السبت, 26-نوفمبر-2016
الميثاق نت -     أ٠د. عبدالعزيز صالح بن حبتور -
انقسم الرأي العام اليمني حيال خطة السيد/ إسماعيل ولد الشيخ أحمد الأممية التي أحضرها من لندن في نهاية أكتوبر من الشهر المنصرم، وما أن أعلنها من دهاليز الدوائر الغربية وهي مستوحاة من جوهر المبادرة الامريكية التي قدمها المستر/ جون كيري - وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، وما أن أُعلنت حتى تباينت وجهات النظر بشأنها وتعالت الأصوات وانخفضت وتوالت التصريحات الدبلوماسية والإعلامية تجاهها، وكلٌ انطلق من زاويته ومصالحه السياسية وحتى المعيشـية، إلاَّ أن الوفد الوطني المفاوض وبتوجيه من المجلـس السياسي الأعلى انطلق من مصلحة الشعب اليمني المُعتدَى عليه ظلماً وجوراً، ولهذا عبَّر عن موافقته الضمنية تجاهها وقال: إنها تصلح كأساس للنقاش والحوار الجدي، وفي ذات الوقت أضاف العديد من الملحوظات الجوهرية كي تسـتقيم الأمور حين الأخـذ بها، لكن فريق ما يسمى (بالحكومة الشرعية) ومن مخبئه بالرياض، أعلن عن حنقه وغضبه وبصوت مذعور وبتصريحات موتورة وخائفة انطلقت من مقار إقامتها في كلٍ من الرياض والدوحة وأبوظبي والإستانة وأزمير، كلها صرخت وبدون تحفُّظ بأنها ترفض مبادرة السلام التي أفصح عنها ولد الشيخ بإيعاز من إدارة أوباما الأمريكية، تُرى ما هي مـبررات هذا الانزعاج والخوف في هذه المرة بالذات ؟!! ولماذا لم تتشاور السعودية مع ضيوفها المقيمين بشكل دائم في أجنحة فنادقها؟!! وما هو التباين الخفي بين حلفاء العدوان على اليمن؟!!.
دعونا نحاول معاً الإجابة على جل التساؤلات المعروضة في بازار السياسة الراهنة في منطقتنا:
أولاً:
حاولت دول العدوان بقيادة السعودية منذ اليوم الأول من حربها على اليمن أن تحسم الأمر بعجالة زمنية قصيرة ووفقاً لكل المعطيات الاستخباراتية التي حصلوا عليها، لكنها مُنيت بانكسارٍ مُرّ ولم تحقق ما سعت إليه، وطالت رحلة الحرب عليهم، وبقي الشعب اليمني صابراً صامداً بقواه الحيـة.
ثانياً:
حاولت دول العـدوان أن تحشد كل قواها على الارض والمنتمية لمعسكرها فجمعت بقايا الجنود والضباط تحت مسمى (جيش وطني)، دربته في معسكرات رأس الخيمة بالإمارات العربية المتحدة ومصوع بأرتيريا، وفصـلت لهم البدل العسكرية بكل الاشكال والأنواع وحاكت ونسجت لهم النوط وشارات الرتب العسكرية مع أحذيتهم (بياداتهم) بكل المقاسات وزودتهم بكل أنواع الأسلحة الأمريكية والبريطانية المتطورة وصرفت لهم المعاشات والأغذية (من نوع الكبسات وحتى مكعبات البوضة - الآيسكريم) وبعدها منحتهم مُسمى (الجيش الوطني اليمني!!!) وبعد كل هذا التعب والخسارة فإن كل محاولاتهم للزحف على الأرض في جبهات القتال قد انكسرت وعادوا بجنودهم ومرتزقتهم في التوابيت وبعضهم تركتهم صرعى في ميادين القتال، لأن الثابت في العُرف العسكري يقول إن الأرض تقاتل مع أهلها، ولهذا ينتصر المقاتل والجندي اليمني الحافي على كل جحافل المرتزقة والمأجورين في جبهات القتال حتى عمق جغرافيا العدو.
ثالثاً:
حشدوا المرتزقة بأنواعهم، وأضافوا عليهم عصابات داعش والقاعدة والميليشيات (الجهادية السلفية الوهابية) وزادوا عليهم من مرتزقة الحراك الجنوبي المسلح وكل من هبَّ ودبَّ وأصبحوا بالآلاف، وآخر أنباء الاحصاءات تشير إلى وصول (3000) شاب يقودهم الجنرال شبه المتقاعد/ هيثم طاهر وزير الدفاع الأسبق والذي عُيِّن لاحقاً مستشاراً أمنياً للشيوخ من آل نهيان، وتشير الأنباء الى أن حكام الإمارات اليوم يقومون بتدريب مالا يقل عن 12000 مقاتل في معسكر رأس عباس بالبريقة على (حسابهم)، وكل هذه الأعداد الكبيرة خُصصت للقتال دفاعاً عن الحدود الجنوبية للسعودية ولقتال أشقائهم بالداخل، ولكنها أعداد لا غير حينما يُحوِّلون شبابنا اليمني الجنوبي إلى مرتزقة مأجورين للقتال في صفوف أعداء اليمن، وكل هذه الأرقام من الشباب والتجهيزات العسكرية الحديثة لم تفعل شيئاً يُذكر في جبهات القتال، وفَطِن السعوديون مؤخراً ومن خلفهم الأمريكان أن لا جدوى من كل تلك التحشيدات والتي تحولت إلى أشبه بـ(الثقب الأسود) التي تلتهم وتبتلع ملياراتهم دون حسيب أو رقيب يتم توظيفها في حرب خاسرة وتسير باتجاه لا يخدم سفن الجيران (الأَعْرَاب) ولا المشروع الأمريكي على وجه الخصوص، ولذلك تزايدت المبادرات (السلمية).
رابعاً:
ارتفعت تكاليف حرب العدوان غير الأخلاقية على اليمن ويتم ارتكاب جرائم حرب تقشعر لها الأبدان، وقد شاهد العالم بشاعة تلك الجرائم المُرتكبة من طيران آل سعود وآل نهيان، وحتى آل ثاني وهي تمزق الأجساد الطاهرة للأطفال والنساء والشيوخ، وارتفع الصوت الحر بالعالم للتنديد بهذه الجرائم مما أضعف حجة المدافعين والمبررين لكل هذه الجرائم على الشعب اليمني.
خامساً:
تحوّلت (الحكومة الشرعية) إلى عبء ثقيل على المضيفين بالرياض وأبوظبي والدوحة، وارتفعت فيها فاتورة الحرب، وتقول بعض المصادر إن كلفة الحرب قد تجاوزت الـ 250 مليار دولار ومازالت الفاتورة مفتوحة للزيادة بكل أبعادها، ولذلك لم تعد دول العدوان تتحمل استمرار تكاليف الحـرب !!!.
سادساً:
وفي تسارع محموم وقبل أن تصل الادارة الامريكية المنتخبة بقيادة الرئيس/ دونالد ترامب إلى سـدة البيت الابيض لممارسة مهامها وهي المعروفة انتخابياً بأنها لن تكون كسابقتها مرنة وسهلة في علاقتها الدبلوماسية مع السعودية تحديداً ، اجتهدت الادارة الأمريكية الحالية لقذف طوق نجاة باتجاه حلفائها من الدول الخليجية.
سابعاً:
هناك تباين جدي في مواقف دول حلف العدوان وإلى النتائج المُفضية للحرب التي طال أمدها، وتحولت إلى حرب استنزاف حقيقية لن تقوى السعودية ولا غيرها على الاستمرار فيها، مُلحقةً الأذى بكل نواحي الحياة لهذه الدول المصنوعة من (زجاج شفاف) قابل للكسر بسهولة ويُسْر ولذلك ولأنها تنفذ أجندة خارجية عَرَفتْ الملمح العام لبدئها ولكنها لم ولن تعرف ملمح النتائج النهائية لمهزلة الحرب وتداعياتها على مصالح دولها وشعوبها وربما العالم أجمع.
الخلاصة:
إن هذه الحرب خلطت كل الأوراق ذات الأبعاد الوطنية والإقليمية وإن طال مداها قد تتحول إلى حـرب كونية، ولذلك فان المجلس السياسي الأعلى لم يتردد بقبول خطة المسـتر/ جون كيري للسلام المُعلن عنها في سلطنة عُمان بوساطة عُمانية كريمة، وضمن خياراتنا ومصالحنا الوطنية العليا وفي عدم المساس بثوابتنا الوطنية والأخلاقية، قبلنا مبدأ حوار السلام ورفعنا غصن الزيتون إلى الأعلى، ولكننا في ذات الوقت أبقينا أصابعنا على الزناد تحسباً لكل الاحتمالات.. والله أعلم منا جميعاً.
»وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ«
❊ رئيس وزراء حكومة الإنقاذ الوطني المكلف
[email protected]
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:36 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-48017.htm