الميثاق نت: -
دخلت العلاقات المصرية الخليجية مرحلة اللا عودة خلال المرحلة الأخيرة، بعد سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها عواصم خليجية ضد القاهرة بدءًا من إبلاغ الكويت للجانب المصري بأنها لا تستطيع توفير طلبات مصر من المحروقات إلا إذا أقدمت مصر على دفع ثمنها "كاش" فضلاً عن غموض الموقف حول استئناف شركة النفط السعودية أرامكو ضخ 700 ألف برميل يوميًا لمصر حسب أتفاق سابق بين الشركة والهيئة المصرية العامة للبترول.
وتصاعد التوتر بين البلدين إثر إعلان وزير البترول المصري طارق الملا عن عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بوفاء شركة أرامكو السعودية بتعهداتها حيال مصر خلال شهر نوفمبر بعد أيام قليلة من وجود حالة غضب تحكم العلاقات المصرية السعودية إثر تردد معلومات وصفت بالاستخباراتية حول تسليم مصر معدات بحرية لميليشيات الحوثي وصالح بشكل عرقل مساعى كانت تبذلها القاهرة لإعادة العلاقات مع الرياض لمسارها الصحيح.
وجاء قرار حكومة المملكة العربية السعودية بوقف التعامل بالجنيه المصري نتيجة لعدم استقرار سعره خاصًا بالسوق السوداء وقفز سعر الريال 4 إلى أربعة جنيهات ونصف وهى خطوة تضر بالعملة المصرية كثيرًا وتفتح الباب على مصراعيه لانهيار جديد هذه المرة أمام سلة العملات العربية وبشكل يشير إلى أن الرياض لم تعد تحتمل مغامرات القاهرة في عديد من الملفات منها السوري واليمني وغيرها من الملفات فضلاً عن تقارب حكومة السيسى مع طهران ووجود أنباء عن تقديم الأخيرة لمعونات نفطية ووعود بإنعاش السياحة المتردية عبر قيام وفود من الإيرانيين بزيارة المعالم السياحية.
ورجحت المصادر تصاعد التوتر في العلاقات المصرية الخليجية خلال الفترة المقبلة لاسيما أن الوزن الاستراتيجي للدول النفطية قد تراجع لدى القاهرة بعد الاتفاق النووي الغربي مع إيران وتوقيع الكونجرس قانون جاستا وانهيار أسعار النفط بشكل دفع مصر بحسب تأكيد السفير عبد الله الأشعل للبحث عن حلفاء جدد ربما تتوفر لديهم كميات من "الرز" قادرة على إقالة الاقتصاد المصري من عثرته.
ولفت الأشعل إلى أن مصر سعت لتغيير شكل تحالفاتها واستخدام التقارب مع روسيا وإيران والأسد والحوثيين مع دول الخليج طمعًا في استمرار ابتزاز هذه الدول لضمان الدعم وهو أمر لم يعد يروق لدول الخليج بل إنهم بدأوا يعتبرون مصر رجل المنطقة المريض.
غير أن ما ذهب إليه الأشعل لا يروق كثيرًا للدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الذي رأي أن التحالفات الإستراتيجية بين مصر والدول الخليجية لا يمكن أن تنتهي بأي شكل من الأشكال، وإنما الأزمة الحقيقة هى عدم وجود أسس موضوعية تقوم عليها تلك التحالفات.
وأضاف نافعة في تصريحات صحفية أن التوتر بين مصر والسعودية القائم حاليًا يعد تناحرًا علي "القيادة" فكل دولة ترى أن سياستها هى الجديرة بأن تسير عليها الدول العربية الأخرى، مشددًا على أن أي تحالفات أو صياغة لاستراتيجيات ستتم بين دول التعاون الخليجي ستكون من خلال الدولتين مصر والسعودية باعتبارهم أقوى الدول العربية رأيًا وقرارًا.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن النظام المصري ليس لديه رؤية واضحة أو مجهزة نحو الإسلام السني الذي يدافع عنه الدول الإسلامية لمواجهة فكر "إيران" والشيعة، وهو ما أحدث أزمة قوية بين سياسات الدولتين مصر والسعودية، لأن السعودية تحاول أن تجر الدول العربية نحو محاربة إيران، وهو ما لا تراه مصر ضروريًا في الوقت الحالي.
وتابع نافعة، أن الدول العربية منشغلة بشكل أكبر في التحالفات الدولية مع روسيا وأمريكا، وهو ما يحدث خلافًا واضحًا بسبب أن كل دولة تري أن التحالف مع الخصم يعد خيانة، وليس اختلافًا في أوجه النظر. محاولات التقليل من تداعيات وجود أزمة في العلاقات المصرية كما يؤكد نافعة لا تنفي وجود التوتر في العلاقات المصرية السعودية رغم اقتصار الطرفين على توجيه رسائل معينة للطرف الأخر في المرحلة الحالية وهي مواقف مرشحة للتصاعد حالة إصرار الجانب المصري على مجموعة من السياسات فيما يتعلق بالملفات الساخنة حيث يمكن لبلدان الخليج الرهان على سلاح المعونات الاقتصادية والهبات البترولية لردع القاهرة وإعادتها لجادة الصواب.
يؤيد هذا الطرح الدكتور سعيد اللاوندي الخبير في شئون العلاقات الدولية حيث يري أن الأزمة بين مصر والسعودية ستظل قائمة ويصعب احتواؤها مشبهًا ما يحدث بـ"كرة الثلج" التي ستتزايد خلال الفترات المقبلة، مضيفًا أن العالم الخارجى والقوى الدولية الكبرى هى التي تصنع الأزمات الأخيرة بين الدول العربية لمصلحتها وتحقيق أهداف تخصها.
وأضاف اللاوندى أنه كان من الممكن أن يتم احتواء الأزمة حال تدخلت جامعة الدول العربية بصفتها لها تأثير محايد ولن تنحاز لدولة لصالح الأخرى، ولكن هذا لم يحدث لعدم قدرة الجامعة علي حل الأزمات التي تحيط بها لتتدخل في أزمات كبرى.
وتابع : "الأزمة بين مصر والمملكة العربية السعودية بدأت منذ تصويت مصر على المشروعين وستتصاعد أكثر وأكثر حال عدم احتواء الأزمة ومن الممكن أن ستتخذ السعودية قرارات رادعة منها منع المساعدات وترحيل المواطنين الذين يعملون لديها هى خطوات حال اتخاذها ستكرس القطيعة بين الطرفين لفترة ليست بالقصيرة.
نقلاً عن: موقع "بوابة القاهرة"