الثلاثاء, 25-أكتوبر-2016
-
نشرت مجلةForeign Policy) ) الأسبوعية التي تصدر عن مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لوزارة الخارجية الأميركية ، مقالاً في عددها الأسبوعي الصادر الخميس 20 أكتوبر 2016م، بعنوان (وقف الحرب على اليمن يرتبط بإنهاء جنون العظمة السعودي).. «الميثاق» تعيد نشر هذا المقال ولا يعبر عن وجهة نظر الصحيفة، وقد جاء فيه :
كيف تنتهي الحرب وجنون العظمة في المملكة العربية السعودية؟
السبيل الوحيد لحل حرب اليمن، هو تحرير السعودية من جنون العظمة والارتباط بالارهاب ايديولوجياً وسياسياً ومالياً.
لماذا يجب على الأمريكيين الاهتمام بوقف الحرب على اليمن؟
ربما لا يعرف المواطن الأميركي العادي أهمية الزاوية الجنوبية الغربية النائية من المملكة على الخريطة. ولكن حان الوقت بالنسبة لهم للتعلم.
يبدو في الظاهر ان الحرب الأهلية في اليمن تتعلق بالأميركيين كحليف وثيق، ولكن هذا التحالف يبدو في كثير من الأحيان محرجاً للولايات المتحدة الاميركية ، بسبب حرص المملكة العربية السعودية على إشراك الأميركيين في معاركها الإقليمية حتى لا تُصبح وحيدة في تلك الحروب الضروس .. بمعنى ان الولايات المتحدة بدأت شريكاً في هذه الحرب وليس لديها نية لإنهاء هذه المشاركة في وقت قريب !!
كيف يمكن للولايات المتحدة أن تضمن نهاية لهذه الحرب لا تتعارض مع نتائج الحروب السعودية السابقة مع اليمن ، والتي كانت في مصلحة المملكة العربية السعودية.
الجواب يمكن أن يكمن في اتباع نصيحة 1953م على فراش الموت من الملك عبدالعزيز، المعروف بابن سعود، الذي من المفترض أنه قال: "لا تقبلوا يمناً موحداً وقوياً في جواركم".. بمعنى ان اليمن هي المشكلة التي ربما لن يتم حلها حتى يتم إنهاء الحرب الحالية.
لقد كان جنون العظمة منذ فترة طويلة أساس السياسات السعودية في اليمن... الآن حان وقت وجود ايران القوية النووية في جوارهم من خلال الدعم الذي يقدمه الايرانيون للمتمردين الحوثيين (حسب المجلة).
الحوثيون في اليمن يتطلعون الى إعادة إنتاج تجربة حزب الله في لبنان .. انهم يتبنون نهجه تحت شعار: "الله أكبر ، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للاسلام".
من الواضح أن الحوثيين يشكلون تهديداً مباشراً للحكومة المعترف بها دولياً، وهم يهددون أيضاً الحكومة السعودية المتحالفة مع الرئيس هادي، الذي اضطر الى الفرار من البلاد بعد تحالف قوات الجيش الموالية للرئيس اليمني السابق وعدو السعودية الأول علي عبدالله صالح ، مع قوات الحوثيين الذين اصبحوا يشكلون- بدون أدنى شك- تهديداً مباشراً لجنون العظمة السعودي!!
لقد طلبت الرياض دعم الولايات المتحدة للقتال الذي تخوضه قوات التحالف الخليجي بقيادة السعودية لإعادة تأسيس حكم موالٍ لها في صنعاء برئاسة هادي الذي لا يزال يُفضّل حتى اللحظة الراهنة أمناً أكبر في أجنحة فنادق الرياض الفاخرة.. لكن السعودية لم تتفهم حقيقة ان واشنطن تريد ان تكون شريكاً للتدخل السعودي في تحالف لمحاربة الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
الخوف هو ما يُقلق الحكومة السعودية ، إن لم يكن جنون العظمة تماماً.. إذاً جنون العظمة ليس تماماً هو مشكلة السعودية في اليمن، ويمكن أيضاً أن يكون الخوف من سقوط اليمن تحت طائلة الارهاب هو عنوان المواقف الرسمية لواشنطن تجاه اليمن.
والمسؤولون الأميركيون الذين يعرفون ذلك مستعدون للذهاب بعيداً جداً لمنع سقوط اليمن تحت سيطرة الجماعات الارهابية المسلحة.. انهم يتذكرون هجوماً ناجحاً لقارب انتحاري سريع تمكّن من تدمير المدمرة العملاقة (يو اس اس كول) في ميناء عدن عام 2000م.
عندما اندلعت الحرب مع الحوثيين في العام الماضي كانت القوات الخاصة الامريكية تواصل حربها على الارهاب من القاعدة الجوية في العند الى الشمال مباشرة من عدن ، بموجب اتفاق قديم مع حكومة الرئيس السابق علي عبدالله صالح تنفيذا للقرار الدولي رقم (1373) الذي صدر في عام 2001م بعد أحداث 11 سبتمبر الشنيعة ، ويلزم جميع الدول بالتعاون في محاربة الارهاب.
هذا الجهد في الحرب على الارهاب كان يترافق مع نجاحات في بعض الأحيان أكثر أهمية ، مثل قتل أنور العولقي وهو (داعية ناري ومواطن أمريكي) بصاروخ هيلفاير في عام 2011م من جيبوتي، وعلى الجانب الآخر من البحر الأحمر، في أفريقيا. كما كان من قبل، الى جانب ما كانت تقوم به الطائرات بدون طيار كجزء رئيسي من هذا الجهد. وهناك أيضاً، عدة عشرات من قوات العمليات الخاصة الامريكية تنشط بصورة سرية على الارض.
هناك فرق حاسم في المصالح بين السعودية والولايات المتحدة ، يزداد وضوحاً بسرعة.. حيث يجب ملاحظة ان التفكير السياسي في الرياض يتمحور حول دعم إيران للحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة وجزء كبير مما كان يسمى اليمن الشمالي (أو أكثر رسمياً الجمهورية العربية اليمنية سابقاً)، فيما يتركز قلق واشنطن على الجنوب الذي يشكل الأراضي التي كانت تعرف باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً.. (الدولة الحديثة تُسمى الجمهورية اليمنية شكلت عندما توحدت الجمهوريتان السابقتان عام 1990م).
خلال الحرب الحالية تمت السيطرة على قسم كبير من جنوب اليمن يبدأ بمضيق باب المندب إلى الحدود مع سلطنة عمان من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية.
في الواقع، قوات الإمارات العربية المتحدة هي أكثر من رفع الأحمال الثقيلة حتى الآن، مع القوات الحكومية المتبقية، حيث تمت لها السيطرة على ميناء مدينة عدن وكذلك المكلا شرقاً.. لكن القاعدة في جزيرة العرب لا تزال تجد ملاذاً آمناً في مساحات شاسعة غنية بالنفط والغاز من الجنوب حيث تكافح الحكومة اليمنية المهاجرة ، وحلفاؤها العرب، للحفاظ على السيطرة الى جانب مقاتلين يعلنون ولاءهم لتنظيم الدولة الإسلامية داعش ويساعدون قوات حكومة هادي والتحالف العربي لتحقيق أهدافهم المشتركة ضد (تحالف صالح والحوثيين).
لا شك في ان هناك اختلافاً قي الاهداف بين حروب واشنطن وحروب الرياض معاً بطريقة غير واضحة في الشرق الاوسط بالضرورة.. القوات الجوية الملكية السعودية والقوات الجوية الأمريكية تشارك معاً في الحرب وسط الأجواء اليمنية ، وهو ما يُفسّر بالتالي تسامح الطرف الأميركي مع فظائع سلوك الطرف الآخر.
ولكن هذا التسامح كان يخضع لضغوط الأداء السعودي ، حتى قبل 8 أكتوبر عندما حدث القصف المريع لمجلس عزاء في صنعاء حضره أكثر من 1500 شخص قُتل منهم 140 بالاضافة الى مئات الجرحى.
أدى قلق الولايات المتحدة من الأداء العملياتي التكتيكي للقوات السعودية الى التهديد بتخفيض مستويات التعاون بين الطرفين. وفرضت قيوداً على التزود بالوقود في الأجواء، وهذا يعني أن الطائرات السعودية F-15S) ) لا يمكن أن تتلكأ في المجال الجوي اليمني، في انتظار أهداف لقصفها ، تنطوي على "أضرار جانبية"، أو بدقة أكثر ، سقوط ضحايا من المدنيين.. مع الأخذ بعين الاعتبار أن السعوديين استهدفوا العيادات والمدارس والمجمعات السكنية والصناعية وغيرها من المواقع المكتظة بالسكان المدنيين.
قصف مجلس عزاء قبل أسبوعين كان كارثة إنسانية وعملاً مخالفاً لأخلاقيات الجيش الأمريكي.
اعترف السعوديون بأن "طائرات التحالف" تورطت في قصف العزاء ، وهذه الصيغة تشير إلى الواقع المؤسف، بمعنى أنهم كانوا يستخدمون طائرات وأسلحة مقدمة من الولايات المتحدة (F-15S)، تحمل ذخيرة أمريكية الصنع.
مراكز القوى في واشنطن - البيت الأبيض والكونغرس ووسائل الإعلام - صرخت في رعب. وقد نسج اللوم على شدة انفعال وكلاء مكافحة الحوثي في صنعاء وحقيقة أن الهدف تمت الموافقة عليه فقط بمستوى منخفض في التسلسل القيادي العسكري الأميركي قي غرفة القيادة المشتركة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية بدعم لوجيستي أميركي.
اللافت للاهتمام ان سلوك الحوثيين تفوّق على فظاعة السعوديين والأميركيين أخلاقياً عندما استجاب الحوثيون لوساطة من سلطنة عمان بإطلاق اثنين، وربما ثلاثة من المحتجزين الأميركيين بعد هجمات صاروخية ناجحة على المدمرة يو اس اس ميسون في البحر الأحمر إلى الشمال من باب بالحرفين EL المندب ,, ولا نفهم لماذا ردّت الإدارة الأميركية عل إطلاق المحتجزين الأميركيين بشن هجمات صاروخية من طراز هاربون، على مواقع الرادار الساحلي الحوثي ولكنه تسبب في إضرار جانبية فقط.
ويفترض ان وقف اطلاق النار لمدة ثلاثة أيام سيدخل حيز التنفيذ لإعطاء فرصة لدبلوماسية مبعوث الامم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لتوزيع مساعدات غذائية مقدمة من مركز الملك سلمان للمساعدات الإنسانية ، تعتمد إلى حد كبير على مواد غذائية وطبية في أعقاب أزمة إنسانية.
ومن السخف ان نشارك المبعوث الأممي توقعاته بأن يلقي تحالف الحوثي وصالح بأسلحتهم.. وقف إطلاق النار مؤقتاً لمدة 72 ساعة يمكن التعاطي معه بسذاجة نظرياً.. لكن السياسيين المتمرسين يتعاملون معه كسؤال مفتوح على زوايا حادة !!
يجب أن تكون استراتيجية الولايات المتحدة في الحرب السعودية على اليمن مبنية على تحقيق وقف شامل وغير مشروط لإطلاق النار تمهيداً لمفاوضات بين كافة الأطراف المتحاربة جواً وبحراً وبراً، بهدف التوصل الى اتفاق لتقاسم السلطة بين الأراضي التي يسيطر عليها التحالف السعودي والقاعدة ، وبين الأراضي التي يسيطر عليها تحالف الحوثي والرئيس السابق.
ومما يؤسف له أن الأرض التي تسيطر عليها القوات السعودية والاماراتية هي جزء خالٍ من السكان في اليمن، وربما يبلغ عدد سكانها 3 ملايين فقط. بينما يتحكم التحالف الحوثي ــ صالح بمساحة أقل من الأرض ، ولكنها مناطق جبلية وزراعية وصناعية محصنة عسكرياً، بالإضافة إلى ذلك، هذه المنطقة هي موطن لأكثر من 20 مليون شخص، والجزء الأكبر من سكان البلاد.
سيكون أمام الولايات المتحدة الأميركية فرملة الاندفاع نحو تقسيم اليمن، وكبح الطموح للعودة إلى رغبة مؤسس المملكة العربية بن سعود وهو على فراش الموت.
يجب أن يكون تحقيق التقاسم العادل للسلطة والثروة بين الجنوب والشمال منطقاً تفاوضياً واضحاً لجميع الأطراف.. بعض السياسيين في الجنوب يريدون التقسيم .. هادي نفسه قد يفضل ذلك. ، ويقال إن بعض القوى الجنوبية المؤثرة تريد ذلك .. كما أن الإمارات العربية المتحدة أيضاً تعتقد أنه هو الخيار الأفضل، بصرف النظر عن تدخلاتها في أماكن أخرى..
والأهم من كل ذلك فإن إيران قد لا تعارض خيار إعادة توزيع السلطة والثروة بين الشمال الذي تسيطر على معظم أراضيه ومياهه قوات صالح والحوثي ، والجنوب الذي تسيطر على معظم أراضيه ومياهه قوات التحالف السعودي والقاعدة وداعش.
لكن هناك سؤالاً مهماً.. وهو هل ما تزال المملكة العربية السعودية، وبالأخص وزير الدفاع ونائب ولي العهد، محمد بن سلمان، مقتنعة بوصية الملك عبدالعزيز آل سعود على فراش المرض؟
هناك قناعة كبيرة لدى صانعي القرارات والسياسات وهي ان الرئيس الاميركي القادم هو الذي سيحسم موقف الولايات المتحدة الأميركي من دعم حرب السعودية على اليمن ووقف غطرسة جنون العظمة في السعودية استناداً الى الخيارات التالية:
1/ تحرير حكام السعودية من مرض جنون العظمة (Paranoia ) الذي يقاقم أزماتها الداخلية والخارجية.
2/ تحقيق تقاسم ذي سقف منضبط للنفوذ في المنطقة بين السعودية وايران.
3/ فك ارتباط السعودية بالارهاب ايديولوجياً ومالياً وسياسياً.
4/ تحقيق تقاسم عادل للسلطة والثروة بين جنوب اليمن الذي يسكنه ثلاثة ملايين نسمة ، وشماله الذي يسكنه أكثر من عشرين مليون نسمة.
5/ تخليص حكام السعودية من أوهام وصية مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز آل سعود وهو على فراش المرض ، عندما حذّر أبناءه وأحفاده من خطر وجود يمن موحد وقوي الى جوار المملكة.
6/ ربط وقف الحرب بتصفية نفوذ الجماعات الارهابية المسلحة التي توالي تنظيم داعش ، وتساعد في الوقت نفسه ، قوات التحالف الخليجي بقيادة السعودية في السيطرة على مساحة واسعة من جنوب وشرق اليمن ، تبدأ بمضيق باب المندب ومينائي عدن والمكلا وحقول النفط في حضرموت ومارب وشبوة ، وصولاً الى الحدود مع سلطنة عُمان ، بالإضافة الى مساحات شاسعة من المناطق الصحراوية الغنية بالنفط والغاز ، بين السعودية وحضرموت ومارب والجوف.
----------------------------------
المركز الإعلامي للمؤتمر الشعبي العام
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:46 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-47711.htm