيود ومراعاة الأوضاع الصعبة التي يعانيها القطاع الصحي في البلاد والتي تفاقمت بفعل تواصل العدوان وقصفه العشوائي للمناطق الآهلة بالسكان والمرافق المدنية والتي تضيف أعباء كبيرة على المستشفيات والمرافق الصحية وقدرتها الاستيعابية التي صارت في حدها الأدنى.

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:43 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-47689.htm