الثلاثاء, 10-يناير-2017
-
قالت الدكتورة «مضاوي الرشيد»، وهي أستاذ زائر في معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية: إن «السعودية ستواجه أزمة وجودية في عام 2017م، خاصة مع التحديات والاخفاقات التي واجهتها المملكة في عام 2016م، والتي من المتوقع أن تمتد تبعاتها لعام قادم». وأضاف الكاتبة في مقالٍ نشره موقع «ميدل إيست آي» البريطاني: «إن تقلبات السعودية بين الثراء والتقشف ليست جديدة، ولا تهدد الحياة».
وتوقع أن تستمر هذه الديناميكية في عام 2017م، سواء مع الركود الاقتصادي المستمر أو الرخاء المتجدد على خلفية تذبذب أسعار النفط، إلا أنها لن تكون السمة المميزة لهذا العام.
وبحسب الكاتبة، ستكون السمة المميزة بالنسبة للسعودية هذا العام هي أزمة وجودية ناجمة عن فشلها في تأمين الهيمنة في العالم العربي، والخروج منتصرة من تنافسها الطويل مع إيران.
الكاتبة أشار إلى أن هذا الفشل وما ينتج عنه من أزمة سيكون له عواقب مهمة على الصعيدين المحلي والإقليمي.
وقالت الكاتبة: «تبدأ القيادة السعودية السنة الجديدة مع دليل من الفشل في مغامرات عسكرية وهجمات ساحرة على حد سواء في جميع أنحاء المنطقة».
وتابعت: «هذا لا يبشر بالخير للمستقبل، ويقوض رغبتها في أن تكون الحكم الوحيد للشؤون السياسية في العالم العربي».
الكاتبة ذكّر أنه في عام 1967، سعت المملكة العربية السعودية بشكل انتهازي لتحل محل القاهرة كمركز الثقل في المنطقة، مسلحين بثروتهم الهائلة الجديدة، وقيادة تتعهد بإنقاذ العرب والمسلمين، أنفق ملوك السعودية ببذخ على شبكات الدعاية والرعاية في مختلف أنحاء المنطقة على أمل أن تصبح المملكة زعيمًا بلا منازع.
وبعد خمسين سنة، في عام 2017م، يناضل الملك «سلمان» واثنان من مساعديه، ولي العهد الأمير «محمد بن نايف» وولي ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»؛ من أجل إخفاء الفشل الذريع في سوريا؛ حيث أسفرت معركة حلب عن هزيمة قوات المعارضة التي تتلقى غالبيتها الدعم المسلح من قبل السعوديين والغرب.ويرى الكاتبة أن أنقاض حلب ستمثل رمزًا لفشل السعوديين في إسقاط «بشار الأسد» والمزايا النسبية لتحالف الأخير مع روسيا وإيران والميليشيات الشيعية.
وأوضحت الكاتبة أن حلفاء الغرب، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، باتوا خائفين من المستقبل وقلقين من أنهم أيضًا سيتم التخلي عنهم في أحلك أوقاتهم.
وقالت الكاتبة: إن سقوط «مبارك» في مصر، و«زين العابدين بن علي» في تونس، وكلاهما كان حليفًا للغرب، أصاب السعوديين بالصدمة لأسباب كثيرة، ولكن قبل كل شيء لأن الإطاحة السريعة بهم من السلطة أظهر إحجام القوى الغربية عن التدخل وإنقاذ حلفائهم، خصوصًا بعد أن فشل التدخل الغربي المباشر في التجربة العراقية، فشلاً ذريعًا في تحقيق حلم الديمقراطية الموعود.وتابع الكاتبة بقوله: «إنه بالرغم من عدم وجود بدائل قابلة للتطبيق في الوقت الحالي، سوف يبدأ السعوديون في التشكيك من جدارة العلاقة الخاصة الطويلة مع الولايات المتحدة، التي امتدت لسبعة عقود».إذلالهم في سوريا امتزج بانتهاء الدعم غير المشروط والحصري من قبل الولايات المتحدة.. ومن المرجح أن يستمر هذا التحول في السياسة، الذي بدأه الرئيس «أوباما»، بل ربما سيصبح أكثر ترسخًا عندما يتولى «دونالد ترامب» مهام منصبه في البيت الأبيض هذا الشهر.
معتمدة بشكل أقل على النفط السعودي، ومنتقدة للتقليد الاجتماعي والنظرة الدينية السعودية، ستتسم علاقات الولايات المتحدة في عهد الرئيس «ترامب» على جميع الاحتمالات بالجفاء على نحو متزايد مع السعودية، بحسب ما توقع الكاتب.يبدو من غير المرجح أن يستمر الرئيس «ترامب» في تدليل وحماية السعودية التي تواجه العجز والديون، فحسب رؤية الرئيس المنتخب للعالم، يشكل دفع الأموال مقابل الحصول على الحماية شيئًا مقدسًا.
لكن وأكثر من أي وقت مضى، ستحتاج السعودية إلى كل من الحماية والسلاح الأمريكي لتتخلص من الإذلال الذي عانته في حلب، حيث هُزم وكلاؤها هناك.
وقالت الكاتبة أيضًا: إن المملكة ستواجه تحديات في المنطقة، فالحلفاء الخانعون عادةً، مثل الرئيس المصري «السيسي»، يُظهرون المزيد من الجرأة والاستقلال في الرأي، بالرغم من المعونات الهائلة التي قدمها السعوديون.
ففي النزاعين اليمني والسوري، اختلفت القاهرة مع الرياض وتبنت مواقف تتوافق مع مصالح مصر الوطنية، بالرغم من أن السعوديين توقعوا تعاونًا تامًا ودعمًا غير مشروط من مصر.
بفقدانه للسلطة الإقليمية، والإذلال الذي عاناه في سوريا، من المرجح أن يركز الملك «سلمان» على اليمن في عام 2017م، لكن حتى في اليمن أيضًا ستكافح السعودية لتحقيق النجاح.
علاوةً على ذلك، وبدون تحقيق نصر قريب في اليمن، ذكر الكاتبة أن السعودية ستقلق من المتطرفين الإسلاميين المحليين الذين توقعوا نصرًا إلهيًا سريعًا ضد الحوثيين الذين وصفهم السعوديون بـ «عملاء إيران الكفار»..تجسّد الحرب في اليمن توجهًا جديدًا من الوطنية العسكرية السعودية التي ألهبت خيال المتشددين الإسلاميين، لكنها يمكن أن تعود بعواقب وخيمة على العاهل السعودي ونجله وولي ولي العهد.
وفقًا للكاتب، إن اجتمع لدى الإسلاميين السعوديين المحليين سخطهم على حكّامهم وغضب المسلحين السعوديين العائدين من سوريا والعراق، فإن السعودية ستغرق في موجة جديدة من الإرهاب، شبيهة في تدميرها بالموجة التي بدأت في عام 2003م، بعد أن عاد المسلحون السعوديون من أفغانستان..قد تجد السعودية نفسها هدفًا مباشرًا للمسلحين الغاضبين الذين لن يكون لديهم مكان يقصدونه؛ إن تم طرد تنظيم «داعش» والجماعات الأخرى من العراق وسوريا.
بغياب استراتيجية لخروج المسلحين المهزومين، سيتسلل العديد منهم عائدين إلى بلدهم ويعيدون تنظيم صفوفهم هناك.سيعيدون توجيه غليانهم العسكري إلى الداخل السعودي، معتبرين أن هزيمتهم كانت بسبب ما يسمى بعدوّهم القريب: حكام السعودية.
وخلصت الكاتبة إلى أن التحديات التي تواجه السعودية وهي تدخل عام 2017م ليست نتيجة لتراجع عائدات النفط، بل هي نتيجةٌ لتدهور سمعتها الإقليمية والدولية.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:38 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-48633.htm