الميثاق نت -

الجمعة, 18-نوفمبر-2016
شيماء محمد -
تجربة التحالفات بين الأحزاب والتنظيمات السياسية لم يجنِ منها الشعب اليمني إلاّ الويلات والآلام ومزيداً من الانقسامات والكراهية والاحقاد والأزمات والاقتتال والاستعانة بالخارج ضد بعضنا البعض وضد بلادنا وشعبنا.. التحالفات يمكن أن نقول عنها إنها تجربة سيئة وكارثية لأنها تطغى عليها الدسائس والتآمرات وحب الانتقام وشغف الاقصاء والتهميش والاجتثاث لتبدو أشبه بحلبة مصارعات بين متصارعين أو أكثر.. على الرغم من أن الغايات والأهداف من وراء قيام تحالفات بين المكونات السياسية هو إيجاد تكتل وطني يخوض نضالاً مشتركاً لتنفيذ برنامج أو برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تلبي تطلعات الشعب.. أو للتصدي لكل ما يتعارض مع مصالح الشعب والوطن.
تجارب التحالفات في الحياة السياسية للعديد من الأحزاب الفاعلة على المستوى الدولي تجارب جديرة بالاحترام، كان لمعظمها تأثير كبير في تغيير الأحداث والسياسات ومواجهة السلطات الاستبدادية والدكتاتورية ليس هذا فحسب بل إن هذه التحالفات تجاوزت التباينات وأعطت نموذجاً متميزاً في الانفتاح مع الآخر والتقارب في الرؤى والايديولوجيات والاتفاق حول الأولويات في البرامج والخطط والاستراتيجيات والمشاركة في تحمل اعباء المرحلة كفريق عمل واحد ارتبط مصيرهم بالعمل معاً من أجل تحقيق أهداف وطنية واحدة، ولا تعني أيضاً الإلغاء للآخر أو الاحتواء أو الاندماج.
للأسف يمكننا القول إن تجربة التحالفات في اليمن تحولت الى مشكلة وطنية حقيقية تقف عائقاً أمام التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حيث نجد أن التحالفات التي شهدتها اليمن منذ تسعينيات القرن الماضي والتي قامت على مبدأ التحالف العسكري لتحقيق الأهداف السياسية ماتزال هي المشكلة، حيث إن ظهور أي تحالف الى الآن يغلب عليه الطابع العسكري أو القوة وليس الإيمان والقناعة بواقعية أو موضوعية وعلمية هذا البرنامج السياسي الوطني لهذا الحزب أو ذاك.
وما يحز في النفس أن تجربة المؤتمر الشعبي العام في مسار تاريخ هذه التحالفات تجربة مرة ومؤلمة جداً وقد دفع المؤتمر وجماهير الشعب ثمن ذلك باهظاً.. ومايزالون يدفعون الأثمان مضاعفة الى اليوم..
أعتقد أن من الضرورة بمكان أن يقيّم المؤتمر الشعبي العام تقييماً علمياً وموضوعياً تجربة تحالفاته خلال العقدين الماضيين ويحدد الاخطاء ويقف بمسئولية أمام السلبيات والايجابيات.. وما هي الثمار التي حصدها الوطن والشعب أو التنظيم نفسه من وراء مثل هذه التحالفات.. وقبل ذلك على المؤتمر أن يتحرر من عقدة أنه مايزال مظلة للكل.. فمرحلة ما قبل التسعينيات وما تميزت به من فرادة في مسيرة التحالفات لم تعد تصلح معها عاطفة البابوية اليوم بعد الانتكاسة التي تتعرض لها بعض الأحزاب الوطنية..
علينا أن نعترف بأن من بين الاخطاء المرتكبة أن كل التحالفات قامت على المراضاة والمحاصصة والمقاسمة ولم تقم على مقاربة في برامج وطنية سياسية واقتصادية واجتماعية.
لهذا لا غرابة إذا وجدنا بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية تتعرض في مسيرة تاريخها الوطني الى انتكاسات قاتلة، حيث تحولت الى مراكز قوى قبلية ومناطقية ومذهبية ولم تعد تقدم نفسها للشارع اليمني كقوى وطنية، هذه الانتكاسة توالدت بشكل مفزع بعد نجاح الحزب الاشتراكي اليمني في إيجاد القضية الجنوبية ليفتح بذلك الشهية أمام القوى الانتهازية والطفيلية الأخرى التي سارعت نحو تفتيت الدولة المركزية اليمنية الواحدة سواءً باسم الأقلمة أو القضية التهامية أو قضية صعدة أو القضية المأربية وأخيراً بالدعوة الى إنشاء دولة اتحادية ومحاولة فرض ذلك بقوة العدوان الخارجي.
من جديد يدخل المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه في تحالف مع أنصار الله وحلفائهم.. تحالف الى الآن لم يتم فيه الالتزام بالدستور والقوانين النافذة، فيما يتطلع المؤتمر بعد أربعة أشهر الى أن يتم الالتزام بتنفيذ بنود اتفاق 28 يوليو.. هذا شيء مؤلم وصادم فعلاً.
مبررات هذا التحالف جاءت تحت عنوان هو بهدف تعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة العدوان، وهي لافتة ليست مقنعة لأن هذا التحالف جاء بعد أكثر من عام على العدوان.
من جديد تتقاطع المشاريع ويختلط الخاص بالعام وتُغتال آمال الملايين وبعد خراب كل شيء يطلع المؤتمر هو الخاسر الأول بضياع مكاسب وطن وشعب وتاريخ قاد صناعته طوال نصف قرن من الزمن.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-47917.htm