كتب/ محمد أنعم - تثير التصريحات التي تطلقها وزارة الخزانة الأمريكية بين الحين والآخر بإدراج اسماء يمنيين وجمعيات إلى قائمة الإرهاب، الاشمئزاز والسخرية في آن واحد، حيث تحاول أمريكا من وراء مثل هذه القرارات ان تقدم نفسها للعالم كدولة بريئة من صناعة الإرهاب وليس لها علاقة بدعم وتمويل الجماعات الإرهابية، وخاصة تنظيمي القاعدة وداعش في اليمن وغيرها من الدول.. فيما يعد اعلان أمريكا بضم شخص أو شخصين ضمن الجماعات الإرهابية مجرد ذر الرماد على العيون، ومحاولة للتستر على الدور الأمريكي السعودي القذر الذي يعد السبب الرئيسي وراء تسليم أجزاء كبيرة من اليمن للجماعات الإرهابية بعد إنهاك الدولة وتدمير جزء من الجيش اليمني عبر مخطط تآمري نفذه الخائن هادي واطلق عليه «إعادة الهيكلة»، في ظل استمرار العدوان السعودي والحصار الجائر على الشعب اليمني منذ قرابة عامين..
وسائل إعلامية تناقلت -الأربعاء الماضي- خبر قرار الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات على قيادات بارزة فيما تسمى بالمقاومة تنتمي لحزب الإصلاح «جماعة الإخوان المسلمين» لتورطهم بدعم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وذكرت عدة مواقع اخبارية أن من بين القيادات الإصلاحية التي فرضت عليها أمريكا عقوبات، المرتزق الحسن علي ابكر القيادي في تنظيم الإخوان «حزب الإصلاح» والمسئول الأول في محافظة الجوف واصبح عام 2014م قائداً لتنظيم القاعدة في محافظتي الجوف ومأرب، كما أنه قائد ما يسمى بالمقاومة بمحافظة الجوف وقد عينه الخائن هادي عضواً في مجلس الشورى.. وكذلك المدعو عبدالله فيصل صادق الأهدل.. اضافة إلى منظمة رحماء الخيرية والتي تتخذ من مدينة الشحر بحضرموت مقراً لها..
هذا القرار ليس الأول الذي تتخذه وزارة الخزانة الأمريكية فقد سبق أن اعلنت قرارات كهذه ومنها قرار اعلنته في بداية شهر نوفمبر الماضي أدرجت فيه مالكي شركة العمقي واخوانه للصرافة وهما سعيد صالح العمقي، ومحمد صالح العمقي، على قائمة الإرهاب بتهمة تقديم الدعم لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب.. ليس هذا فحسب بل لقد ادرجت أمريكا ايضاً في ديسمبر عام 2013م عبدالوهاب الحميقاني رئيس حزب الرشاد في قائمة الداعمين للإرهاب وأنه متورط في مساعدة التنظيم خلال الاضطرابات السياسية في اليمن على اكتساب موطئ قدم ومعقل له في محافظة البيضاء هذا بالاضافة الى أنه تولى منصب القائم بأعمال أمير التنظيم في منتصف عام 2011م والعامري أو الحميقاني سبق أن عينه هادي عضواً في مؤتمر الحوار الوطني، كما أصبح وزيراً في حكومة فنادق الرياض ليس هذا فحسب بل إن نائف القيسي المعين من هادي محافظاً للبيضاء هو أيضاً أدرج ضمن قائمة الإرهاب، والمثير للدهشة أنه ومنذ بداية العدوان العسكري على اليمن الذي تقوده السعودية منذ مارس 2015م تقوم أمريكا والسعودية بتقديم الدعم والمساعدة للجماعات الإرهابية وتمدها بالمال والسلاح وتقدم المساندة السياسية والإعلامية لهم لاستمرار الحرب وإسقاط الدولة في اليمن وتدمير كل مؤسساتها، وتقوم بشكل مستميت بخوض حرب تهيئة اليمن لتصبح معسكراً مفتوحاً لإنتاج الجماعات الإرهابية لتكون بمثابة سلاح جديد تستخدمه لتهديد العالم وضرب مصالح الدول المخالفة لها، وكذلك لخوض حروب بالوكالة بدلاً عنها لفرض هيمنتها على العالم أو السيطرة على أهم المواقع الاستراتيجية كحدٍ أدنى..
ما يجب الإشارة إليه اليوم هو أن أمريكا والسعودية وهادي وأتباعه والجماعات الإرهابية من تنظيمي القاعدة وداعش يقاتلون في خنادق مشتركة ضد الجيش اليمني، ولم تكتف السعودية وأمريكا بذلك بل لقد سلموا للإرهابيين الموانئ اليمنية ومنابع النفط والغاز والذين جنوا أموالاً باهظة من وراء تهريب النفط ومايزالون إلى اليوم، على الرغم من التحذيرات التي اطلقها السفير الروسي في اليمن من استمرار تمكين الجماعات الإرهابية من ممارسة تهريب المشتقات النفطية بتعاون من قوات تحالف العدوان إلا أن ذلك لم يغير من الأمر شيئاً..
لقد حذر مجلس الأمن الدولي مراراً وتكراراً من خطورة استمرار العدوان على اليمن والذي لا يصب إلاّ في خدمة توسع وتمدد نشاط القاعدة وداعش في اليمن، إلاّ أن السعودية ماتزال ترفض كل الجهود التي تُبذل لوقف الحرب ورفع الحصار على اليمن وتعمل على عرقلة المساعي التي تُبذل من أجل ايجاد حل للأزمة سلمياً وعبر الحوار، فهذا التعنت لا يمكن أن يكون بعيداً عن رغبة أمريكية وبريطانية لتحويل اليمن إلى افغانستان جديدة..
والمضحك المبكي معاً أن تسمع أن أمريكا تفرض عقوبات على شخص أو شخصين، في الوقت الذي نجدها تدعم مع السعودية الخائن هادي سياسياً وعسكرياً وإعلامياً ومادياً، ولم تتساءل عن سر قدرة هادي على حشد الآلاف من الإرهابيين حوله وفي بضعة أشهر وخوضهم القتال إلى جانبه وتنفيذ أوامره إلى درجة بات الكثيرون على قناعة أن تنظيمي القاعدة وداعش مجرد جماعات تتبع هادي وتأتمر بأوامره، هذا إذا لم يكن هو الأب الروحي للقاعدة وداعش والإخوان ومن لفّ لفّهم..
وما يثير الاستغراب والدهشة هنا هو كيف أن هادي يصدر قرارات تقضي بتعيين قيادات إرهابية في قيادة الجيش والأمن ولتولّي شئون المحافظات، ومن ذلك أنه سلَّم محافظات حضرموت والبيضاء ومأرب لقيادات في القاعدة ولم تعترض السعودية أو أمريكا على ذلك فيما هم يشكلون تحالفاً عسكرياً واحداً ويزعمون أنهم يحاربون الإرهاب.. ثم لماذا لم يتعرض اعضاء التنظيم التابعون لهادي طوال أكثر من عام لأي استهداف من قبل طائرات بدون طيار التي تحركها أمريكا لقتل الأبرياء.. ليس هذا فحسب بل إن تعز أصبحت وكراً للجماعات الإرهابية حيث تنتشر فيها عشرات المعسكرات التدريبية لتنظيمي القاعدة وداعش وتتزايد عمليات استقطاب المئات من شباب اليمن الذين يجري تجنيدهم للانضمام إلى صفوف الإرهابيين استغلالاً لأوضاعهم المعيشية الصعبة، بتزامن مع قيام هادي وتحالف العدوان بترويج ثقافة التعصب والتطرف والكراهية والتكفير في المناطق التي يسيطر عليها مرتزقة السعودية، ولا نجافي الحقيقة إنْ قلنا إنه يجري استنساخ تجربة من معسكرات طالبان افغانستان في اليمن..
وما لايمكن تصديقه من وراء قرارات العقوبات الأمريكية أن واشنطن تدرك أن الحسن أبكر من قيادات ما يسمى بالمقاومة وتقوم السعودية بدعمه بالأسلحة والأموال وتقاتل الى جانبه طائرات تحالف العدوان باعتباره من أتباع هادي.. فلماذا سكتت أمريكا عنه طوال الفترة الماضية..؟!
وإذا كانت أمريكا فعلاً جادة في محاربة الإرهاب والإرهابيين فلماذا لا نسمع لها صوتاً والفريق العسكري الميداني التابع لـ«هادي» ونائبه علي محسن وقيادات حزب الاصلاح جميعهم على علاقة بالإرهاب؟
غير أن السؤال الأهم الذي يحتاج إلى اجابة ملحة هو لماذا أقدمت الإمارات على اعتقال السفير أحمد علي عبدالله صالح ووضعه تحت الإقامة الجبرية، في الوقت الذي نجد أن السعودية تحتضن إرهابيين ويستقبل مسئولوها في قصورهم الفارهة قيادات معروفة بعلاقتهم بالقاعدة ومنهم على سبيل الذكر عبدالمجيد الزنداني والعامري وبامعلم والعرادة وباتيس والمخلافي؟!
|