السبت, 22-سبتمبر-2007
الميثاق نت -    الميثاق نت -
باجمال : المعارضة تريد تقاسم لجنة الانتخابات وتقييماتها ليست ملزمة للمؤتمر
الأحد, 23-سبتمبر-2007
-حوار -نبيل الصوفي -
لايزال عبدالقادرباجمال أمين عام المؤتمر الشعبي العام يداوم في معهد الميثاق منذ بدأت إصلاحاته في مبنى اللجنة الدائمة.باجمال الذي حول معهد "المثياق" من "صالة للعزاء" كما بقي على مدى سنوات طويلة، إلى مكاتب مهتمة باجتماعات يومية يحضرها رموز الدولة من مناصب مختلفة، يحاول من مكتبه المؤقت البقاء على سطح التأثير.. وإن بلغة أكثر هدوءا وبملامح لايمكن إغفال "إرهاق" باديا على محياها.
ندعكم مع الحوار الذي ناقش مع رئيس الحكومة السابق، أمين عام المؤتمر بعضا من مستجدات اليوم، ودور حزبه تجاهها..



* لم يكتمل عام على الانتخابات التي حاز فيها المؤتمر على أغلبية أصوات الناخبين حتى نكاد نقف على تحديات تعصف بمثل ذلك الفوز.. ما يحدث اليوم في المحافظات، وبخاصة الجدل بشأن حقوق مواطني المحافظات الجنوبية والشرقية..



-مقاطعا.. أولاً قبل كل شيء، نحن ما زلنا نبني دولة، ونواجه صعوبات في بناءها في مجتمع أيضاً يعاني من مشكلات اقتصادية، ومشكلات تربوية، ومشكلات تعليمية، ومشكلات صحية، بل مشكلة ثقافية وطنية، وهذه مشكلة أخرى، ونعترف أن وجود ثقافات فرعية هنا وهناك تؤثر في المسار العام للثقافة الوطنية ككل..



* نحن نتحدث عن مشكلات سياسية حديثة..
- ليس هناك مشكلات حديثة وقديمة.. نحن حينما نحلل مشكلات اليمن سنجد أننا أولا في مجتمع حتى بالنسبة للخطاب المعارض أو الناقد ليس هناك وضوح في حدود القضايا التي يختلف أو يتفق بشأنها.. سببه عدم وضوح أو لنقل عدم تجذر "الدولة" في الفكر والوعي السياسي..
هناك خلط بين نظام ودولة وحكومة، هذه مشكلة كبيرة في العقل الفلسفي، وفي العقل التطبيقي للحياة وفي الفكر المنتظم المؤسسي، في خلط لما تلاحظ واحد يقول الدولة وكأنها الحكومة إذا قال الدولة كأنها رئيس جمهورية فقط، إذا قال النظام كأنه هو الدولة أو هي الحكومة،حتى السياسيين يخلطون بين هذه المسائل، يخلطون بين الدولة، النظام، الحكومة.
الدولة هي الكيان، النظام هو فلسفة هذا الكيان، والحكومة بأدواتها المختلفة هي المنفذ لهذه الفلسفة.. في بلادنا يتوجه المواطن في المهرة وفي صعده رأساً إلى رئيس الدولة بل وحتى لمناقشة شرعية الدولة برمتها، مع أنه قد لا يكون يشكو سوى من مدير الأمن، أو حتى من الشيخ.. وهذه لن تجدها عند المصريين بسبب وضوح مفهوم وإطار الدولة الذي تجذر في حياتهم من آلاف السنين.



المحليات اساس الدولة الحديثة
* هذه مسألة نظرية ونحن لدينا نظم وقوانين ودساتير..
- الدول لا تحل بالوثائق.. الدول تتعايش في ضمائر الناس وفي نفسياتهم عندما تكون هذه الدولة شراكة بين الناس. وهذا لا ينصرف للدساتير بل عن ما توفره تجارب الحياة المختلفة، في بريطانيا عندهم فكرة الدولة موجودة في الماجنا كارتا، الوثيقة المشهورة، وهي وثيقة لا تستطيع أن تقرأها، لا هي بالإنجليزي القديم، ولا هي بالإنجليزي الحديث، يمكن باللغة السنسكريتية. لذا فنحن لا نتحدث عن الدساتير، بل عن شراكة الناس في إدارة شئونهم.. وهو ما يعني "السلطة المحلية".فالسلطة المحلية هي المدخل الرئيسي لتأسيس الدولة الحديثة..



لماذا تظهر الصلاحيات عند الاعتقال
* الحكم المحلي ليس مجرد مسئوليات.. حينما لا يمنح مسئولي المحليات أي صلاحية فلا يحق تحمليهم أي مسؤولية؟
- من حيث المبدأ قد يصح مناقشة الصلاحيات وهل هي كافية أو منتظمة أم لا.. ولكن لدي سؤال أساسي وهو لماذا تظهر الصلاحيات عند الاعتقال ولا تظهر عند الإفراج، مثلا.. كثير من المسئولين يتعذرون بالتوجيهات العليا حين يريدون تمرير ماقد يكون مصادما لواجباتهم.. ونحن نسألهم هل عليا هذه في حدود الأرض أم السماء.. كما أن هناك مسئولين يفهمون صلاحياتهم أنه مطرقة للنظام، وليس مفتاح. مع التقدير لحسابات مهمة في اليمن حيث تتداخل المسائل المتعلقة بسلطة الدولة، وسلطة القوة التقليدية.



انتخاب المسئولين المحليين يحقق الشراكة
* ممسكا بمفتاح إعادة ترتيب الدولة من الأدنى عبر الحكم المحلي... ما الذي يحدث حاليا داخل أروقة الأمر؟
- هناك قناعة يشرف الرئيس على تحويلها لنصوص ولوائح وتطبيقها، تتعلق بترتيب شئون الدولة من القرى والمديريات. وذلك عبر قانون السلطة المحلية الجديد. فالقانون الجديد يرتكز على انتخاب المسئولين المحليين.. وبالتالي تتحقق قضية الشراكة..



نريد من المعارضة مشاركة وليس مزايدة
* طالما ونحن نتحدث عن الشراكة.. فهل سيتولى المؤتمر وحده إنجاز مثل هذا المشروع؟
- بشكل رسمي أعلنها عبر هذه المقابلة أننا سلمنا رسميا للأحزاب مشروعنا لقانون السلطة المحلية، وننتظر منهم المشاركة في إثراء ذلك.. ولكن نتمنى أن لا يتحول الأمر إلى مزايدات. وخاصة فيما يتعلق بقضية الانتخاب.
نريد أن نبدأ بمراحل مختلفة للانتخاب حتى نصل إلى النتيجة، مع العلم أننا اتفقنا في يوم من الأيام عندما أسسنا دولتنا الوحدوية على تعيين 30% في البرلمان، ثم تدرجنا. كما أنه حتى أميركا تنتخب عن طريق هيئة انتخابية.
نحن ملتزمين لمبدأ توسيع المشاركة والرئيس مع هذا الاتجاه بالمطلق، وعبر عنه في اجتماعات الأمانة العامة واللجنة العامة، ولكن علينا نحن كأجهزة تنظيمية ومساعدين وأيضاً المجتمع المدني أن نضع التفكير الملائم لهذا الشيء.
وبالتجربة فإنه لو قدم لرئيس علي عبدالله صالح رأي جماعي والله ما يقول لا.



* هل نفهم أن المؤتمر، يعتقد أن المعالجات ليست مستعجلة وأنه غير قلق مما يحدث في الساحة الآن؟
- لايصح أن يكون هناك حزبا حاكما لا يتمتع بالقلق. والقلق كحالة صحية، غير القلق النفسي.



نحن نقيم أداءنا الإعلامي



* ماذا يثمر هذا القلق المؤتمري إذن؟
- نرصد ونحلل هذه الظواهر، ونتعامل مع القضايا وفقا لما نعتقد أنه سيوفر حلولا إيجابية.. بعضها نناقشها في الأمانة العامة وأخرى في اللجنة العامة.
المؤتمر يناقش الأداء الإعلامي والسياسي له، أولا.. وفي آخر اجتماعات الأمانة العامة وقفنا أمام الإعلام، حيث نعتقد أن إعلامنا شبه مشلول لا يؤدي الأداء التثقيفي ولا الإعلامي الصحيح ولا التعبوي، وهو إعلام فيه جمود كبير وليس فيه جاذبية، وشكلنا فريق عمل وقررنا الاستعانة بشركة لتقيم أداء الميثاق، المسيلة، مايو، تعز، ثمود، وكل الصحف الصادرة عن فروعنا، ولأول مرة نفكر إعادة ترتيب ملكيات الصحافة المؤتمرية حيث نريد أن نجرب عبر وسيلة واحدة هذه التجربة ونطورها، بحيث يحول المؤتمر صحفييه إلى شركاء في الصحف التي يعملون فيها.
فالصحافة اليمنية عموما، تعاني من أنها أسرع وأكثر أدوات العمل العام الحديثة انتظاما في الإنتاج، حيث تصدر أسبوعيا وبالتالي يتوجب عليها تغطية التطورات، وتقديم الآراء، فإذا أضفنا مشكلاتها المادية لهذه الضغوط سنكتشف أن هذه الصحافة تشتم هذا وتعادي ذاك، بغض النظر عن حاجة المجتمعات التي تصدر عنها. أو تقوم بدور السفيه الذي كما يقول المثال العربي "ذل من لا سفيه له".



* نعود للقلق المؤتمري من الأحداث؟
- كما قلت لك حين نناقش أدائنا الإعلامي، والخطاب الديني، والأداء التنظيمي فهذا يعني إننا قلقين.



لسنا قلقين من المطالب
* أتحدث عن القلق مما يعتمل في الساحة..
- نحن في المؤتمر لسنا قلقين على الإطلاق، من أن يعبر الناس عن مطالبهم، وعن المظالم التي يتعرضون لها، هذا حق إنساني بحت بالمطلق، لكنا نعبر عن قلقنا تلك الاتجاهات الخطرة التي تستخدم المطلبية لتمزيق وحدة الوطن لتمزيق السلام الاجتماعي، وتخلق بؤر هنا وهناك.
من الخطير أن يفكر البعض أنه بالخطاب المناطقي يمكنه أن يحل مشكلاته، فأولا أنت شريك –شئت أم أبيت- للآخرين. لا تعتقد أنك كحضرمي وضالعي وصعدي وشبواني أو إبي سينتهي بك الأمر أن تقرر لوحدك ما تعتقد أنه معالجات لأي مشكلات.
إن مثل هذا التصرف يهدد الجميع بالتحول إلى ما هو أصغر، حيث سيتحول كل واحد منا إلى أقل من قرية متناحرة مع بعضها البعض. فالشيء الصغير قابل لأن يصغر ويصغر.
ولذا فأعتقد أن حسن باعوم ومسدوس أو غيرهم من الموالين لهم في تيارات أخرى، يبذرون فتنة سوف تقع على رؤوس الناس كلها..



المعارضة في الضالع تحكم وتقطع الطريق
* الذي أسأل عنه هو مدى تحميل المؤتمر نفسه الأسباب التي أعادتنا لهذه الخطابات..
- تحدثت معك في البداية عن مشكلات نحن نقر بضرورة معالجتها، لم نصنعها نحن كمؤتمر بل نحن أحد ضحاياها كإرث تاريخي.. ولذا فبدلا من أن ننشغل في البحث عن دور كل طرف في خلق هذه المشكلات، فالمهم التوجه نحو حلها وأهمها السلطة المحلية..
ويمكن يكون من الصحيح أن بعض النجاحات التي تحققها المعارضة ناجمة عن أخطاء السلطة، ولكن هناك فرق بين أخطاء ناتجة عن إصرار أيدلوجي ومنهجي وعقائدي، وأخرى ناجمة عن سوء تقدير أو حتى فشل في الإدارة.كما أن هناك خلافات داخل المعارضة تريد تحميل المؤتمر المسئولية.
حين أفكر فيما يحدث في الضالع، أستغرب كيف يحدث ذلك والمؤتمر هناك هو المعارضة. أحزاب المعارضة هي التي تسيطر على المجلس المحلي، ثم هي التي تتظاهر وتقطع الطريق.. والحقيقة نحن ننتظر أن تقدم المعارضة عبر توليها مجلس محلي تلك المحافظة نموذج مختلف لأدائها، وخاصة أن المؤتمر وعبر مسئوليه في المواقع التنفيذية أكد دعمه لأي مجلس محلي يفوز بأصوات الناس أيا كان انتماء أصحابه. أعتقد أن المؤتمر هنا أنجز تحولا مهما يتمثل في تجاوز اشتراط الولاء السياسي للحزب الحاكم.



* المؤتمر صفى الدولة اليمنية لصالح مناصريه سياسيا، استئصل التعددية من الوظائف مادون السياسية من مدير عام وحتى مدرس في قرية..
- الحقيقة ليس كل الوظائف. بل إن المؤتمر عاجز عن مثل هذه المهمة نحن حتى الآن غير قادرين على تفعيل منظمات المؤتمر المحلية.



هذا يزيد من نفوذ المؤتمر
* هناك من يعتقد أن مايحدث هو رفض شعبي لتحول الانتخابات إلى وسيلة يحصد بها المؤتمر مزيد من الأغلبيات.. لأن هذا نقيض للتعددية.. المجتمع يسعى لتقليص نفوذ المؤتمر، ولم يجد تعبير أيدلوجي إلا بالصراع المناطقي..
- هذا معناه أن الأحزاب الأخرى عجزت أن تعطي جاذبية في برامجها لأن تعبي هذا الفراغ الذي عبرت عنه.
إذا كانت الأحزاب ترى أن المؤتمر كبر ولابد من تصغيره، فلا يصح لها أن تسلك لذلك طريق تصغير الوطن كبر بوحدته. ولأننا ندرك استحالة ذلك فنحن نقول لهم إن جعل المؤتمر والوحدة الوطنية طرف واحد، يزيد من نفوذ المؤتمر، ويكسبه حياة جديدة.



* إذا استجاب للتحديات، إذا تحمل مسئولية مواجهة مشاكل الناس..
- هذا ضروري، لأنه أيضاً مطمعه أن يبقى في السلطة.هنا أنا أقول أن بعض الشعارات رغم إزعاجها لنا فمن ناحية انتهازية تخدمنا نحن.
أكثر الناس عبثا في الفعاليات التي تحدث في حضرموت مثلا، هم من الصومال، الذين ليس لهم دولة، ويبحثوا عن كيانهم ليس في مقديشو بل في المكلا، والتي يرفض مواطنيها الفوضى وتكسير الممتلكات أو تحقير المناطق الأخرى.. فحضرموت ليس من أخلاق أبنائها تحقير وطنهم الكبير.



* لكن أريقت بينهم دماء.. وقتل متظاهرين.. برصاص السلطة وهذا لن يكون أبدا لصالح المؤتمر..
- هل الذي دفع بهذه الإراقة هو المؤتمر أم هم، هم دفعوا بها..
المؤتمر يشعر بالأسف لذلك الشخص الذي يتظاهر ويكسر المحلات ويشتم في الناس ويستفز أبناء الوطن من منطقة هنا أو من منطقة هناك.



الجميع يتحمل الاخطاء
* ماذا بشأن الاعتقالات بل وخطف بعض الناشطين.. وحتى الخطاب السياسي المتشنج مثلاً من المؤتمر أو من حكومته.. كل هذه يجعل المؤتمر سببا في كثير من التهييج وصناعة المشكلات...
- لا يمكن أن أقول أن المؤتمر بلا أخطاء.. وقلت لك نحن جربنا أخطاء الآخرين وهم في الحكم.. رأينا أنه عندما كان الاشتراكي في السلطة أخطأ أخطاء مدمرة إلى أبعد حد.
ففي خلاف سياسي واحد حصدنا أكثر من 4730 شخص في 13يناير، وحصدنا مئات في أحداث سالمين، وحصدنا حكومة قحطان الشعبي، حملوهم في الطائرة ونسفوها، بعدما سحلت الشخصيات الاجتماعية والدينية.
أنا كنت سجينا ورأيت أمامي ناس يقتلون، ويعدمون بسبب خلافات سياسية.. فهل هذا تاريخ يمكن أن يقال إن المؤتمر الشعبي العام صنعه.. المؤتمريون كغيرهم من أبناء الوطن يتحملون إرث هذه الأخطاء الكارثية التي لم تنتهي تبعاتها الاجتماعية بعد، ولم تنتهي الثقافة التي صنعتها..



ثقافة الصراع هي أيدلوجيتهم..



* نحن لانتحدث عن ماحدث في الماضي، بل فيما يحدث راهنا..
- هذا لم يصبح ماضيا من آلاف السنين.. بل لاتزال بعض الأطراف التي صنعته ولم تعترف بأن ما فعلته خطأ، تسعى للحصول على إمكانيات للتأثير في خيارات المجتمع.. لاتزال الثقافة التي صنعها ذلك الصراع حاكمة في خطاب بعض أطراف المعارضة..
وبدون التقليل من أخطاء المؤتمر، أو سوء أن نفقد مواطنا أو يعتقل آخر، فإن هناك فرق بين الذين يذهبون إلى بيت شخص ويحملونه ويقتلوه وبين حادث قتل في ظل زحمة مظاهرة، ربما قالوا العسكري أطلق في الهواء.
والذين يتباكون على إصابة هنا أو هناك، ومع تأكيدنا الشعور بالأسف لكل قطرة دم تراق، نقول لهم إنكم ترفضون مجرد الإقرار بالكوارث التي أوديتم فيها بآلاف اليمنيين وحتى اليوم لازالت الثقافة الصراعية التي أثمرت تلك الكوارث هي أيدلوجيتكم..



نعتز بتميزنا عن الاخرين
* المؤتمر يهرب كثيرا نحو الماضي.. حيث يمكن بسهولة أن تظهر أخطاء منافسيه..
- نحن نعترف أن هناك أخطاء يمارسها المحافظون يمارسها مديرو المديريات يمارسها مديرو الأمن، وأخطاء يمارسها مشائخ يدعون أنهم من المؤتمر، أو ينتمون للمؤتمر، فيسيئون له. هناك الكثير مما لانشعر بالرضا عنه.. ولكن لابد من أن ندافع عن الفوارق التي نعتز بأنها تميزنا عن غيرنا وفقا لما يعرفه الجميع رغم محاولة البعض التعمية على ذلك..



تجربة المؤتمر متميزة



* النقد للمؤتمر لم يعد حكرا على هؤلاء.. هناك صوت قادم من داخل المؤتمر نفسه..
- أنا أعتبر الحديث أفضل من الصمت، وهذا مقتضى الأفضلية في العمل السياسي، خلافا لأفضلية الحكمة التي تجعل الصمت من ذهب.
أقول بوضوح أن المؤتمر بتكويناته المختلفة التي جاءته من جميع الأحزاب، من التيار الإسلامي، من التيار الاشتراكي، من التيار القومي، من التيار الليبرالي، هؤلاء رفض المؤتمر أن يذيبهم كلهم في قالب واحد، كأنما يلقط الزجاجات المختلفة ثم يصبها من جديد في زجاجة واحدة، وهذه هي ليست إشكالية بل هي فلسفة إيجابية من المؤتمر للعمل السياسي.
باستثناء الميثاق الوطني كقاسم مشترك، والوحدة التنظيمية الداخلية، بمعنى عدم الخلط في عضوية المراكز التنظيمية وعدم خرق قواعد تشكيلها.. يمكن أن نشهد خطابا هنا أو هناك يمكن وصفه بالخطاب الإعلامي المعارض، أو المناكف.
وطالما هو خطاب انطباعي شخصي، فهو شهادة لتميز تجربة حكم المؤتمر الشعبي العام ليس يمنيا وحسب بل وفي الساحة العربية برمتها.
ففي ظل المؤتمر الشعبي العام وقيادة الرئيس علي عبدالله صالح، ومهما قلت من خطاب مناكف فلست فقط تحتفظ برأسك على جسدك، بل وأيضا تحتفظ ببطاقة عضويتك الحزبية.. ولا أرى تجربة مماثلة على الساحة كلها..



المؤتمر ليس ملزماً بتقييمات المعارضة
* وماذا بشأن وجاهة وموضوعية ماتطرحه هذه القيادات.. بعد أن ظل المؤتمر يرفض الاعتراف بماتقوله المعارضة..
- المؤتمر لايرفض تقييمات المعارضة، ولكنه ليس ملزما بها.. هو لديه ناخب ولديه هيئات تنظيمية هي المرجعية.. أما خطابات بعض قياداته، فقد قلت، كأمين عام، لبعض الإخوان الذين طرحوا آراءهم، إن هذه القضية خاطئة وتلك لا تعبر عن المؤتمر ولا تعبر عن رأي أغلبيته..
وربما بعضهم قبل هذا الرأي، وبعضهم قال إنه ما زال متمسك برأيه.
وفي ظل الديمقراطية التي يقود المؤتمر تحولاتها في اليمن، فإنه طالما قال الأمين العام وقال عضو الأمانة العامة وقال عضو اللجنة العامة وقال الناس أن هذا لا يعبر عنا، فإن الأمر لا يتجاوز أن يكون خيارات شخصية إما أن صاحبها يراجعها ويرمم علاقته بالرؤية العامة للحزب، أو أنه يتخذ قرارا واعيا يخص قناعته ويتيح له المؤتمر كلا الخيارين.



* يجمع المؤتمر خليطا من التخصصات والكفاءات والقدرات.. لكن تأثيرها على القرار السياسي للحزب ضعيفة.. ممايجعل القبول به كحزب أمر صعب.. ألم يحدث تغيير في علاقة المؤتمر بقواعده؟
- نحن ندعم مؤتمرات أعضائنا المهنية، سواء الأطباء أو المحامين أو المزارعين، بل وهناك ما يسمى بالمهمشين، وطبعاً عملنا مجلس لهم وسميناهم الأكثر فقرا، لأن مهمش تعبير سلبي من ناحية وهي ترجمة حرفية للكلمة باللغة الانجليزية. ندعمهم لكي يعبروا أثناء مداولاتهم في الانتخابات النقابية التابعة لهم عن آراء تنسجم مع مطالب أصحاب المهنة أولا.



* أنا أتحدث عن ما يخص صناعة القرار داخل المؤتمر؟
- ما يخص صناعة القرار داخل المؤتمر، سأورد لك مثال بسيط نحن نستعين بعدد كبير من أساتذة الجامعة وهم هنا مجتمعين الآن لكي يكونوا هيئة علمية لمعهد الميثاق باعتباره "ثينك تانك" للمؤتمر.



* لكن معهد الميثاق لم يقم بمثل هذا الدور مطلقا؟
- نحن نستدعي أساتذة الجامعة من أعضاء المؤتمر ونحيل لهم مواضيع يدرسونها ويقدموا لنا آرائهم العلمية، ويبقى لنا كمنتخبين وقيادة القرار السياسي.



* لنتجاوز المؤتمر داخليا، هناك لجان عديدة شكلت مؤخرا هل الموضوع يتعلق بتفريغ الحكومة للأداء الإداري والفني أم أنه تعبير عن اهتزاز ثقة القيادة السياسية بالحكومة؟
- بصراحة، هذه اللجان، هي أفكار طرحت في مشاريع قديمة ولم تأت بسبب الحكومة الحالية.
فمثلا قضية الثأر وقضايا الانحرافات الأخلاقية، والمسائل المخلة بالأمن المرتبطة بالثقافة والوعي، ومن بينها مظاهر السلاح.. وغيرها
هذه قضايا صدر فيها قرارات وقوانين لكن الحكومات فشلت في معالجتها.
فمثلا قضية الثأر تعاملنا معها كقضية مالية، وتولى نائب رئيس الوزراء وزير المالية حينها الأستاذ علوي السلامي رئاسة لجنة لذلك، وصدر قانون وصدرت اللائحة الخاصة بالثأر وضمت تقريباً كل الأطراف الموجودة الآن في اللجنة التي يترأسها الأخ سالم صالح. ولكنها لن تنجح إذ تحول الثأر إلى راس مالي حيث تمسك أصحاب الثأر بثأرهم أكثر فأكثر، طالما أن وزير المالية سيدفع، وتحولت المسألة إلى أسهم بورصة، في بورصة الثأر، وكل من له ثأر قديم قد نسيه بعثه من جديد يطالب اللجنة بفلوس..
أتصور الآن فيما يخص لجنة مكافحة الظواهر السلبية إن المهمة الآن اقتربت من الجانب الاجتماعي أكثر، وينبغي أن تقترب أكثر من جانب الوعي والثقافة..



* ماموقف الحكومة؟
- لو كنت رئيس وزراء، لرأيت الأمر إيجابي جدا، فهذه اللجان تساعدني على التخفف من هذا الهم التاريخي.
ودعني أقول لك إن أحد دلائل تشكيل الدولة لمثل هذه اللجان هو غياب الفاعلية الاجتماعية للأطراف السياسية والاجتماعية المختلفة، مما يضطر الدولة لمحاولة تولى مختلف المهام.
فمن الواجب أن هذه اللجان تشكل من المجتمع كما هو في غالب الدول التي لا تتولى الدولة إدارتها بطريقة أمنية.. ففي اليمن الدولة، وطريقة وأداء الرئيس علي عبدالله صالح أنه يستجيب بشكل ممتاز لأي مبادرات اجتماعية تسعى لحل مشكلة ما أو تفعيل أداء للمجتمع.
وعموما ففي العالم كله، توجد هذا النوع من اللجان أو هذا النوع من المجالس. في مصر عندك مجالس يسموها المجالس القومية، عدة مجالس قومية تحت مسميات معينة تتولى بحث قضايا محددة، في السعودية نفس الشيء، وحتى في أمريكا لكن الفرق في أمريكا أنها ليست مجالس حكومية، بل مجالس مجتمعية.



* تتعالى نغمة التقييم المؤتمري للآخرين بطريقة ملفتة، مثلا المعارضة مع أنه صار حزبا حاكما ويتوجب أن ينشغل بشكل أكبر بأداء ممثليه الذين يتحرك أثناء الانتخابات باسمهم لينال ثقة الناخب..
- لدينا مشروع تقييم نتمنى أن ننجزه خلال ستة أشهر، عن أكثر المسئولين تأثيرا في يوميات اليمنيين، وهم مدراء عموم المكاتب، والمديريات.. دفاعنا كمؤتمر عن مثل هذا الأمر أن هؤلاء هم الذين نحكم من خلالهم..
ولكن بالطبع نحن لانتحدث عن الأداء السياسي لهم، بل عن التزامهم ولو المبدئي بواجباتهم الفنية تجاه الناس الذين عينوا لخدمتهم..
المؤتمر أيضا غير راض عن أداء كثير من الناس في مواقع المسؤولية، ولذا فقررنا أنه إذا لم نصحح علاقتنا مع الناس
عبر هؤلاء فربما نتعرض إلى إشكالية أثناء الانتخابات القادمة.
ولكن أيضاً ينبغي أن نتجنب إشكاليات من نوع آخر وهي الإشكاليات الاجتماعية، لذا المؤتمر يدرك أن عليه مراعاة التوازن في هذه المسألة.
ولكن الأهم من ذلك، الاهتمام بالفئات الاجتماعية الأكثر التصاقاً بالحياة وعلى وجه الخصوص الفئات العاملة والفلاحين والصيادين والفئات الوسطى، لأن هؤلاء يتعرضون من أطراف أخرى من مراكز قوى أخرى على المستوى الاجتماعي يتعرضون لنوع من الاضطهاد فإذا وجدوا في المؤتمر من ينزع عنهم هذا الاضطهاد إذا فهم في أمان وسلام، ولن يكون الحكم بيني وبينهم كيس رز أو كيس القمح بل قضية أمان وأمن وكرامة الإنسان.



* طالما تحدثنا عن كيس الرز.. لماذا يتخلى المؤتمر عن مناقشة حكومته بشأن الإدارة الاقتصادية للدولة، والاهتمام بدخل الفرد كأولوية قصوى لتقليل التأثير السلبي لارتفاع الأسعار..
- بالنسبة للغلاء، لابد أن نقول أن الكوارث الطبيعية التي واجهها العالم خلال هذه الفترة، أثرت على أسعار متطلبات المعيشة بالنظر إلى أن العالم مبني اليوم كله على علاقات رأسمالية، تحكمها قوانين العرض والطلب. ولذا فإذا تحسنت الأوضاع المناخية تحسن الرز وسينزل القمح أفضل مما كان عليه في السابق.



* كمواطن يمني فإن الذي يهمني هو المساواة.. فأنا لن أقبل أي تفسيرات توظف حتى المتغيرات المناخية ضدي.. لماذا أعجز عن توفير قيمة كيس رز أو قمح لأولادي فيما الكبار، وبخاصة كبار الموظفين، يتمخترون بقدراتهم التي لم يكسبوها إلا بدعوى أنهم يخدموني.. وينفق إبن الواحد منهم في أسبوع ما أعجز عن توفيره في شهر..
- العدالة الاجتماعية لا تدور عند كيس القمح أو كيس الدقيق أو كيس الرز، العدالة الاجتماعية أكبر من ذلك بكثير، وإن كان هذا أيضاً دلالة أخرى أن ما ذكرته على أساس أن الشخص يقارن بينه وبين غيره، هذا كلام جميل جداً وله أيضاً ارتباطات بالفكر الإشتراكي وهذا قاله كارل ماركس أن علاقات الناس بعضهم ببعض هي علاقات مادية بحتة، وبالطبع فأنا سبق وقلت أنه إذا أردنا أن نستفيد من بعض الفكر الاشتراكي فلنستفيد في الجانب الاقتصادي وليس في الجانب الفلسفي، فنحن بعقيدتنا وديننا ولسنا ضمن المادية الجدلية.
القضية الأساسية هنا هو إتاحة فرصة أكبر للناس تشتغل، المفتاح ليس في تخفيض السعر، المفتاح هو تشغيل الناس، وهذه هو التحدي الرئيسي.
نتوسع في الاستثمارات نتوسع في المشاريع ونعطي الناس فرص عمل مكثفة، صحيح الزراعة متعبة في اليمن لكن المحاصيل الحقلية مصدر أمان مهم.
أنا أصاب بالقلق حينما أرى الازدحام اليمني في أسواق القات، وهذا يعني ميدانيا أن القات يأخذ المساحة التي كان اليمنيون يحصلون منها على محاصيل زراعية أخرى.
وعموما هناك قضايا تتعلق بالاستثمار بالمناطق الصناعية، بإدارة الزكاة بغيرها من القضايا التي يجب الاهتمام بها لمواجهة ارتفاع الأسعار.
كما أن هناك التعليم المهني، فأن يبقي يمني بدون مهنة فإنه يكون أقرب للفقر والفاقة.
أذكر أني حين كنت في السجن في المنصورة كلفت بالإشراف على الورش الموجودة في السجن وعملت دراسة حول كيفية توفير مهنة للسجين بعد أن يخرج. تضمنت الإشارة لأشياء كبيرة وصغيرة تقوي نفوذ اليد العاملة بدلا من اللسان دائم التذمر، وخرجت من السجن وأهملت الدراسة وحين توليت منصب نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتنمية، فإذا مدير السجن يأتيني وقال يا أخ عبد القادر هذه دراسة أنت عملتها بخط يدك، وعليك أن تبحث لها عن تمويل، وبالفعل وفرنا لها عبر الحكومة اليابانية مليون ونصف دولار..
فإذن التعليم المهني أيضا يمكن لك أن توفر له دعما وتمويلا دوليا، لأنه ينعكس مباشرة على حياة الأفراد.



الأحزاب تريد تقسيم لجنة الانتخابات
* سأسألك هنا عن الحوار السياسي بين الأحزاب، والذي كان رأسمال ذات يوم في بلاد شحيحة الموارد الرأسمالية أصلا..؟
- يجري الحوار السياسي بين الأحزاب على قانون الانتخابات، وهناك فريق عمل يرأسه رئيس لجنة الأحزاب الدكتور عدنان الجفري، ومحامين من بقية الأحزاب، أظن المخلافي من الاشتراكي وإبراهيم الحائر من الإصلاح، ينظرون في مصفوفة أعدت في ضوء ملاحظات المجموعة الأوروبية، على الانتخابات السابقة.
يمكن أنجزت ثمان مواد عدى ما يتعلق بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، ففي وثيقة الأحزاب أن اللجنة العليا للانتخابات تكون من القضاة، ولكن الأحزاب تريد أن تبقيها بالتمثيل الحزبي، ثم تطالب بالمساواة ونحن مختلفين حاليا في هذه النقطة فلا يمكن أن يتساوى حزب لديه أغلبية بحزب لديه نائبين أو ثلاثة.



* ما رؤية المؤتمر؟
- أن تشكل من قضاة بدرجة استئناف، وأن يختار من ضمن مجموعة من القضاة يختاروا إما من البرلمان أو مجلس الشورى مثلهم مثل لجنة مكافحة الفساد أو لجنة المناقصات.
وعموما قد قلنا لفريق العمل بالاتفاق مع الأخ عبد الوهاب الآنسي أن ينظروا في كل شيء ما عدا هذه النقطة لأنها قضية سياسية اتركوها لنا، وأنا أتوقع أنه الأسبوع القادم نستأنف الحوار.



* هل من المنطقي حواراتكم على الانتخابات، وصراعاتكم من حيث المبدأ والأساس في كل قضايا الشأن السياسي برمته..
- أنا معك، ولذا وزعنا عليهم قانون السلطة المحلية.. بشكل رسمي وبرسالة أرسلت رسالة للأحزاب

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:41 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-4779.htm