استطلاع: عبد الكريم المدي -
أكد عدد من المثقفين والأكاديميين والسياسيين أن قضية ومبدأ هيبة الدولة ثابتان، وليس من المقبول أبداً الاستهانة بمكانة وهيبة الدولة والسكوت على أي ممارسات يقوم بها البعض بهدف فرض مصلحةٍ شخصية خلافاً للقانون، مستقوياً بالمسلحين او الميليشيات لفرض سطوتهم والانتفاض من هيبة الدولة ومؤسساتها ودستورها ورمزيتها ومكانتها على المستويين المحلي والخارجي.
مؤكدين في تصريحات لـ«الميثاق» أن كل أفراد وشرائح المجتمع معنيون في الدفاع عن هيبة الدولة وعدم السماح لأيٍّ كان الاستهتار بذلك كما حصل مؤخراً من قبل بعض المسلحين الذين اعتدوا على وزارات التعليم العالي والصحة والأوقاف.
مشددين على ضرورة إعادة هيبة الدولة ومحاسبة كل من يحاول المساس بها بدون محاباة أو مجاملة، محذرين من ثورة مؤسسات في حال استمرت مثل هذه الاعتداءات..
فإلى الحصيلة:
قال الأستاذ الكاتب والصحفي أحمد الشاوش: أعتقد أن استعادة هيبة الدولة نابعة من وجود شراكة حقيقية تنطلق من الثوابت الوطنية وتفعيل الدستور والعمل بالقوانين النافذة، وليس من المحاصصة او الاستقواء بالمسلحين وفرض سياسة الامر الواقع " الفوضى".
فالإيمان بدولة المؤسسات هو سلوك يعكس نفسه في استعادة واستحضار رمزية الدولة واكتساب القائمين على الامر شرعيتهم من الشعب اليمني، إلا انه للاسف الشديد الملاحظ منذ أحداث الربيع العبري 2011م تم الاحتكام الى شرعية الشارع بعد ان تم تسميمه بجرعات كبيرة من التضليل والتزييف والحقد والكراهية والمناطقية والمذهبية والدعوة الى تدمير الدولة عبر طبول اسقاط النظام، بينما نلاحظ ان المستهدف هو الدولة والشعب الذي بات يدرك مصلحته والدولة التي تحميه والسيناريو المتوحش التي سوقته النخب السياسية والعلماء الوهابيون والصحافة الصفراء والاموال المدنسة بعد ان سعت بكل قوة الى الغاء الدستور وتعطيل مجلس النواب وتعليق القوانين وهيكلة الجيش والاستقواء بالعدوان الخارجي مع سبق الاصرار والترصد.
وأضاف الشاوش: ما أن صعدت جماعة الحوثي الى الواجهة بعد خطابات ومسيرات واحتجاجات ونقد علني للحكومة السابقة والجرع والحديث عن دولة المؤسسات والمظلومية والعدالة الاجتماعية حتى تأثر الكثير وتفاعلوا مع ذلك الطرح وامل خيراً في 21 سبتمبر بعد دخول صنعاء، إلا ان الواقع أثبت في معظمه غير ذلك حيث استشرى الفساد والسيطرة على الموارد وعدم احترام العمل المؤسسي، وأكبر دليل على الفوضى قيام بعض المسلحين المحسوبين على أنصار الله بالاعتداء على ثلاثة وزارات وممارسة الاقصاء والتهميش وتعليق القضاء وسطوة الثورية العليا وغيرها من الاجنحة التي مازالت الحاكم الناهي رغم وجود المجلس السياسي والحكومة التي للاسف الشديد نجدها مجرد يافطة، ومتى ما صدقت النوايا وتركنا عقلية الميليشيات وآمن الجميع بالدستور والقوانين وتم تفعيل القضاء، عادت الدولة الى عافيتها مهما كانت قوة العدوان الخارجي وتربص المتربصين بالداخل.
وقال الكاتب والباحث محمد عبده الشجاع: استعادة هيبة الدولة وتفعيل دور المؤسسات واجب مقدس على كل مواطن ومثقف وشيخ وسياسي وهذه مسئولية جماعية يضطلع بها الجميع دون استثناء، وتتطلب الوقوف في وجه كل متطاول على مؤسسات الدولة دون استثناء.
هناك اعتداءات ومخالفات بالجملة ضد مؤسسات الدولة ورجالها. وهناك تعيينات وإحلال لا أقول خارجة عن القانون وإنما بعيدة عن الكفاءة والمهنية كل البعد والجميع شاهد على ذلك.
وفي هذا السياق يمكن القول إن دور الأحزاب والمكونات السياسية غائب أو مع احترامنا راضية عما يجري، كما نلمس أن هناك عملية استرخاء حقيقية من قبل المعنيين تحديداً أو من قبل المسئولين الذين ينبغي عليهم إيقاف تدمير مؤسسات الدولة والتقليل من شأنها.
وأضاف: أعتقد أن على الإخوة الوزراء والمسئولين الذين لم يستطيعوا العمل في ظل وجود مشرفين وتدخلات من جماعة أنصار الله أن يقدموا استقالاتهم مكتوبة مع توضيح الأسباب للرأي العام، وفي هذه النقطة تحديداً أحيي الشيخ ياسر العواضي الذي فضَّل الابتعاد على إدارة وزارة بحجم التخطيط.
واستطرد الشجاع قائلاً: نحن بحاجة إلى منقذ يعيد النظام الذي تم إسقاط هيبته، وهذا لن يتم بصورة متكاملة ما لم نتعاون جميعاً، ويتوقف العدوان عن تغذية الصراع، والبدء برسم خارطة طريق وتسوية سياسية وهذا يتطلب قرارات شجاعة من العقلاء داخل البلد ممن لهم ثقل سياسي وحضور جماهيري.
ولمن يقومون بمهاجمة الوزارات والمؤسسات ويحاولون الانتقاص من هيبة الدولة نقول: ليس من الأخلاق السياسية والاجتماعية أن نصبح أدوات ننفذ أجندة القوى المهيمنة على حساب بعضنا البعض وعلى حساب مؤسساتنا ودولتنا.
واختتم حديثه بالقول: على الجميع وتحديداً أنصار الله أن يدركوا حجم المأساة التي يعيشها الوطن، وأن الطائرات بدون طيار ليست كل شيء، ثمة إنسان يعاني ويحتاج إلى عودة الأمن وعودة مؤسسات الدولة.. كما أن الانتهاكات التي تطال هيبة الدولة جريمة وخطأ فادح في حق كل شيء بهذا الوطن وعلى من يقوم بها أن يتوقفوا أو يتركوا المؤسسات تعمل.
إذا تصور البعض ممن يقومون بمهاجمة مؤسسات الدولة أنه يقوم بمشروع تغيير فهو واهم، وأدعو هنا حزب المؤتمر الشعبي العام إلى تسمية الأمور بمسمياتها وعدم الاكتفاء بالوقوف كمتفرج أو موقف المعارضة فهذا لا يكفي، صحيح أن استمرار الحرب يحتم عدم الخوض في صراعات جانبية لكن قناعتي التامة أن إيقاف كل من يسعون إلى تدمير هيبة الدولة عند حدهم أمر يعد من الأساسيات، وهذا لا يعني تفكيك الصف فما يقوم به البعض هو تشتيت الصف الوطني والقضاء على كل ما يمت بصلة للجبهة الداخلية واللحمة الوطنيةوخارق للعادة.
وإذا استمرت هذه الممارسات الخطيرة، فالأيام القادمة كفيلة بثورة مؤسسات سوف تصحح كل الاختلالات التي أصابت المؤسسات، أضف لها ثورة جياع في حال استمر إيقاف صرف الرواتب.
أما الكاتب والناشط خالد مطهر جبرة فقال: الدولة والحفاظ عليها وتكريس هيبتها قضية لا تقبل النقاش وينبغي على كل مكونات المجتمع واحزابه ومؤسساته ونخبه المختلفة أن تكون مدافعة عن الدولة، وعلى كل مواطن أن يغار على دولته وهيبتها كما يغار على أعز وأغلى الأشياء، في حياته وبالتالي لا ينبغي السكوت عن هذا الأمر أو التعاطي معه على أنه أمر طبيعي أو ما شابه ،فما حدث مؤخراً من اعتداءات على وزارات التعليم العالي والصحة والأوقاف جريمة كبرى وتصرفات خارج منطق الواقع ومضادة للدولة وللقيم والمؤسسات والأخلاق والثوابت الوطنية.
مشيراً الى أن استعادة هيبة الدولة لن تتأتى إلا من خلال اتخاذ حزمة من الإجراءات الصارمة إزاء أي تدخلات خارج إطار القانون والأنظمة واللوائح ليصبح أي تدخل بمثابة اعتداء على سيادة البلد وكرامته ولا يختلف عن العدوان السعوأمريكي بشيء..
أما فيما يخص إدانة الحكومة لهكذا ممارسات أو تكليف وزارة الداخلية بتشكيل لجنة تحقيق فذلك مثير للشفقة وإلا فكيف لمجاميع خارجة عن القانون تعتدي على حكومة وتكتفي هذه الحكومة المهترئة بالإدانة، يجب عليها الحكومة أن تحافظ على ماء وجهها وتتخذ إجراءات صارمة بحق من تطاول على النظام والقانون ليكونوا عبرة وعظة لمن تسول له نفسه المساس بهيبة الدولة وبما يكفل لهذا الشعب الحد الأدنى من الكرامة ليعيش رافعاً رأسه دون امتهان أو إذلال مالم يرتكب جرماً ليحاسب في إطار القانون، وشطب الملشنة من قاموس اليمنيين التي سئموها.
|