يحيى علي نوري - تقف الكلمات والاحرف عاجزة عن التعبير عن كل ما يجيش بقلبي من مشاعر حزن وأسى على رحيل شخصية وطنية ومهنية قانونية على درجة رفيعة من العلم والمهارة والتاريخ الحافل بالنجاحات على مستوى كافة جوانب حياته التي استمرت في عطاءاتها حتى اراد الله عز وجل ان يكون الى جواره..
إنها شخصية الاستاذ المناضل المستشار القانوني احمد قائد غوبر والذي وافته المنية الاربعاء الماضي وسط فاجعة عمت جمهوره ومحبيه الذين ينظرون لشخصيته بكل تقدير واجلال ويثمنون عالياً مآثره ومناقبه ويشيرون إليه بالبنان كواحد من ابرز الشخصيات النزيهة والفاعلة لخدمة وطنها والانتصار له بالمزيد من التمسك بقيم الخير والعدل والحب للمهنة وللدور الوطني الهادف في خدمة المجتمع.
رحل المستشار احمد قائد غوبر وهو في قمة عطائه واسهاماته الوطنية وشموخه المهني الذي آمن دائماً بالادارة العلمية ومُثُلها وقواعدها وتعامل من خلالها مع كل الناس بانفتاح وعقلية متقدة همّها الاول انجاز المهام وبعيداً عن الضجيج وحالات الاستعلاء..
شخصية -رحمها الله- آثرت الا ان تكون عاملة بهدوء ودون شطط تلامس هموم الآخر والسعي الى خدمته كلما استطاعت ان تفعل ذلك، واكتسب من خلال ذلك حب الناس وتفاعلهم وحماسهم واستعدادهم للاسهام الى جانبه من اجل الخير لكل الناس..
عرفته طالباً للعلم في قريتي حيث فضَّل يومها البقاء بالقرية على صنعاء التي كان يتسابق الكثير من أترابه الى السكن والعمل بها..
كان رحمه الله حريصاً على الاسهام في تربية وتعليم الجيل الصاعد فنهلت منه ومعي المئات من الطلاب حب المعرفة واستفدنا كثيراً من تعاليمه وتوجيهاته لنا بضرورة التحصيل العلمي كسلاح فاعل لاغِنَى عنه في حياة تتجدد على اسس العلم والمعرفة والمعلومة..
مازلت أتذكر كل تعليماته ونصائحه التي لولاها لضللنا طريقنا وتهنا كثيراً في زحمة الحياة التي لاتقبل الا المتمتعين بالثقافة والعلم..
ظل المستشار الراحل احمد قائد غوبر وبهدوئه المعروف وحكمته ورؤاه المتقدة فهما واستيعاباً، الشخصية الاكثر حظوة في اوساط المتعلمين ولدى قطاعات اخرى وجدت في رصانته وعقليته المنفتحة ملاذاً لمساعدته، في حل كل مايعتور نشاطها وحياتها..
وظل بهذه السمات بدائرة الضوء رغم انه يكره الاضواء لنفسه وبالرغم من ان معظم حياته العملية كمستشار قانوني بمؤسسة الاذاعة والتلفزيون وبقربه من كل الشخصيات الاعلامية والتي كانت كفيلة ان تجعله الاكثر ظهوراً اعلامياً الا انه يعشق الهدوء ويحبذ الانصراف دائماً الى عالمه المهني الذي ظل يتجدد ويتطور ويواكب كل المتغيرات على الصعيد القانوني الذي عشقه كقاعدة متينة لتقويم سلوك الناس بقيم الخير والحب..
تابعت باهتمام بالغ حرصه ومنذ مرحلة مبكرة على الانخراط في كل مامن شأنه ان يعزز من المشاركة الشعبية سواءً أكان ذلك عبر التعاونيات او المجالس المحلية او الجمعيات الخيرية والاطارات المعنية بمهمته كرجل قانون من الطراز الاول.
وظل يدعم ويبارك ويشجع كل اسهام شعبي يخفف من آلام الناس ومشكلاتهم.. كما كان لأدواره -رحمه الله- بالعمل الحزبي داخل المؤتمر الشعبي العام بصمات عدة فقد أحب المؤتمر وعشق فكره وأيديولوجيته المتمثلة بالميثاق الوطني والذي كان له شرف الاسهام في عملية الاستبيان له والتوعية للمواطنين بعظمة مضامينه..
كان يحدثني -رحمه الله- بعمق وفهم واستيعاب كامل عن عظمة الحقائق الخمس التي شملتها مقدمة الميثاق الوطني مبيناً ماتمثله من بعد استراتيجي في كونها ضمانات حقيقية لحاضر ومستقبل اليمن، الامر الذي دفعني مبكراً الى قراءة الميثاق الوطني والوقوف امام حقائقه..
ولاريب ان هذا الاستيعاب الرائع للعمل الحزبي والفكري داخل المؤتمر قد دفع الفقيد -رحمه الله- الى المزيد من الحراك والنشاط المؤتمري حتى تم انتخابه من قبل الوسط المؤتمري العريض بمديرية الحيمة الخارجية رئيساً لفرع المؤتمر وعضواً باللجنة الدائمة الرئيسية..
وبالرغم من تعدد مهامه ومسئولياته وازدحام برامج عمله اليومية والتي شغلته عن العمل الحزبي الا انه وفي كل لقاء لي معه يحدثني عن اهمية تفعيل دور معهد الميثاق للتنمية الفكرية للوسط المؤتمري وللتدريب في اساليب الادارة الحديثة في العملية التنظيمية..إشراقات عدة حفلت بها مسيرة فقيدنا الراحل وجميعها تحكي قصصاً في الوفاء والنزاهة والاخلاص والحب لكل من حوله ومناقب ومآثر تظل في الذاكرة لكل محبيه..
رحمك الله ياسيدي واستاذي ومعلمي رحمة الابرار واسكنك فسيح جناته، ونعاهدك على ان نكون مخلصين لكل تلك القيم والمثل التي كرست حياتك من اجلها.. وسيظل تواضعك وحلمك الذي عهدناك به بمثابة دروس نتعلم منها كيف نكون معبّرين عن الانسان والانسانية..انا لله وانا اليه راجعون..
|