محمد أنعم - (( للتذكير..الشعب المصري في عهد محمد علي باشا قضى على الدولة السعودية الاولى في الحملة العسكرية المشهورة التي قادها نجله ابراهيم الى نجد ..فهل ستقبل السعودية اليوم بالخسارة أمام مصر ثانية ؟؟)) جاء حكم المحكمة الادارية العليا الصادر الاثنين الماضي بتأكيد ملكية مصر لجزيرتي تيران وصنافير ليضع العلاقات بين القاهرة والرياض أمام أخطر مرحلة في تاريخ الدولتين، فإذا كان الحكم قد صدم النظام السعودي ووسائل اعلامه ودبلوماسييه، فأنه في الوقت نفسه وضع الحكومة المصرية في مواجهة مع الشعب والقضاء..
هناك اجماع على نزاهة القضاء المصري ، لذا لا يمكن اعتبار الحكم مسيساً رغم ان توقيت صدوره يفهم وكأنه جاء كرد فعل مصري على التحركات السعودية القطرية المريبة الى اثيوبيا والقرن الافريقي ، وهي التحركات التي اثارة قلق النظام المصري خصوصاً وانها كشفت عن استعدادات مبكرة لمخططات تستهدف حاضر ومستقبل مصر عبر ضرب امنها المائي عبر سد النهضة في اثيوبيا..
إذا فحكم القضاء المصري جاء في توقيت خطير والعلاقات المصرية السعودية القطرية الخليجية في اسوء مراحلها على الاطلاق، ما ينذر بالانتقال بها من وضع التمترس والترقب الحذر إلى المواجهة ، والتي يبدو ان مصر ليست مستعدة لخيار كهذا . على عكس السعودية ودول الخليج الاخرى التي نلاحظ انها عززت من تواجدها العسكري والأمني والاقتصادي في البحر والبر واصبحت مستعدة للاجهاز على مصر، بعد ان نجحت بضرب تواجدها في جنوب البحر الأحمر واليمن وكذلك في تحويل البحر الاحمر الى اشبه ببحيرة سعودية بدون معارك ، بعد استدراج مصر للتخلي عن دورها في هذه المنطقة الحيوية باسم المشاركة في التحالف العسكري ضد اليمن دون ان تستشعر لحقيقة الاهداف من وراء الاستماته السعودية للسيطرة على باب المندب ..
الشيئ الاخر ان الرياض نجحت في ترويض النظام السوداني وتحويلة الى كلب حراسة للمصالح السعودية وشرطي مسخر لخدمة مخططاتها في المنطقة لاسيما بعد ان تمكنت من اقناع باراك اوباما من رفع العقوبات الامريكية على النظام السوداني في استقطاب له مدلولات خطيرة.. اضافة الى ذلك ان السعودية ودول خليجية اخرى تتحكم بالجماعات المتطرفة في ليبيا وتعد اذرع عسكرية تابعة لها ويمكن في أي لحظة مهاجمة مصر من حدودها الغربية.. ولا يخفى على احد ما تتعرض له مصر من استنزاف في حدودها الشرقية.
كل هذه التحركات ليست عفوية بدليل ان السعودية ودول خليجية تشن حربا اقتصادية على مصر منذ اكثر من عام في سياق هذا الاستهداف الذي جرى الاعداد له بشكل هادئ لتوجيه ضربة قاضية وقاصمة لمصر وشعبها. وللحقيقة والتاريخ يجب ان نعترف بدهاء النظام المصري الذي تجلى برفضه للضغوطات السعودية الخليجية التي مورست عليه لزج الجيش المصري في المعركة البرية في اليمن والتي كان يراد منها التخلص من قوة مصر وسحق قلعة العرب لتصبح السعودية المهيمنة على المنطقة..
لقد تعرضت السعودية لاهانة بصدور الحكم حول الجزيرتين، تفوق الاهانة التي تعرضت لها بهزيمتها في حلب وعجزها عن (ترحيل) الرئيس بشار الاسد ، لذا لن تذهب الى البحث عن حل سياسي أو تحكيم دولي بشأن الجزيرتين ، بل ستذهب للانقضاض على مصر والنظام القائم .. ولايفوتنا التذكير هنا ان السعودية دمرت سوريا بسبب جملة اطلقها بشار الاسد .. وصفهم بـ “اشباه الرجال” وتم قتل معمر القذافي وتدمرليبيا بسبب حادثة بسيطة .. معروفة للجميع.. واليمن هاهي اليوم تدمر وشعبها يقتل ونحن نسميها “شقيقة كبري”.. فلا ندري أي مصير ينتظر مصر وشعبها بعد ان قال القضاء حكمة وقوله الفصل حول الجزيرتين ..
فما حدث الاثنين الماضي يعتبر صفعة قوية للنظام السعودي تذكرنا بالضربة التي وجهتها مصر للدولة الوهابية الاولي في عهد محمد علي باشا والذي قاد نجله ابراهيم حملة عسكرية الى نجد وقضى على الدولة السعودية الاولى ولذلك لن تقبل السعودية بالخسارة أمام مصر ثانية. بالتأكيد السعودي تشعر انها اهينت وكرامتها مرغت بالوحل ولابد ان تعيد الاعتبار لذات الاسرة قبل التفكير بإعادة الجزيرتين.. ولن تتردد الرياض من البحث عن مبرر ولو تطلب الامر اعادة السيناريو اليمني وتهريب محمد مرسي من سجنه والتعامل معه كـ “شرعية” مثلما تعاملت مع “هادي” لتبرير عدوانها على اليمن..
وليس من المستبعد ان تنفذ السعودية هذه المؤامرة مع تركيا باعتبارها مستعدة لخوض مثل هذه المغامرة.. ان على النظام المصري ان يستشعر خطر المؤامرة الاقليمية التي تحاك ضدة، ولا يجب ان يذهب لخوض معارك داخلية ضد شعبه حول الجزيرتين والا يسمح لبعض المنتفعين ان يمزقوا الوحدة الداخلية تحت أي مسمى ..
كما ان على الرئيس السيسي القيام بزيارات تشمل الجزائر وسوريا وتونس وصنعاء والعراق ولبنان وجيبوتي وغيرها لتعزيز حضور مصر عربياً والتنسيق لمواجهة المؤامرة واعلان قف واضح من الدور القذر التي تلعبه بعض دول الخليج في دعم ومساندة الارهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية في انتهاك صارخ لميثاق لجامعة العربية والأمم المتحدة. لا يجب ان تخوض مصر المواجهة لوحدها لأنها ان لم تخسرها فستدفع الثمن غالياً ، بل عليها ان تخوض هذه المعركة مع الشعوب العربية ، فبكل تاكيد لن يتخلى العرب شعوباً وانظمة عن قلعة العرب مصر الكنانة وشعبها العظيم.. |