الخميس, 05-يناير-2017
الميثاق نت -    الميثاق نت: -
اجرى موقع " algeriepatriotique" " الجزائر الوطني" وهو الموقع الالكتروني الابرز في الجزائر وناطق باللغة الفرنسية مقابلة مع الدكتور/ علي حسن الخولاني استاذ العلوم السياسية المقيم في الجزائر والاكاديمي في إحدى الجامعات هناك.
ودارت المقابلة حول الوضع في اليمن وكيفية الخروج منه، وكذا موقف الدولة الجزائرية من الأزمة في اليمن، وكيف يخدم العدوان السعودي على اليمن مصالح الكيان الصهيوني، ولماذا يصور الإعلام العربي الأزمة في اليمن على أنها صراع سني- شيعي، وسعي من قبل إيران من أجل السيطرة على باب المندب.. وما مدى تأثر الآثار والمعالم الحضارية اليمنية من هذا العدوان وموقف منظمة اليونسكو من ذلك.. وهل سيمر الشعب اليمني بما مر به الشعب السوري؟
ولأهمية ماورد في المقابلة يعيد "الميثاق نت" نشرها:
س/ الوضع في اليمن وصل إلى طريق مسدود، بعد أربع سنوات من الصراع بين الحوثيين من جهة والعربية السعودية وحلفائها من جهة أخرى كيف تتصور أنت كيمني مخرجا لهذه الأزمة؟
ج - لايوجد صراع بين اليمن والسعودية بل عدوان سعودي على اليمن لأكثر من خمسين سنة، ولكنه أصبح علني وهمجي في السنتين الأخيرتين أو بالتحديد مُنذُ ما يعرف بـــــ(عاصفة الحزم) التي انطلقت في 26 مارس 2015، وبالتالي المخرج من هذه الأزمة في اعتقادي يكون ذو شقين، الشق الأول: ينقسم إلى خمسة أجزاء، والشق الثاني ينقسم بدوره إلى ثلاثة أجزاء، وهي كالتالي:
الشق الأول:
1/ وقف العدوان السعودي (العمليات العسكرية).
2/ رفع الحصار الجوي والبحري والبري عن اليمن، والسماح بدخول الأغذية والأدوية.
3/ البدء بعقد حوار يمني-يمني يضم الفواعل اليمنية المؤثرة، والتي لديها تواجد حقيقي على الأرض، هذا الحوار يكون في صنعاء أو في عدن أو في أي محافظة يمنية، أو يكون في أي دولة لم تشترك بأي شكل من الأشكال في العدوان على اليمن، كالجزائر أو سلطنة عُمان، وهذا هو الأفضل، أو يكون الحوار في أي دولة لم تشترك بشكل مباشر في العدوان على اليمن كالولايات المتحدة، أو فرنسا أو المانيا...
4/ السعودية ودول العدوان التابعة لها بإعادة إعمار اليمن.
5/ ينبثق عن الحوار، الاتفاق على فترة انتقالية تمهد لقيام انتخابات محلية، وبرلمانية، ورئاسية.
الشق الثاني:

1/ عقد مفاوضات يمنية-سعودية في صنعاء أو في الرياض أو في الجزائر، أو في أي دولة يرتضيها الطرفان، من خلال هذه المفاوضات يقدم كل طرف ما يعتقد أنه يشكل خطراً عليه من الطرف الأخر، أي لا بد من إعادة بناء الثقة بين البلدين الجارين، لما فيه مصلحتهما ومصلحة المنطقة بشكل عام.
2/ التزام كل من السعودية واليمن بحسن الجوار، وعدم اعتداء احداهما على الأخرى في أي وقت من الأوقات، وكذا عدم تدخل أي دولة من الدولتان في شؤون الدولة الأخرى في أي ظرفاً كان.
3/ لابد من ضمانات إقليمية ودولية لأي اتفاق يحصل بين الطرفين اليمني والسعودي.
س/ كيف تنظر إلى الموقف الرسمي الجزائري من هذه الأزمة؟
ج/ لا بد من التأكيد هنا أن الجزائر دولة إقليمية كبرى، مؤثرة على المستوى العربي وعلى المستوى الإفريقي وعلى المستوى الدولي، دولة لديها ثوابت ومبادئ وتعرف ما تُريد، دولة تمتلك خبرة دبلوماسية في التعامل مع الأزمات السياسية -الأزمة الليبية، الأزمة في دولة مالي، سوريا، العراق-إيران، إريتريا-إثيوبيا...
الجزائر ترفض التدخل في شؤون الدول الأخرى، ودستورها يمنع إرسال قوات جزائرية خارج حدودها، وتقف إلى جانب القضايا العادلة في هذا العالم وأهمها القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية، كذلك الجزائر دائماً ما تكون إلى جانب الشعوب المستضعفة والتواقة إلى حق تقرير مصيرها، دولة دائماً ما ترفض استخدام الآلة العسكرية أو العنف كسبيل لحل الأزمات السياسية الداخلية للدول أو فيما بينها، وتؤكد على حلها بالحوار، كون العنف لا يولد إلا عنف مضاد، وفي الأخير سيضطر الجميع للعودة إلى طاولة الحوار، ولكن بعد خسائر فادحة أهمها أن العنف يولد أحقاد بين الدول خاصة المتجاورة، ويولد عدم استقرار وتفكك المجتمع في حالة الصراعات الداخلية، والمستفيد الوحيد ستكون المنظمات الإرهابية كداعش والقاعدة، التي تتخذ من الفوضى بيئة خصبة لنموها وتطورها وانتشارها.
وبناءً على ما سبق نجد أن الجزائر كان موقفها مسؤولاً تجاه ما هو حاصل في اليمن؛ إذ أنها رفضت مُنذُ اليوم الأول العدوان السعودي على اليمن، وأكدت في أكثر من مناسبة على أن استخدام الآلة العسكرية لن يؤدي إلى حل الأزمة، بل الحوار السياسي بين الأطراف السياسية اليمنية هو القادر على حلها، أي أن الحل هو بين أيدي اليمنيين أنفسهم، وليس وصفة جاهزة تأتي من الخارج يتم تطبيقها بالآلة العسكرية، وقد قدمت الجزائر عدة مبادرات لحل الأزمة في اليمن، من بينها اقتراحها لاستضافة الأطراف اليمنية المتصارعة للحوار في الجزائر، وأكدت أن استمرار العدوان على اليمن لن يفيد إلا الجماعات الإرهابية.
واليوم وبعد ما يقارب العامين من العدوان، اتضح أن المقاربة الجزائرية لحل الأزمة في اليمن صحيحة؛ فالسعودية تورطت واستنزفت أموالها، وضاعت هيبتها على المستوى الدولي، ومهددة حتى في وجودها كدولة، وتسعى الآن جاهدة لأن تخرج من مستنقع اليمن بماء الوجه، واعتقد أن السعودية ستلجأ إلى الجزائر كوسيط لإخراجها من الورطة اليمنية، كون الجزائر لديها علاقات جد متميزة مع مختلف الأطراف الفاعلة في الأزمة اليمنية، وتأكيدات الرئيس اليمني السابق رئيس المؤتمر/ علي عبد الله صالح، أنه لا يمانع من أن تستضيف الجزائر حوار سياسي بين الأطراف اليمنية المختلفة، وكذا حوار يجمع بين اليمن كدولة معتدى عليها مع السعودية كدولة معتدية، فالجزائر طرف محايد كل همها مصلحة الشعب اليمني وعدم استنزاف قدراته، وكذا مصلحة الشعب السعودي وعدم الاستمرار في استنزاف ثرواته، وأظن أن الزيارات المتبادلة بين الجانبين السعودي والجزائري تؤكد طرحي هذا.
أيضاً اعتقد أن الأطراف الفاعلة في الاعتداء على اليمن أدركت مدى مصداقية الطرح الجزائري الذي أكد أن المستفيد الأول من هذا العدوان هو التنظيمات الإرهابية كداعش والقاعدة، والدليل على هذا هو أن التنظيمين الإرهابيين اليوم هما المسيطران فعلياً على الجنوب اليمني خاصة في عدن وحضرموت وأبين ولحج.
ـس/ صرّحت في إحدى مقالاتك أن التدخل العسكري السعودي في اليمن يخدم أساسا الكيان الصهيوني. هل من توضيح أكثر حول هذه النقطة؟
ج/ في الحقيقة كل ما تقوم به العربية السعودية اليوم في العالم العربي-الإسلامي يصب في خدمة الكيان الصهيوني، واليمن ما هي إلا جزء من كل يتم استهدافه، كيف ذلك؟
أولاً: بداية نشير إلى أن الكثير من التقارير العربية والغربية والشرقية النابعة من منظمات المجتمع المدني، وكذا تصريحات الكثير من المسؤولين الرسميين في العالم وخاصة في الغرب، تؤكد أن السعودية هي من أنتجت ومولت القاعدة وداعش وأخواتهما من خلال مذهبها الوهابي المتطرف وبالتعاون مع بعض الأجهزة الغربية خاصة التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فإن تشويه الدين الإسلامي الحنيف، على المستويين العربي والدولي، وجعله ديناً يوصف بالتطرف والإرهاب يصب قطعاً في مصلحة الكيان الصهيوني.
ثانياً: إن ما تقوم به العربية السعودية من استهداف وتدمير للدولة الوطنية في العالم العربي، ومحاولة خلق الفوضى والحروب الأهلية بداخله، بغية تفكيكه إلى كيانات ودويلات ذات طابع عرقي، طائفي، مذهبي، قبلي، متصارعة ومتناحرة فيما بينها، يصب قطعاً في صالح الكيان الصهيوني الذي يرغب في أن يكون هو الأقوى والمسيطر في المنطقة، حتى لا يكون هناك مهدد لوجوده من أي قوة عربية-قومية تعمل على إعادة البوصلة تجاه القضية الأساسية والمركزية للعرب والمسلمين، ألا وهي القضية الفلسطينية.

ولهذا نرى أن السعودية تقود حلفاً عسكرياً ضد جارتها الجنوبية اليمن، بعدة حجج، تارة لأجل مكافحة التمدد الشيعي الإيراني، وتارة أخرى بمحاولة إرجاع الرئيس (الشرعي) لليمن وغيرها من الحجج الواهية، في حين كان الأولى أن يوجه هذا الحلف العسكري لنصرة أهلنا في فلسطين الذين يعانون من بطش الكيان الصهيوني المحتل، أو كان يوجه هذا الحلف لنصرة المسلمين الذين يذبحون في بورما، أو أن يوجه هذا الحلف لاستعادة الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى وو..، أو يوجه هذا الحلف لضرب إيران مباشرة، لكن الحاصل هو تدمير اليمن وتدمير جيشه وارتكاب مجازر الإبادة الجماعية في حق شعبه، تمهيداً لتقسيمه وتجزيئه إلى كيانات وسلطنات...كل هذا يصب في مصلحة الكيان الصهيوني.

التدخل غير المباشر في سوريا بحجة إسقاط نظام الأسد (الدكتاتوري)، ودعم المنظمات الإرهابية هناك كالنصرة وداعش وأخواتهما، يصب قطعاً في مصلحة الكيان الصهيوني، كذلك الأمر في ليبيا، والعراق، وفي الصحراء الغربية قامت السعودية بتمويل بناء جدار العار الذي يفصل المغرب عن الصحراء الغربية وبخبرات صهيونية، والآن السعودية تدعم النظام المغربي في ظلمه للشعب الصحراوي من خلال تصريح السفير السعودي بالرباط، برغبة المملكة العربية السعودية في الاستثمار بالأراضي الصحراوية المحتلة. أيضاً تصريح مستشار العاهل السعودي أثناء زيارته لسد النهضة بأثيوبيا، برغبة السعودية في الاستثمار بهذا السد، وهو الأمر الذي يعرض الأمن القومي المصري في الصميم، وهذا يصب في مصلحة الكيان الصهيوني. كذلك وثائق بنما أكدت تمويل العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز لحملة رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو الانتخابية في العام 2015، كذلك زيارة ضابط المخابرات السابق السعودي أنور عشقي للكيان الصهيوني في جويليه من العام 2016 على رأس وفد يضم أكاديميين ورجال أعمال ومقابلتهم لمسؤولين صهاينة وأعضاء من الكنيست الإسرائيلي ووصفه لرئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو بالقول " نحن بحاجة إلى رجل مثل نتنياهو فهو رجل واقعي.."، أيضاً نجد أن هناك تناغم في الموقف السعودي مع موقف الكيان الصهيوني في قضية النووي الإيراني، وترويج السعودية أن الخطر الإيراني على الإسلام والمسلمين أكثر من الخطر الصهيوني، بل إن الأمير السعودي الوليد بن طلال قد صرح ليومية القبس الكويتية أن بلاده "يجب أن تراجع مواقفها السياسية وتضع استراتيجية لمقارعة التأثير الإيراني المتزايد على دول الخليج العربي وذلك من خلال عقد معاهدة دفاع مشترك مع تل أبيب"، كذلك تناغم موقفي السعودي والكيان الصهيوني في اعتبار حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية... كثيرة هي الأمثلة والوقائع التي تؤكد أن المملكة العربية السعودية تنفذ أجندات الكيان الصهيوني في المنطقة العربية...

س/ يصوّر الإعلام العربي الأزمة في اليمن على أنها نتاج التدخل الإيراني من أجل السيطرة على هذا المنفذ الجنوبي من الخليج العربي. هل صحيح أن اليمن منقسم فعلا بين سنة واسماعيليين؟

ج/ أولاً: لا وجود للمذهب الإسماعيلي في اليمن، المذهب الإسماعيلي يوجد في شرق المملكة العربية السعودية، في اليمن يوجد مذهبين كبيرين هُما المذهب الزيدي نسبته 45 في المائة من الشعب اليمني، والمذهب الشافعي ونسبته 55 في المائة، والمذهبان متعايشان مع بعضهما البعض، فلا يوجد مسجد خاص بالزيود وأخر بالشوافع؛ فالشافعي يصلي خلف الزيدي والزيدي يصلي خلف الشافعي، وفي وقت الصلاة تلاحظ الذي يضم والذي يسربل، لا مشكلة أبدا؛ً فنحن شعب متناغم متماسك اجتماعياً، أيضاً لا بد من الإشارة في هذا المقام أن هناك من يصنف الزيدية على أنها المذهب السني الخامس بعد المالكية، الحنبلية، الحنفية والشافعية، كذلك هناك من يقول أن الزيدية هي سنة الشيعة، وأن الشافعية هي شيعة السنة، فالاعتدال والوسطية في اليمن هي السمة الغالبة، لكن الفكر الوهابي التكفيري بدأ يصنف الزيود على أنهم شيعة وتابعين لإيران حتى يكون للسعودية ذريعة للتدخل في اليمن بحجة محاربة المد الإيراني-الشيعي. وتقول السعودية في هذا الإطار أن الزيود يسبون الصحابة ويسبون أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، لكن هذا الكلام غير صحيح، فلا يوجد في المذهب الزيدي من يسب الصحابة رضوان الله عليهم، فالجميع يقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه، وعمر رضي الله عنه...، لكن للأسف هناك من مشى بعد هذا الفكر الوهابي التكفيري التضليلي من بعض العلماء وبعض شيوخ القبائل وبعض السياسيين من أبناء اليمن الذين تم شرائهم بالأموال السعودية المدنسة، وقاموا بدورهم بتغرير الناس حتى تفاقم الأمر وظهر التباين المذهبي الذي تم اختلاقه داخل المجتمع اليمني حتى يسهل استهدافه وجعله شعب تابع لا قرار له ولا سيادة. لكن وفي المقابل، أصبحت خيوط هذه اللعبة مكشوفة لدى الشعب اليمني، والدليل هو صمود هذا الشعب إلى جانب جيشه ولجانه الشعبية في التصدي للعدوان، وها نحن ندخل في الشهر العاشر من السنة الثانية للعدوان، هذا الأخير الذي لم يستطع أن يحقق أي انتصارات تذكر في الأرض اليمنية، فالجنوب أصبح مسيطراً عليه من قبل القاعدة وداعش، وصراعات فيما بين الفصائل التابعة للسعودية من جهة والتابعة للإمارات من جهة أخرى، وحكومة (شرعية) لا تزال في فنادق الرياض ولا تسيطر حتى على قصر المعاشيق في عدن.
ولا بد من الإشارة هنا أن حركة أنصار الله ليست محصورة على الزيود والهاشميين فقط مثل ما تروج له السعودية بل فيها الكثير من أبناء المذهب الشافعي ومن مختلف شرائح المجتمع اليمني. وبالتالي لا وجود لإيران في اليمن إلا في جانبها الدبلوماسي، واليمن مثلها مثل غيرها من دول العالم لها الحق في إقامة علاقات مع كافة دول العالم، عدا الكيان الصهيوني، ولا وصاية على اليمن من أحد، لا من إيران ولا من غيرها، أما قضية تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين على غرار أن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران، أو أن إيران ستقيم قاعدة عسكرية لها على الساحل اليمني، فهي تصريحات راجعة لأصحابها الذين يستثمرون في معاناة الشعب اليمني، ولا يمكن تحميل اليمن تبعات هذه التصريحات، وقد لاحظتم ردة الفعل اليمني بخصوصها سواء من الجانب الرسمي المتمثل بالمجلس السياسي الأعلى أو المستوى الشعبي، فاليمن دولة سيدة لن تقبل الوصاية من أحد.

ثانياً: أما بالنسبة لسؤالكم حول تصوير الإعلام العربي على رغبة إيران في السيطرة على خليج عدن وباب المندب، فكما تعلمون، أغلب الإعلام العربي إما أن تكون إدارته تابعة لدول خليجية وخاصة السعودية قطر والإماراتية، أو مشترى من قبل هذه الدول المذكورة، وبالتالي لا بد أن يكون طرحها في سياق سياسات هذه الدول، هذا من جانب، ومن جانب أخر، إيران دولة إقليمية كبرى لها أهدافها ومشاريعها في المنطقة، أما السعودية لا يوجد لديها خطط أو مشاريع ولا أهداف ولا تعرف ما تريد، فقط تنفذ أجندة مرسومة لها من قبل الصهيونية العالمية.

ثالثاً: لا بد من الإشارة في هذا المقام إلى أن جميع القوى الكبرى لها أطماع في خليج عدن وباب المندب، وقد توافدت أساطيلها مُنذُ العام 2008 إلى هذه المنطقة بحجة مكافحة القراصنة الصوماليين، تخيلوا أساطيل تابعة لولايات المتحدة وروسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي والصين واليابان.. لمحاربة قراصنة بدائيين، وفي هذا الإطار يقول المثل إذا كان المتحدث مجنون فالمستمع بعقله، فالقضية قضية صراع على الموارد وصراع من أجل السيطرة على الممرات المائية الدولية الإستراتيجية، فأماكن استخراج النفط لا تقل أهمية عن ممرات نقله/عبوره، ولا بد من أن نذكر أيضاً في هذا المقام أن الخط الذي يبدأ من منطقة خليج غينيا في غرب القارة الإفريقية مروراً بالساحل الإفريقي إلى شرق إفريقيا ومن ثم إلى القرن الإفريقي ومنه عبر باب المندب إلى اليمن ومنها إلى الخليج العربي وصولاً إلى إيران، هو خط مليء بالثروات المعدنية والنفطية والغازية التي تحتاجها كل المركبات الصناعية سواءً منها الغربية أو الشرقية، ولهذا نلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت في العام 2008 عن نيتها في إقامة الأفريكوم، حالياً مركز القيادة في تشوغارت في ألمانيا، هدف الأفريكوم مكافحة الإرهاب في القارة وكذا مساعدة القارة في التنمية السياسة والاقتصادية، والحقيقة هو التواجد الأمريكي العسكري في القارة آتى لقطع الطريق عن الصين وروسيا الاتحادية، وتلاحظون أن أغلب الفوضى والحركات الإرهابية واقعة في الدول التي تقع ضمن هذا الخط الذي ذكرته أنفاً أو محاذية له شمالاً أو جنوباً. واليمن تقع ضمن هذا الخط ويكفي أن أُشير لإثبات طرحي هذا، أن دونالد ترامب أثناء حملته الانتخابية صرح بأن السعودية تريد من عدوانها على اليمن أن تستولي على نفطه، ولا بد من الإشارة في هذا السياق أن احتياطي النفط في حوض مأرب –الجوف في شمال اليمن يبلغ ثلث الاحتياطي العالمي، أيضاً يوجد في اليمن الذهب واليورانيوم خاصة في محافظة صعدة شمال اليمن...
رابعاً: من خلال ما سبق يظل الشعب اليمن سيد نفسه ومالك قراره، وتستطيعون استشفاف هذا الأمر من خلال عدم رضوخه للمؤامرات المحاكة عليه، بالرغم من تكالب الإقليم الخليجي وحلفائه الغربيين والكيان الصهيوني عليه، لا يزال شعب صامد يرفض الذل والخضوع بالرغم من العدوان عليه لمدة تقارب السنتين، عدوان مقرون بالحصار الجوي والبحري والبري، حصار يمنع دخول الأغذية والأدوية حصار أدى إلى بروز المجاعة في أكثر من جهة باليمن، ومع هذا لم ينكسر هذا الشعب ولم يستسلم، معلومة أزيدها في هذا السياق وهي أن موظفي الدولة لم يستلموا رواتب لمدة أربعة أشهر، كذلك أفراد الجيش اليمني المقاتل عن أرضه وعرضه لم يستلموا الرواتب للفترة نفسها، وبالتالي لا توجد أي سلطة حاكمة تستطيع أن تصمد في ظل هكذا ظروف إن لم يكن شعبها في صفها، والآن السعودية في مأزق بل متورطة في مستنقع يمني لا يرحم وتحاول الخروج منه بماء الوجه، فقد فشلت في تحقيق أي هدف من أهداف حملتها (عاصفة الحزم) عسكرياً كان أو سياسي، عاصفة قد تكلفها غالياً وجودها كدولة.

س/ هل تضررت الآثار والمعالم الحضارية اليمنية من العدوان السعودي على اليمن؟ وهل كان لمنظمة اليونسكو أي رد فعل لإنقاذ هذه المعالم من الدمار؟

ج/ بعد 20 شهر من العدوان السعودي على اليمن، كل شيء تضرر في هذا البلد العربي، أبدأ بالمستوى الإنساني، فضحايا العدوان قدرت بـــــــ 11622 شهيد و19671 جريح السواد الأعظم منهم نساء وأطفال، أيضاً 1.8 مليون طفل خارج المدارس، 3 مليون امرأة حامل بحاجة إلى رعاية إنسانية وطبية، 2.2 مليون طفل يعانون من سوء التغذية، 19 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية فورية، 14.1 مليون مهددون بالجوع، 9.6 مليون طفل بحاجة إلى رعاية إنسانية وطبية، أكثر من 400 ألف منزل تدمر وتضرر و3 مليون نازح بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ويكفي القول هنا أن الأمم المتحدة أكدت على موت 7 أطفال كل ساعة باليمن نتيجة الأمراض المختلفة.

أما على مستوى البنية التحتية، فقد تم تدمير 17 مطار، 13 ميناء، 148 محطة ومولد كهرباء، 237 خزان وشبكة مياه، 108 منشأة ومبنى جامعي، 273 مستشفى ومركز صحي، 810 مدرسة ومعهد، 741 مخزن غذاء، 576 ناقلة غذاء، 615 سوق ومجمع تجاري، 230 مزرعة دواجن ومواشي، 1321 طريق وجسر تم تدميرهم، 1476 حقل زراعي.

أما على مستوى الآثار، فقد تم تدمير234 موقع أثري، منها سد مأرب القديم الذي يعود تاريخه إلى بداية الألفية الأولى قبل الميلاد، أي في الفترة السبئية، كذلك تم تدمير العديد من النقوش الأثرية تعود لنفس الفترة، أيضاً تم تدمير جرف أسعد الكامل في محافظة إب والذي يعود تاريخه إلى عهد الدولة الحميرية، أيضاً تم تدمير مدينة قرناو في محافظة الجوف وهي تعود إلى عهد دولة معين، وهناك العديد من الآثار التي دمرت لا يمكنني ذكرها في هذه العجالة، ولكن لا بد من الإشارة أن من يوجه العدوان السعودي، أي الصهيونية العالمية، من أجل استهداف تاريخ وحضارة آثار اليمن، إنما يريد من وراء ذلك اغتيال هوية وثقافة الشعب اليمني وإدخالها في دائرة النسيان، من خلال قطع الصلة بين هذا الشعب وتاريخه، وبالتالي يصبح من السهولة بمكان استعباده واستغلال ثرواته..

أما بالنسبة لمنظمة اليونسكو، فبالرغم من أن الجهات الرسمية اليمنية المخولة بموجب القانون عن حماية الآثار والمواقع الأثرية في اليمن، قد رفعت العديد من الشكاوى مقرونة بالأدلة على أن العدوان السعودي قد دمر العديد من الآثار والمواقع الأثرية، إلا أن منظمة اليونسكو كجهة دولية أولى مسؤولة عن حماية هذا التراث الإنساني، قد تخاذلت في تعاطيها مع هذه القضية على نحو ملحوظ ومُسيس بامتياز، وبالتالي فهذه المنظمة تعتبر متواطئة مع العدوان السعودي، وكيف لا تكون متواطئة، والمنظمة الأم، الأمم المتحدة قد تم شراؤها بالمال السعودي، هذا المال الذي أوصل السعودية لأن تكون رئيساً للجنة حقوق الإنسان التابعة لهذه المنظمة الأممية التي تخاذلت في منع ارتكاب الإبادة الجماعية في حق الشعب اليمني، وبالتالي لن تكترث بتدمير آثار وثقافة وهوية هذا الشعب الذي يقتل، هذه المنظمة التي سكتت أيضاً عن تدمير تنظيم القاعدة لتمثال بوذا في إفغانستان وغير ذلك من الحالات في العديد من بلدان العالم في سوريا في العراق في مالي وهلم جراً..

س/ لوحظ في السنوات الأخيرة ـ وتحديدا منذ اندلاع المواجهات المسلحة في بلدكم ـ توافد عدد متزايد من اليمنيين إلى الجزائر. ألا تخشى أن يمر الشعب اليمني بنفس المحنة التي يمر بها الشعب السوري؟

ج/ أولا: المتواجدين في الجزائر من اليمنيين هم الطلاب وعددهم يقدر ما ببين 400 إلى 500 طالب يتمدرسون في مختلف الجامعات الجزائرية ما بين تبادل ثنائي ومقاعد بيداغوجية مقدمة من الدولة الجزائرية الشقيقة، أما الذين أتوا إلى الجزائر فهم من ذوي المغتربين اليمنيين في الولايات المتحدة الأمريكية لأجل تقديم ملفاتهم للسفارة الأمريكية في الجزائر بغية الحصول على الفيزة الخاصة بالولايات المتحدة، كون السفارة الأمريكية في اليمن أغلقت أبوابها بسبب الظروف التي تعاني منها اليمن، وجميعهم من المقتدرين مادياً، ولا بد من الإشارة في هذا المقام إلى أن الذي حدث هو العكس فأغلب اليمنيين المتواجدين في الخارج لأسباب الدراسة أو العلاج أو من المغتربين رجعوا إلى اليمن لزيارة أهاليهم والبعض منهم ضل في المطارات الدولية عالقاً بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي، فالشعب اليمني مرتبط بأرضه ولا ترهبه الآلة العسكرية للعدوان السعودي، فهو شعب متعود على صعوبة الحياة واحتمال المحن.
ثانياً: ومثل ما قلت سلفاً الشعب اليمني متماسك اجتماعياً، وفهم لعبة الاقتتال المذهبي التي كان العدو السعودي يريد أن يدخله فيها، ويحاول تصوير ما هو حاصل في اليمن على أنه حرب أهلية بين السنة والشيعة، الأمور أصبحت واضحة اليوم لدى الشعب اليمني ولدى الرأي العام العربي والدولي، أن الحاصل اليوم هو عدوان سعودي-صهيوني طامع في ثروات اليمن ويُريد أن يُسيطر على باب المندب ليتحكم في الأمن القومي العربي بشكل عام، فالقضية تدخل في إطار استهداف كل الدول العربية الوطنية، تمهيداً لتقسيمها إلى كيانات/ دويلات ذات طابع عرقي، طائفي، مذهبي وقبلي، يكون فيها الكيان الصهيوني هو القوة المسيطرة الوحيدة. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن من يقاتل في صف العدوان السعودي من اليمنيين هم مرتزقة لا يملكون قضية سوى حرصهم على جني الأموال المدنسة من السعودية، ولا يختلفون عن من استقدمتهم السعودية للقتال معها ضد اليمن مقابل المال من السودانيين والسنغاليين والصوماليين ومن شركة بلاك ووتر... وبالتالي هناك فرق بين من يقاتل عن أرضة وعرضه وبين من يقاتل من أجل المال، وعليه فإن تكرار الأنموذج السوري في اليمن مستحيل.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:10 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-48559.htm