الميثاق نت -

الثلاثاء, 25-أبريل-2017
د.عبدالرحمن أحمد ناجي -
سألني بروفيسور الاقتصاد المتواجدة قياداته تحت نِعال (جُهَّال) آل سعود متهكماً ساخراً وكأنني الناطق الرسمي باسم من تصفهم تلك القيادات بالانقلابيين : هاه ، كيف أحوال البلاد؟! وإلي أين نحن ماضون؟! ، فأجبته بما أنا مقتنع به ومتيقن منه : الأمر كله لله من قبل ومن بعد ، وما من شيء يحدث في الكون إ? بأمر الله ولحكمة يعلمها الله ، فما من شيء يحدث عبثاً أو بخلاف مشيئته ، فباغتني رده المردود عليه : هكذا نحن اليمانيون نعلق فشلنا وعجزنا دوماً علي خالقنا ، وهو - أي خالقنا - القائل (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ? وَسَتُرَدُّونَ إِلَى? عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) .
والحقيقة التي ? تقبل الالتفاف عليها أو الاختلاف حولها ومن الغباء المفرط تجاهلها ، أنه في ظل ما يعيشه (اليمن) العظيم منذ أكثر من عامين من وضع استثنائي غير مسبوق في التاريخ الإنساني ، أن المواطن يرغب وبشدة في رؤية وتَلَمُّس وجود فاعل لقبضة حديدية للدولة تحول دون انفلات الأوضاع ، وتبتر أي بوادر لشق الصف الوطني أو مؤشرات لتصدع الجبهة الداخلية وتفتيت اللحمة الشعبية التي مازالت متماسكة بصورة لافتة ومذهلة للأعداء حتى اليوم ، وذلك بالرغم من الأوضاع الاقتصادية الكارثية التي مست كل بيت وكل فرد ، يرغب المواطن في رؤية حفنة من رؤوس الفساد والعابثين بأمن واستقرار الوطن خلال فترة العدوان وتجار الحروب المستفيدين والمنتفعين من استمرار العدوان من أي فصيل سياسي كان أولئك حتى لو كانوا من المكونات السياسية الحاكمة للبلد تقدم ملفاتهم للقضاء لتجري محاكمتهم بصورة علنية متناقلة عبر كل وسائل الإعلام ، ويجري الفصل فيها بصورة عاجلة ، لفرض هيبة الدولة وليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه السير علي نفس الدرب ، ولتقطع الدولة بهؤلاء دابر أفعالهم الشيطانية التي ستتحول إلي وبال علي الوطن بأسره .
لأن المهادنة والمماطلة في حسم قضايا الفساد والكسب غير المشروع والتراخي مع المنتفعين من استمرار العدوان المتحولين خلال فترة العدوان من مواطنين بسطاء محدودي الدخل لأثرياء ومليونيرات علي حساب مواجع مواطنيهم وآلامهم وأناتهم ومعاناتهم ، تحت ذريعة انشغال الدولة بالهَمَّ الأكبر المتمثل بمواجهة العدوان ، ودعم ومساندة الأبطال الميامين في جبهات المواجهة العسكرية في كل البؤر الملتهبة ، أمر مستغرب ومستهجن ويضع العشرات بل المئات من علامات الاستفهام والتعجب ، ولنا فيما كان عليه الحال في دولة (العراق) المثل والعبرة والعِظَة أيام الراحل صدام حسين ، حينما كانت الدولة خاضعة للحصار الدولي ، فكانت للدولة اليد الطولي في بسط نفوذها علي كامل التراب العراقي ، وجعل كل المفسدين والمتلاعبين بأقوات المواطنين عبرة لكل من يعتبر .
نجدد التأكيد هنا أن استمرار أبطالنا الميامين في تسطير وإجتراح أروع الأسفار والملاحم الأسطورية في الثبات والتصدي لجحافل التحالف الشيطاني الدولي مرهون 100% بتماسك وتلاحم الجبهة الوطنية الداخلية ، فبنفس القدر الذي تكون فيه تلك الجبهة صلبة وعصية علي الاختراق والانكسار والتشظي ، تكون فيه أقدام أبطالنا الميامين في خطوط المواجهة راسخة وثابتة ومندفعة بكل حماسة للأمام ، وأياديهم القابضة علي الزناد أبعد ما تكون عن الوهن أو الارتجاف ، وهاماتهم مرتفعة تطاول عنان السماء ، ومعنوياتهم عالية ? يفت في عضدهم و? يثبط من همتهم و? ينال من عزائمهم شيء ، وعلي العكس والنقيض من ذلك تماماً ، فيما لو تمكن أذيال وأذناب ونعال ذلك التحالف الجهنمي في الداخل من النفاذ للجبهة الداخلية ، ونجحوا في خلخلتها وتمزيقها ، وأفلحوا في بث روح التناحر والاقتتال ، ونثروا بذور الفرقة والتجزئة ، واستطاعوا إيقاظ نار الفتنة والشِقَاق بين الأخوة .
ولعلنا نستحضر في هذا المقام المثل الشعبي الشهير (الحبة ما توقز إلا من داخلها) أي لا تؤكل إلا من جوفها ، وهذا أعظم ما يصيبني بالقلق والرعب لمجرد أن يخطر ببالي احتمالية حدوثه ، ويقيني أن هذا ما يسعى إليه الآن الفاشلون المسحوقون عسكرياً وبامتياز للعام الثالث علي التوالي في كل جبهات المواجهة العسكرية ، بعد أن مرغ أبطالنا الميامين أنوفهم وجباههم في الوحل ، فحالة العجز والإحباط تخيم علي وجوههم وإن اجتهدوا في محاولة التبسم وإظهار نقيض ما يبطنون من حسرة وانكسار أمام عدسات الكاميرات ، واستماتتهم في محاولة إقناع أنفسهم قبل مواطنيهم بأنهم يحققون انتصارات في أرض الميدان عبر إمبراطورياتهم الإعلامية التي يملكونها أو التي استطاعوا بأموالهم جرها للترويج لتلك الأوهام الموجودة في مخيلاتهم فقط كأحلام يقظة في أحسن الأحوال .
إنهم يبذلون في الوقت الراهن لتحقيق هذا الهدف أقصي ما يستطيعون من قوة وهيمنة بالأموال التي يمتلكونها من أجل تقويض هذا البنيان الصلب والمتماسك للجبهة الداخلية ، ولعل هناك تباشير تصل إليهم مؤخراً بتحقيق بعض النجاحات التي تشير لقرب وصولهم لهذا الهدف ، فالهوة - للأسف الشديد - تتسع يوماً بعد يوم بين قواعد المؤتمر الشعبي العام وحلفاءه وأنصار الله وحلفائهم ، وهناك تسابق محموم أحمق بينهم في تخوين بعضهم البعض وادعاء كلاً منهم للوطنية والوقوف إلي جانب الحق ، وزعم كلً من الفريقين أنهم وحدهم علي صواب وما سواهم عملاء وطابور خامس ، فهل سنعطي أعداءنا بأيدينا الخنجر المسموم الذي يقضون به علينا وينحرون به وطننا من الوريد للوريد؟! ، وبذلك نخذل الإرادة الفولاذية لأبطالنا الميامين ، ونجعل أعدائنا يحتفلون ويرقصون طرباً لأنهم نجحوا بنا نحن المدنيين في احتلال كل شبر من وطننا العظيم وتقديمه لهم لقمةً سائغةً علي طبق من ذهب ، بينما نحن نتباري في أن نخوض بأيدينا معارك بيزنطية من شأنها هدم المعبد علي رأس كل من فيه وتمزيق نسيجنا الاجتماعي .
أتمني علي العقلاء القياديين في الطرفين أن يستشعروا القلق والرعب الذي أشعر به والذي وضحته وسردته في سطوري السابقات ، وأن يتخذوا من الإجراءات الحاسمة والحازمة والرادعة ما يعيد لكل مواطن ثقته بوحدة الإرادة السياسية التي تحكم الوطن والمتمثلة في كلٍ من المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني ، وبما يثبت قولاً وفعلاُ أنهما فقط وليس أحدٌ سواهما هم الحُكَّام لهذا الوطن والمهيمنين على كل مفاصل الدولة ، وبما يؤكد للداخل والخارج عدم وجود أي تباين أو اختلاف فيما بين الشركاء في التصدي للعدوان ، كما أتمني أن تشهد ساحات القضاء خلال الفترة المقبلة محاكمات جادة وعلنية لكل من ثبت أنه من العابثين بوحدة واستقرار وتماسك الجبهة الداخلية مهما كان انتماؤه السياسي ، فذلك وحده من وجهة نظري الشخصية المتواضعة هو ما سيكفل إحباط مخططات الأعداء لتحقيق الغلبة وحسم المعركة العسكرية في زمن قياسي عبر الحمقى من المدنيين .
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:36 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-50059.htm