الإثنين, 12-ديسمبر-2016
الميثاق نت : -
مع مرور كل يوم تزداد الأوضاع المعيشية والاقتصادية صعوبة على ملايين اليمنيين وخاصةً موظّفي الدولة الذين تقاضوا نصف راتب شهر واحد بعد مضي ثلاثة شهور بدون رواتب، وهو ما لا يفي بتغطية احتياجاتهم ومتطلّباتهم الأساسية.
وأكد مختصّون أنه كلّما طال أمد الحرب وكلما تعثّرت الجهود الساعية للتوصّل إلى تسوية سياسية للأزمة، كلّما طالت معاناة اليمنيين الذين يعيشون منذ بداية العدوان في مارس 2015م، أوضاعاً اقتصادية واجتماعية متردّية جرّاء استمرار الحصار البرّي والبحري والجوّي الذي تفرضه السعودية وانهيار الخدمات الأساسية واتّساع رقعة الفقر والبطالة، وتعثّر السلطات المعنية في دفع الرواتب بعد أن أقدم الفار هادي على نقل البنك المركزي.
وتساءلوا: "كيف سيكون وضع اليمنيين الذين يفتقرون لأدنى مقوّمات الحياة الطبيعية بفعل استمرار العدوان والحصار ونقص السيولة النقدية وتراجع الريال في سوق الصرف الأجنبي وارتفاع الأسعار، إذا ما استمرّت أزمة الرواتب بدون حل جذري لها؟".
وأشار المختصون إلى سبب آخر- غير نقل البنك المركزي- من أسباب الأزمة المالية ونقص السيولة والتي لم تتصدّ لها السلطات المعنية إطلاقاً هو سيطرة مرتزقة الرياض على كل إيرادات الدولة المهمة في المنافذة الجوية والبرية والبحرية، وكذلك عائدات مبيعات المشتقات النفطية والغاز وغيرها في إطار مخطط إجرامي لفرض عقاب جماعي على الشعب اليمني بسبب الفوضى المؤسسية والإدارية، والمتمثّلة في قيام مسئولين ونافذين بالتلاعب بإيرادات المصالح والمؤسسات وإيداع بعضها في حسابات خاصة وجارية في البنوك التجارية بعيداً عن البنك المركزي اليمني ووزارة المالية والصرف منها دون أي ضوابط قانونية أو أخلاقية وخلافاً لكل الأنظمة المالية والإدارية المعمول بها".
وطالب المختصون بوضع حد لهذا الفساد والانفلات المالي والإداري، والذي أدّى إلى إهدار مليارات الريالات وملايين الدولارات من أموال الدولة وإيراداتها الأمر الذي عمق الأزمة المالية وصعّب من مواجهة قرار الفار هادي بنقل البنك، في ظل غياب أي رقابة سواء من قبل مجلس النوّاب أو الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أو الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أو نيابة الأموال العامة وغيرها من الجهات الرقابية المعنية بمحاسبة المسؤولين والمتورّطين في نهب المال العام ومسائلتهم.
وأشار المختصون إلى عدم جدوى كل الإجراءات المتّخذة لحل أزمة السيولة حتى الآن، من قبيل حملات التبرّع والدعم الشعبي، لأنها لن تحل المشكلة ولن توفّر الرواتب المقدّرة بـ 75 مليار ريال شهرياً في ظل تدهور الأوضاع واستمرار نهب إيرادات الدولة من الضرائب والجمارك وعائدات الكثير من المصالح الإيرادية كالموانئ وشركات الاتصالات والإنترنت والخدمات العامة وغيرها من قبل مرتزقة السعودية.
وشدّد المختصون على أن الحل الوحيد للأزمة المالية والاقتصادية وغيرها من الأزمات يتمثّل في وقف العدوان ورفع الحصار واستئناف صادرات النفط والغاز وطبع مبالغ نقدية جديدة، أما أزمة المرتبات في ظل العدوان القائم فتتطلب وضع حد لنهب المال العام وأن يستشعر الجميع مسئولياتهم الوطنية والأخلاقية في التحصيل الجاد للموارد وتوريدها إلى حساب الحكومة العام في البنك المركزي بالعاصمة صنعاء.
وكانت وزارة المالية وجّهت ببدء الإجراءات اللازمة لصرف رواتب الموظّفين بناءً على ما أقرّه المجلس السياسي الأعلى وفي إطار الموارد المتاحة.
ووجّهت بصرف راتب شهر أغسطس لوزارة الدفاع و50% من شهر سبتمبر وذلك لشحّة السيولة، وصرف 50% من مستحقّات المتقاعدين المدنيين والعسكريين والأمنيين لشهر سبتمبر، وصرف 50% من الرواتب الأساسية والبدلات القانونية المرتبطة بالراتب لشهر سبتمبر فقط للموظّفين الأساسيين بوحدات الخدمة العامة، وصرف 50% من مستحقّات شهر سبتمبر للموظّفين المتعاقدين على نوع الأجور التعاقدية، وصرف 50% من مستحقّات شهر سبتمبر للإعاشات والإعانات الشهرية فقط.
تجنيب الإيرادات
وفي هذا الصدد أكدت وزارة المالية أهمية التحصيل الجاد والمسئول لكافة الموارد العامة "مورد عام، مورد ذاتي" وتوريدها أولاً بأوّل إلى الحسابات الخاصة بها في البنك المركزي اليمني وفروعه في محافظات الجمهورية وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة.
وشدّدت في تعميم لها على عدم استقطاع أو تجنيب أو توريد أي موارد ومتحصّلات خارج حساب الحكومة العام في البنك المركزي وإلغاء أي إجراءات تمّت مؤخّراً خلافاً لذلك.
ودعا التعميم إلى إلغاء الحسابات التي تم فتحها في البنوك والمصارف التجارية والعمل على توريد أرصدتها إلى حسابات موازنات الجهات في البنك المركزي وفقاً للقانون، منوّهاً إلى أن تجنيب الموارد أو عدم التوريد المباشر لها إلى خزينة الدولة أو الصرف المباشر منها يعد مخالفة قانونية وفقاً لأحكام القانون المالي ولائحته التنفيذية وتعرّض مرتكبها للمساءلة القانونية، فضلاً عن جسامتها في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد.
وطالب التعميم بضرورة رفع وتيرة وكفاءة التحصيل ومتابعة توريد كل موارد الدولة إلى الخزينة العامة وفقاً لأحكام القانون.
ولفت التعميم إلى ضرورة ضبط وترشيد الإنفاق لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية والنقدية وفي مقدّمتها أزمة السيولة النقدية التي تواجه القطاع المصرفي ونتج عنها تعثّر صرف رواتب كافة موظّفي الدولة مدنيين وعسكريين وأمنيين على مستوى السلطتين المركزية والمحلية.
وأكدت الوزارة في تعميمها على أهمية تضافر وتوحيد الجهود بين كافة قيادات ومسئولي الدولة وتحمّل مسئوليتهم في تحصيل الموارد العامة وتوريدها للحسابات المخصّصة لها طرف البنك المركزي وفروعه أوّلاً بأوّل بما يسهم في تعزيز قدرة وزارة المالية والبنك المركزي على الاستمرار في صرف رواتب موظّفي الدولة وضمان استمرار قيام وحدات الخدمة العامة بدورها في خدمة المجتمع وتلبية احتياجاته ومواجهة التحديات والأخطار المحدقة بأمن واستقرار الوطن.
توقّف الأنشطة الاقتصادية
وفي تقرير أصدرته مؤخّراً أكدت وزارة المالية أن استمرار العدوان الغاشم والحصار الاقتصادي الشامل منذ مارس العام الماضي أدّى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2015م بنحو 34.8% ، وتوقّعت استمرار التراجع خلال العام الجاري بما لا يقل عن 6%.
وأوضحت الوزارة أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال عامي العدوان انخفض عمّا كان عليه عام 2014م بما نسبته 42%.
وأشارت إلى أن معدّل التضخّم لأسعار المستهلك خلال العام الماضي بلغ نحو 24% وما لا يقل عن 10% عام 2016م، أي بمعدّل تضخّم للعامين يصل إلى 34%، ما أدّى إلى انخفاض متوسّط نصيب الفرد من الدخل القومي المتاح الحقيقي خلال العامين بنسبة كلية تصل إلى 60%.
وأفادت بأن كل هذه العوامل أدّت إلى ارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر من نحو 62% عام 2014م إلى ما يقارب 85% عام 2016، وارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 52% من إجمالي قوة العمل بسبب تدمير العديد من الوحدات الانتاجية الأساسية والكبيرة وتوقّف العديد من الأنشطة الاقتصادية في قطاع البناء والتشييد والمناجم والصناعة والزراعة وغيرها، بالإضافة إلى تخفيض العديد من الوحدات الاقتصادية إنتاجها وخروج جزء كبير من السكان والوحدات الانتاجية من التكليف الضريبي، ما أدّى إلى انخفاض مجمل الوعاء الإيرادي بنسبة لا تقل عن 40% مقارنةً بعام 2014م..
وأشار التقرير إلى "انخفاض إنتاج العديد من الوحدات الإنتاجية في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج ممّا ترتّب عليه انخفاض مستوى أرباحها، وكذا احتلال العديد من المناطق المهمة بيد قوات تحالف العدوان وعملائهم وخروج عائداتها عن سيطرة الدولة وبالأخص منافذ التجارة الخارجية في ظل تدمير وإغلاق مختلف المنافذ، وكنتيجة لذلك إلى جانب ارتفاع مستويات الفقر والبطالة، فقد انخفض حجم الوعاء الإيرادي المتاح من النفط والغاز بنسبة 72% عام 2015م، و85% للفترة يناير- سبتمبر 2016م، وللإيرادات الذاتية غير النفطية خلال الفترة نفسها كنسبة كلية 42%، هذا في الوقت الذي لم تتجاوز نسبة الانخفاض في المحصّل الفعلي من الإيرادات الذاتية غير النفطية خلالها 20% وإجمالي النفقات العامة ما نسبته 17%".
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 01:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-48232.htm