الميثاق نت -

الثلاثاء, 25-أكتوبر-2016
محمد علي عناش -
تتشوه صورة العربي بشكل كبير في أوروبا حتى وفي أمريكا، كإنسان متخلف وفوضوي وغير منظم، وغير قابل للتحضر والتمدن على المدى القريب، كما أنه غير محب للسلام والتعايش المشترك مع المغاير، وميوله دائماً تتجه نحو الصراعات العصبوية التي تحركها جذور الافراد العقائدية والاجتماعية..
الصورة النمطية هذه للإنسان العربي يتم التعبير عنها بمختلف الوسائل، هي عن ذلك العربي الثري الذي يلبس عقالاً ويسكن في الصحراء، ويثير ماحوله من مشاكل وصراعات وتطرف، وكان الى وقت قريب قبل الطفرة النفطية يعيش على حرفة الرعي متنقلاً بخيمته وراء الكلأ من مكان الى آخر كما كان يعيش على الإغارات والتقطع للحجيج والبحث عن الأضرحة وقباب الأولياء ليقوم بهدمها وتفوُّد مابداخلها، وفجأة وجد نفسه يقبع على بحيرة كبيرة من النفط، نقلته وعلى وجه السرعة من السكن داخل خيمة الى السكن داخل قصر حديث ووجد نفسه يقضي فترة استجمام في ارقى عواصم العالم، بدلاً من قضاء الحاجة في العراء..وعلى الرغم من الثروة الهائلة والطارئة التي امتلكها، إلا أنه لم يغادر هذه العقلية ولم تصنع منه كائناً متمدناً وديمقراطياً ومتعايشاً مع الآخرين، فما يزال تستهويه هدم الأضرحة والقباب ويدفع الأموال لمن يقوم بذلك، وماتزال تسكنه روح الغرور والتكبر والإذلال المشين للمرأة، حتى في هيداتهم يحتقرونها كهيدة كسر خشم المرأة.
وتعمقت هذه الصورة المشوهة خلال هذا العقد من الزمان وبالتحديد منذ حادثة 11سبتمبر2001م، وماتلاها من أحداث وتحولات كارثية في منطقة الشرق الأوسط والتي كانت أبرز سماتها الفوضى والصراعات والإرهاب والتي اقترنت بصورة العربي، لأنها أخذت طابع التخصيص للكائن الخليجي وبالذات السعودي الضالع في كل مايحدث من أهوال وفظائع في المنطقة وبالذات في اليمن، هو نفسه ذلك الكائن الذي لانجده الا في نوادي القمار والملاهي الليلية في أوروبا ومصر والمغرب وغيرها من الدول، أو في الكهوف يتزعم التنظيمات الإرهابية ويمولها، أو في عشرات الآلاف من مدارس السلف يعلمون الناس أن الديمقراطية والانتخابات حرام وكل المذاهب والأحزاب كافرة وملحدة، والعالم ينقسم الى دارين دار كفر وجب جهاده ودار إيمان وجب الالتحاق به، والمرأة خلقت من ضلع أعوج لذا يجوز حرمانها من الميراث وصوتها عورة وقيادتها للسيارة حرام الى آخر ثقافة الانحطاط والاحتقار التي تعمل السعودية على نشرها وتعميمها..
في هذا المجتمع الخليجي عامة والسعودي خاصة، الذي يختزل بداخله الصورة المشوهة للإنسان العربي، ليس هناك دولة بمفهوم الدولة كتطور بشري واجتماعي، هناك أسرة مستحوذة على السلطة والثروة الهائلة، وليس هناك مشروع ينتمي للحياة والعصر والعقل والمدنية، وإنما هناك مشروع مذهبي ينتمي للعصور المظلمة، يحقر العقل ويصادر التفكير الحر ويثير النزاعات والصراعات بالهوية.. في مجتمع كهذا تحضر التناقضات الاجتماعية المتراكمة الناتجة عن غياب التوزيع العادل للثروة وعن غياب الدولة الضامنة والراعية للحقوق، هناك ثراء فاحش والى جانبه فقر مدقع، هناك من يصب الملايين في لحظة متعة تحت أقدام راقصة بارعة في استثارة عقلية هذا العربي، وهناك من يتسول قيمة الدواء والعلاج، في نفس الوقت الذي يعتبر فيه معارضة الحاكم وأسرته كفراً تستوجب اعدام المعارض، وتنفيذ حد الجلد ومصادرة الراتب لكل من يلوم الأسرة ويعاتبها بمنشور على صفحة التواصل الاجتماعي.. صورة العربي في ذهنية الآخر تتجسد في هذه العقلية وهذا النمط السعودي الذي يثير القلاقل والكوارث فيما حوله، وفي هذا النمط السعودي المفزوع والمرعوب من عملية تحرير مدينة الموصل العراقية من براثن وسيطرة تنظيم داعش الإرهابي، كأم تخشى على أولادها من الهلاك، لذا تسعى بكل الوسائل إلى إرباك العملية وتعرقلها او تؤجلها ريثما يتمكن عناصر التنظيم من الفرار الى المدن السورية، لكن ليس لديها ماتقنع العالم بذلك سوى التحريض الطائفي بأن مايحدث هو استهداف لأهل السنة، غير ان الساعات الأولى للعملية أزاحت الستار عن هذا الفزع وعن جانب رئيسي لهذه الصورة، أعداد هائلة من القتلى والأسرى السعوديين في صفوف داعش..
هذا النمط العربي المشوه يتجسد فيما ترتكبه السعودية من جرائم ومجازر وعدوان بربري في اليمن ودون غطاء قانوني أو شرعي، يتجسد في الرشاوى وشراء المواقف وتجنيد المرتزقة في هذا الضخ الطائفي المقيت في الاستبداد الديني والسياسي في المملكة في هذا الجنون الذي تبديه في المنطقة لا لشيء ولا من أجل شيء نبيل سوى الهمجية التي تسكن روح هذا الأعرابي والعقلية الصحراوية التي يتمتع بها والتي تختزلها ذهنية الآخر للعربي.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:55 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-47709.htm