السبت, 29-سبتمبر-2007
الميثاق نت -    د.عبدالعزيز المقالح -


في اجراء نوعي ومحدد، قام أحد الزملاء الأكاديميين في إحدى كليات الجامعة باستبيان بين طلاب السنة الرابعة حول القضية الفلسطينية، وما يعتورها من معوقات داخلية منذ فترة ليست بالقصيرة، وتحرى عن الموقف العام من قيادتي فتح وحماس. وكانت النتيجة التي أسفر عنها الاستبيان المحدود، أن أغلبية الطلاب الذين شاركوا فيه، وهم من توجهات سياسية وإسلامية وقومية مختلفة، قد صوتوا ضد القيادتين باستثناءات لا تكاد تذكر، تتعاطف، أو بمعنى أدق تشفق على حماس وتؤيد موقفها من المقاومة بوصفها الخيار الممكن الذي لا خيار غيره للشعوب الواقعة تحت الاحتلال.

ويلاحظ أن النتيجة تقترب مما يدور في الواقع، ومن الخسارة التي منيت بها القيادتان الفلسطينيتان في الآونة الأخيرة، حيث وصل الخلاف بينهما الى درجة لم يكن يتوقعها أو يتنبأ بها أحد. إن الاختلاف بين التنظيمات السياسية المقاومة وارد ومبرر، وهو يعكس اختلافاً في وجهات النظر التنظيمية والفكرية، ولكن في حدود، وضمن ثوابت وحدود لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها، وما يحدث في صفوف الفلسطينيين الآن أكبر من أن يكون خلافاً في الرأي أو الموقف تجاه القضية الأولى، أو القضية الأساس، وهي قضية تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني الغاصب.

لقد أفسد الخلاف الفلسطيني الفلسطيني العلاقة، ليس بين القيادتين فحسب، وإنما بينهما والشارع العربي الذي بات ينظر بغضب إلى ما يحدث، ولا شك في أن العقلاء هنا وهناك يتنبأون بأسوأ العواقب الناتجة عن هذا الخلاف الذي يتطور يوماً بعد آخر، ويأخذ طابع المواجهة والعداء السافر. والغريب أن العدو “الإسرائيلي” لا يخفي سعادته بما يحدث بين المتصارعين، بل يسارع الى صب الزيت على النار المشتعلة، ايماناً منه بأنها الطريقة المناسبة لقتل الحق المشروع للفلسطينيين في استرداد أرضهم، واستعادة ما سلبه الغزاة من كرامتهم وكرامة أمتهم.

وليس صحيحاً ما يقوله البعض من أن الخلافات بين قيادتي فتح وحماس معقدة وشائكة، وأنها تستدعي تعديل الاتجاهات والأفكار، في حين يثبت الواقع أنها لا تحتاج سوى الى تعديل في المواقف في ضوء ما أسفرت عنه الأحداث المؤسفة الأخيرة من خسائر للطرفين، والأخطر في أمر ما وصلت إليه الخلافات، أنها قد تدفع طرفاً الى الاستعانة بالعدو على الطرف الآخر في محاولة بائسة وغير مبررة، وهو ما نشهد بعض ملامحه وارهاصاته الآن، وفي خيانة سافرة للقضية، التي استطاعت منذ ما يقرب من قرن كامل أن تضم المتنافرين والمتنابذين، وأن توحد صفوفهم، وتجعل الجميع يقفون صفاً واحداً في وجه من يريد أن يفتح ثغرة في جدار المقاومة، تلك التي كانت الأصلب والأقوى طوال سنوات النضال الشاق والمرير.
نقلا عن الخليج
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:40 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-4848.htm