أمين الوائلي -
في مثل هذا اليوم من العام 1962م كان شعبنا ينهض من جديد .. وبعد صلاة الفجر، كان الثوار على موعد مع صلاة الثورة .. قرأوا فاتحة التضحية ودخلوا النصر من بابه السبتمبري الملتهب بالفداء. في صبيحة يوم كهذا أعلن اليمنيون ميلاد اليمن الجمهوري .. ولم يكن التاريخ ليطمع بأشرف من هكذا حدث ومناسبة ليفرد لها سجلاًّ ، بدءاً من تلك الساعة ، ولا يزال التاريخ ـ من يومها ـ يدوّن ويكتب ، ولا يزال سجل اليمن الجمهوري جديداً،متجدداً يمنح التاريخ شرف عمل لا ينضب. اليوم .. نقف أمام الثورة، والرجال الذين هدّوا عرش الطغيان وعبروا باليمن إلى الحياة المزروعة بالحرية والكرامة وبزكيّ دمهم رسموا الطريق إلى المستقبل الذي يجمعنا اليوم ، وزرعوا الضوء كثيفاً في حنايا الروح وفي حدقات الأعين .. وفي ألوان الراية وتقاطيع النشيد. نستعيد صورة الأمس البعيد.. داكنة كانت .. مسكونة بالرهبة والخوف وسياط الجلادين . سيّدٌ واحد وملايين الرعايا المقصيّين عن حقوقهم في المواطنة المتساوية، والوطن الآمن والحر. نستحضر أرواح السبتمبريين الأباة : يحملون الثورة روحاً ، والوطن قوة والناس ذخيرة ، ويؤذنون بميلاد يمن آخر ، جديد، ثائر جمهوري .. ووحدوي. دفعوا الثمن كاملاً ومضاعفاً . أدّوا الضريبة وأكثر .. لكي نحيا نحن، أتوا المنايا من أبوابها الواسعات ، هزموا الهزيمة ، وأرعبوا الخوف ومزقوا ستارة الليل بأكفٍ تجيد صناعة المجد وتشكيل الحياة وتلوين الوطن بألوان الحرية. لا يزال آباء ثورتنا حاضرين .. أرواحهم عاملة فينا، تسكننا ثورة .. دمدمة .. ونشيداً سبئيّاً يستنهض الهمة ويحث الثقة أن تعمل وتعمل. سبتمبر .. والثورة ، حياة لا تنضب ، وأمل لا يخفت ، وحرية هاطلة على اليمن .. تروي الأرض ، والزرع ، والجبال ، والرجال . ها نحن ياسبتمبر .. لا نفتر ، لا ننسى ، لا نضعف ، لا نهون .. ولا نخون. ـ أبناء رجالك الأباة الميامين. ـ نبت دمهم.. وقطر عرقهم الطاهر. ـ رجع تسابيحهم .. ورشح صلواتهم الزاكيات. ـ أريج توزّع في الأرض والأفق ، من زهر أرواح الرجال الثائرين. للرجال الجبال. للثورة الأم ، وللشعب، للقائد السبتمبري الأمين .. ولكم ؛ كل هذا الوفاء ، وهذي القلوب التي تحفظ العهد والوعد .. وتصون الأمانة . كل سبتمبر واليمن في عزّة وُيمن .