الميثاق نت -

الإثنين, 20-فبراير-2017
د.محمد سعيد المشجري -
قد يتبادر الى أذهان البعض أنه لايوجد ارتباط أو علاقة بين ظاهرة التغيرات المناخية وظاهرة النزوح والهجرة، ولكن الواقع غير ذلك، فالواقع أنه توجد علاقة متينة بين التغيرات المناخية وموضوع النزوح والهجرة حيث تعتبر التغيرات المناخية أحد أهم الأسباب الرئيسية للنزوح والهجرة حسب المنظمات الدولية وتعتبر من المحاور الأساسية للبحث العلمي والدراسات المختلفة، وسنتناول في هذا المقال ايجازاً عن هذه الظاهرة وأثرها على النزوح والهجرة.
التغيرات المناخية تعتبر أحد أهم الأسباب التي تؤدي الى هجرة ونزوح البشر في شتى بقاع العالم وقد صنفها العلماء كأهم العوامل الرئيسة للهجرة والنزوح نظراً لتأثيراتها الشديدة، ويمكن القول بشكل عام ان التغيرات المناخية هي التغيرات المؤثرة وطويلة المدى في معدل حالة الطقس لمنطقةً ما.. وهناك دراسات وأبحاث علمية مناخية تنبأت بالمزيد من الهجرة نتيجة التأثيرات لتغير المناخ منها شحة المياه والجفاف طويل المدى وأيضاً الأعاصير والفيضانات بالإضافة الى ارتفاع منسوب مياه البحر نتيجةً لذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي والذي سببه ارتفاع درجات الحرارة على مستوى الكرة الأرضية وهذا سوف يسبب في غمر الكثير من الأراضي المنخفضة والجزر الصغيرة، وعلى سبيل المثال توجد في اليمن أراضٍ منخفضة قد تصل من50 الى 100 متر من مستوى سطح البحر مثل سهل تهامة، والتي تعتبر مناطق حساسة ومعرضة لتدفق مياه البحر الأحمر وغمر الأراضي الزراعية بمياه مالحة مما يسبب تملح تربة الأراضي الزراعية بمعنى حصول تلف فيها، مما قد ينتج عن ذلك نزوح وهجرة المزارعين وقاطني هذه المناطق بسبب عدم قدرتهم على استزراع الأرضي التالفة، كما قد ينتج عنها مشاكل أخرى مثل الفقر والبطالة وانتشار الأمراض المرتبطة بالمشاكل البيئة المختلفة.ومثل هذه الظواهر تشتت أسر القاطنين في هذه المناطق المنكوبة وعلاقتهم التاريخية بالأرض وبحثهم عن وسائل معيشة أخرى بعد أن كان اعتمادهم التام للمعيشة على الزراعة وخيرات هذه المناطق.
ومن الأسباب المناخية الرئيسية الأخرى التغير في درجات الحرارة النمطية وغالباً ماتكون في ارتفاع معدلات درجات الحرارة العالمية مما يؤدي أحياناً الى تغير نمط الدورة المائية المعتادة مما سيسبب المزيد من الأعاصير والفيضانات الكارثية كالتي حدثت قبل عامين في سواحل حضرموت والمعروف بإعصار شابلا وميج، وأدت هذه الأعاصير المدمرة الى تحطيم البنى التحتية للمدن والأرياف الواقعة في إطار هذه الأعاصير وكذلك نزوح المواطنين الى أماكن أكثر أمناً بعد أصابتهم بالقلق والأضرار المباشرة وغير المباشرة، مما اضطر الدولة والمنظمات الدولية آنذاك الى التدخل والاغاثة وايواء المتضررين من هذه الكارثة.. وكلفت هذه الكارثة الدولة أموالاً طائلة في إعادة إعمار هذه المناطق المتضررة، بينما هاجر الكثير من أبناء هذه المناطق الريفية الى المدن وأيضاً الى خارج البلاد بحثاً عن المعيشة والملجأ الآمن .
وتعتبر العلاقات الدولية من العوامل الأساسية والضرورية للاستجابة لمسائل التغيرات المناخية وآثرها بطريقة ايجابية وتحديد سياسات جديدة للتأقلم لمثل هذه التغيرات المناخية غير المعتادة، ومن الضروري أيضاً الاستجابة بشكل سريع للكوارث مثل الفيضانات وغيرها جراء التغيرات المناخية المفاجئة، من ناحية الاغاثة وسرعة الايواء للمتضررين من خلال عمل خطط وبرامج من قبل جهات مختصة في إطار الدعم الفني والمادي من قبل الدول المتقدمة وذلك لمساعدة الدول النامية والتي عادةً ما تكون عرضة للتضرر من الكوارث المناخية ، والمحاولة في إسراع تقديم المساعدات والاغاثة لأي منطقة قد تتعرض لكارثة بسبب تغير المناخ.
هناك الكثير من الدراسات والأبحاث العلمية التي أصدرت من قبل المنظمات الدولية المتخصصة في مجال التغيرات المناخية والهجرة من أجل التخفيف من المعاناة وأيضاً عمل سياسات التكيف للمعيشة في الظرف المتغير وخاصة المناطق الريفية حيث يوجد الكثير من الأسر الفقيرة وغير القادرة على تحمل ومواجهة هذه الكوارث المدمرة.. وعند حدوث هذه الكوارث والظواهر تسبب بشكل كبير نزوحاً وهجرة مما سيزيد من أعباء توفير الخدمات اللازمة والضرورية مثل الاغاثة والايواء وغيرها من الخدمات.
ومن الأمثلة التي يمكن التحدث عنها الهجرة والنزوح الكبير الذي حصل في منطقة دارفور بالسودان، وهذا -بحسب تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية- بسبب ارتفاع درجات الحرارة مما سبب أنخفاضاً في الانتاج وتربية الحيوانات بشكل ملحوظ والنتيجة أدت الى حصول اضطرابات وحروب أهلية مما دفع بعض الفئات الضعيفة الى النزوح والهجرة وحينها تدخلت الكثير من المنظمات الدولية في عمل برامج ومخيمات لتنظيم الاغاثة وأيضاً لاعادة البنى التحتية وحل المشاكل بين الفئات المتنازعة وأيضاً عمل برامج للتأقلم مع المتغيرات الجديدة في ظاهرة التغيرات المناخية.
وقد قامت الدولة بدراسات بدعم ومساندة من البنك الدولي والمنظمات الدولية المختصة لعمل مشروع انشاء مركز الأنذار المبكر لعمل خطط وبرامج وطنية لمواجهة مثل هذه الكوارث المناخية والتقليل من أثرها.

٭ وزير شئون المغتربين
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-49221.htm