الميثاق نت -

السبت, 19-نوفمبر-2016
محمد علي عناش -
العلاقات والتحالفات التي تحاول السعودية أن تقيمها مع أطراف أخرى خارج تحالفاتها التاريخية (أمريكا وبريطانيا) لاتحمل مؤهلات الديمومة، لذا سرعان ماتنتهي بالتصادم في المواقف ثم الطلاق لأنها كانت قائمة على المصالح المتبادلة لكن بشكل سخيف كونها تُبنى على شراء المواقف بمنطق أنا أدفع لك المال وأدعم اقتصادك، وأنت تتبنى مواقفي وتوجهاتي السياسية،والسعودية لا شيء سوى أنها تملك وفرة مالية وتملك أدوات متطرفة وإرهابية وتملك مشروعاً طائفياً، وعلى هذه المحددات تنبثق توجهاتها السياسية وتقيم علاقاتها وتحالفاتها، وبالتالي فإن استمرار هذه العلاقات وفقاً لهذه المحددات يصبح مملاً وهمجياً وقافزاً على الحد الأدنى من الأخلاق السياسية والإنسانية والحد الأدنى من الاحترام للقوانين والمواثيق الدولية، خاصة وأن هذه الدول وجدت نفسها وقد أصبحت غطاءً للتنظيمات الإرهابية التي تتحرك بتمويل ودعم سعودي، وأصبحت متخندقة خلف مشروع طائفي مدمر في المنطقة تسوقه السعودية وتغذيه لإثارة النزاعات والصراعات بالهوية، ليس هذا فحسب، بل ومشرعنة لجرائم الحرب ضد الإنسانية التي ترتكبها السعودية سواءً بتدخلها المباشر كجرائمها في اليمن، أو بالدعم والتمويل كما في سوريا والعراق..
مصر ذات العمق العربي التاريخي من المواقف القومية المشرفة، والقيادة للمشروع التحرري والتنويري في المنطقة العربية لأكثر من قرن من الزمان، وجدت نفسها في عهد السيسي وقد وقعت في هذه الشراك وغارقة في هذا المستنقع السعودي، وها هي تحاول أن تتجاوز ذلك وأن تتخلص من هذه العلاقة والتحالف الهمجي، التي لم تُبْنَ إلا على حساب العزة والكرامة والرصيد القومي المشرف لمصر، لكن مصر السيسي مازالت متأرجحة بين الانتصار لقضايا الأمة والخروج من مستنقع السعودية العفن، وبين الضغط الاقتصادي ومواجهة تحدياته وأعبائه بعيداً عن الدعم السعودي المشروط بمحددات رجعية ولا أخلاقية.. وبالتالي فإن السعودية ستحاول قدر الإمكان وبمختلف الطرق أن تحافظ على متانة علاقاتها مع حلفائها التاريخيين بريطانيا وأمريكا، هذه العلاقة التي أخذت تهتز وتخترقها الكثير من عوامل التداعي والفتور، ليس فقط بسبب انكشاف علاقتها بالتنظيمات الإرهابية ودعمها وتمويلها بالمال والسلاح، وإنما أيضاً بسبب عدوانها اللاأخلاقي على اليمن والجرائم البشعة التي ترتكبها بحق الشعب اليمني، الأمر الذي جعل الكثير من المنظمات والمؤسسات الإعلامية وخاصة في بريطانيا ترفع أصواتها بالإدانة الصريحة لجرائم السعودية في اليمن وتسلط الضوء على هذه الجرائم باعتبارها جرائم حرب ضد الإنسانية تستدعي محاكمة السعودية واخضاعها للقانون الدولي، واتهام الحكومة البريطانية بالشراكة في ارتكاب هذه الجرائم عبر بيع السلاح للسعودية كي تقتل به أفقر شعب في العالم.. ربما ستتمكن السعودية من المحافظة على تحالفها مع بريطانيا عند مستوى معين من الدعم البريطاني لها دون التأثر بمتغيرات الظروف التي تخلقها السعودية في المنطقة، والتي ستسعى بريطانيا الى تسويتها وتكييفها بقدر الإمكان لصالح السعودية، وخاصة ما يتعلق بالأزمة اليمنية وعدوانها على اليمن.. غير أن السعودية سوف تفشل في المحافظة على تحالفها مع أمريكا عند المستوى الراهن، خاصة بعد فوز المرشح الجمهوري دولاند ترامب، السعودية قلقة جداً من ذلك بل ومرعوبة، لأنها تشعر أن تحالفها يتعرض للتصدع، وتشعر أيضاً بتحولات كبيرة في السياسة الأمريكية تجاه الكثيرمن القضايا والملفات وبالذات في المنطقة العربية وخاصة مايدور في سوريا واليمن والعراق..
السعودية يوماً عن يوم تتجلى بدون غطاء تجاه الكثير من القضايا المتورطة فيها وتجاه طبيعة نظامها، ويتجلى سخف تحالفاتها وسفه سياساتها الصبيانية، وتتكشف أكثر بأنها بلا مشروع للحياة وبلا أدوات سياسية وثقافية للتصالح مع الآخرين، كل المتغيرات والظروف تقود الى وضع هذه النقاط التي هي بمثابة علامة استفهام في جبين السعودية.. تدرك السعودية ان الأمور في المرحلة القادمة لن تكون بنفس النسق كما كانت عليه في عهد الديمقراطيين بنموذجه الأوبامي، الذي لم يكن سوى كاهن يلعب بالبيضة والحجر تجاه مختلف القضايا حتى الساعات الأخيرة من فترته الرئاسية التي ختمها بإدراج منظمة فتح الإسلام ضمن المنظمات الإرهابية بعد ان ظل يدعمها حتى آخر يوم له باعتبارها معارضة معتدلة، وفي النهاية لم يحل أي قضية وانما غادر مخلّفاً وراءه سجلاً سيئاً ولعنات تاريخية.. الأوبامية في سياسة الديمقراطيين هي من اسقطتهم وهي من حولت سياستهم إلى كهانة سخيفة، كهانة الديمقراطيين هي من اسقطت الدولة في ليبيا وأنتجت البدائل جماعات سلطوية متناحرة ومتطرفة دينياً وعشائرياً، وهي من قدمت اعتذارها للشعب الليبي عن قيامها بذلك، هي من دعمت التنظيمات الإرهابية في سوريا واستخدمتها ضد نظام بشار الأسد باعتبارها معارضة ثورية، وهي من وضعتها ضمن قائمة المنظمات الإرهابية وشكلت حلفاً لمحاربتها، وهي من أدرجت السعودية ضمن قائمة الدول المنتهكة لحياة الأطفال وهي من أخرجتها من القائمة بعد ساعات قليلة، هي من توجه اللوم والعتاب للسعودية لإفراطها في العنف ضد اليمن وارتكاب الجرائم غير المقبولة، وهي نفسها في اليوم التالي تبيع للسعودية سلاحاً وقنابل عنقودية.. تدرك السعودية أن هذا النسق السياسي المسخ في فترة الديمقراطيين بنموذجه الأوبامي، لن يستمر في عهد ترامب ولن تمضي الأمور بهذه الكيفية، لذا هي مفزوعة وقلقة من فوز ترامب الذي مثل لها صدمة كبيرة بعد أن حشدت لإسقاطه كل امكاناتها المادية ومولت الحملة الانتخابية بشكل كلي لمرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، وخاصة ان ترامب قد اظهر مؤشرات ومواقف مسبقة تجاه الكثير من القضايا وتجاه السعودية نفسها التي وصفها بأنها مجرد بقرة حلوب متى ماجفت سيتم حرقها.. وبالتالي فإن المظاهرات ومسيرات الشغب التي خرجت في بعض الولايات الأمريكية في اليوم التالي لفوز ترامب، رفضاً لترشيح ترامب ومطالبة برحيله، ليست بريئة وأول مرة يحدث مثل هذا في تاريخ الانتخابات الأمريكية، وإنما كان وراءها الكهنة الأوباميون في الحزب الديمقراطي، وكذلك خطباء المساجد الوهابية التي حرضت على ذلك، تحت دعاوى عنصرية ترامب، وهي شبيهة بدعوى الرافضية والمجوسية التي تبثهاالسعودية في المنطقة، نحتاج نحن في اليمن الى إثبات وإقماع العالم بأننا أصحاب قضية ومظلومية وأننا لسنا انقلابيين وإنما أصحاب رجال دولة وأصحاب مشروع حضاري أسسه الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وأصحاب حوار خلاق مع المختلف في التوجه والعقيدة والمذهب وانه ليس هناك حواجز بيننا وبين الآخر .يجب أن نعين أنفسنا قبل أن ننشد معونة الآخرين، لأن المرتزقة والخونة وأذيال السعودية يشتغلون على متناقضات كثيرة لتقيم حواجز بيننا وبين الآخرين ليظهر المرتزقة انفسهم أنهم البديل الأمثل..
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-47931.htm