الميثاق نت -

الثلاثاء, 25-أبريل-2017
عبدالرحمن مراد -
عند الفلاسفة هناك ما يسمّى بالنظام الطبيعي والعام، وهذا النظام يتعرض للتدمير والهزات العنيفة إذا ركد المجتمع قدراً من الزمن ثم حدثت فيه ثورات كتلك التي حدثت إبان ما يسمّى بالربيع العربي، فالفاعل الحقيقي لتلك الثورات والمخطط لها وفق استراتيجيات ذات أهداف استعمارية، كان مدركاً لطبيعة المجتمعات العربية لذلك عمد الى تفكيك منظومة النظام العام والطبيعي وعن طريق القوى الأكثر تأثيراً وهي القوى الراديكالية الدينية التي كان الفرد المسلم يثق فيها، وقد هدف من وراء ذلك الى هدفين استراتيجيين مهمين وهما: أولاً تفكيك النظام العام والطبيعي في المجتمعات العربية المستهدفة من تلك الثورات.. وثانياً: العزل الاجتماعي للقوى الدينية الأكثر تأثيراً من خلال حالة التناقض في الموقف كما يظهر عليه «الاخوان» المسلمون» اليوم ومن خلال تعطيل الأيديولوجيا وقد قال بها اليسار اليمني على لسان ياسين سعيد نعمان حيث قال بسقوط الأيديولوجيا وبالتالي التبس المفهوم بين عامة الناس، التبس مفهوم المحتل عن مفهوم الوطني والخائن والعميل وأصبح النظام العام والطبيعي في حالة تيه وصراع غير محمود العواقب وأمام مثل ذلك جاءت حكومة الإنقاذ الوطني لتعيد ترتيب هذا النسق، وتعيد تعريف مفهوم الدولة ومفهوم المؤسسة، ومفهوم المحتل والوطني وتعيد صياغة المنظومة العامة وترتيب نسق النظام الطبيعي ونسق النظام العام وتلك هي مهمتها في الأساس أي مهمة الإنقاذ، بيد أن الذي نراه لا يكاد يغرد في السرب بل خارجه.
فالصراع على المؤسسات والتضاد حالة طبيعية تفرزها حالة الاختلالات والفوضى، ومعالجة تلك الحالات وفق قواعد وأسس قانون الخدمة العامة هو الأساس، كما أنّ معالجة الظواهر الشكلية الطارئة هو الترتيب الأمثل لعدالة الانتقال للحالة الجديدة التي سوف تصل إليها آجلاً أم عاجلاً، فالحرب لن تستمر وبالتالي يجب على حكومة الإنقاذ الترتيب لحالة الانتقال المتوقعة بما يتوافق وأسس ومبادئ الإنقاذ الوطني وأسس ومبادئ القانون وعدالة الانتقال، لأن الذي يتهيأ اليوم لن يتهيأ لنا غداً، وطالما والحرب قد فرضت واقعاً جديداً، فالتعامل مع هذا الواقع يجب أن يأخذ أبعاده الاستراتيجية، ويبدو أن حكومة الإنقاذ لم تستوعب دورها حتى اليوم من خلال ما نلحظه في نشاطها العام، فالوقوف أمام المشاكل ومعالجتها لم يأخذ حيزاً من نشاطها العام، وهذا التيه الذي يبدو لنا في حكومة الإنقاذ ينزاح بالضرورة على القوى السياسية التي تذهب الى الجبهات ولا تفكر في زمن الجبهات وما بعد الجبهات، فالتعامل الآني مع الأحداث مضيعة وتيه، وقد سبق بيان الصورة التي عليها عصر المعلومات عن الصورة التي كان عليها عصر الصناعات، فتشغيل المعلومات بدلاً عن البحث عنها يضع اليمن ومستقبله على صراط مستقيم، الانحراف به وعنه لن يكون محمود العواقب، ولذلك ندعو حكومة الإنقاذ الوطني الى تفعيل دور المثقف والمفكر والاستفادة من الرؤى والقراءات الواعية للحاضر والمستقبل، فالدول العظمى كانت ولاتزال تضع لنفسها خطوطاً عريضة في ترتيب العلاقة الجدلية بين المثقف والسياسي، في حيت كانت ولاتزال الأنظمة العربية تعيش حالة تنافر وتباعد وتبعيد وإقصاء وتتعامل مع المثقف كعنصر غير مأمون الجانب وفائض عن حاجة المجتمع، وتكون ردة فعل المثقف في مجمل الأحوال سلبية ومدمرة وغير محمودة، ولذلك رأينا كيف أصبحت المجتمعات العربية لقمة سائغة لكل مشروع هدّام، فالاستعمار الذي تقوم به الدول العظمى للخارطة العربية اليوم -ومنها اليمن- يجد المثقف فيه متنفساً معبراً عن حالة الانتقام التي تغتلي في نفسه نتيجة حالات القهر التي مورست عليه، وإلا فهو يدرك أنه أصبح مبرراً ومضللاً لمجتمعه ولأمته.
ومن هنا أجدّد التذكير لحكومة الإنقاذ الوطني بالوعي الكامل بضرورات المرحلة، وترميم المتصدع في الذات الوطنية ومحاولة ترتيب نسق القانون العام والطبيعي وتفعيل دور القانون في حل الإشكالات، وأدعوها الى سد الفراغات في المناصب الشاغرة والتعامل مع الواقع وفق محددات القانون لا وفق شروط وإملاءات الواقع.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:02 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-50062.htm