محمد أنعم - منذ ظهور دولة قطر إلى مسرح الحياة السياسية قبل عدة عقود ظلت العلاقات القطرية السعودية مثيرة للدهشة والتعجب، فلم تخضع الدوحة للرياض على الاطلاق، الى درجة ان أحد ملوك السعودية وصف قطر بـ»الدولة العظمي« في اجتماع لمجلس التعاون الخليجي، ليس من باب السخرية ولكن لقناعة اسرة آل سعود أنه من الصعب جداً أن تفرض الرياض على الدوحة سياساتها مثلما تفعل ذلك مع اغلب دول مجلس التعاون، غير أن ما يثير العديد من التساؤلات هو عن الأسرار أو الخفايا التي أجبرت الدوحة على دخول بيت الطاعة السعودي وعدم تحريك أي ساكن رغم اضطراب الأوضاع في المنطقة وداخل دول الخليج.
إذاً هناك دلائل تؤكد حقيقة ما يشاع من مؤامرات وسيناريوهات خطيرة يجري طبخها سراً في الدوحة والتي جعلتها تخضع مؤقتاً للسعودية لتتحين الفرصة لتوجه ضربتها القاضية للرياض واستعادة أراضيها المحتلة..
الجميع يعرف أن قطر والسعودية تقفان دوماً على طرفي نقيض في معظم لقضايا والملفات على مدى عقود من الزمن، ولم يكن يجمع بينهما أو يربطهما إلا دعمهما للتنظيمات الإرهابية (القاعدة وداعش).. كما تتفقان أيضاً في العداء والكراهية والحقد على اليمن والتآمر على وحدته وأمنه واستقراره، وتستخدمان ذرائع مختلفة، ومنها الادعاء زوراً وتهاماً ان ايران تدعم اليمن، واعتبار ذلك مبرراً للعدوان عليها وارتكاب جرائم حرب بحق الشعب اليمني، على الرغم أن مزاعم كهذه لا أساس لها من الصحة، وقد نفاها مراراً وتكراراً الزعيم علي عبدالله صالح في خطاباته ومقابلاته وتصريحاته، وكان آخرها خطابه الذي ألقاه -الخميس- خلال ترؤسه لقيادات المؤتمر في محافظة البيضاء ، اضافة الى أن مشاورات «جنيف» ومشاورات الكويت أيضاً لم تنص لا من قريب أو بعيد الى التدخل الإيراني المزعوم في اليمن.
لكن بالمقابل هناك حقائق تاريخية تؤكد ان اليمن هو الذي يتصدى للتمدد الإيراني منذ القدم، ومن ذلك على سبيل المثال أن جيشه خاض حرباً ضاربة الى جانب العراق ضد إيران دفاعاً الأمن القومي العربي وحماية لدول الخليج الفارسي.
اليمن كانت وستظل منارة للعرب والعروبة ولا يمكن لبيت العرب الأول أن يذوب أو يتخلى عن أصالته وهويته وعروبته على الاطلاق.. لكن المؤكد والذي يعرفه القاصي والداني ان من يعطى إيران التسهيلات ويهيئ لها المناخات ويفرش لها الارض لتوسع نفوذها في ديار العرب هي بعض الدول الخليجية، وفي المقدمة قطر والامارات، والتي تعد من أبرز الدول التي تآمرت على العراق الشقيق وشاركت في العدوان الأمريكي لاسقاط نظام صدام حسين والقضاء على الجيش العراقي الذي كان يقف حاجزاً وسداً منيعاً أمام التمدد الإيراني..
اليوم ها نحن نشاهد دول خليجية عدا سلطنة عمان الشقيقة تشن منذ قرابة عامين عدواناً همجياً أمريكياً اسرائيلياً بريطانياً ضد الشعب اليمني وتدمر جيشه البطل ومقدرات وطنه دون وجه حق، بدعوى محاربة إيران، وفي الحقيقة نجد أن دول الخليج الفارسي هي من تقوم اليوم نيابة عن إيران بالانتقام من الجيش اليمني لمشاركته في الدفاع عن بوابة العرب الشرقية وتصديه لتمدد الثورة الايرانية الخمينية في المنطقة العربية ودول الخليج تحديداً منذ الأيام الأولى الثورة الخمينية.. فعلى من يكذب هؤلاء؟!!
لكن يبقى الأهم من كل ذلك هو ضرورة الاشارة الى بعض ما يتردد سراً عن خضوع دولة قطر للسعودية، ومن ذلك حميمية علاقات »المصاهرة« التي تربط العديد من أمراء قطر وكبار مسئوليها مع كتيبة الحسناوات من منتسبات الحرس الثوري الإيراني.. واللاتي يتخذن من الدوحة غرفة عمليات لإدارة المعارك في شوارع مملكة البحرين والمناطق الشرقية للسعودية.. فكتيبة الحسناوات الإيرانيات هن من يقفن وفقاً للاتفاقية الامنية بين الدوحة وطهران وراء التغير الملحوظ في السياسة القطرية والتي تأتي في سياق سياسة النفس الطويل التي تتبعها ايران وقطر للقضاء على التغول السعودي في منطقة شبه الجزيرة العربية.
|