الإثنين, 05-ديسمبر-2016
تقرير/ محمد أحمد الكامل -
تضرر القطاع الصحي والخدمات الطبية في اليمن جراء العدوان السعودي الإجرامي منذ 26 مارس 2015م إلى جانب خنق اليمنيين بحصار شامل والذي تزايد بشكل لم يسبق له مثيل في الشهر الـ(20) لهذه الحرب العدوانية القذرة والشاملة، يؤكده ارتفاع عدد الضحايا بين المواطنين والكوادر الطبية نتيجة استمرار تصعيد العدوان واشتداده على الجبهة الاقتصادية مما عمق صعوبات الأوضاع الحياتية المعيشية والصحية لتأخد منحى كارثياً مسبباً في اتساع انتشار الأمراض والأوبئة على مستوى الجمهورية..
خلَّف الحصار المفروض على اليمن وضعاً مأساويا على المستوى الصحي والذي يقف عاجزاً عن أداء مهامه ودوره في مواجهة تفشي الأمراض وخاصة الوبائية كالكوليرا وحمى الضنك والملاريا وغيرها من الأمراض بين المواطنين...
فلم يكتفِ العدوان السعودي بقصف وتدمير المنظومة الصحية والاستهداف المباشر للمستشفيات والمرافق الصحية والمراكز التشخيصية في اليمن فحسب، بل يرفض السماح بإدخال الأدوية والمحاليل الطبية للمختبرات والمراكز التشخيصية خاصة اذا ما عرفنا ان 85% من هذه المراكز على وشك التوقف عن العمل بسبب الحصار ونقص المحاليل والادوية.. كل هذه القضايا والأوضاع الصحية المأساوية نترك الحديث فيها لمدير عام مكافحة الأمراض والرصد الوبائي بوزارة الصحة الدكتور عبدالحكيم الكحلاني بقوله لصحيفة «الميثاق» :ان العدوان السعودي وحصاره الشامل لأكثر من عشرين شهراً حتى اللحظة قد أنتج وضعاً كارثياً فيما يخص الأمراض الوبائية وذلك بانتشارها بشكل اوسع وعدم القدرة على احتوائها او علاجها..
وأضاف: تراجعت أنشطة البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا والأمراض المنقولة بالبعوض بشكل كبير والتي تحتاج الى شراء مبيدات حشرية واستيرادها من الخارج الا ان الحصار يمنع ذلك الى جانب منعه استيراد محاليل المختبرات للفحص السريع للملاريا أو حمى الضنك.. مضيفاً: كما تراجعت القدرة العلاجية للبرامج لأن الحصار يمنع وصول الأدوية بسهولة ويسر، وإن وفرت المنظمات الدولية كالصحة العالمية واليونيسيف أدوية عاجلة الا أنها تتأخر في التفتيش في ميناء جيبوتي لعدة شهور وأحياناً تصل ناقصة الكمية أو تالفة المحتوى.. مبيناً ان 85 % من المختبرات المركزية توشك على التوقف عن أعمالها لنقص كميات المحاليل التشخيصية، كما ان القصف المباشر لعدد من المنشآت الصحية من مستشفيات ومراكز ووحدات صحية أدى الى توقف خدمات هذه المرافق إضافة إلى مشكلة تدمير شبكة الكهرباء من قبل العدوان ما أدى الى انتهاء صلاحية كثير من المحاليل أو الأدوية التي تحتاج الى ثلاجات لحفظها.. مضيفاً: والأسوأ ما تسبب به هذا العدوان والحصار من حركة نزوح داخلى وصلت الى اكثر من 3 ملايين مواطن، هذا بدوره زاد من العبء الصحي على المرافق الأخرى التي تعاني أصلاً من الحصار وعجز النفقات التشغيلية، إضافة إلى أننا نعاني من شح في كميات الكلور التي تضخ عبر محطات المياه ما أدى الى انتشار أمراض منقولة عبر المياه غير الآمنة للشرب..
موضحاً انه يمكن مكافحة الأمراض الوبائية بعدة استراتيجيات منها : الاكتشاف المبكر عبر الرصد الوبائي والمعالجة الفورية للحالات الخفيفة والمتوسطة كذلك ترقيد الحالات الشديدة في المستشفيات ومعالجتها ، وهناك ايضاً الرش الضبابي للبعوض الطائر ، والرش في مصادر المياه للقضاء على يرقات البعوض ، والرش ذو الأثر الباقي على جدران المنازل، بالإضافة إلى توزيع الناموسيات المشبعة وتوجيه الناس لاستخدامها ، والتشخيص المبكر عبر المختبرات المتخصصة وأيضاً التوعية والتثقيف الصحي للمواطنين ، وكلورة مياه الشرب ،الى جانب التنسيق القطاعي بين جهات الدولة المختلفة.. لافتاً إلى أن هناك استراتيجيات أخرى بحسب كل وباء.. مؤكداً أن فك الحصار وتوقف العدوان سيمكن النظام الصحي من التقاط أنفاسه لأنه منشغل حالياً بمعالجة الجرحى والمعاقين واعتبارهم أولوية في الظروف الراهنة .
ونظراً لاستمرار هذا الحصار والاستهداف المستمر للمنظومة الصحية وتوقف المرافق الصحية والمختبرات المركزية والتشخيصية كل هذه العوامل واخرى أدت الى ارتفاع معدل انتشار الأمراض الوبائية في اليمن..
فبحسب آخر الإحصاءات أوضح الدكتور عبدالحكيم أن الأوبئة تفاقمت خلال عام 2015م و2016م مقارنة مع الأعوام السابقة كمرض حمى الضنك والملاريا او الإسهالات والكوليرا بالإضافة الى مرض الحصبة والسعال الديكي والجرب والفطريات فعلى سبيل المثال حمى الضنك في 2014م تم رصد اقل من عشرة آلاف حالة بينما في 2015م ارتفعت الى 17000 حالة وفي 2016م تجاوزت حتى الآن 24000حالة مرضية بحمى الضنك، أما الاسهالات فقد بلغ عدد حالات الاسهالات المشتبهة بالكوليرا خلال الشهرين الماضيين أكثر من 6000 حالة منها 101 حالة تم تأكيد إصابتها بالكوليرا فيما الوفيات بلغ بسبب الكوليرا المؤكدة 8 ومن الاسهالات المائية الأخرى 66 حالة، أما مرض الحصبة والذي بدأ ينتشر كوباء في محافظات صعدة وعمران والمهرة وسيئون فهناك أكثر من 120 حالة هذه السنة تم تأكيد إصابتها بهذا المرض الى جانب أكثر من 1200 عينة مشتبه بإصابتها ولكنها لم تؤكد ولم تُفحص بسبب الحصار وعدم توافر المحاليل.
هذا وقد أشاد الدكتور عبدالحكيم الكحلاني بدور وجهود المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف بما تقدمه من مساعدات طبية من أدوية ومحاليل لمكافحة وعلاج الامراض الوبائية.. مطالباً إياها بتقديم المزيد كون العجز والكارثة في تفاقم مستمر..
♢ وفي ذات الموضوع أكدت الدكتورة لينا الارياني- مدير عام إدارة التغذية بوزارة الصحة- أن اغلب اليمنيين يعانون من عدم توافر الأمن الغذائي، ولم يقتصر الأمر على وباء الكوليرا ،او حمى الضنك او غيرها من الأمراض الوبائية، فهناك الكثير من التحديات الصحية التي تواجه السكان والمواطنين ومنها الانتشار الواسع لأمراض سوء التغذية نتيجة العوز الاقتصادي، فقد وصل عدد المصابين بسوء التغذية الحاد إلى 370 ألف حالة وسوء التغذية الحاد الوخيم 537 ألف حالة فيما بلغ عدد الحالات المصابة بسوء التغذية الحاد المعتدل مليون و293 ألفاً و500 حالة، بالإضافة الى وجود اكثر من 80 أماً حاملاً ومرضعة مصابة بمرض سوء التغذية .
مبينة ان أكثر من 15مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي منهم 7 ملايين يعانون من انعدام أمن غذائي شديد، بالإضافة الى ان هناك 8 محافظات في الجمهورية مهددة بالمجاعة مثل محافظتي شبوة وحجة كمثال وهو ما حدث في محافظة الحديدة والتحيتا فعلاً.. فيما وصل عدد المهددين بانعدام المياه الصالحة للشرب 20 مليوناً و400 ألف مواطن، مما ينذر بحدوث تبعات صحية وكارثة حقيقية قد تلحق هذا القطاع الذي يمس حياة الناس.
وعلى العكس من ذلك تقول الدكتورة لينا الارياني: ان اهتمام هذه المنظمات وتحديداً منظمة الصحة العالمية فيما يخص عدم توافر الأمن الغذائي وتوفير الاحتياجات الغذائية للناس اقل بكثير مما تقدمه من مساعدات ومستلزمات طبية لمرضى الأوبئة والأمراض الأخرى، فقد بات اكثر من نصف السكان يذهبون الى فراشهم جائعين وخطر المجاعة يهدد حياتهم ووجودهم.. ومنظمة الصحة العالمية لا تولي هذا الامر اهتماماً او تلتفت اليه مكتفية بإطلاق البيانات والمناشدات..
♢ المنظمات الدولية لا تهتم
المنظمات الدولية وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية من جهتها أطلقت العديد من التحذيرات بخطورة انهيار المنظومة الصحية في اليمن وتفشي الأمراض والأوبئة كالكوليرا وحمى الضنك وغيرها بين المواطنين بسبب الحصار القاتل موزعاً الموت اليومي بين اليمنيين الى جانب وحش الفقر والمجاعة نظراً للظروف المعيشية الصعبة وتوقف صرف المرتبات وعدم السماح من قبل العدوان السعودي بإدخال الأدوية والمحاليل الطبية الخاصة بمكافحة انتشار الأمراض والأوبئة، إلا أنها لا تولي نفس الاهتمام فيما يخص تفشي الفقر والمجاعة متجاهلة ان اغلب اليمنيين ان لم يقتلهم تفشي الأمراض والأوبئة يتكفل بهذه المهمة عدم توافر الأمن الغذائي حيث اكتفت هذه المنظمات الدولية بإعلان المجاعة في محافظة الحديدة ومنطقة التحيتا فيما بعض المناطق والمحافظات عرضة في اي لحظة الى تفشي المجاعة بشكل اكبر .
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 06:47 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-48132.htm