الإثنين, 23-يناير-2017
استطلاع/ محمد أحمد الكامل -
يمثل استغلال وسوء استخدام وسائل الإعلام الرسمية وتكريس رسالته للولاء الحزبي على حساب الولاء للوطن وقضايا الشعب مسألة غاية في الخطورة تهدد اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي وصولاً إلى التفكك والضعف والانهزام، خاصة ان الإعلام الرسمي يمثل اللواء الجامع والمعبر عن آمال وتطلعات الشعب بكل توجهاته وخلق وعي وطني وتوجيهه لتحقيق مشروع نهضوي، وفي ذات الوقت يكرس رسالته دائماً وباستمرار لمواجهة المؤامرات والتحديات التي تهدد الأرض والإنسان على حد سواء بعيداً عن الحسابات والولاءات الحزبية والمناطقية والمذهبية والقروية..
حول أهمية تعزيز دور رسالة الإعلام الرسمي وخطورة انحرافه على حساب قضية وطن ومظلومية شعب بأكمله، كان لصحيفة «الميثاق» هذا الاستطلاع مع عدد من الأكاديميين.. فإلى الحصيلة:
♢ في البداية تحدث مستشار جامعة صنعاء الدكتور احمد مطهر عقبات قائلاً: لا شك أن الإعلام يلعب دوراً ريادياً في تحديد السلوكيات والقناعات والاتجاهات بناءً على الاستراتيجية والسياسة الإعلامية الموضوعة والأهداف المرسومة، ويجب على الإعلام أن يكرس جل اهتماماته في دراسة وتحليل ومعالجة قضايا وهموم المجتمع وبمشاركة فاعلة من قبل المهتمين والمتخصصين والشخصيات المؤثرة بمعزل عن الضغوط الحزبية الضيقة وخاصة تلك الرسائل الموجهة من وسائل الإعلام الرسمية.. وأضاف: باعتبار أن المصلحة العامة ومصلحة الوطن العليا تبقى دائماً ثابتة في كافة البرامج والتوجهات، ولذلك وفي ظل التعددية الحزبية والسياسية قد تختلف وجهات النظر إزاء بعض القضايا العامة والسياسية ونحوها، لكنها في الغالب ينبغي أن لا تتجاوز حدود مصالح البلد وأمنه واستقراره وأخلاقيات الإعلام المهني في التناول وخاصة ما يتعلق بسرد الأحداث والحقائق بموضوعية ودقة تصب في اهتمامات الرأي العام الاجتماعي والتعبير عن تطلعات الناس ومظلومية الشعب..
وقال الدكتور عقبات: لعل المرحلة الحرجة التي يمر بها شعبنا اليمني والمتمثلة في الحرب والحصار والفقر تحتاج إلى تكاتف الجهود الإعلامية الحزبية والمستقلة والرسمية لمتابعة الأحداث بمسئولية وطنية ، كاشفة للحقائق وناشرة للوعي بالإضافة إلى إيضاح الأسس الكفيلة بإيصال الرسالة الوطنية الخالصة لمواجهة التحديات القائمة..
وأكد الدكتور أحمد عقبات في ختام حديثه لـ«الميثاق»: ينبغي على الإعلام الرسمي أن يتصدر الالتزام بمسئولية الاهتمام بالقضايا العامة باعتباره مِلْكاً لكل الشعب وأن يعبر عن التوجهات العامة للدولة بحيادية تامة ومن خلال مشاركة مجتمعية فاعلة.
♢ من جهته قال رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام- جامعة صنعاء- الدكتور علي العمار: ان الإعلام اليمني يعاني من التبعية المطلقة بشكل كبير الأمر الذي يؤثر على رسالته الإعلامية بشكل فاضح..
حيث نجد على سبيل المثال ولاءات بعض وسائل الإعلام المطلقة للأحزاب السياسية وتغليب هذه الولاءات الضيقة على الولاء للوطن، الأمر الذي يفقد الإعلام رسالته الوطنية السامية، فيصبح الإعلام في هذه الحالة عبارة عن بوق يردد كل التفاهات الحزبية التي دمرت الوطن ومزقت النسيج الاجتماعي إلى أشلاء، وللأسف يحدث كل ذلك بسبب هذه الولاءات الحزبية او المذهبية أو المناطقية.. موضحاً أن هذا الولاء جعل الرسالة الإعلامية تركز في مجملها على المناكفات السياسية والملاسنات وتهييج الرأي العام ونشر ثقافة الانتقام والكراهية بين أبناء الشعب الواحد، من خلال المبالغة والتهويل في طرح القضايا الوطنية بما يخدم مصلحة الحزب وعلى حساب وطن بأكمله، وبالتالي يخدم العدوان الذي دمر الوطن وسفك الدماء في كل أرجاء الوطن.. فهذه الولاءات الحزبية الضيقة جعلت رسالة الإعلام تحيد عن مضمونها وعن أهدافها الخاصة بإعلام الرأي العام عن كل المؤامرات التي تحاك ضد الوطن من قبل تحالف العدوان.. واستطرد الدكتور العمار قائلاً: نلاحظ من خلال متابعتنا لوسائل الإعلام المحلية أن هناك إهمالاً لدور وسائل الإعلام الحكومية ولم يعد يؤدي دوره كإعلام حكومي خصوصاً في تغطية كل جبهات القتال، حيث أصبحنا نتابع كل جديد عن الإعلام الحربي من خلال قنوات خاصة على الرغم من أهمية الدور الذي ممكن أن يؤديه الإعلام الرسمي في هذا الجانب.. لذلك لا بد من الاهتمام بالإعلام الحكومي ليؤدي دوره الحقيقي في تغطية كل أحداث الوطن أولاً بأول وجعل الأولوية له في البث والنشر لكل الرسائل الإعلامية الوطنية.
واختتم الدكتور العمار حديثه بالقول: وحتى يؤدي الإعلام الحكومي رسالته الوطنية ودوره الحقيقي والمنشود في لملمة الشتات الاجتماعي الذي صنعه إعلام الولاءات الحزبية، لابد من الاهتمام به من قبل الحكومة ودعمه بالمصادر الإعلامية الخاصة حتى يكون له السبق الصحفي في نشر وبث كل قضايا الوطن .
♢ أما الدكتور مفتاح الزوبة فيقول: الإعلام الرسمي يمثل حكومة الجمهورية اليمنية المشكَّلة من القوى الوطنية بالتساوي، وبالتالي يفترض بوزارة الإعلام أن تقوم برسم السياسة الإعلامية الموحدة للوسائط الإعلامية التابعة لها، والتي تراعي في المقام الأول أن يكون الخطاب الإعلامي موجهاً لكافة أطياف الشعب مبرزاً فعاليات وأنشطة المؤسسات الحكومية والهيئات التشريعية ومناقشة قضايا وهموم المواطنين ومراعياً مختلف توجهاتهم السياسية، بالإضافة الى تقديم رسالة إعلامية للمتلقي العربي والأجنبي توضح ما يجري في اليمن من أحداث وتداعيات لاسيما تفاصيل العدوان على بلادنا وإبراز صمود الشعب اليمني وتضحياته ومعاناته الشديدة في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها.. وأردف قائلاً: فإن حاد الإعلام الرسمي عن هذا النهج فسمّه ما شئت سوى تسميته "إعلاماً رسمياً".
وأضاف: ان خطورة تحول الإعلام الرسمي إلى إعلام حزبي سواء أكان (س) أو (ص) من الأحزاب متحدثاً باسمه ومبرزاً نشاطاته ومتجاهلاً ما دونه بغض النظر عن ماهية هذا الحزب أو القوة السياسية، تؤدي إلى فوضى إعلامية ومهاترات ونزاعات بين كوادره تضعف رسالته الإعلامية ويفقده مصداقيته أمام المتلقي وبالتالي عزوف الجماهير عن الوسائط الإعلامية الحكومية وتوجهها إلى وسائط إعلامية محلية حزبية وأهلية أخرى أو أجنبية.. محذراً من خطورة هذا الأمر نظرا للهجمة الإعلامية الشرسة على بلادنا فيكون المواطن البسيط فريسة سهلة للشائعات التي قد تؤدي إلى شق الصف الوطني الذي لا يزال صلباً حتى الآن.. مؤكداً في ختام حديثه: ان عدم تحييد الإعلام الرسمي عن التدخلات الحزبية وعدم ممارسة ضغوط بواسطته لنيل مكاسب حزبية ضيقة أو تجييره لصالح (س) او (ص) من الأحزاب أو القوى السياسية بترجيح كفة كوادره الإعلامية على حساب الرسالة الإعلامية الوطنية التي ترسم سياستها الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة الإعلام، سيجعل الساحة الوطنية ساحة لمعارك إعلامية سخيفة من الأوْلى عدم خوضها واستغلال ما قد يترتب عليها من خسائر على مستوى لحمة الصف الوطني في الدفاع عن الوطن الذي يتعرض لحرب إعلامية لا تقل شراستها عن شراسة المعارك العسكرية الضارية التي تجري في العديد من جبهات القتال.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:41 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-48833.htm