عبدالرحمن مراد - < أصبح من البدهي القول إنّ القضية اليمنية والسورية قضيتان متلازمتان وعدوهما واحد وإنْ تعددت أدواته.. ولم يكن الرسول عليه الصلاة والسلام لينطق عن الهوى حين دعا بالبَرَكة للشام ولليمن، واستبعد نجد باعتبارها قرن الشيطان الذي يتآمر على البلدين (اليمن وسوريا)، فالتلازم العقدي في ظاهر المعنى للأثر النبوي، هو التلازم الذي سيضع حداً فاصلاً بين زمنين وعهدين، قد يطول الزمن أو يقصر إلا أن المؤشرات التي بدأت تعلن عن نفسها من خلال استهداف مطار الشعيرات في حمص من قبل القوات الأمريكية، وحالة الانقسام في الموقف من هذه الخطوة في الكثير من الدول، وإقدام روسيا على إيقاف بروتوكول التنسيق الجوي مع القوات الأمريكية، وحالة الهلع في المؤسسات الأمريكية من هذه الخطوة التي أقدم عليها ترامب دون تفويض من المؤسسات القانونية الأمريكية يجعل الأيام التي ستأتي حبلى بالمفاجآت التي بدأت بوادرها تعلن عن نفسها من خلال بعض التحركات للقطع العسكرية فقد تحدث الإعلام عن انضمام فرقاطة روسية مزودة بصواريخ «كالبير» المجنحة للاسطول الروسي في المتوسط.
وثمة أنباء عن تحرك الاسطول الأمريكي السابع الى السواحل اليمنية في باب المندب قبالة القرن الأفريقي، واستنفار في بعض الدول يدعون من خلاله الى تحالف دولي يتصدى لمشاريع التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة أو العدوان عليها، فالصورة التي عليها المشهد السياسي لا تبدو متناغمة ولكنها تشير الى قادم يثير قلقاً وجودياً لا يحد من تمدده إلا الحسم العسكري، وقد يكون هذا الصراع هو الحرب العالمية الثالثة التي تصل الكثير من القناعات الفكرية العالمية الى فرضيات حدوثها في زمن قياسي، وهي من خلال كل المؤشرات والرموز التي تبعثها الأحداث والمعطيات قادمة لا محالة، فاستهداف مطار حمص عملية عسكرية تستفز الدب الروسي وتجرح في كرامته ولن تمر دون عقاب، وبالتالي فصراع ليّ الذراع التي ستبدأ من خلال جلسة مجلس الأمن الطارئة لن تكون إلا كصيغة الحجر الذي تتسع دائرته ومحيطه حال سقوطه في بركة مائية ساكنة، ما كان فرضاً يتوارى تحت الطاولة لن يستمر مكوثه طويلاً لأن غباء ترامب سيقود الولايات الأمريكية الى حالة التضاد والتنافر وحالات التصدع والاستقلال، وبالتالي حالة الانهيار وهي حالة تشبه تلك التي شهدها الاتحاد السوفييتي في نهاية القرن الماضي، وهكذا هي أحوال الأزمنة كما عبَّر عالم الاجتماع البشري الأول بزوغ ثم اكتمال ثم أفول، والدول تشيخ كما يشيخ الانسان، ويبدو أن أمريكا تقودها النهاية كما تقود هذه النهاية بعض الأنظمة المستبدة في المنطقة العربية ومنها نظام آل سعود الذي أصبح محاصراً بالعداوات الجيوسياسية من كل حدوده وكان أمله أن يتحول الى دولة مركزية لا تمر مصالح الاقليم إلا عبره فقاده غباؤه إلى الاشتغال على كرة النار المتدحرجة التي أحرقت كل شيء حوله ثم تكون ردة الفعل الفيزيائية بنفس القوة ونفس الاتجاه.
فالكرة النارية المتدحرجة الى محيطها هي نفسها من سيرتد الى الرياض لتحرق كل شيء فيها وتعيد صياغة الحركة الديمغرافية والحركة الجيوسياسية، والاشتغال الذي تقوده السعودية على البعد الطائفي والفرز الثقافي لن تنجو منه، بل سوف تصطلي بناره، وبالتالي في الأمد القريب لن نشهد جغرافيا موحدة في خارطة الجزيرة العربية للملكة العربية السعودية، ذلك أن التاريخ سوف يستيقظ، فنَجْد ستكون دولة، والحجاز سوف يستعيد دولته وربما تحول الى دولة عالمية بإدارة إسلامية وقد بدأت بعض الأصوات تعلو في هذا الشأن والمخلاف السليماني بين خياري الاستقلال أو التماهي مع الأصل الحضاري والتأريخي اليمني.
ومن هنا ووفقاً للأثر النبوي وكل المؤشرات التي تبدو في أفق المشهد السياسي العام قد تحمل سوريا واليمن على كاهليهما مشروع التحول والانحراف في المسار العام الذي استمر قرناً من الزمان، وهو آخذ اليوم في صناعة قرن جديد وحالة عربية جديدة متغايرة كل التغاير عن الحالة التي عاشها العرب طوال قرن ونيف من الزمان.
|